قال رئيس مجلس المفوضين سربست مصطفى في مؤتمر صحافي عقده الأربعاء في بغداد إن المفوضية وصلت الى آخر المطاف في استعداداتها لاجراء العملية الانتخابية، مراهنا على أنها ستكون نزيهة وشفافة.
وكانت المفوضية اعلنت أن عددَ المرشحين الذين سيتنافسون على مقاعد البرلمان البالغ عددها 328 مقعدا، بلغ 9011 مرشحا، منهم 2602 من النساء و6409 رجلا.
وكشف رئيس الدائرة الانتخابية مقداد الشريفي عن أن عدد مَن يحق لهم التصويت العام يبلغ حوالي 20 مليونا و440 ألف ناخب، إضافة الى اكثر من مليون و23 الف ناخب الذين يشاركون في التصويت الخاص مشيرا في المؤتمر الصحفي عن ان البطاقة الانتخابية تم توزيعها بنسبة تقترب من 85 بالمائة في عموم محافظات العراق.
ويفترض الشريفي ان نسب التوزيع هذه جيدة مؤكدا ً أن المفوضية حرصت على تسليم البطاقة الانتخابية وفق ضوابط لا تحتمل اللبَس، لافتاً الى ان نحو مليون و 300 الف ناخب فقط، حدّثوا بياناتهم في مكاتب المفوضية.
تنوعت اشكال الحملات الانتخابية، فمِن ملصقات ولافتات ومطبوعات لصور وعناوين المرشحين، مروراً بنشاطات اجتماعية وزيارات وولائم واحتفالات ترويجية، الى دعايات تلفزيونية واغانٍ وأهازيج كلفت مبالغ طائلة بحسب مراقبين.
بغياب قانون الأحزاب، لا رقابة على مصادر التمويل
يكشف الواقع ان عدم تشريع قانون الأحزاب الذي من المفترض ان يلزمها بالكشف عن أوضاعها المالية ومصادر تمويلها، ألجأ مفوضية الانتخابات الى وضع "نظام الانفاق المالي" للسيطرة على ميزانيات الحملات، وتضمن ذلك
تحديد السقف الاعلى لمبالغ الدعاية الانتخابية.
ومن ذلك سُمح للمرشح الواحد ان يخصص ميزانية لدعايته الانتخابية بمعدل (250) دينار مضروبا في عدد الاشخاص الذين يحق لهم الانتخاب في المحافظة. ولتقريب الفكرة فان عدد الاشخاص الذين يحق لهم الانتخاب في بغداد مثلا يقترب من الاربعة ملايين شخص وبالتالي سيكون من حق المرشح في بغداد ان يصرف لدعايته الانتخابية ما يقارب المليار دينار.
ولكن هل حقا بالإمكان مراقبة ميزانية الترويج الانتخابي في العراق؟ يعترف عضو مجلس المفوضين صفاء الموسوي بصعوبة ذلك، موضحا في حديث لإذاعة العراق الحر، ان مصادر الأموال للحملات الدعائية يوفرها المرشحون او كياناتهم.
امام الاف الملصقات واشكال الدعايات الانتخابية التي تحاصر سعد تقي يوميا ترتبك الصورة وتثار شكوكه، حيث يخلص الى ان حجم الدعايات وكلفتها تكشف عن ان مقعد البرلمان هو فرصة لمغانم مادية لاحقاً، تستحق ما يصرف اليوم في سبيل الحصول عليه. بينما يتوقف علي حسين امام سيل الدعايات الانتخابية المتواصل، متمنيا ان يسعى البرلمان المقبل لمساءلة أصحابها ولو بعد حين، عن مصادر تمويلهم لتلك الحملات الباهضة، وسؤالهم: من اين لك هذا؟
320 ألف دولار، لدقائق دعائية علي فضائية عربية!
وللمقارنة يرى مدير مرصد الحريات الصحفية هادي جلو مرعي ان الحملة الانتخابية الحالية تعد غير مسبوقة في العراق، ملاحظا حجم الميزانيات الضخمة التي رصدت لحملات كيانات وشخصيات، فأحدهم مثلا دفع مبلغ 320 الف دولار لأحدى الفضائيات العربية مقابل دقائق إعلانية عن حملته الانتخابية.
امام هذا الواقع يتوقف بعض المرشحين الجدد، مثل كثير من العراقيين، عند التفاوت الواضح في ضخامة وثراء الحملات الانتخابية لشخصيات وقوى نافذة، وبين حملات لشخصيات وقوى جديدة اتسمت بمحدودية قدراتها المالية ما انعكس على حملاتها الانتخابية.
لم يعد سراً أن كثيرين لا يريدون إقرارَ قانون الأحزاب الذي من مهماته بيانُ موارد الحزب المالية وأبواب صرفه، وهذه أحد الأسباب التي دفعت مجلس النواب الى عدم اقرار القانون لحد الان، بحسب القانوني طارق حرب، الذي
أشّر في حديثه لإذاعة العراق الحر أن الاسراف في ترويج الدعايات الانتخابية لبعض الكتل السياسية التقليدية يكشف عن ضخامة الموارد المالية المتوفرة لها من الخارج والداخل.
ويشمُ كثيرون رائحة المال المموّل للحملات الانتخابية الكبيرة، ولا يستبعدون مصادره الخارجية فضلا عن مال الفساد المالي المستشري في العديد من مؤسسات الدولة، المحلل السياسي واثق الهاشمي توقف عند ضخامة ميزانيات الحملات لشخصياتٍ وجماعات لم تكن ذات قدرات مالية لافتة قبل سنوات، وبرغم ذلك فقد شكك الهاشمي في إمكانية المال السياسي على تحقيق استمالة كاملة للجمهور، متوقعاً وعيا متنامياً لدى المواطن العراقي قد يأتي بعكس امنيات المرشحين.
بمشاركة مراسل الإذاعة في بغداد رامي احمد.