تأخذُ الحربُ السوريـــّة الممتدةُ إلى العراق ولبنان منحىً ذا بعد طائفي وإثني متزايد على خلفيةِ عنفٍ باتَ يطالُ أفرادَ مكوّنات دينية أو أقليات قومية تشكّل جزءاً من النسيج الاجتماعي.
آخرُ الجرائم المروّعة التي تتواصل إدانتُها من مختلف الأطراف حول العالم استهدَفت راهباً يسوعياً هولندياً كان يقيم في سوريا التي أحَـــــبّ سكانها وأحبّوه منذ عقود.
ووصَف الفاتيكان الراهب فرانز فان در لوخت الذي قُتل الاثنين برصاص مسلّح في مدينة حمص المحاصرة من القوات النظامية وصفه بأنه "رجل سلام". الراهب القتيل الذي كان يبلغ الخامسة والسبعين أصرّ على ملازمة المدينة رغم الحصار والقصف.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن مسلّحاً مجهولاً أطلق الرصاص عليه في دار الآباء اليسوعيين في حي بستان الديوان في حمص.
فيما أوضح أمين سر الرهبانية اليسوعية في هولندا يان ستويت لوكالة فرانس برس عبر الهاتف أن "رجلاً أتى الى منزله وأخرجه منه وأطلق عليه رصاصتين في رأسه في الطريق أمام المنزل".
ورغم الظروف المعيشية القاسية التي تعانيها أحياء حمص القديمة جراء الحصار المستمر منذ نحو عامين وعمليات القصف المنتظم، رفض فان در لوخت مغادرة الدير الذي يقيم فيه.
ونقلت فرانس برس عنه القول في مقابلة أجرتها معه في الرابع من شباط عبر سكايب "أنا رئيس هذا الدير، كيف أتركه؟ كيف أترك المسيحيين؟ هذا من المستحيل". وكان عدد المسيحيين داخل حمص في حينه لا يتجاوز خمسة وستين فرداً وقد خرج عدد منهم خلال الأسابيع الاخيرة.
وأضاف رجل الدين الراحل بلغةٍ عربية سليمة "ثمة أيضاً سبب مهم جداً بالنسبة لي. أنا حصلت على الكثير من الشعب السوري، من خيرهم وازدهارهم. إذا الشعب السوري يتألم حالياً، أحب أن أشاركهم ألمهم ومشاكلهم"، بحسب تعبيره.
الأمينُ العام للأمم المتحدة بان كي مون دانَ مقتل الراهب اليسوعي واصفاً اغتياله بأنه "عمل عنف غير إنساني". وأضاف على لسان الناطق باسمه الاثنين أنه "يطالب المتحاربين وأنصارهم بأن يضمنوا حماية المدنيين أياً كانت ديانتهم أو مذهبهم أو إثنيتهم" مؤكداً أن "هذا الأمر يحتمه على الحكومة السورية والمجموعات المسلحة الواجب القانوني والمسؤولية الاخلاقية."
وقال الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة في بيان الإدانة أيضاً إن بان كي مون روّعته الصور الفظيعة للإعدامات المفترضة في مدينة كسب السورية،
مؤكداً في الوقت ذاته أن الأمم المتحدة "غير قادرة على تأكيد صحة" هذه الصور.
كما ندد بان بما تقوم به القوات النظامية السورية من عمليات "تدمير عمياء لأحياء بكاملها" معرباً عن "قلقه البالغ لاستمرار مجموعات، اعتبرها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جماعات إرهابية، في ارتكاب أعمال وحشية بحق السكان المدنيين"، بحسب تعبيره.
وطالب الأمين العام للأمم المتحدة مجدداً كلا طرفيْ الصراع الدموي المتواصل منذ أكثر من ثلاث سنوات بوقف القتال والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى محتاجيها.
من جهته، وصف وزير الخارجية الهولندي فرانز تيمرمانز اغتيال الكاهن اليسوعي بـالعمل "الجبان". وكتب على موقع (فيسبوك) أن فان دير لوخت "لم يجلب سوى الخير لحمص وكان سوريــّاً بين السوريين ورفض التخلي عنهم حتى عندما كان ذلك يعني المخاطرة بحياته".
وفي واشنطن، نددت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر ساكي الاثنين بـ"هذا الهجوم العنيف وكل الهجمات التي تستهدف المدنيين الأبرياء والأقليات"، مشيدةً بـ"جهود الراهب اليسوعي للتخفيف من المعاناة الهائلة" في مدينة حمص.
وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أفادت بأن عملية الاغتيال كانت من تنفيذ "مجموعة إرهابية مسلحة". وذكرت (سانا) في تقريرٍ نشرته الثلاثاء (8 نيسان) عن إدانة بان كي مون لعملية الاغتيال أن الأب فان در لوخت عاش في البلاد "منذ عام 1966 بعد فترة وجيزة أمضاها في لبنان وقد كان أيضاً طبيباً نفسياً وشارك بشكل فاعل في الحوار بين الأديان وأطلق في حمص في ثمانينيات القرن الماضي مشروع الأرض وهو مركز روحى أنشىء خارج المدينة يضم نحو أربعين طفلاً معاقاً عقلياً من القرى المجاورة."
من جهته، ندد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بمقتل الراهب اليسوعي، متوعداً بمحاسبة مرتكبي الجريمة. وأشار الى أن "نظام الأسد لطالما قام بتصفية كل من تعاطف مع الشعب السوري أو عبّر عن مواقف ضد القمع والإجرام الممارس ضد المواطنين"، بحسب تعبيره.
اغتيال الراهب اليسوعي في حمص الاثنين جاء بعد عدة أيام من إعلان وزارة الخارجية الروسية أن على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مناقشة ما وصفتها بـ"مجزرة الأرمن" في مدينة كسب السورية وإعطاء تقييم مبدئي لهذا الحدث.
ونقلت وكالة إيتار تاس للأنباء عن بيان للخارجية الروسية قوله الثلاثاء الماضي (1 نيسان) إن موسكو تستنكر بحزم "الأعمال الوحشية للمتطرفين في سوريا". وأعربت عن اعتقادها بأن مهمة تنسيق جهود الحكومة السورية والمعارضة من أجل القضاء على الإرهاب في البلاد وهزيمة المتطرفين وطردهم من أراضيها "تكتسب في الظروف الراهنة أهمية خاصة"، بحسب تعبيرها.
وفيما يتعلق بشريط الفيديو المتداول على موقع (يوتيوب) حول أحداث كسب، أشار البيان الرسمي الروسي إلى أنه حتى إذا كان هذا الشريط لا يظهر إعدام الأرمن في كسب إنما مقتل جنود سوريين على يد المسلحين "فذلك لا يجعل هذه الجريمة أقل وحشية"، بحسب تعبيره.
إلى ذلك، نُقل عن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف القول في موقع (تويتر) بتاريخ 31 آذار إنه "يجب إجراء تحقيق في حادث إطلاق النار على السكان الأرمن في مدينة سورية من قبل المقاتلين. من الضروري أن يناقش مجلس الأمن هذا الوضع بأسرع وقت ممكن".
وكانت مصادر أفادت بأن مقاتلين متشددين أطلقوا النار على مساكن الأرمن في كسب. وأفادت إيتار تاس بأن ممثلي الجالية الأرمنية في العاصمة الروسية نظموا الاثنين الماضي احتجاجاً أمام السفارة التركية في موسكو، واتهموا مقاتلين من تركيا بقتل مدنيين أرمن في سوريا.
ولــمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة مع رجل الدين المسيحي السوري الأب نديم نصار المقيم في بريطانيا حيث يدير مؤسسة (وعي) التي تعنى بالتقارب والفهم الصحيح بين الشرق والغرب والتوعية حول التعايش السلمي في المجتمعات التعددية. وفي إدانته لمقتل الراهب اليسوعي الهولندي، قال الأب نصار لإذاعة العراق الحر إن من أسباب حزنه الشديد هو أن "الأب فرانز كان نقطة مضيئة في العلاقات الإسلامية المسيحية لأنه بقي في حمص ليس لمساعدة المسيحيين فقط بل المسلمين أيضاً، وهناك العديد من الشهود على ذلك من قلب الحدث ومن قلب المدينة...".
وفي المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدث نصار أيضاً عما رواه شهود عيان لما جرى في مدينة كسب السورية التي اسُتهدِف سكانــُها الأرمن المتعايشون بأمان مع الأهالي الآخرين من كل الأديان والطوائف الأخرى في تلك المنطقة ومدينة اللاذقية القريبة منها على وجه الخصوص. وفي هذا الصدد، نقل عن الشهود أن المسلحين دخلوا كسب وروّعوا سكانها الذين "نزحوا بالآلاف إلى اللاذقية حيث يقيمون حالياً في المدارس وفي بيوت أُسَر مسيحية". وأشار إلى أن أهالي المنطقة من كل طوائفهم "وقفوا ضد المسلحين الذين تسللوا إليها"، مضيفاً "أنها لمأساة كبيرة أن الأرمن وبعد مائة سنة تماماً من المجزرة الأولى في 1914 يتعرضون في 2014 لهجوم آخر واعتداء غير مُـــــــبرَر من أجل تهجيرهم ما يتسبب بضغوطٍ على المنطقة بأسرها"، على حد تعبيره. كما أعرب عن حزن السوريين وألـــــمهم خاصةً لأن الحرب التي خلّفت أكثر من مائة وخمسين ألف قتيل ونحو ستة ملايين من اللاجئين والنازحين "تحوّلت إلى حرب الآخرين على أرض وطنهم".
وفي حديثه عن خطورة التطرف الديني، لاحظَ الأب نصار أن الحرب أثبتت "أننا في صراع مرير مع هذا التطرف الذي يجتاح الشرق الأوسط وأصبح مشكلة عالمية علينا أن نعترف بها من أجل الوصول إلى حل."
واعتبر رجل الدين المسيحي السوري "أن الحل يأتي عبر الحوار" مؤكداً ضرورة "أن يقف الجميع أمام التطرف الديني واستخدام الدين لأغراض الوصول إلى السلطة." وفي تشديده على أهمية تكاتف المسلمين والمسيحيين بجميع طوائفهم في دول المنطقة في مواجهة التطرف، قال الأب نصار لإذاعة العراق الحر "ينبغي عدم ترك المتطرفين وأصحاب الأجندات الخارجية أو إفساح المجال لهم في تحقيق مآربهم باغتيال العيش المشترك في سوريا والعيش المشترك في العراق والعيش المشترك في لبنان"، بحسب تعبيره.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلة مع مدير مؤسسة (وعي) رجل الدين المسيحي السوري الأب نديم نصار متحدثاً من لندن.
آخرُ الجرائم المروّعة التي تتواصل إدانتُها من مختلف الأطراف حول العالم استهدَفت راهباً يسوعياً هولندياً كان يقيم في سوريا التي أحَـــــبّ سكانها وأحبّوه منذ عقود.
ووصَف الفاتيكان الراهب فرانز فان در لوخت الذي قُتل الاثنين برصاص مسلّح في مدينة حمص المحاصرة من القوات النظامية وصفه بأنه "رجل سلام". الراهب القتيل الذي كان يبلغ الخامسة والسبعين أصرّ على ملازمة المدينة رغم الحصار والقصف.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن مسلّحاً مجهولاً أطلق الرصاص عليه في دار الآباء اليسوعيين في حي بستان الديوان في حمص.
فيما أوضح أمين سر الرهبانية اليسوعية في هولندا يان ستويت لوكالة فرانس برس عبر الهاتف أن "رجلاً أتى الى منزله وأخرجه منه وأطلق عليه رصاصتين في رأسه في الطريق أمام المنزل".
ورغم الظروف المعيشية القاسية التي تعانيها أحياء حمص القديمة جراء الحصار المستمر منذ نحو عامين وعمليات القصف المنتظم، رفض فان در لوخت مغادرة الدير الذي يقيم فيه.
ونقلت فرانس برس عنه القول في مقابلة أجرتها معه في الرابع من شباط عبر سكايب "أنا رئيس هذا الدير، كيف أتركه؟ كيف أترك المسيحيين؟ هذا من المستحيل". وكان عدد المسيحيين داخل حمص في حينه لا يتجاوز خمسة وستين فرداً وقد خرج عدد منهم خلال الأسابيع الاخيرة.
وأضاف رجل الدين الراحل بلغةٍ عربية سليمة "ثمة أيضاً سبب مهم جداً بالنسبة لي. أنا حصلت على الكثير من الشعب السوري، من خيرهم وازدهارهم. إذا الشعب السوري يتألم حالياً، أحب أن أشاركهم ألمهم ومشاكلهم"، بحسب تعبيره.
الأمينُ العام للأمم المتحدة بان كي مون دانَ مقتل الراهب اليسوعي واصفاً اغتياله بأنه "عمل عنف غير إنساني". وأضاف على لسان الناطق باسمه الاثنين أنه "يطالب المتحاربين وأنصارهم بأن يضمنوا حماية المدنيين أياً كانت ديانتهم أو مذهبهم أو إثنيتهم" مؤكداً أن "هذا الأمر يحتمه على الحكومة السورية والمجموعات المسلحة الواجب القانوني والمسؤولية الاخلاقية."
وقال الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة في بيان الإدانة أيضاً إن بان كي مون روّعته الصور الفظيعة للإعدامات المفترضة في مدينة كسب السورية،
مؤكداً في الوقت ذاته أن الأمم المتحدة "غير قادرة على تأكيد صحة" هذه الصور.
كما ندد بان بما تقوم به القوات النظامية السورية من عمليات "تدمير عمياء لأحياء بكاملها" معرباً عن "قلقه البالغ لاستمرار مجموعات، اعتبرها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جماعات إرهابية، في ارتكاب أعمال وحشية بحق السكان المدنيين"، بحسب تعبيره.
وطالب الأمين العام للأمم المتحدة مجدداً كلا طرفيْ الصراع الدموي المتواصل منذ أكثر من ثلاث سنوات بوقف القتال والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى محتاجيها.
من جهته، وصف وزير الخارجية الهولندي فرانز تيمرمانز اغتيال الكاهن اليسوعي بـالعمل "الجبان". وكتب على موقع (فيسبوك) أن فان دير لوخت "لم يجلب سوى الخير لحمص وكان سوريــّاً بين السوريين ورفض التخلي عنهم حتى عندما كان ذلك يعني المخاطرة بحياته".
وفي واشنطن، نددت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر ساكي الاثنين بـ"هذا الهجوم العنيف وكل الهجمات التي تستهدف المدنيين الأبرياء والأقليات"، مشيدةً بـ"جهود الراهب اليسوعي للتخفيف من المعاناة الهائلة" في مدينة حمص.
وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أفادت بأن عملية الاغتيال كانت من تنفيذ "مجموعة إرهابية مسلحة". وذكرت (سانا) في تقريرٍ نشرته الثلاثاء (8 نيسان) عن إدانة بان كي مون لعملية الاغتيال أن الأب فان در لوخت عاش في البلاد "منذ عام 1966 بعد فترة وجيزة أمضاها في لبنان وقد كان أيضاً طبيباً نفسياً وشارك بشكل فاعل في الحوار بين الأديان وأطلق في حمص في ثمانينيات القرن الماضي مشروع الأرض وهو مركز روحى أنشىء خارج المدينة يضم نحو أربعين طفلاً معاقاً عقلياً من القرى المجاورة."
من جهته، ندد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بمقتل الراهب اليسوعي، متوعداً بمحاسبة مرتكبي الجريمة. وأشار الى أن "نظام الأسد لطالما قام بتصفية كل من تعاطف مع الشعب السوري أو عبّر عن مواقف ضد القمع والإجرام الممارس ضد المواطنين"، بحسب تعبيره.
اغتيال الراهب اليسوعي في حمص الاثنين جاء بعد عدة أيام من إعلان وزارة الخارجية الروسية أن على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مناقشة ما وصفتها بـ"مجزرة الأرمن" في مدينة كسب السورية وإعطاء تقييم مبدئي لهذا الحدث.
ونقلت وكالة إيتار تاس للأنباء عن بيان للخارجية الروسية قوله الثلاثاء الماضي (1 نيسان) إن موسكو تستنكر بحزم "الأعمال الوحشية للمتطرفين في سوريا". وأعربت عن اعتقادها بأن مهمة تنسيق جهود الحكومة السورية والمعارضة من أجل القضاء على الإرهاب في البلاد وهزيمة المتطرفين وطردهم من أراضيها "تكتسب في الظروف الراهنة أهمية خاصة"، بحسب تعبيرها.
وفيما يتعلق بشريط الفيديو المتداول على موقع (يوتيوب) حول أحداث كسب، أشار البيان الرسمي الروسي إلى أنه حتى إذا كان هذا الشريط لا يظهر إعدام الأرمن في كسب إنما مقتل جنود سوريين على يد المسلحين "فذلك لا يجعل هذه الجريمة أقل وحشية"، بحسب تعبيره.
إلى ذلك، نُقل عن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف القول في موقع (تويتر) بتاريخ 31 آذار إنه "يجب إجراء تحقيق في حادث إطلاق النار على السكان الأرمن في مدينة سورية من قبل المقاتلين. من الضروري أن يناقش مجلس الأمن هذا الوضع بأسرع وقت ممكن".
وكانت مصادر أفادت بأن مقاتلين متشددين أطلقوا النار على مساكن الأرمن في كسب. وأفادت إيتار تاس بأن ممثلي الجالية الأرمنية في العاصمة الروسية نظموا الاثنين الماضي احتجاجاً أمام السفارة التركية في موسكو، واتهموا مقاتلين من تركيا بقتل مدنيين أرمن في سوريا.
ولــمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة مع رجل الدين المسيحي السوري الأب نديم نصار المقيم في بريطانيا حيث يدير مؤسسة (وعي) التي تعنى بالتقارب والفهم الصحيح بين الشرق والغرب والتوعية حول التعايش السلمي في المجتمعات التعددية. وفي إدانته لمقتل الراهب اليسوعي الهولندي، قال الأب نصار لإذاعة العراق الحر إن من أسباب حزنه الشديد هو أن "الأب فرانز كان نقطة مضيئة في العلاقات الإسلامية المسيحية لأنه بقي في حمص ليس لمساعدة المسيحيين فقط بل المسلمين أيضاً، وهناك العديد من الشهود على ذلك من قلب الحدث ومن قلب المدينة...".
وفي المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدث نصار أيضاً عما رواه شهود عيان لما جرى في مدينة كسب السورية التي اسُتهدِف سكانــُها الأرمن المتعايشون بأمان مع الأهالي الآخرين من كل الأديان والطوائف الأخرى في تلك المنطقة ومدينة اللاذقية القريبة منها على وجه الخصوص. وفي هذا الصدد، نقل عن الشهود أن المسلحين دخلوا كسب وروّعوا سكانها الذين "نزحوا بالآلاف إلى اللاذقية حيث يقيمون حالياً في المدارس وفي بيوت أُسَر مسيحية". وأشار إلى أن أهالي المنطقة من كل طوائفهم "وقفوا ضد المسلحين الذين تسللوا إليها"، مضيفاً "أنها لمأساة كبيرة أن الأرمن وبعد مائة سنة تماماً من المجزرة الأولى في 1914 يتعرضون في 2014 لهجوم آخر واعتداء غير مُـــــــبرَر من أجل تهجيرهم ما يتسبب بضغوطٍ على المنطقة بأسرها"، على حد تعبيره. كما أعرب عن حزن السوريين وألـــــمهم خاصةً لأن الحرب التي خلّفت أكثر من مائة وخمسين ألف قتيل ونحو ستة ملايين من اللاجئين والنازحين "تحوّلت إلى حرب الآخرين على أرض وطنهم".
وفي حديثه عن خطورة التطرف الديني، لاحظَ الأب نصار أن الحرب أثبتت "أننا في صراع مرير مع هذا التطرف الذي يجتاح الشرق الأوسط وأصبح مشكلة عالمية علينا أن نعترف بها من أجل الوصول إلى حل."
واعتبر رجل الدين المسيحي السوري "أن الحل يأتي عبر الحوار" مؤكداً ضرورة "أن يقف الجميع أمام التطرف الديني واستخدام الدين لأغراض الوصول إلى السلطة." وفي تشديده على أهمية تكاتف المسلمين والمسيحيين بجميع طوائفهم في دول المنطقة في مواجهة التطرف، قال الأب نصار لإذاعة العراق الحر "ينبغي عدم ترك المتطرفين وأصحاب الأجندات الخارجية أو إفساح المجال لهم في تحقيق مآربهم باغتيال العيش المشترك في سوريا والعيش المشترك في العراق والعيش المشترك في لبنان"، بحسب تعبيره.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلة مع مدير مؤسسة (وعي) رجل الدين المسيحي السوري الأب نديم نصار متحدثاً من لندن.