ما يدور في أوكرانيا صعب بحد ذاته، ويبدو الإعلام الروسي عازما على مضاعفة تلك الصعوبات. فمع سيطرة قوات روسية على شبه جزيرة القرم، ومع نية موسكو اللجوء الى المزيد من التدابير العسكرية في أوكرانيا، يتبنى الإعلام الروسي وشخصيات سياسية بارزة نبرة حادة في التنديد بالـ(الفاشيين) في كييف، وثمة من يدعي بوقوع حوادث مناوئة للسامية، واعتداءات على المنحدرين من أصول روسية في المناطق الشرقية من أوكرانيا، وسيول من اللاجئين الفارين عبر الحدود إلى روسيا:
غير أن الكثير من هذه المعلومات يمكن تفنيدها بالدلائل، فهي واردة من تقارير إعلامية غير موثقة، قبل أن تجد طريقها إلى تصريحات السياسيين الروس وحتى إلى تقارير الإعلام الغربي.
الكاتبة والمترجمة كاترين فيدزباتريك تقول عن مجرى الأحداث في أوكرانيا:
"هكذا تبدأ الحروب. فكما يقال (الحقيقة هي الضحية الأولى في الحرب)، الأمر الذي نشاهده في الواقع وبالأسلوب الذي تتبعه روسيا في التعامل مع الأمر، يمكن القول أن أسلوبها يفتقر إلى المسؤولية، فالروس يثيرون الكثير من الكراهية والذعر. الناس في كييف يشاهدون التلفزيون الروسي. وربما أيضا التلفزيون المحلي لكنهم يعتمدون على التلفزيون الروسي الذي يبحث ما لا يطابق الواقع.
وتقول فيدزباتريك إن كل شيء بدءً بالأسباب التي استند إليها المشرعون الروس في تفويض الرئيس فلاديمير بوتن باستخدام القوة، وانتهاء بالتبريرات التي عرضها الأسبوع الماضي ممثل روسيا الدائم في الامم المتحدة فيتالي تشوركين على مجلس الأمن - يرتكز على الأكاذيب:
"كل ما استند إليه مجلس الاتحاد الروسي بتفويض الرئيس باستخدام القوة وكل ما استند إليه السفير تشوركين فيما عرضه في الأمم المتحدة يتمثل في ضرورة التدخل من أجل إنقاذ وحماية ذوي الأصول الروسية والناطقين بالروسية الذين يتعرضون إلى الخطر بحسب اعتقادهم. ولكنهم استندوا في كل ذلك إلى ادعاءات كاذبة عن اعتداءات مزعومة".
كما استند الفسير تشوركين في أقواله في الأمم المتحدة إلى هجوم مزعوم على (دير الكهوف) في كييف الذي نقلته وسائل اعلام روسية في تغطية مكثفة. أما الدير فلقد أكد عدم وقوع أي هجوم، ولقد أصيبت فيدزباتريك بالذهول لدى سماعها إشارة السفير تشوركين الى تلك التقارير المفندة.
كما نقل الإعلام الروسي تقلارير مفادها ان 650 ألف من مواطني جنوب شرق اوكرانيا عبروا الحدود الى روسيا منذ بداية هذه السنة، إلا أن المفوضية العليا لشئون اللاجئين قالت إنها لم تطلع على ما يشير إلى حركة غير عادية على تلك الحدود. وكشف مدونون أوكرانيون عن استخدام وسائل الإعلام الروسية صورة لا تحمل تاريخا تم التقاطها عند المعبر الحدودي شهيني بين أوكرانيا وبولندا.
وهنالك روايات أخرى لها أساس في الواقع ولكنها تتعرض إلى التقديم المموه في الإعلام الروسي. ففي ليلة 27/28 شباط المنصرم قام مخربون بتشويه واجهة كنيس لليهود في سيمفروبل. أما الإعلام الروسي فلقد روى ذلك بأنه اعتداء مناوشا للسامية قامت به جماعة (القاطع اليميني) المتطرفة. وأكد رئيس الجالية اليهودية المحلية الكسندر هيندين لمراسل الإذاعة: (لا أعتقد أن القاطع اليميني هو المسئول، بل أعتقد أن الذي فعلها قد استخدم شعار المجموعة بهدم تقويض الاستقرار في القرم.)
وقال الحاخام الأكبر في أوكرانيا ياكوف دوف بليخ في 4 آذار إن التهديد الرئيسي الذي يواجهه اليهود الأوكرانيون يتمثل في (الاستفزازات) التي تدبرها روسيا، موضحا بأن ذلك يشبه ما فعله النازيون حين أرادوا الدخول إلى النمسا، فلجأوا إلى الاستفزازات.
وأوضح الإعلامي الأوكراني اوليه شينكارينكو لمراسل الإذاعة بأن الحملة ترمي لإلى غايتين رئيسيتين: إثارة الكراهية للأوكرانيين من أجل دفع روسيا إلى محاربتنا، ومن أجل خلق تبرير للعدوان.
وذكر سينكارينكو اسم الإعلامي في التلفزيون الروسي ديميتري كيسيليوف - النجم الصاعد في الإعلام الروسي الذي تم تعيينه رئيسا للمجموعة الروسية الحكومية للإعلام بأنه أكثر الإعلاميين الروس كذبا، ولقد قدمت الهيئة الأوكرانية للأخلاق الصحافية احتجاجا إلى موسكو بخصوص تقارير كيسيليوف الاستفزازية.
الصحفي سيرغي بالبيكو الأوكراني البالغ الخامسة والعشرين من عمره والذي بلغ حد الإشباع من المعلومات المضللة، أسس موقعا على الانترنت أسماه (السيطرة المزيفة) ليتمكن من المهاجمة المضادة:
"أتتني فكرة هذا المشروع مع عدد من أصدقائي بعد أن أدركنا مقدار التضليل الصادر عن وسائل الإعلام، ومن شبكات التواصل الاجتماعي، ومن الأخبار ومن الصحف."
يقول بالبيكو إن مجموعته لا تستخدم أساليب خاصة للكشف عن التقارير المزيفة، بل يمعنون التدقيق فب الصور، ويستخدمون وسائل البحث في الانترنت من أجل الصول على المعلومات المتاحة، ويجرون اتصالات هاتفية:
"أعتقد أن هناك حملة لإظهار ما يجري في أوكرانيا بشكل مختل تماما."
وتقول فيدزباتريك إن آلة التضليل في الإعلام الروسي تواجه مقاومة كبيرة من (السيطرة المزيفة)
"لقد بلغنا نقطة يمكنهم عندها إخراج هذه الإشاعات المدسوسة، ولكن الصحافيين غير الرسميين أصبحوا قادرين أيضا، ما يتيح توفير مصادر متضاربة. فهم مثلا يصورون الحافلات الروسية التي تحمل لوحات تسجيل روسية، ويصورون الجنود المجهزين بأسلحة لا يمتلكها غير الروس، ما يجعل الرواية تتفكك. وهذا ما يجعل آلية الدعاية التابعة للكرملين تلجأ إلى العمل ساعات إضافية وبنمط يزداد غرابة، فعم يوجهون جبهة صلبة من المواطنين الصحافيين".
غير أن هذه الجهود ربما لا تكفي لمعادلة ما يصدر في تقارير الإعلام الروسي، بحسب فيدزباتريك، فالرواية التي تعرض على الملء لا يمكن استرجاعها في أغلب الأحيان.
ولقد أكد عالم الاجتماع الروسي ليف غودكوف مدير مركز ليفادا المستقل لمراسل الإذاعة
"في مجال الدعاية لا بد من تأمل مدى تأثير الروايات المختلفة للأحداث وجميع أشكال المعلومات البديلة. وبالتالي فإن الذين لا يصدقون أو الذين يشككون بصحة المعلومات الرسمية، ليسوا في وضع يتيح لعم التعامل مع وجهات نظر مختلفة، وهذا هو المرتكز الأشاشي للدعاية الرسمية".
غير أن الكثير من هذه المعلومات يمكن تفنيدها بالدلائل، فهي واردة من تقارير إعلامية غير موثقة، قبل أن تجد طريقها إلى تصريحات السياسيين الروس وحتى إلى تقارير الإعلام الغربي.
الكاتبة والمترجمة كاترين فيدزباتريك تقول عن مجرى الأحداث في أوكرانيا:
"هكذا تبدأ الحروب. فكما يقال (الحقيقة هي الضحية الأولى في الحرب)، الأمر الذي نشاهده في الواقع وبالأسلوب الذي تتبعه روسيا في التعامل مع الأمر، يمكن القول أن أسلوبها يفتقر إلى المسؤولية، فالروس يثيرون الكثير من الكراهية والذعر. الناس في كييف يشاهدون التلفزيون الروسي. وربما أيضا التلفزيون المحلي لكنهم يعتمدون على التلفزيون الروسي الذي يبحث ما لا يطابق الواقع.
وتقول فيدزباتريك إن كل شيء بدءً بالأسباب التي استند إليها المشرعون الروس في تفويض الرئيس فلاديمير بوتن باستخدام القوة، وانتهاء بالتبريرات التي عرضها الأسبوع الماضي ممثل روسيا الدائم في الامم المتحدة فيتالي تشوركين على مجلس الأمن - يرتكز على الأكاذيب:
"كل ما استند إليه مجلس الاتحاد الروسي بتفويض الرئيس باستخدام القوة وكل ما استند إليه السفير تشوركين فيما عرضه في الأمم المتحدة يتمثل في ضرورة التدخل من أجل إنقاذ وحماية ذوي الأصول الروسية والناطقين بالروسية الذين يتعرضون إلى الخطر بحسب اعتقادهم. ولكنهم استندوا في كل ذلك إلى ادعاءات كاذبة عن اعتداءات مزعومة".
كما استند الفسير تشوركين في أقواله في الأمم المتحدة إلى هجوم مزعوم على (دير الكهوف) في كييف الذي نقلته وسائل اعلام روسية في تغطية مكثفة. أما الدير فلقد أكد عدم وقوع أي هجوم، ولقد أصيبت فيدزباتريك بالذهول لدى سماعها إشارة السفير تشوركين الى تلك التقارير المفندة.
كما نقل الإعلام الروسي تقلارير مفادها ان 650 ألف من مواطني جنوب شرق اوكرانيا عبروا الحدود الى روسيا منذ بداية هذه السنة، إلا أن المفوضية العليا لشئون اللاجئين قالت إنها لم تطلع على ما يشير إلى حركة غير عادية على تلك الحدود. وكشف مدونون أوكرانيون عن استخدام وسائل الإعلام الروسية صورة لا تحمل تاريخا تم التقاطها عند المعبر الحدودي شهيني بين أوكرانيا وبولندا.
وهنالك روايات أخرى لها أساس في الواقع ولكنها تتعرض إلى التقديم المموه في الإعلام الروسي. ففي ليلة 27/28 شباط المنصرم قام مخربون بتشويه واجهة كنيس لليهود في سيمفروبل. أما الإعلام الروسي فلقد روى ذلك بأنه اعتداء مناوشا للسامية قامت به جماعة (القاطع اليميني) المتطرفة. وأكد رئيس الجالية اليهودية المحلية الكسندر هيندين لمراسل الإذاعة: (لا أعتقد أن القاطع اليميني هو المسئول، بل أعتقد أن الذي فعلها قد استخدم شعار المجموعة بهدم تقويض الاستقرار في القرم.)
وقال الحاخام الأكبر في أوكرانيا ياكوف دوف بليخ في 4 آذار إن التهديد الرئيسي الذي يواجهه اليهود الأوكرانيون يتمثل في (الاستفزازات) التي تدبرها روسيا، موضحا بأن ذلك يشبه ما فعله النازيون حين أرادوا الدخول إلى النمسا، فلجأوا إلى الاستفزازات.
وأوضح الإعلامي الأوكراني اوليه شينكارينكو لمراسل الإذاعة بأن الحملة ترمي لإلى غايتين رئيسيتين: إثارة الكراهية للأوكرانيين من أجل دفع روسيا إلى محاربتنا، ومن أجل خلق تبرير للعدوان.
وذكر سينكارينكو اسم الإعلامي في التلفزيون الروسي ديميتري كيسيليوف - النجم الصاعد في الإعلام الروسي الذي تم تعيينه رئيسا للمجموعة الروسية الحكومية للإعلام بأنه أكثر الإعلاميين الروس كذبا، ولقد قدمت الهيئة الأوكرانية للأخلاق الصحافية احتجاجا إلى موسكو بخصوص تقارير كيسيليوف الاستفزازية.
الصحفي سيرغي بالبيكو الأوكراني البالغ الخامسة والعشرين من عمره والذي بلغ حد الإشباع من المعلومات المضللة، أسس موقعا على الانترنت أسماه (السيطرة المزيفة) ليتمكن من المهاجمة المضادة:
"أتتني فكرة هذا المشروع مع عدد من أصدقائي بعد أن أدركنا مقدار التضليل الصادر عن وسائل الإعلام، ومن شبكات التواصل الاجتماعي، ومن الأخبار ومن الصحف."
يقول بالبيكو إن مجموعته لا تستخدم أساليب خاصة للكشف عن التقارير المزيفة، بل يمعنون التدقيق فب الصور، ويستخدمون وسائل البحث في الانترنت من أجل الصول على المعلومات المتاحة، ويجرون اتصالات هاتفية:
"أعتقد أن هناك حملة لإظهار ما يجري في أوكرانيا بشكل مختل تماما."
وتقول فيدزباتريك إن آلة التضليل في الإعلام الروسي تواجه مقاومة كبيرة من (السيطرة المزيفة)
"لقد بلغنا نقطة يمكنهم عندها إخراج هذه الإشاعات المدسوسة، ولكن الصحافيين غير الرسميين أصبحوا قادرين أيضا، ما يتيح توفير مصادر متضاربة. فهم مثلا يصورون الحافلات الروسية التي تحمل لوحات تسجيل روسية، ويصورون الجنود المجهزين بأسلحة لا يمتلكها غير الروس، ما يجعل الرواية تتفكك. وهذا ما يجعل آلية الدعاية التابعة للكرملين تلجأ إلى العمل ساعات إضافية وبنمط يزداد غرابة، فعم يوجهون جبهة صلبة من المواطنين الصحافيين".
غير أن هذه الجهود ربما لا تكفي لمعادلة ما يصدر في تقارير الإعلام الروسي، بحسب فيدزباتريك، فالرواية التي تعرض على الملء لا يمكن استرجاعها في أغلب الأحيان.
ولقد أكد عالم الاجتماع الروسي ليف غودكوف مدير مركز ليفادا المستقل لمراسل الإذاعة
"في مجال الدعاية لا بد من تأمل مدى تأثير الروايات المختلفة للأحداث وجميع أشكال المعلومات البديلة. وبالتالي فإن الذين لا يصدقون أو الذين يشككون بصحة المعلومات الرسمية، ليسوا في وضع يتيح لعم التعامل مع وجهات نظر مختلفة، وهذا هو المرتكز الأشاشي للدعاية الرسمية".