أدّت تَطوّرات الأزمةِ الأوكرانية خلالَ الأيامِ الأخيرة إلى تراجُع الاهتمام الإعلامي بمآسي وتداعيات الحرب الأهلية في سوريا التي دخَلت عامَها الرابع دونَ بارقةِ أملٍ في حلٍ سياسي قريب.
وبينما تَسارَعت خطوات شرقية وغربية على نحوٍ ملحوظٍ لمنعِ أوكرانيا من الانزلاق إلى حربٍ أهلية مُــــدمّرة بعد مقتل نحو مائة شخص خلال احتجاجات كييف تتواصلُ المعارك اليومية في سوريا والتي تُشير تقديراتٌ إلى بلوغِ عدد ضحاياها أكثر من مائة وثلاثين ألف قتيل فضلاً عن نحو ثلاثة ملايين لاجئ في دول الجوار وأكثر من مليونيْ نازح داخل البلاد.
تحليلاتٌ عدة أشارت إلى تَـــــــــــــشابُــــــهٍ بين الأزمتين لا سيما في ضوء علاقة التحالف التي تربط كلاً من سوريا وأوكرانيا بروسيا.
وفي هذا الصدد، قال الكاتب البريطاني روبرت فيسك Robert Fisk في مقالٍ نشرته صحيفة (إندبندنت) اللندنية Independent في (21 شباط) إنه "إذا كانت أوكرانيا تُـــمثّل خط الدفاع الشرقي لروسيا فى مواجهة أوروبا، فإن سوريا تمثل جزءاً من جبهة موسكو الجنوبية".
وفيما يتعلق باهتمامات القوى الغربية بكلا الأزمتين، أعرب فيسك عن اعتقاده بأنه مثلما شجّعت هذه القوى وإعلامها خصوم الرئيس السوري بشار الأسد الأوائل "معتبرةً إياهم مقاتلين باسم الحرية، كذلك اعتبرت القوى والصحف ذاتها أن المعارضة فى أوكرانيا إنما تعارض النظام وليس الدستور.. وما أن تحوّلت التظاهرات إلى صراع مسلح من كلا الطرفين، حتى بعث الغرب وحلفاؤه من العرب عتاداً عسكرياً إلى أعداء الأسد.. وإذا كان ليس ثم دليل على أن الغرب فعل الشىء نفسه مع خصوم يانوكوفيتش، ممن يتسلّح بعضهم الآن.. فإن علينا أن نتأكد أن المسألة مسألة وقت حتى يعلن الروس أنهم قاموا بذلك"، على حد تعبيره.
من جهته، يرى المفكر الكويتي الدكتور محمد الرميحي في مقالٍ نَشره على صفحات جريدة (الشرق الأوسط) اللندنية (1 آذار) أن التحليلات تتدفق "مـحـاوِلـةً تـفـسـيـر مــوقــف روســـيـــا الـحـالـي تجاه الوضع المأساوي في سوريا، البعض يذهب في تبرير ذلك إلى مصالح اقتصادية تـربـط روسيا بسوريا، والبعض الآخـر يتحدث عــن الــنــفــوذ الــــذي تــرغــب روســيــا فـي أن تحتفظ بـه شـرق المتوسط والبعض يفسر المـوقـف الـروسـي، الـذي لا يأبه بكل هـؤلاء الضحايا مـــــن الـــــعـــــرب الـــــســـــوريـــيــن، لـسـبـب آيــديــولــوجــي، هــو الـــوقـــوف أمــام مصالح الـدول الغربية والولايات المتحدة، وقد تكون كل تلك العوامل صحيحة، إلا أنها عوامل ثانوية، فمع استدعاء التاريخ الذي لمحنا إلى جزء منه سابقاً، نستطيع أن نجد تفسيراً أكثرَ واقعية، يجمع كـل تلك الـحـزمـة مـن العناصر أنه (محاولة البحث عن انتصارات)"، بحسب تعبيره.
ويضيف الرميحي أن بعض التحليلات تشير إلى أن "طـول زمـن الإمبراطورية الروسية وبعدها إمبراطورية البولشفيك، تـــركـــت ثـــقـــافـــة عــمـيــقــة فــــي تـقـبـّل الشعوب التسلّــط والمركزية، وربما حـتـى عـبــادة الـشـخـص، قــد يكون ذلــك صـحـيـحـاً فـــي ثــقــافــة الـجـيـل الـذي تقدّم في العمر، ولكن تأثير العولمة مثلها مثل عـُـــــــــشق الحـــــــــريّـــــة، تسري اليوم في الأجيال الجديدة في روسيا وحولها، وتظهر ضعف الأفـــكـــار والـــقــدرات الـسـابـقـة على الإبقاء على بنيان يفتقد الأوكسجين الذي يعمّ العالم وهو الحـــــــــــــريّـــــة"، بحسب تعبيره.
ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة مع المفكر الكويتي الدكتور محمد الرميحي الذي أجاب أولاً عن سؤال يتعلق بأسباب التعامل الدولية المتناقضة إزاء الأزمتين، قائلاً لإذاعة العراق الحر "عندما نفكر بشكل عمــــيق، نجد أن المساواة الإنسانية هي خرافة كبيرة حتى في ذهن المتقدمين في الغرب." وأعرب عن اعتقاده بأنه من الناحية الواقعية، تدلل العديد من الوقائع على سبيل المثال إلى "أن الفرد الأوروبي يساوي عدداً كبيراً من الأفراد العرب ربما بالمئات، والظاهرة موجودة أمامنا في الحروب العربية الإسرائيلية أو بعدها عندما يُطلَق عدد كبير من الأسرى العرب في مقابل إطلاق أسير إسرائيلي واحد. ولذلك من الضروري الاعتراف بأن القضية هي ليست مساواة إنسانية كما نقرأ عنها في الأدبيات الغربية"، بحسب رأيه.
وفي حديثه عن اختلاف الموقفيْن الغربي والروسي إزاء الأزمة السورية تحديداً، قال الرميحي "صحيح أن الغرب لم يساعد السوريين ولم يأبه بهم ولكنه في الوقت ذاته لم يأخذ خطوات إيجابية في دعم النظام السوري، على عكس الروس"، بحسب تعبيره.
وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدث المفكر الكويتي عن موضوعات أخرى ذات صلة ومن بينها أسباب تعويل شعوب المنطقة العربية تقليدياً على حلولٍ لأزماتٍ إقليمية من القوى الخارجية.
من جهتها، قالت مديرة (مركز آسيا والشرق الأوسط) في معهد الدراسات الإستراتيجية في موسكو الدكتورة ييلينا سوبونينا لإذاعة العراق الحر "إن الأزمة في أوكرانيا تشكّل في الوقت الحالي أولوية بالنسبة لروسيا التي تُــــركّــــــز عليها الآن ما يمكن أن يؤدي إلى تقليل اهتمام موسكو بالملف السوري ولكن ليس على نحوٍ كبير...مع الملاحظة بأن موضوع سوريا مختلف تماماً عن موضوع أوكرانيا بالنظر لوجود وقائع مختلفة في هاتين الأزمتين وروسيا تفهم ذلك بشكل جيد"، بحسب تعبيرها.
وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، أجابت الخبيرة الروسية سوبونينا عن سؤاليْن آخرين أحدهما حول تأثير الأزمة الأوكرانية في مساعي التوصّل إلى حلّ سياسي لأزمة سوريا فيما تُـــــــــعرَف بمحادثات (جنيف 2) التي ترعاها واشنطن وموســـكو، والثاني يتعلق فيما لو خُــــــــيّـــــــــــرَت روســــــــيا بين الحليفيْن الســـــــــــوري والأوكـــراني فأيــــــــــــّهما تــــَـختار.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع المفكر الكويتي د. محمد الرميحي والخبيرة الروسية في شؤون الشرق الأوسط د. ييلينا سوبونينا.
وبينما تَسارَعت خطوات شرقية وغربية على نحوٍ ملحوظٍ لمنعِ أوكرانيا من الانزلاق إلى حربٍ أهلية مُــــدمّرة بعد مقتل نحو مائة شخص خلال احتجاجات كييف تتواصلُ المعارك اليومية في سوريا والتي تُشير تقديراتٌ إلى بلوغِ عدد ضحاياها أكثر من مائة وثلاثين ألف قتيل فضلاً عن نحو ثلاثة ملايين لاجئ في دول الجوار وأكثر من مليونيْ نازح داخل البلاد.
تحليلاتٌ عدة أشارت إلى تَـــــــــــــشابُــــــهٍ بين الأزمتين لا سيما في ضوء علاقة التحالف التي تربط كلاً من سوريا وأوكرانيا بروسيا.
وفي هذا الصدد، قال الكاتب البريطاني روبرت فيسك Robert Fisk في مقالٍ نشرته صحيفة (إندبندنت) اللندنية Independent في (21 شباط) إنه "إذا كانت أوكرانيا تُـــمثّل خط الدفاع الشرقي لروسيا فى مواجهة أوروبا، فإن سوريا تمثل جزءاً من جبهة موسكو الجنوبية".
وفيما يتعلق باهتمامات القوى الغربية بكلا الأزمتين، أعرب فيسك عن اعتقاده بأنه مثلما شجّعت هذه القوى وإعلامها خصوم الرئيس السوري بشار الأسد الأوائل "معتبرةً إياهم مقاتلين باسم الحرية، كذلك اعتبرت القوى والصحف ذاتها أن المعارضة فى أوكرانيا إنما تعارض النظام وليس الدستور.. وما أن تحوّلت التظاهرات إلى صراع مسلح من كلا الطرفين، حتى بعث الغرب وحلفاؤه من العرب عتاداً عسكرياً إلى أعداء الأسد.. وإذا كان ليس ثم دليل على أن الغرب فعل الشىء نفسه مع خصوم يانوكوفيتش، ممن يتسلّح بعضهم الآن.. فإن علينا أن نتأكد أن المسألة مسألة وقت حتى يعلن الروس أنهم قاموا بذلك"، على حد تعبيره.
من جهته، يرى المفكر الكويتي الدكتور محمد الرميحي في مقالٍ نَشره على صفحات جريدة (الشرق الأوسط) اللندنية (1 آذار) أن التحليلات تتدفق "مـحـاوِلـةً تـفـسـيـر مــوقــف روســـيـــا الـحـالـي تجاه الوضع المأساوي في سوريا، البعض يذهب في تبرير ذلك إلى مصالح اقتصادية تـربـط روسيا بسوريا، والبعض الآخـر يتحدث عــن الــنــفــوذ الــــذي تــرغــب روســيــا فـي أن تحتفظ بـه شـرق المتوسط والبعض يفسر المـوقـف الـروسـي، الـذي لا يأبه بكل هـؤلاء الضحايا مـــــن الـــــعـــــرب الـــــســـــوريـــيــن، لـسـبـب آيــديــولــوجــي، هــو الـــوقـــوف أمــام مصالح الـدول الغربية والولايات المتحدة، وقد تكون كل تلك العوامل صحيحة، إلا أنها عوامل ثانوية، فمع استدعاء التاريخ الذي لمحنا إلى جزء منه سابقاً، نستطيع أن نجد تفسيراً أكثرَ واقعية، يجمع كـل تلك الـحـزمـة مـن العناصر أنه (محاولة البحث عن انتصارات)"، بحسب تعبيره.
ويضيف الرميحي أن بعض التحليلات تشير إلى أن "طـول زمـن الإمبراطورية الروسية وبعدها إمبراطورية البولشفيك، تـــركـــت ثـــقـــافـــة عــمـيــقــة فــــي تـقـبـّل الشعوب التسلّــط والمركزية، وربما حـتـى عـبــادة الـشـخـص، قــد يكون ذلــك صـحـيـحـاً فـــي ثــقــافــة الـجـيـل الـذي تقدّم في العمر، ولكن تأثير العولمة مثلها مثل عـُـــــــــشق الحـــــــــريّـــــة، تسري اليوم في الأجيال الجديدة في روسيا وحولها، وتظهر ضعف الأفـــكـــار والـــقــدرات الـسـابـقـة على الإبقاء على بنيان يفتقد الأوكسجين الذي يعمّ العالم وهو الحـــــــــــــريّـــــة"، بحسب تعبيره.
ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة مع المفكر الكويتي الدكتور محمد الرميحي الذي أجاب أولاً عن سؤال يتعلق بأسباب التعامل الدولية المتناقضة إزاء الأزمتين، قائلاً لإذاعة العراق الحر "عندما نفكر بشكل عمــــيق، نجد أن المساواة الإنسانية هي خرافة كبيرة حتى في ذهن المتقدمين في الغرب." وأعرب عن اعتقاده بأنه من الناحية الواقعية، تدلل العديد من الوقائع على سبيل المثال إلى "أن الفرد الأوروبي يساوي عدداً كبيراً من الأفراد العرب ربما بالمئات، والظاهرة موجودة أمامنا في الحروب العربية الإسرائيلية أو بعدها عندما يُطلَق عدد كبير من الأسرى العرب في مقابل إطلاق أسير إسرائيلي واحد. ولذلك من الضروري الاعتراف بأن القضية هي ليست مساواة إنسانية كما نقرأ عنها في الأدبيات الغربية"، بحسب رأيه.
وفي حديثه عن اختلاف الموقفيْن الغربي والروسي إزاء الأزمة السورية تحديداً، قال الرميحي "صحيح أن الغرب لم يساعد السوريين ولم يأبه بهم ولكنه في الوقت ذاته لم يأخذ خطوات إيجابية في دعم النظام السوري، على عكس الروس"، بحسب تعبيره.
وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، تحدث المفكر الكويتي عن موضوعات أخرى ذات صلة ومن بينها أسباب تعويل شعوب المنطقة العربية تقليدياً على حلولٍ لأزماتٍ إقليمية من القوى الخارجية.
من جهتها، قالت مديرة (مركز آسيا والشرق الأوسط) في معهد الدراسات الإستراتيجية في موسكو الدكتورة ييلينا سوبونينا لإذاعة العراق الحر "إن الأزمة في أوكرانيا تشكّل في الوقت الحالي أولوية بالنسبة لروسيا التي تُــــركّــــــز عليها الآن ما يمكن أن يؤدي إلى تقليل اهتمام موسكو بالملف السوري ولكن ليس على نحوٍ كبير...مع الملاحظة بأن موضوع سوريا مختلف تماماً عن موضوع أوكرانيا بالنظر لوجود وقائع مختلفة في هاتين الأزمتين وروسيا تفهم ذلك بشكل جيد"، بحسب تعبيرها.
وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، أجابت الخبيرة الروسية سوبونينا عن سؤاليْن آخرين أحدهما حول تأثير الأزمة الأوكرانية في مساعي التوصّل إلى حلّ سياسي لأزمة سوريا فيما تُـــــــــعرَف بمحادثات (جنيف 2) التي ترعاها واشنطن وموســـكو، والثاني يتعلق فيما لو خُــــــــيّـــــــــــرَت روســــــــيا بين الحليفيْن الســـــــــــوري والأوكـــراني فأيــــــــــــّهما تــــَـختار.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع المفكر الكويتي د. محمد الرميحي والخبيرة الروسية في شؤون الشرق الأوسط د. ييلينا سوبونينا.