مهنة الطب من المهن الصعبة في العالم ويتطلب التخصص فيها سنوات من الدراسة والاجتهاد والتفرغ الكامل.
ومهنة الطب أكثر المهن انسانية ايضا إذ لولاها لانتشرت الامراض ولمات الناس جراء اصابتهم بالتهاب بسيط احيانا.
ومن المعروف ان الاطباء نخبة خاصة في المجتمع في مختلف انحاء العالم، حتى في الدول المتخلفة حيث تعتبر اغلبية الشعوب الطبيب منقذا حقيقيا للحياة... إلا في العراق الحديث... حيث يتراجع احترام اصحاب المهن يرافقه تراجع في الالتزام بالقوانين وحيث تنعدم المحاسبة والمساءلة في العديد من المجالات، ويشمل ذلك مجالي سرقة المال العام والفساد.
لا اريد التطرق الى اسباب هذا التراجع الذي تم على حساب المجتمع المدني والحضري ولكن هناك مشكلة حقيقية بدأت منذ سنوات وما تزال قائمة وهي تحكم الفكر القبلي والعشائري في امور لا تخصه على الاطلاق مثل مهنة الطب.
افضل مثال على ذلك ما يحدث في ديالى حاليا، إذ اعلنت نقابة الاطباء في المحافظة الاحد التاسع من شباط انها تنوي اغلاق صالات العمليات الجراحية والعيادات الخاصة في عموم المحافظة حتى اشعار آخر.
اما السبب فهو تعرض نخبة من خيرة الاطباء الى الاختطاف ثم تعرض الاطباء بشكل عام الى اعتداءات والى مطالبات بفصل عشائري عندما يغضب اهل المريض او المريضة ولا يرضون عن عمل الطبيب المشرف او الطبيبة.
وما يحدث في الواقع هو ان العشيرة هي التي تشرع القانون ثم تطبقه مع تجاوز جميع المؤسسات الحكومية التي يعمل فيها الطبيب او التي من حقها مساءلته في حال حدوث خطأ.
رئيس نقابة اطباء: الفصول العشائرية ارهاب مبطن
رئيس نقابة الاطباء في ديالى مرتضى الخزرجي وصف اوضاع الاطباء في المحافظة بالمأساوية مشيرا الى حوادث اختطاف واعتداء وهجرة ادت الى إفراغ المنطقة من اطبائها. الخزرجي قدم ارقاما واحصائيات إذ قال إن ديالى خسرت في سنوات العنف الطائفي في عامي 2006 و 2007، 19 طبيبا. وحديثا، في بداية عام 2014 اختطف طبيبان بارزان هما الجراح واستاذ كلية الطب بهاء المجمعي ثم الدكتور جليل ابراهيم العبيدي.
الخزرجي قال ايضا إن الاعتداءات على الاطباء دفعت اكثر من 107 من الاطباء واطباء الاسنان والصيادلة الى مغادرة المحافظة الى اقليم كردستان على مدى عامي 2012 و 2013.
الخزرجي اضاف بإن النية كانت معقودة على اغلاق جميع المؤسسات الطبية لحين توفير الحماية اللازمة للاطباء كي يؤدوا عملهم بالشكل المطلوب لولا تدخل مدير عام دائرة صحة ديالى في اللحظة الاخيرة حيث عقد اجتماعا مع مجموعة كبيرة من الاطباء واقنعهم بمنح فرصة اخيرة للسلطات المحلية وللحكومة لاتخاذ اجراءات تحمي الاطباء من الجهات التي تهددهم غير ان الخزرجي رفض تسمية هذه الجهات قائلا إن المسألة من اختصاص الجهات الامنية.
الخزرجي وصف الفصول العشائرية بالقول إنها ارهاب مبطن لا يقل ضررا عن الارهاب المسلح كما قال إن فرض الفصل العشائري يعتبر طبيعيا في ديالى حيث يضطر الاطباء الى دفع مبلغ لا يقل عن 5 ملايين دينار وقد يزيد بشكل غير معقول بحيث ان اعلى مبلغ فصل دفع في المحافظة بلغ 50 مليون دينار عراقي، حسب قوله.
الخزرجي وصف ايضا قانون حماية الاطباء بأنه حبر على ورق وهو قانون صوت مجلس النواب عليه في تموز الماضي وصادقت عليه رئاسة الجمهورية لاحقا ثم نشر في جريدة الوقائع العراقية الرسمية. ويقضي القانون بحماية الاطباء من الاعتداءات ومنع المطالبات العشائرية وعمليات الابتزاز التي تمارس بحقهم.
هذا وقد تعهد محافظ ديالى عامر سلمان المجمعي بتوفير الحماية للاطباء ووصف اختطاف الكفاءات الطبية بالجريمة المنظمة كما حذر من دفع الاطباء الى الهجرة ومن تأثير ذلك على صحة المواطنين في ديالى.
نذكر هنا ان اطباءا في ديالى حاولت اذاعة العراق الحر الحصول على تصريحات منهم ولو باستخدام أسماء مستعارة رفضوا ذلك رفضا قاطعا دون ذكر الاسباب ولكن قد لا نبتعد كثيرا عن الحقيقة إن قلنا إن هؤلاء الاطباء ربما كانوا يشعرون بالخوف من ردود فعل غاضبة عليهم قد تضيف متاعب الى متاعبهم الكثيرة حاليا.
ميثاق شرف بين أطباء وشيوخ عشائر في بغداد
في الثامن من شباط من عام 2014، وقع عدد من الاطباء وشيوخ العشائر في بغداد ميثاق شرف لوقف الاعتداءات على الاطباء خلال تأدية واجباتهم ومنع مطالبتهم بفصول عشائرية.
وأكد مدير عام دائرة صحة بغداد الرصافة هاني موسى بدر ان الميثاق الجديد يمنح الاطباء مساحة واسعة للعمل واداء الواجبات كما يحدد الجهات التي تحاسب الطبيب المخطئ، وشرح بالقول إن المؤسسة التي يعمل فيها الطبيب هي التي سترفع الشكوى على المعتدين كما إن محاكم خاصة هي التي ستحاسب الطبيب في حالة حدوث تقصير.
جواد الموسوي، مدير مستشفى الشيخ ضاري في جانب الرصافة من العاصمة بغداد انتقد تجاوز البعض واعتداءهم على الاطباء اثناء تأدية الواجب وانتقد الحكومة ايضا لعدم تفعيل قانون حماية الاطباء وطالب بقانون جديد لدعم هذه الشريحة ثم حذر من ان استمرار الاعتداء على اصحاب المهن الطبية سيدفعهم الى الهجرة الى خارج البلاد.
احد شيوخ العشائر وهو رياض فياض المحمداوي قال لإذاعة العراق الحر إن الهدف من توقيع ميثاق الشرف هو الحد من الاعتداءات على الاطباء وأكد قدرة الشيوخ على فرض القانون لان لهم وزنهم ومكانتهم داخل المجتمع العراقي حسب قوله.
وهدد المحمداوي بمعاقبة كل من يخالف بنود الميثاق من ابناء العشائر.
من جانبه، اكد شياع محمد جاسم البهادلي، شيخ عام عشيرة البهادلة، أكد هو الاخر ان الميثاق سيكون ملزما لجميع العشائر دون استثناء واوضح ان عدم التزام اي من الموقعين بالميثاق الجديد سيخضعة للمحاسبة العشائرية التي قد تصل الى حد الطرد من العشيرة اذا ما ثبت اعتداؤه على اي طبيب.
وقال الشيخ محمد الجبوري وهو احد وجهاء العشائر في ديالى لإذاعة العراق الحر إن العشائر تفرض قوانينها وفقا لمعاييرها وتقييمها الخاص مشيرا الى انه لا يتم استحصال الفصل من الاطباء إلا إذا ثبت تقصيرهم.
طبيب: القوانين تضعها العشائر وليس الدولة
هذا وقال طبيب في بغداد رفض الكشف عن اسمه ورفض ايضا بث صوته، قال إن توقيع ميثاق الشرف بين الاطباء وشيوخ العشائر لوقف الاعتداء على الاطباء، يثبت مرة أخرى ان العشائر هي التي تضع القوانين في العراق وليس الدولة وأن لقوانينها سيادة تفوق سيادة القوانين التي يسنها مجلس النواب والحكومة مجتمعين.
المزيد في الملف الصوتي المرفق وساهم فيه مراسلا الاذاعة، سامي عياش في ديالى ويونس محمد في بغداد.
ومهنة الطب أكثر المهن انسانية ايضا إذ لولاها لانتشرت الامراض ولمات الناس جراء اصابتهم بالتهاب بسيط احيانا.
ومن المعروف ان الاطباء نخبة خاصة في المجتمع في مختلف انحاء العالم، حتى في الدول المتخلفة حيث تعتبر اغلبية الشعوب الطبيب منقذا حقيقيا للحياة... إلا في العراق الحديث... حيث يتراجع احترام اصحاب المهن يرافقه تراجع في الالتزام بالقوانين وحيث تنعدم المحاسبة والمساءلة في العديد من المجالات، ويشمل ذلك مجالي سرقة المال العام والفساد.
لا اريد التطرق الى اسباب هذا التراجع الذي تم على حساب المجتمع المدني والحضري ولكن هناك مشكلة حقيقية بدأت منذ سنوات وما تزال قائمة وهي تحكم الفكر القبلي والعشائري في امور لا تخصه على الاطلاق مثل مهنة الطب.
افضل مثال على ذلك ما يحدث في ديالى حاليا، إذ اعلنت نقابة الاطباء في المحافظة الاحد التاسع من شباط انها تنوي اغلاق صالات العمليات الجراحية والعيادات الخاصة في عموم المحافظة حتى اشعار آخر.
اما السبب فهو تعرض نخبة من خيرة الاطباء الى الاختطاف ثم تعرض الاطباء بشكل عام الى اعتداءات والى مطالبات بفصل عشائري عندما يغضب اهل المريض او المريضة ولا يرضون عن عمل الطبيب المشرف او الطبيبة.
وما يحدث في الواقع هو ان العشيرة هي التي تشرع القانون ثم تطبقه مع تجاوز جميع المؤسسات الحكومية التي يعمل فيها الطبيب او التي من حقها مساءلته في حال حدوث خطأ.
رئيس نقابة اطباء: الفصول العشائرية ارهاب مبطن
رئيس نقابة الاطباء في ديالى مرتضى الخزرجي وصف اوضاع الاطباء في المحافظة بالمأساوية مشيرا الى حوادث اختطاف واعتداء وهجرة ادت الى إفراغ المنطقة من اطبائها. الخزرجي قدم ارقاما واحصائيات إذ قال إن ديالى خسرت في سنوات العنف الطائفي في عامي 2006 و 2007، 19 طبيبا. وحديثا، في بداية عام 2014 اختطف طبيبان بارزان هما الجراح واستاذ كلية الطب بهاء المجمعي ثم الدكتور جليل ابراهيم العبيدي.
الخزرجي قال ايضا إن الاعتداءات على الاطباء دفعت اكثر من 107 من الاطباء واطباء الاسنان والصيادلة الى مغادرة المحافظة الى اقليم كردستان على مدى عامي 2012 و 2013.
الخزرجي اضاف بإن النية كانت معقودة على اغلاق جميع المؤسسات الطبية لحين توفير الحماية اللازمة للاطباء كي يؤدوا عملهم بالشكل المطلوب لولا تدخل مدير عام دائرة صحة ديالى في اللحظة الاخيرة حيث عقد اجتماعا مع مجموعة كبيرة من الاطباء واقنعهم بمنح فرصة اخيرة للسلطات المحلية وللحكومة لاتخاذ اجراءات تحمي الاطباء من الجهات التي تهددهم غير ان الخزرجي رفض تسمية هذه الجهات قائلا إن المسألة من اختصاص الجهات الامنية.
الخزرجي وصف الفصول العشائرية بالقول إنها ارهاب مبطن لا يقل ضررا عن الارهاب المسلح كما قال إن فرض الفصل العشائري يعتبر طبيعيا في ديالى حيث يضطر الاطباء الى دفع مبلغ لا يقل عن 5 ملايين دينار وقد يزيد بشكل غير معقول بحيث ان اعلى مبلغ فصل دفع في المحافظة بلغ 50 مليون دينار عراقي، حسب قوله.
الخزرجي وصف ايضا قانون حماية الاطباء بأنه حبر على ورق وهو قانون صوت مجلس النواب عليه في تموز الماضي وصادقت عليه رئاسة الجمهورية لاحقا ثم نشر في جريدة الوقائع العراقية الرسمية. ويقضي القانون بحماية الاطباء من الاعتداءات ومنع المطالبات العشائرية وعمليات الابتزاز التي تمارس بحقهم.
هذا وقد تعهد محافظ ديالى عامر سلمان المجمعي بتوفير الحماية للاطباء ووصف اختطاف الكفاءات الطبية بالجريمة المنظمة كما حذر من دفع الاطباء الى الهجرة ومن تأثير ذلك على صحة المواطنين في ديالى.
نذكر هنا ان اطباءا في ديالى حاولت اذاعة العراق الحر الحصول على تصريحات منهم ولو باستخدام أسماء مستعارة رفضوا ذلك رفضا قاطعا دون ذكر الاسباب ولكن قد لا نبتعد كثيرا عن الحقيقة إن قلنا إن هؤلاء الاطباء ربما كانوا يشعرون بالخوف من ردود فعل غاضبة عليهم قد تضيف متاعب الى متاعبهم الكثيرة حاليا.
ميثاق شرف بين أطباء وشيوخ عشائر في بغداد
في الثامن من شباط من عام 2014، وقع عدد من الاطباء وشيوخ العشائر في بغداد ميثاق شرف لوقف الاعتداءات على الاطباء خلال تأدية واجباتهم ومنع مطالبتهم بفصول عشائرية.
وأكد مدير عام دائرة صحة بغداد الرصافة هاني موسى بدر ان الميثاق الجديد يمنح الاطباء مساحة واسعة للعمل واداء الواجبات كما يحدد الجهات التي تحاسب الطبيب المخطئ، وشرح بالقول إن المؤسسة التي يعمل فيها الطبيب هي التي سترفع الشكوى على المعتدين كما إن محاكم خاصة هي التي ستحاسب الطبيب في حالة حدوث تقصير.
جواد الموسوي، مدير مستشفى الشيخ ضاري في جانب الرصافة من العاصمة بغداد انتقد تجاوز البعض واعتداءهم على الاطباء اثناء تأدية الواجب وانتقد الحكومة ايضا لعدم تفعيل قانون حماية الاطباء وطالب بقانون جديد لدعم هذه الشريحة ثم حذر من ان استمرار الاعتداء على اصحاب المهن الطبية سيدفعهم الى الهجرة الى خارج البلاد.
احد شيوخ العشائر وهو رياض فياض المحمداوي قال لإذاعة العراق الحر إن الهدف من توقيع ميثاق الشرف هو الحد من الاعتداءات على الاطباء وأكد قدرة الشيوخ على فرض القانون لان لهم وزنهم ومكانتهم داخل المجتمع العراقي حسب قوله.
وهدد المحمداوي بمعاقبة كل من يخالف بنود الميثاق من ابناء العشائر.
من جانبه، اكد شياع محمد جاسم البهادلي، شيخ عام عشيرة البهادلة، أكد هو الاخر ان الميثاق سيكون ملزما لجميع العشائر دون استثناء واوضح ان عدم التزام اي من الموقعين بالميثاق الجديد سيخضعة للمحاسبة العشائرية التي قد تصل الى حد الطرد من العشيرة اذا ما ثبت اعتداؤه على اي طبيب.
وقال الشيخ محمد الجبوري وهو احد وجهاء العشائر في ديالى لإذاعة العراق الحر إن العشائر تفرض قوانينها وفقا لمعاييرها وتقييمها الخاص مشيرا الى انه لا يتم استحصال الفصل من الاطباء إلا إذا ثبت تقصيرهم.
طبيب: القوانين تضعها العشائر وليس الدولة
هذا وقال طبيب في بغداد رفض الكشف عن اسمه ورفض ايضا بث صوته، قال إن توقيع ميثاق الشرف بين الاطباء وشيوخ العشائر لوقف الاعتداء على الاطباء، يثبت مرة أخرى ان العشائر هي التي تضع القوانين في العراق وليس الدولة وأن لقوانينها سيادة تفوق سيادة القوانين التي يسنها مجلس النواب والحكومة مجتمعين.
المزيد في الملف الصوتي المرفق وساهم فيه مراسلا الاذاعة، سامي عياش في ديالى ويونس محمد في بغداد.