قد لا يتذكر عديدون أن الفلوجة كانت من المدن القليلة الهادئة في العراق عقب دخول القوات الأميركية البلاد، مقارنة بالمدن الأخرى، ولم تشهد حوادثَ عنف مسلح خلال الأسابيع الأولى من الاحتلال، ولم تقع فيها أعمالُ السلب والنهب كالتي انتشرت في بعض المناطق وخاصة العاصمة بغداد. حيث حافظ أهل الفلوجة على جميع مؤسسات الدولة ودوائرها ومخازنها باعتبارها مالاً عاماً ينبغي الحفاظ عليه.
لكن الفلوجة تصدرت الاخبار في أيار 2003 إثر حادثة مقتل متظاهرين امام مقر للقوات الأمريكية في المدينة وتداعياتها، وتتفاقم الأمورُ في اذار 2004 بسبب حادثة قتل أربعة من عناصر من شركة بلاك ووتر الامنية الأمريكية في المدينة، وحرق جثثهم وتعليقها على جسر يطل على نهر الفرات، لترد القوات الامريكية على هذه العملية بسلسلة من القصف المكثف انتقاماً من أهالي المدينة، ولتتبعها تطورات حولت الفلوجة الى مركز للمقاومة والمجاميع المسلحة، أشعلت عمليات عسكرية للسيطرة عليها شاركت فيها الفوات الامريكية مع قوات عراقية في فترة حكم رئيس الوزراء اياد علاوي.
جسر لمدن أعالي الفرات الى العاصمة
لكن لهذه "الفلوجة" وجه آخر، يقترن بتأريخها كمدينة فراتية جميلة تقع على الطريق الواصل بين العاصمة بغداد وبلاد الشام والأردن، اهتم أبناؤها بالتجارة والنقل والزراعة، وعُرف مجتمعُها محافظا عشائرياً ودينياً، كانت جسراً واصلاً بين مدن أعالي الفرات مثل راوه وعنه وحديثة وكبيسة، والعاصمة بغداد.
لمثقفي الفلوجة حصة كبيرة في تاريخ وشخصية المدينة، فضلاً عن تميزهم في مختلف التخصصات الدراسية في كليات ومعاهد العاصمة، وكان لمجالس المدينة وندواتها الادبية والثقافية دورٌ كبير في عقود خلتْ، ويحفظ لها انها استضافت الشاعر معروف الرصافي الذي سكنها لثلاث سنوات كتب خلالها العديد من القصائد ودبج أفكاره واهمها كتابه المثير للجدل "الشخصية المحمدية".
في اوائل عام 2004 التقيت في المنتدى العلمي والثقافي للفلوجة الذي أسس مباشرة بعد تغيير النظام في نيسان 2003، رئيسَه استاذ الكيمياء الدكتور محمد الحمداني، والشاعر الفلوجي مكي نزال، لنكشف خلال الحوار عن وجه اخر للمدينة، بعيد عن الحرب والعنف والمواجهات، زاخر بالمشاريع والآمال المفتوحة على المستقبل.
أكد ضيفا برنامج حوارات أن مدينتهما " الفلوجة" تُظلم عندما توصف بانها مدينة سُنية فحسب، فقد تنوعت أطياف سكانها على الدوام، حيث ضمت مسلمين سُنة وشيعة وكرداً ومسيحين ويهودا وصابئة وايزيديين، ووفر امتدادُها الصحراوي حضوراً بدويا أيضا، وبرغم ذلك فلم يشهد الفلوجيون بمختلف انتساباتهم منذ عقود، أن اثنين اشتجرا بسبب طائفة أو دين أو مذهب!
منتدى علمي ثقافي بعد الاحتلال مباشرة
الحوار تناول فكرة تأسيس المنتدى العلمي والثقافي في الفلوجة الذي أقام عدة ندوات ومحاضرات ثقافية وعلمية، و امتلأت قاعته بحضور ما بين 300-400 شخص أسبوعيا لمتابعة الحوارات والمحاضرات التي اهتمت بالتطورات العلمية والفكرية في العالم الجديد، إضافة الى اطلاق برنامج لتكريم الرعيل الاول من المعلمين والمدرسين في المدينة أطلق عليه: أكارم الفلوجة.
وختم الشاعر مكي نزال الحوار، بأبيات من قصيدته "الى بغداد"، يقول فيها:
يا أمَ قافيتي السمراء مُذ ْ ولدِتْ
على رصيف أبو نواس تتّسقُ
عَودي إليكِ حميدٌ رغم قسوته
ورغم كل جـراحٍ فيـكِ تنبثقُ
لكن الفلوجة تصدرت الاخبار في أيار 2003 إثر حادثة مقتل متظاهرين امام مقر للقوات الأمريكية في المدينة وتداعياتها، وتتفاقم الأمورُ في اذار 2004 بسبب حادثة قتل أربعة من عناصر من شركة بلاك ووتر الامنية الأمريكية في المدينة، وحرق جثثهم وتعليقها على جسر يطل على نهر الفرات، لترد القوات الامريكية على هذه العملية بسلسلة من القصف المكثف انتقاماً من أهالي المدينة، ولتتبعها تطورات حولت الفلوجة الى مركز للمقاومة والمجاميع المسلحة، أشعلت عمليات عسكرية للسيطرة عليها شاركت فيها الفوات الامريكية مع قوات عراقية في فترة حكم رئيس الوزراء اياد علاوي.
جسر لمدن أعالي الفرات الى العاصمة
لكن لهذه "الفلوجة" وجه آخر، يقترن بتأريخها كمدينة فراتية جميلة تقع على الطريق الواصل بين العاصمة بغداد وبلاد الشام والأردن، اهتم أبناؤها بالتجارة والنقل والزراعة، وعُرف مجتمعُها محافظا عشائرياً ودينياً، كانت جسراً واصلاً بين مدن أعالي الفرات مثل راوه وعنه وحديثة وكبيسة، والعاصمة بغداد.
لمثقفي الفلوجة حصة كبيرة في تاريخ وشخصية المدينة، فضلاً عن تميزهم في مختلف التخصصات الدراسية في كليات ومعاهد العاصمة، وكان لمجالس المدينة وندواتها الادبية والثقافية دورٌ كبير في عقود خلتْ، ويحفظ لها انها استضافت الشاعر معروف الرصافي الذي سكنها لثلاث سنوات كتب خلالها العديد من القصائد ودبج أفكاره واهمها كتابه المثير للجدل "الشخصية المحمدية".
في اوائل عام 2004 التقيت في المنتدى العلمي والثقافي للفلوجة الذي أسس مباشرة بعد تغيير النظام في نيسان 2003، رئيسَه استاذ الكيمياء الدكتور محمد الحمداني، والشاعر الفلوجي مكي نزال، لنكشف خلال الحوار عن وجه اخر للمدينة، بعيد عن الحرب والعنف والمواجهات، زاخر بالمشاريع والآمال المفتوحة على المستقبل.
أكد ضيفا برنامج حوارات أن مدينتهما " الفلوجة" تُظلم عندما توصف بانها مدينة سُنية فحسب، فقد تنوعت أطياف سكانها على الدوام، حيث ضمت مسلمين سُنة وشيعة وكرداً ومسيحين ويهودا وصابئة وايزيديين، ووفر امتدادُها الصحراوي حضوراً بدويا أيضا، وبرغم ذلك فلم يشهد الفلوجيون بمختلف انتساباتهم منذ عقود، أن اثنين اشتجرا بسبب طائفة أو دين أو مذهب!
منتدى علمي ثقافي بعد الاحتلال مباشرة
الحوار تناول فكرة تأسيس المنتدى العلمي والثقافي في الفلوجة الذي أقام عدة ندوات ومحاضرات ثقافية وعلمية، و امتلأت قاعته بحضور ما بين 300-400 شخص أسبوعيا لمتابعة الحوارات والمحاضرات التي اهتمت بالتطورات العلمية والفكرية في العالم الجديد، إضافة الى اطلاق برنامج لتكريم الرعيل الاول من المعلمين والمدرسين في المدينة أطلق عليه: أكارم الفلوجة.
وختم الشاعر مكي نزال الحوار، بأبيات من قصيدته "الى بغداد"، يقول فيها:
يا أمَ قافيتي السمراء مُذ ْ ولدِتْ
على رصيف أبو نواس تتّسقُ
عَودي إليكِ حميدٌ رغم قسوته
ورغم كل جـراحٍ فيـكِ تنبثقُ