سواء كان يلفت الأنظار في سورية، أو يحرج واشنطن في شأن قضية سنودن، أو باطلاق لقب (أقوى رجل في العالم) عليه من قبل مجلة Forbes، ظل الرئيس الروسي فلاديمير بوتن يحتل عناوين الأخبار خلال عام 2013. مراسل الإذاعة Robert Coalson يسلط الضوء على خلفية العناوين الرئيسية التي تلاحق بوتين في هذا التقرير:
صدر عن وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال مؤتمر صحفي عقده في أيلول تعليق اعتُبر عابرا في حينه، جاء فيه أنه بإمكان الرئيس السوري بشار الأسد تفادي التدخل العسكري الخارجي في حال تخليه عما لديه من أسلحة كيماوية.
وفي اليوم ذاته أمسك الرئيس بوتن بزمام المبادرة الدبلوماسية، ودعا حليفه القديم إلى القيام بالشيء ذاته، ممهدا بذلك السبيل إلى اتفاق حال دون تحرك عسكري كبير، كما حال دون انهيار الاستقرار في الشرق الأوسط. وهكذا ظهر بوتن في المشاهد الإعلامية كصانع للسلام العالمي على خلفية صور الولايات المتحدة الميالة إلى الحرب.
ولم يقتصر ظهور بوتن كأستاذ في شؤون السياسة الخارجية على الشأن السوري. فمع استمرار التركيز على قضية ادوارد سنودن- الاستشاري السابق الذي فضح نشاطات وكالة الأمن القومي الأميركية، ومع تراجع كل من أرمينيا وأوكرانيا عن طموحهما في الانتماء إلى الاتحاد الأوروبي وتفضيلهما تعزيز روابطهما مع موسكو، بدأ عام 2013 كحقيبة مليئة بهدايا الانتصارات للرئيس الروسي.
وبرغم تمكن بوتن من خطف اهتمام الإعلام الدولي، يشكك محللون بنجاح هذه الإنجازات في السياسة الخارجية في تحقيق أية نجاحات إستراتيجية ملموسة وطويلة الأمد لموسكو.
Mark Galeotti - وهو أستاذ بجامعة نيو يورك وخبير في شأن الأجهزة الأمنية الروسية – يقول:يميل القادة السياسيون نحو الالتفات إلى الشئون الخارجية لدى شعورهم بالضعف والعجز في معالجة القضايا الداخلية، وهذا هو ما يحدث الآن بحسب اعتقادي. يبدو بوتن وقد حقق الانتصارات في الخارج، ويعود ذلك في الحقيقة إلى كونه قد أهمل القضايا السياسية الداخلية، إذ ليس لديه إستراتيجية حقيقية لكيفية التعامل مع المعارضة، أو لسبل معالجة المشاكل الاقتصادية المزمنة المخيمة على روسيا.
كان الاتفاق على الشأن السوري العلامة المضيئة الرئيسية في سياسة بوتن خلال عام 2013، ويقول Andrei Tsygankov الأستاذ في العلاقات الدولية بجامعة سانفرانسيسكو: تمثل المبادرة السورية أهم تطور حققته سياسة روسيا الخارجية هذه السنة، الأمر الذي عزز بالطبع مكانة روسيا لتصبح بالفعل القوة التي لا يمكن الاستغناء عنها غي الشرق الأوسط. قضية سنودن- كما بدت لي - لم تخترها روسيا، إلا أنها تمكنت في نهاية الأمر من كسب نقاط لدى الدول غير الغربية ولدى العديد من الأوروبيين الذين انتقدوا الطريقة التي تعاملت بها الولايات المتحدة مع القضية. وهكذا تمكنت روسيا من تحسين سمعتها لدى العديد من الأوروبيين.
أما النجاح الرئيسي الآخر الذي حققته روسيا في 2013 فجاء من خلال إقناعها لأرمينيا بالتراجع في أيلول عن اتفاق الارتباط بينها وبين الاتحاد الأوروبي، وتلاه في تشرين الثاني إعلان أوكرانيا عن تراجعها عن خطتها الرامية إلى توقيع اتفاقية الارتباط.
القرار الأوكراني لم يزل معلقا، مع تأكيد كل من كييف والاتحاد الأوروبي على احتمال توقيعه في ربيع عام 2014. غير أن قوة روسيا فيما يتعلق بالطاقة، بالإضافة إلى تهديداتها الاقتصادية، قد أثبتت صعوبة مقاومتها.
إلا أن المظاهرات ضد قرار الحكومة الأوكرانية - التي كثيرا ما جذبت مئات الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع - تشير إلى أن بوتن وإن كان قد نجح في ضغوطه على قادة البلاد، إلا أنه يتجه نحو الهزيمة في معركة كسب عقول وقلوب المواطنين.
وهذا يفسر - بحسب Galeotti - الصعوبة التي تواجه القوة الروسية القاسية في تنافسها مع مغريات قوة الغرب الناعمة:الخلاصة هي أن كل هذه الأمور لا بد من إدامتها بنشاط فاعل، الأمر الذي لا يشبه القوة الناعمة، كما لا يشبه انجراف بلد مثل أوكرانيا نحو الاتحاد الأوروبي بكل ما يعنيه ذلك من منافع اقتصادية واجتماعية وسياسية وحتى أخلاقية. لا بد لروسيا أن تتواصل باستمرار حماية وإعادة التأكيد على قوتها المستندة على الغاز والنفط، وهو سلاح سيئول مع مرور الزمن إلى الاضمحلال والتلاشي.
كما سيترتب على بوتن في 2014 أن يتدارك وضع الاقتصاد الروسي المتعثر والنظام السياسي المستمر في التركيز عليه شخصيا، بحسب العالم السياسي تسيغانوف:روسيا بحاجة إلى التغيرات الداخلية، وإلى المزيد من التحسين فيما يتعلق باقتصادها الذي لا يتجاوز معدل نموه السنوي الحالي 1.5% ، وهو ليس كافيا لمواجهة التحديات المتعددة، ومن بينها نهوض الصين. كما يعاني النظام السياسي الروسي من الركود. هناك العديد من القضايا الداعية إلى المعالجة. كما تفتقر الدولة إلى الأداء المطلوب أو المتوقع منها.
صدر عن وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال مؤتمر صحفي عقده في أيلول تعليق اعتُبر عابرا في حينه، جاء فيه أنه بإمكان الرئيس السوري بشار الأسد تفادي التدخل العسكري الخارجي في حال تخليه عما لديه من أسلحة كيماوية.
وفي اليوم ذاته أمسك الرئيس بوتن بزمام المبادرة الدبلوماسية، ودعا حليفه القديم إلى القيام بالشيء ذاته، ممهدا بذلك السبيل إلى اتفاق حال دون تحرك عسكري كبير، كما حال دون انهيار الاستقرار في الشرق الأوسط. وهكذا ظهر بوتن في المشاهد الإعلامية كصانع للسلام العالمي على خلفية صور الولايات المتحدة الميالة إلى الحرب.
ولم يقتصر ظهور بوتن كأستاذ في شؤون السياسة الخارجية على الشأن السوري. فمع استمرار التركيز على قضية ادوارد سنودن- الاستشاري السابق الذي فضح نشاطات وكالة الأمن القومي الأميركية، ومع تراجع كل من أرمينيا وأوكرانيا عن طموحهما في الانتماء إلى الاتحاد الأوروبي وتفضيلهما تعزيز روابطهما مع موسكو، بدأ عام 2013 كحقيبة مليئة بهدايا الانتصارات للرئيس الروسي.
وبرغم تمكن بوتن من خطف اهتمام الإعلام الدولي، يشكك محللون بنجاح هذه الإنجازات في السياسة الخارجية في تحقيق أية نجاحات إستراتيجية ملموسة وطويلة الأمد لموسكو.
Mark Galeotti - وهو أستاذ بجامعة نيو يورك وخبير في شأن الأجهزة الأمنية الروسية – يقول:يميل القادة السياسيون نحو الالتفات إلى الشئون الخارجية لدى شعورهم بالضعف والعجز في معالجة القضايا الداخلية، وهذا هو ما يحدث الآن بحسب اعتقادي. يبدو بوتن وقد حقق الانتصارات في الخارج، ويعود ذلك في الحقيقة إلى كونه قد أهمل القضايا السياسية الداخلية، إذ ليس لديه إستراتيجية حقيقية لكيفية التعامل مع المعارضة، أو لسبل معالجة المشاكل الاقتصادية المزمنة المخيمة على روسيا.
كان الاتفاق على الشأن السوري العلامة المضيئة الرئيسية في سياسة بوتن خلال عام 2013، ويقول Andrei Tsygankov الأستاذ في العلاقات الدولية بجامعة سانفرانسيسكو: تمثل المبادرة السورية أهم تطور حققته سياسة روسيا الخارجية هذه السنة، الأمر الذي عزز بالطبع مكانة روسيا لتصبح بالفعل القوة التي لا يمكن الاستغناء عنها غي الشرق الأوسط. قضية سنودن- كما بدت لي - لم تخترها روسيا، إلا أنها تمكنت في نهاية الأمر من كسب نقاط لدى الدول غير الغربية ولدى العديد من الأوروبيين الذين انتقدوا الطريقة التي تعاملت بها الولايات المتحدة مع القضية. وهكذا تمكنت روسيا من تحسين سمعتها لدى العديد من الأوروبيين.
أما النجاح الرئيسي الآخر الذي حققته روسيا في 2013 فجاء من خلال إقناعها لأرمينيا بالتراجع في أيلول عن اتفاق الارتباط بينها وبين الاتحاد الأوروبي، وتلاه في تشرين الثاني إعلان أوكرانيا عن تراجعها عن خطتها الرامية إلى توقيع اتفاقية الارتباط.
القرار الأوكراني لم يزل معلقا، مع تأكيد كل من كييف والاتحاد الأوروبي على احتمال توقيعه في ربيع عام 2014. غير أن قوة روسيا فيما يتعلق بالطاقة، بالإضافة إلى تهديداتها الاقتصادية، قد أثبتت صعوبة مقاومتها.
إلا أن المظاهرات ضد قرار الحكومة الأوكرانية - التي كثيرا ما جذبت مئات الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع - تشير إلى أن بوتن وإن كان قد نجح في ضغوطه على قادة البلاد، إلا أنه يتجه نحو الهزيمة في معركة كسب عقول وقلوب المواطنين.
وهذا يفسر - بحسب Galeotti - الصعوبة التي تواجه القوة الروسية القاسية في تنافسها مع مغريات قوة الغرب الناعمة:الخلاصة هي أن كل هذه الأمور لا بد من إدامتها بنشاط فاعل، الأمر الذي لا يشبه القوة الناعمة، كما لا يشبه انجراف بلد مثل أوكرانيا نحو الاتحاد الأوروبي بكل ما يعنيه ذلك من منافع اقتصادية واجتماعية وسياسية وحتى أخلاقية. لا بد لروسيا أن تتواصل باستمرار حماية وإعادة التأكيد على قوتها المستندة على الغاز والنفط، وهو سلاح سيئول مع مرور الزمن إلى الاضمحلال والتلاشي.
كما سيترتب على بوتن في 2014 أن يتدارك وضع الاقتصاد الروسي المتعثر والنظام السياسي المستمر في التركيز عليه شخصيا، بحسب العالم السياسي تسيغانوف:روسيا بحاجة إلى التغيرات الداخلية، وإلى المزيد من التحسين فيما يتعلق باقتصادها الذي لا يتجاوز معدل نموه السنوي الحالي 1.5% ، وهو ليس كافيا لمواجهة التحديات المتعددة، ومن بينها نهوض الصين. كما يعاني النظام السياسي الروسي من الركود. هناك العديد من القضايا الداعية إلى المعالجة. كما تفتقر الدولة إلى الأداء المطلوب أو المتوقع منها.