مع قرب انتهاء العام الحالي، يتجدد الحديثُ عن تأجيل إقرار موازنة العام 2014، في وقت بدأت فيه بعض الكتل السياسية تلمح الى أن ذلك سيؤدي الى تأجيل الانتخابات البرلمانية، التي من المقرر أن تجري في 30نيسان المقبل.
وكانت وزارة المالية أعلنت في وقت سابق أن موازنة عام 2014 تبلغ 174 تريليون دينار، أي ما يعادل 150 مليار دولار تقريبا، وهي الموازنة الاعلى في تاريخ العراق.
ورجّح مقرر مجلس النواب محمد الخالدي في تصريحات له الثلاثاء(17كانون) تأجيل الانتخابات النيابية في حال استمرار تأخر وصول مشروع الموازنة الى البرلمان.
واشار الخالدي في مؤتمر صحفي الى ان مجلس الوزراء لم يناقش حتى الآن الموازنة، بسبب الخلافات الكبيرة بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان، اضافة الى طلبات المحافظات والوزارات، وان عدم إقرار الموازنة، قد يؤدي الى تأجيل الانتخابات المقبلة، واصفا ذلك بـ"الامر الخطير".
من جانبه لم يُبد مقرر اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب محمه خليل استغرابا من تأخر تقديم الحكومة مشروع الموازنة لاقرارها في البرلمان، فهي نتيجة غياب استراتيجية واضحة للموازنة، وتكرار نفس الأخطاء التي ترافق اعدادها سنويا.
ويُلاحَظ ان من أبرز أسباب تعثر إقرار الموازنة كل عام، هو الخلاف بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان الذي يتلقى نحو 17% من ميزانية العراق سنويًا. لكن خلافاتٍ في التفاصيل وأخرى على عائدات النفط الذي يصدره الإقليم، ودفع مستحقات الشركات الاجنبية التي تنقب عن النفط في الاقليم، فضلا عن تأخر تقديم الحسابات الختامية، تتجدد كل عام مع نقاشات إقرار الميزانية، التي لم يقرها مجلس النواب في موعدها سابقًا.
ويرى الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطوان ان من أسباب فشل تخطيط الموازنات السنوية في العراق انها تعُد على شكل بنود، وليس لمعالجة واهداف استراتيجية، وانها غالبا ما لا تستوفي المناقشة من الجهات التخصصية الكفوءة، لذا تكون نتائجها مشوهة.
تعرّف الموازنة العامة للدولة بانها خطة مستقبلية بأرقام تقديرية لإيرادات ومصروفات فترة مالية قادمة تقدر عادة بعام. فقد تُنفذ الخطط بأرقامها المخططة وقد تزيد وقد تنقص.
الخبير الاقتصادي أنطوان تحدث الى إذاعة العراق الحر بشأن عوامل ضعف تنفيذ الموازنة التي تسببت في فروقات كبيرة بين العجز والفائض في الميزانية يزيد على 30 بالمائة، كاشفاً عن أن هناك حوالي 6800 مشروع كان يفترض إنجازها خلال الفترة السابقة، لم ينجز منها اكثر من 500.
الى ذلك لفت المحلل فلاح المشعل الى ان الموازنة العامة ومناقشتهَا وإقرارَها ملفٌ فشل طرفاه كل عام: الحكومة والبرلمان في حسمه، إذ تفعل المصالح السياسية فعلها في تأخير إقرارها، ولا يُخفي المشعل مخاوفه من احتمال ضلوع "الفساد" كأحد اسباب تأخير الموازنة السنوية في العراق.
يعد العراق من الدول القليلة، التي تنعم بتزايد مطرد لموارده المالية المتأتية من انتاج النفط وبيعه خلال السنوات الأخيرة، لكن تلك الموارد لم تنعكس بإيجابية على واقع حياة اغلب العراقيين، ولم يتحقق الكثير على صعيد معيشة المواطنين، وخدمات البنية التحتية التي تبتعد كثيرا عن مستوى مثيلاتها في دول الجوار.
وتوضح عضوة اللجنة المالية في مجلس محافظة بغداد نوال الاعرجي ان الموازنة المالية لعام 2014ستبلغ 176 ترليون دينار عراقي، لكن توزيعها لن يحقق فرصا إنمائية وخدمية مؤثرة في البلاد، مشيرة الى ان ما يسمى بـ"ميزانية تنمية الأقاليم" لا تسد الحاجة الفعلية لأغلب المحافظات العراقية.
وكثيرا ما رافق تنفيذ المشاريع الاستثمارية، ومشاريع البنى التحتية، انتقاد شديد واتهامات بالتعثر وسوء الإدارة والتنفيذ.
وتقر الاعرجي بان الشركات المنفذة لأغلب مشاريع المحافظات غير كفوءة، في وقت تغيب الشركات الرصينة وذات الخبرة والأجنبية لأسباب متعددة يتصدرها العامل الأمني.
وبعيدا عن المؤثرات السياسية في حركة المشاريع والقرارات المالية والاقتصادية الحاسمة فان الباحث الاقتصادي مثنى جبار يرى ان صانع القرار التنفيذي، خصوصا من لا يمتلك تخصصا وخبرة عملية، كثيرا ما يلجا الى تعطيل الإنجاز بسبب محددات إدارية وفنية، ولا يغفل جبار في حديثه لإذاعة العراق الحر تهم الفساد المالي والإداري التي تطال الكثير من مؤسسات الدولة، مشيرا الى ان تعدد الجهات الرقابية وعدم صرامتها، لم تفلح في الحد من الفساد واجتثاثه.
خبير: ليس بالموارد المالية وحدها يُبنى الاقتصاد
تغلب على تعليقات العراقيين وجدالهم حول الوضع السياسي والمعيشي في البلاد سمة ُ الانتقاد والتشكيك بكفاءة وإخلاص السياسيين والمسؤولين، ففي مقال للكاتب واثق الجابري حول الموازنة العامة أشار الى انه كان من المفترض أن تكمل الحكومة مشروع الموازنة العامة في شهر مايس الماضي، وأن يقرها البرلمان في أيلول الماضي، ولكن يبدو ان السنة الحالية ستنتهي ولم ترسلها الحكومة بعدُ لحسابات حزبية وانتخابية ومزايدات.
ففي الوقت الذي تبلغ ميزانية العراق لعام 2014 عن 150 مليار دولار، تكاد ميزانية سوريا تصل الى حوالي عشرة مليار دولار للعام المقبل، بينما تبلغ ميزانية الأردن للعام الحالي حوالي 10 مليارات ونصف المليار دولار.
ترى لماذا تفشل هذه الموارد الكبيرة في تحقيق ملامح حياة مستقرة وخدمات مناسبة للعراقيين؟ يرى الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطوان ان تخصيصات الموازنة الاستثمارية لم تنجح في تحقيق الكثير، وأن "اكبر فساد هو وضع الأشخاص غير الكفوئين في مواقع المسؤولية. وأن ليس بضخامة الموارد المالية يبنى الاقتصاد المستقر".
ويبدي المحلل السياسي فلاح المشعل قلقه من أن غياب خطط استراتيجية كفوءة لإدارة الموارد المالية بشكل حكيم، لن يتيح للبلاد تنمية اقتصادية وبشرية تناسب الفرصة الحالية، خصوصا وان النفط يكاد يكون المصدر الوحيد للموارد الاقتصادية في ظل ضعف إداء القطاعات الاقتصادية الأخرى.
ومع ان الميزانية العراقية سجلت خلال السنوات العشر الأخيرة زيادات مطردة في مواردها، يحارُ المرءُ عندما يقارنها بميزانيات دول إقليمية أخرى، لم تحض بزيادات مشابهة، لكنها نجحت في تقديم خدمات وتوفير سبل رعاية مستقرة لشعوبها.واكد المشعل ان السياسة "الرشيدة" المستقرة في دول إقليمية ومنها الخليجية نجحت في بناء اقتصاديات قوية.
ساهم في الملف مراسل إذاعة العراق الحر في بغداد سعد كامل
وكانت وزارة المالية أعلنت في وقت سابق أن موازنة عام 2014 تبلغ 174 تريليون دينار، أي ما يعادل 150 مليار دولار تقريبا، وهي الموازنة الاعلى في تاريخ العراق.
ورجّح مقرر مجلس النواب محمد الخالدي في تصريحات له الثلاثاء(17كانون) تأجيل الانتخابات النيابية في حال استمرار تأخر وصول مشروع الموازنة الى البرلمان.
واشار الخالدي في مؤتمر صحفي الى ان مجلس الوزراء لم يناقش حتى الآن الموازنة، بسبب الخلافات الكبيرة بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان، اضافة الى طلبات المحافظات والوزارات، وان عدم إقرار الموازنة، قد يؤدي الى تأجيل الانتخابات المقبلة، واصفا ذلك بـ"الامر الخطير".
من جانبه لم يُبد مقرر اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب محمه خليل استغرابا من تأخر تقديم الحكومة مشروع الموازنة لاقرارها في البرلمان، فهي نتيجة غياب استراتيجية واضحة للموازنة، وتكرار نفس الأخطاء التي ترافق اعدادها سنويا.
ويُلاحَظ ان من أبرز أسباب تعثر إقرار الموازنة كل عام، هو الخلاف بين الحكومة الاتحادية واقليم كردستان الذي يتلقى نحو 17% من ميزانية العراق سنويًا. لكن خلافاتٍ في التفاصيل وأخرى على عائدات النفط الذي يصدره الإقليم، ودفع مستحقات الشركات الاجنبية التي تنقب عن النفط في الاقليم، فضلا عن تأخر تقديم الحسابات الختامية، تتجدد كل عام مع نقاشات إقرار الميزانية، التي لم يقرها مجلس النواب في موعدها سابقًا.
ويرى الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطوان ان من أسباب فشل تخطيط الموازنات السنوية في العراق انها تعُد على شكل بنود، وليس لمعالجة واهداف استراتيجية، وانها غالبا ما لا تستوفي المناقشة من الجهات التخصصية الكفوءة، لذا تكون نتائجها مشوهة.
تعرّف الموازنة العامة للدولة بانها خطة مستقبلية بأرقام تقديرية لإيرادات ومصروفات فترة مالية قادمة تقدر عادة بعام. فقد تُنفذ الخطط بأرقامها المخططة وقد تزيد وقد تنقص.
الخبير الاقتصادي أنطوان تحدث الى إذاعة العراق الحر بشأن عوامل ضعف تنفيذ الموازنة التي تسببت في فروقات كبيرة بين العجز والفائض في الميزانية يزيد على 30 بالمائة، كاشفاً عن أن هناك حوالي 6800 مشروع كان يفترض إنجازها خلال الفترة السابقة، لم ينجز منها اكثر من 500.
الى ذلك لفت المحلل فلاح المشعل الى ان الموازنة العامة ومناقشتهَا وإقرارَها ملفٌ فشل طرفاه كل عام: الحكومة والبرلمان في حسمه، إذ تفعل المصالح السياسية فعلها في تأخير إقرارها، ولا يُخفي المشعل مخاوفه من احتمال ضلوع "الفساد" كأحد اسباب تأخير الموازنة السنوية في العراق.
يعد العراق من الدول القليلة، التي تنعم بتزايد مطرد لموارده المالية المتأتية من انتاج النفط وبيعه خلال السنوات الأخيرة، لكن تلك الموارد لم تنعكس بإيجابية على واقع حياة اغلب العراقيين، ولم يتحقق الكثير على صعيد معيشة المواطنين، وخدمات البنية التحتية التي تبتعد كثيرا عن مستوى مثيلاتها في دول الجوار.
وتوضح عضوة اللجنة المالية في مجلس محافظة بغداد نوال الاعرجي ان الموازنة المالية لعام 2014ستبلغ 176 ترليون دينار عراقي، لكن توزيعها لن يحقق فرصا إنمائية وخدمية مؤثرة في البلاد، مشيرة الى ان ما يسمى بـ"ميزانية تنمية الأقاليم" لا تسد الحاجة الفعلية لأغلب المحافظات العراقية.
وكثيرا ما رافق تنفيذ المشاريع الاستثمارية، ومشاريع البنى التحتية، انتقاد شديد واتهامات بالتعثر وسوء الإدارة والتنفيذ.
وتقر الاعرجي بان الشركات المنفذة لأغلب مشاريع المحافظات غير كفوءة، في وقت تغيب الشركات الرصينة وذات الخبرة والأجنبية لأسباب متعددة يتصدرها العامل الأمني.
وبعيدا عن المؤثرات السياسية في حركة المشاريع والقرارات المالية والاقتصادية الحاسمة فان الباحث الاقتصادي مثنى جبار يرى ان صانع القرار التنفيذي، خصوصا من لا يمتلك تخصصا وخبرة عملية، كثيرا ما يلجا الى تعطيل الإنجاز بسبب محددات إدارية وفنية، ولا يغفل جبار في حديثه لإذاعة العراق الحر تهم الفساد المالي والإداري التي تطال الكثير من مؤسسات الدولة، مشيرا الى ان تعدد الجهات الرقابية وعدم صرامتها، لم تفلح في الحد من الفساد واجتثاثه.
خبير: ليس بالموارد المالية وحدها يُبنى الاقتصاد
تغلب على تعليقات العراقيين وجدالهم حول الوضع السياسي والمعيشي في البلاد سمة ُ الانتقاد والتشكيك بكفاءة وإخلاص السياسيين والمسؤولين، ففي مقال للكاتب واثق الجابري حول الموازنة العامة أشار الى انه كان من المفترض أن تكمل الحكومة مشروع الموازنة العامة في شهر مايس الماضي، وأن يقرها البرلمان في أيلول الماضي، ولكن يبدو ان السنة الحالية ستنتهي ولم ترسلها الحكومة بعدُ لحسابات حزبية وانتخابية ومزايدات.
ففي الوقت الذي تبلغ ميزانية العراق لعام 2014 عن 150 مليار دولار، تكاد ميزانية سوريا تصل الى حوالي عشرة مليار دولار للعام المقبل، بينما تبلغ ميزانية الأردن للعام الحالي حوالي 10 مليارات ونصف المليار دولار.
ترى لماذا تفشل هذه الموارد الكبيرة في تحقيق ملامح حياة مستقرة وخدمات مناسبة للعراقيين؟ يرى الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطوان ان تخصيصات الموازنة الاستثمارية لم تنجح في تحقيق الكثير، وأن "اكبر فساد هو وضع الأشخاص غير الكفوئين في مواقع المسؤولية. وأن ليس بضخامة الموارد المالية يبنى الاقتصاد المستقر".
ويبدي المحلل السياسي فلاح المشعل قلقه من أن غياب خطط استراتيجية كفوءة لإدارة الموارد المالية بشكل حكيم، لن يتيح للبلاد تنمية اقتصادية وبشرية تناسب الفرصة الحالية، خصوصا وان النفط يكاد يكون المصدر الوحيد للموارد الاقتصادية في ظل ضعف إداء القطاعات الاقتصادية الأخرى.
ومع ان الميزانية العراقية سجلت خلال السنوات العشر الأخيرة زيادات مطردة في مواردها، يحارُ المرءُ عندما يقارنها بميزانيات دول إقليمية أخرى، لم تحض بزيادات مشابهة، لكنها نجحت في تقديم خدمات وتوفير سبل رعاية مستقرة لشعوبها.واكد المشعل ان السياسة "الرشيدة" المستقرة في دول إقليمية ومنها الخليجية نجحت في بناء اقتصاديات قوية.
ساهم في الملف مراسل إذاعة العراق الحر في بغداد سعد كامل