في حال تخلف الولايات المتحدة عن تسديد ديونها فمن شأن ذلك إحداث كارثة في الاقتصاد العالمي. مراسل الإذاعة Charles Recknagel يعرض في تقريره حقائق ازمة سقف الدين الاميركي
ما هي أزمة سقف الدين؟
يحذر مسؤولون أميركيون من أن إخفاق الحكومة في تحقيق زيادة المبالغ التي يحق لها اقتراضها سوف يؤدي إلى حرمانها من إمكانية تسديد جميع المبالغ المستحقة عليها، ما سيتسبب في كارثة لا تصيب الاقتصاد الأميركي فحسب، بل ستصيب ايضا الاقتصاد العالمي.
واعلنت وزارة الخزانة الأميركية إنi fحلول السابع عشر من تشرين الأول الجاري ستكون الحكومة قد استنفذت قدرتها على البقاء دون الحد الأعلى من قروض الحكومة الفدرالية البالغ حاليا بموجب القانون 16.7 تريليون دولار ، ولن يبقى ما لديها من السيولة النقدية غير 30 مليارا، وهو مبلغ لا يكفي لتسديد الرواتب والإعانات في الداخل ولا لتسديد الفوائد المستحقة على قروضها الدولية.
سيكون ذلك وضعا لم يسبق له مثيل، فالولايات المتحدة لم تتخلف عن تسديد ديونها منذ عام 1790 حين كانت دولة فتية. أما اليوم فإنها صاحبة أقوى اقتصاد في العالم, ولديها روابط تجارية واستثمارية بجميع دول العالم، ولم يسبق أبدا لدولة تتمتع بمثل هذه المكانة أن تتخلف في تسديد ديونها.
أما التساؤل الآن فهو هل سيتمكن الحزبان الرئيسيان في اميركا - الديمقراطي بقيادة الرئيس باراك أوباما، والجمهوري المعارض - من الاتفاق على السماح لواشنطن باقتراض المزيد من الأموال كي تتمكن من دفع ما عليها من مستحقات.
الجمهوريون يقولون إنهم على استعداد لرفع سقف الاقتراض بعد أن يتفاوضوا مع الديمقراطيين حول خفض الحكومة للمبالغ التي تنفقها على البرامج الاجتماعية. أما الديمقراطيون فيقولون إنهم سيتفاوضون بعد رفع سقف الاقتراض لأن التفاوض السابق لذلك سيزيد ما يتعرضون إليه من ضغوط إلى درجة لا تطاق.
وهذا يضع الجانبين في مجابهة حاسمة ، مع انعدام الرغبة لدى كل منهما في التنازل للآخر، إلا أنهما يؤكدان في الوقت ذاته بأنهما لن يدعا الحكومة تتخلف في ديونها.
ما هي العواقب المتوقعة للاقتصاد العالمي في حال تخلفت واشنطن؟
من بين أوائل المتأثرين ستكون الدول والمؤسسات والصناديق المالية التي اشترت سندات الائتمان الأميركية باعتبارها الوسيلة الأمثل للاحتفاظ بأموالها ولتحقيق الفوائد. ويوضح Ethan Ilzeltski - أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد في لندن قائلا:
"لو تخلفت الخزانة بشكل كامل عما يترتب عليها، فما من شك في حدوث فوضى هائلة في الأسواق المالية. فتلك السندات تمثل احتياطيات العديد من المصارف الخاصة والبنوك المركزية. ولو تعرضت قيمتها إلى هبوط حاد فمن الصعب التكهن حول التداعيات".
ومن بعض هذه التداعيات: ان وكالات التقييم الدولية ستقوم على الفور بخفض درجات تقييمها الائتماني للمصارف المحتفظة بسندات الخزانة الأميركية، ما سيزيد من صعوبة حصولها على القروض التي تحتاجها للاستمرار في عملها.
المصارف ذات الأصول المنخفضة ستلجأ بدرجة كبيرة إلى خفض المبالغ التي تقرضها، ما سيؤدي إلى تجميد القروض المتاحة لنشاطات العمل حول العالم.
الدولار سيتعرض إلى انخفاض حاد في قيمته، ما سيحدث إرباكا كبيرا في أسواق تجارة المواد المرتبطة بالدولار، مثل الذهب والنفط. كما سيتراجع الاقتصاد في الولايات المتحدة والدول ذات الصلات الاقتصادية الوثيقة معها إلى التباطؤ وحتى إلى التراجع.
أما اكبر دولتين دائنتين لاميركا وهما اليابان والصين فلقد صدرت عنهما إشارات فزع حقيقي إزاء التخلف الأميركي المحتمل، كما حذر مسؤولون في كل من الدولتين من حدوث الفوضى في الأسواق في حال إخفاق واشنطن في إيجاد حل سريع للأزمة.
ما الذي يؤجج أزمة سقف الاقتراض؟
لقد اعتاد العالم خلال السنوات الأخيرة على حدوث أزمات اقتراض، وهي تعبث ببعض الدول الغربية، غير أن الأزمات التي أصابت اليونان وأسبانيا والبرتغال فلقد تحكمت بها عوامل اقتصادية، بينما الأزمة في الولايات المتحدة ناجمة عن عراك سياسي.
Johannes Thimm - الخبير في علاقات جانبي المحيط الأطلسي لدى المعهد الألماني للشئون الدولية والأمنية في برلين - يقول:
"إنها تشبه الأزمة المنزلية. يمكنك القول إما أن الأمر يتعلق بكون دين الولايات المتحدة قد تجاوز حد تناسبه مع إجمالي الناتج القومي، أو أن الموازنة العامة هي السبب، أو ما شابه ذلك، إلا أن السبب الحالي يعود إلى الأزمة الخانقة في واشنطن وليس إلى تراجع ثقة الأسواق إزاء قدرة الأميركيين على تسديد فوائد ديونهم.
ويصف Matthew Elliot - مؤسس تحالف دافعي الضرائب في المملكة المتحدة الخلاف السياسي في الولايات المتحدة على النحو التالي:
"هنالك الديمقراطيون وبعض أعضاء الحزب الجمهوري يعتبرون أننا مررنا بقترة تقشف ما يجعل المزيد منه مؤثرا سلبيا على اقتصادنا، ما يحتم على الحكومة أن تستمر في إنفاقها وأن ترفع سقف الاقتراض. من الجهة الأخرى لدينا الجمهوريون الذين يروجون لاقتصاد السوق الحر وهم يعتبرون أننا لم نتعرض إلى أي تقشف خطير إلا أننا ما زلنا نتعامل مع عجز هائل كل سنة، ما يزيد من حجم ديوننا القومية فعلينا بالتالي أن نخفض إنفاقنا بدرجة كبيرة".
هل يمكن العثور على حل سياسي للأزمة؟
العديد من المراقبين يتوقعون زوال المجابهة كما حصل في الأزمة السابقة في 2011، حين توصل الحزبان في اللحظة الأخيرة إلى اتفاق على خفض بعض النفقات وعلى رفع سقف الاقتراض، ما جعل تفادي التخلف آن ذاك.
غير أن المشاعر المحيطة بالأزمة الحالية تفوق في حدتها تلك ألتي كانت سائدة منذ ثلاث سنوات، فلقد ظهرت أزمة سقف الاقتراض في الوقت الذي أسفر فيه الخلاف المستعصي بين الحزبين عن فرض توقف جزئي لأعمال الحكومة منذ مطلع تشرين الاول الحالي لكونهما فشلا في الاتفاق على موازنة الحكومة المقترحة للسنة المالية الجديدة. برغم ذلك - ولكون الأزمة داخلية في جوهرها - فيمكن للولايات المتحدة أن تخرج منها من خلال موافقة كلا الحزبين على بعض التنازلات التوافقية، وإن كان الأرجح يشير أن ذلك لن يتحقق إلا في اللحظة الأخيرة وبعد مفاوضات مضنية.
هل يمكن أن يلحق الضرر بالاقتصاد الأميركي حتى في حال تفادي الأزمة؟
إنه احتمال حقيقي، فلقد خفضت مؤسسة Standard & Poor's تقييمها الائتماني للولايات المتحدة في آب 2011 من المستوى الأعلى (AAA) إلى المستوى الثاني (AA+) في أعقاب معركة واشنطن الأخيرة حول سقف الاقتراض.، ما أفقدها شيئا من ثقة مجتمع الاستمارات الدولي حول استمرار بقاء أميركا دولة تفي دائما بتسديد ما عليها في المواعيد المحددة، مهما اجتاحها من خلافات سياسية.
ويقول Ilzeltski إن الصراع السياسي المتواصل - كما يجري حاليا في واشنطن - لن يساهم إلا في المزيد من التآكل في ثقة المستثمرين مع مرور الزمن، بما في ذلك الثقة بالدولار كعملة الاحتياطيات الدولية:
"سيأتي اليوم - سواء بعد عشر سنوات أو عشرين أو حتى خمسين - الذي سيفقد فيه الدولار مكانته لصالح عملة أخرى، أي ربما اليورو أو اليوان الصيني أو غيرهما من العملات. ليس لديّ شك من أن التاريخ حين يدوّن بعد عدة عقود من الزمن سيحمل الصراعات الجارية الآن في واشنطن المسؤولية عن ذلك".
ما هي أزمة سقف الدين؟
يحذر مسؤولون أميركيون من أن إخفاق الحكومة في تحقيق زيادة المبالغ التي يحق لها اقتراضها سوف يؤدي إلى حرمانها من إمكانية تسديد جميع المبالغ المستحقة عليها، ما سيتسبب في كارثة لا تصيب الاقتصاد الأميركي فحسب، بل ستصيب ايضا الاقتصاد العالمي.
واعلنت وزارة الخزانة الأميركية إنi fحلول السابع عشر من تشرين الأول الجاري ستكون الحكومة قد استنفذت قدرتها على البقاء دون الحد الأعلى من قروض الحكومة الفدرالية البالغ حاليا بموجب القانون 16.7 تريليون دولار ، ولن يبقى ما لديها من السيولة النقدية غير 30 مليارا، وهو مبلغ لا يكفي لتسديد الرواتب والإعانات في الداخل ولا لتسديد الفوائد المستحقة على قروضها الدولية.
سيكون ذلك وضعا لم يسبق له مثيل، فالولايات المتحدة لم تتخلف عن تسديد ديونها منذ عام 1790 حين كانت دولة فتية. أما اليوم فإنها صاحبة أقوى اقتصاد في العالم, ولديها روابط تجارية واستثمارية بجميع دول العالم، ولم يسبق أبدا لدولة تتمتع بمثل هذه المكانة أن تتخلف في تسديد ديونها.
أما التساؤل الآن فهو هل سيتمكن الحزبان الرئيسيان في اميركا - الديمقراطي بقيادة الرئيس باراك أوباما، والجمهوري المعارض - من الاتفاق على السماح لواشنطن باقتراض المزيد من الأموال كي تتمكن من دفع ما عليها من مستحقات.
الجمهوريون يقولون إنهم على استعداد لرفع سقف الاقتراض بعد أن يتفاوضوا مع الديمقراطيين حول خفض الحكومة للمبالغ التي تنفقها على البرامج الاجتماعية. أما الديمقراطيون فيقولون إنهم سيتفاوضون بعد رفع سقف الاقتراض لأن التفاوض السابق لذلك سيزيد ما يتعرضون إليه من ضغوط إلى درجة لا تطاق.
وهذا يضع الجانبين في مجابهة حاسمة ، مع انعدام الرغبة لدى كل منهما في التنازل للآخر، إلا أنهما يؤكدان في الوقت ذاته بأنهما لن يدعا الحكومة تتخلف في ديونها.
ما هي العواقب المتوقعة للاقتصاد العالمي في حال تخلفت واشنطن؟
من بين أوائل المتأثرين ستكون الدول والمؤسسات والصناديق المالية التي اشترت سندات الائتمان الأميركية باعتبارها الوسيلة الأمثل للاحتفاظ بأموالها ولتحقيق الفوائد. ويوضح Ethan Ilzeltski - أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد في لندن قائلا:
"لو تخلفت الخزانة بشكل كامل عما يترتب عليها، فما من شك في حدوث فوضى هائلة في الأسواق المالية. فتلك السندات تمثل احتياطيات العديد من المصارف الخاصة والبنوك المركزية. ولو تعرضت قيمتها إلى هبوط حاد فمن الصعب التكهن حول التداعيات".
ومن بعض هذه التداعيات: ان وكالات التقييم الدولية ستقوم على الفور بخفض درجات تقييمها الائتماني للمصارف المحتفظة بسندات الخزانة الأميركية، ما سيزيد من صعوبة حصولها على القروض التي تحتاجها للاستمرار في عملها.
المصارف ذات الأصول المنخفضة ستلجأ بدرجة كبيرة إلى خفض المبالغ التي تقرضها، ما سيؤدي إلى تجميد القروض المتاحة لنشاطات العمل حول العالم.
الدولار سيتعرض إلى انخفاض حاد في قيمته، ما سيحدث إرباكا كبيرا في أسواق تجارة المواد المرتبطة بالدولار، مثل الذهب والنفط. كما سيتراجع الاقتصاد في الولايات المتحدة والدول ذات الصلات الاقتصادية الوثيقة معها إلى التباطؤ وحتى إلى التراجع.
أما اكبر دولتين دائنتين لاميركا وهما اليابان والصين فلقد صدرت عنهما إشارات فزع حقيقي إزاء التخلف الأميركي المحتمل، كما حذر مسؤولون في كل من الدولتين من حدوث الفوضى في الأسواق في حال إخفاق واشنطن في إيجاد حل سريع للأزمة.
ما الذي يؤجج أزمة سقف الاقتراض؟
لقد اعتاد العالم خلال السنوات الأخيرة على حدوث أزمات اقتراض، وهي تعبث ببعض الدول الغربية، غير أن الأزمات التي أصابت اليونان وأسبانيا والبرتغال فلقد تحكمت بها عوامل اقتصادية، بينما الأزمة في الولايات المتحدة ناجمة عن عراك سياسي.
Johannes Thimm - الخبير في علاقات جانبي المحيط الأطلسي لدى المعهد الألماني للشئون الدولية والأمنية في برلين - يقول:
"إنها تشبه الأزمة المنزلية. يمكنك القول إما أن الأمر يتعلق بكون دين الولايات المتحدة قد تجاوز حد تناسبه مع إجمالي الناتج القومي، أو أن الموازنة العامة هي السبب، أو ما شابه ذلك، إلا أن السبب الحالي يعود إلى الأزمة الخانقة في واشنطن وليس إلى تراجع ثقة الأسواق إزاء قدرة الأميركيين على تسديد فوائد ديونهم.
ويصف Matthew Elliot - مؤسس تحالف دافعي الضرائب في المملكة المتحدة الخلاف السياسي في الولايات المتحدة على النحو التالي:
"هنالك الديمقراطيون وبعض أعضاء الحزب الجمهوري يعتبرون أننا مررنا بقترة تقشف ما يجعل المزيد منه مؤثرا سلبيا على اقتصادنا، ما يحتم على الحكومة أن تستمر في إنفاقها وأن ترفع سقف الاقتراض. من الجهة الأخرى لدينا الجمهوريون الذين يروجون لاقتصاد السوق الحر وهم يعتبرون أننا لم نتعرض إلى أي تقشف خطير إلا أننا ما زلنا نتعامل مع عجز هائل كل سنة، ما يزيد من حجم ديوننا القومية فعلينا بالتالي أن نخفض إنفاقنا بدرجة كبيرة".
هل يمكن العثور على حل سياسي للأزمة؟
العديد من المراقبين يتوقعون زوال المجابهة كما حصل في الأزمة السابقة في 2011، حين توصل الحزبان في اللحظة الأخيرة إلى اتفاق على خفض بعض النفقات وعلى رفع سقف الاقتراض، ما جعل تفادي التخلف آن ذاك.
غير أن المشاعر المحيطة بالأزمة الحالية تفوق في حدتها تلك ألتي كانت سائدة منذ ثلاث سنوات، فلقد ظهرت أزمة سقف الاقتراض في الوقت الذي أسفر فيه الخلاف المستعصي بين الحزبين عن فرض توقف جزئي لأعمال الحكومة منذ مطلع تشرين الاول الحالي لكونهما فشلا في الاتفاق على موازنة الحكومة المقترحة للسنة المالية الجديدة. برغم ذلك - ولكون الأزمة داخلية في جوهرها - فيمكن للولايات المتحدة أن تخرج منها من خلال موافقة كلا الحزبين على بعض التنازلات التوافقية، وإن كان الأرجح يشير أن ذلك لن يتحقق إلا في اللحظة الأخيرة وبعد مفاوضات مضنية.
هل يمكن أن يلحق الضرر بالاقتصاد الأميركي حتى في حال تفادي الأزمة؟
إنه احتمال حقيقي، فلقد خفضت مؤسسة Standard & Poor's تقييمها الائتماني للولايات المتحدة في آب 2011 من المستوى الأعلى (AAA) إلى المستوى الثاني (AA+) في أعقاب معركة واشنطن الأخيرة حول سقف الاقتراض.، ما أفقدها شيئا من ثقة مجتمع الاستمارات الدولي حول استمرار بقاء أميركا دولة تفي دائما بتسديد ما عليها في المواعيد المحددة، مهما اجتاحها من خلافات سياسية.
ويقول Ilzeltski إن الصراع السياسي المتواصل - كما يجري حاليا في واشنطن - لن يساهم إلا في المزيد من التآكل في ثقة المستثمرين مع مرور الزمن، بما في ذلك الثقة بالدولار كعملة الاحتياطيات الدولية:
"سيأتي اليوم - سواء بعد عشر سنوات أو عشرين أو حتى خمسين - الذي سيفقد فيه الدولار مكانته لصالح عملة أخرى، أي ربما اليورو أو اليوان الصيني أو غيرهما من العملات. ليس لديّ شك من أن التاريخ حين يدوّن بعد عدة عقود من الزمن سيحمل الصراعات الجارية الآن في واشنطن المسؤولية عن ذلك".