رحّـبت بغداد بأجواء الانفتاح التي تشهدها علاقات طهران مع واشنطن إثر الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس باراك أوباما مع نظيره الإيراني حسن روحاني.
المحادثة الهاتفية التي وُصفت بالتاريخية كانت الأولى من نوعها بين رئيسيْ الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ عام 1979. وأعلن أوباما الجمعة إثر الاتصال أنه وروحاني أصـدَرا تعليمات لفريقيهما بالعمل على وجه السرعة لإنجاز اتفاق بشأن برنامج إيران النووي، مضيفاً القول في تصريحاتٍ أدلى بها في البيت الأبيض:
"أعتقد أن هناك أساساً للتوصل إلى حل. لقد أصدر المرشد الأعلى في إيران فتوى ضد تطوير الأسلحة النووية فيما أشار الرئيس روحاني إلى أن إيران لن تطوّر أسلحة نووية أبداً. ولقد أوضحتُ أننا نحترم حق الشعب الإيراني في الوصول إلى الطاقة النووية السلمية في إطار وفاء إيران بالتزاماتها"، على حد تعبير الرئيس الأميركي.
وكان روحاني الذي تولى رئاسة بلاده رسمياً الشهر الماضي عَـبّر في مؤتمر صحفي في نيويورك في وقتٍ سابقٍ الجمعة عن أمله في أن تؤدي المحادثات النووية مع الولايات المتحدة والقوى الأخرى إلى ما وصَفها بـ"نتائج ملموسة خلال فترة وجيزة". وأضاف أنه سيقدم خطة إيران لحل الخلاف حول برنامجها النووي خلال اجتماع سينعقد في جنيف مع القوى العالمية السـت أو ما تُعرف بمجموعة (5 +1) في تشرين الأول، مكرراً القول إن طموحات طهران النووية "سلمية" تماماً.
وفي أول رد فعل رسمي من بغداد على المحادثة الهاتفية بين الرئيسين الأميركي والإيراني، قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إنه يُـثـمّن توجّهات واشنطن وطهران نحو إيجاد "حلول سلمية على أساس المصالح المشتركة بين البلدين وإنهاء حالات التوتر التي تدفع ثمنها المنطقة والعالم." وأضاف في تصريح صحفي نُشر على موقعه الإلكتروني السبت (28 أيلول) "لقد كانت لنا محاولات في هذا الشأن انطلاقاً من إيماننا أن إيجاد حل للمشاكل العالقة بين الدولتين هو لصالح الدولتين ولصالح المنطقة والعالم، وكان قد عقد في بغداد لقاءان بين فريقين أميركي وإيراني وتم التداول بحضور الطرف الثالث متمثلاً بالعراق"، على حد تعبيره.
كما أشار المالكي أيضاً إلى استضافة بغداد "اجتماعات (5 +1) لمناقشة موضوع الملف النووي الإيراني، وكان جواً إيجابياً آنذاك"، مضيفاً أن "ما حصل أخيراً في الأمم المتحدة وفي أجواء انعقاد الجمعية العمومية ومن اتصال هاتفي، ولقاء بين وزيريْ خارجية البلدين، وما صدر من تصريحات" هي تطورات تبعث على التفاؤل. وأعلن المالكي استعداد العراق "لـلعب الدور المطلوب لإنجاح هذا التوجّه المعتدل، هذا التوجه الذي نتمنى أن يسود كل علاقات دول المنطقة والعالم"، واصِـفاً ما حدثَ بين طهران وواشنطن بأنه "اختراق كبير لحالة من الجمود" ومعتبراً أن "هذا الاختراق يعد انتصاراً لإرادة الأمم في إيجاد علاقات تعاون وتكامل وحلول للمشاكل العالقة سنجني ثمارها في كل المنطقة والعالم"، بحسب تعبير رئيس الوزراء العراقي.
يُـشار في هذا السياق إلى تصريحاتٍ أدلى بها نائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي في وقت سابق من الشهر الحالي (16 أيلول) وقال فيها إن القوى الغربية طلبت منه أن يكون وسيطاً بينها وبين إيران في شأن ملف طهران النووي وأنه قبل المهمة وطَـلَب "من الغرب تقديم بعض التنازلات لإيران باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق أي تقدم في المفاوضات بين الطرفين."
أما وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري فقد اعتبرَ أن حكومة إيران خلال عهد رئيسها الجديد حسن روحاني تقدم "أفضل فرصة بعد 34 عاماً من العداء" لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة وينبغي أن تؤخذ على محمل الجد.
وأضاف زيباري في مقابلة أجرتها معه وكالة أسوشييتد برس للأنباء في نيويورك السبت أنه يعمل خلف الكواليس لمحاولة توحيد جماعات المعارضة السورية المتباينة قبل مؤتمرِ سلامٍ في تشرين الثاني وللترويج لذوبان الجليد في العلاقات الأميركية الإيرانية.
وفي عرضها للتصريحات، قالت أسوشييتد برس إن العراق يحتل "موقفاً فريداً من نوعه في الشرق الأوسط" بوجودِ حكومةٍ لها علاقات مريحة مع إيران المتحالفة مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد. ونقلت عن زيباري قوله إن لبغداد أيضاً "علاقات جيدة مع كلا طرفيْ الصراع السوري" فضلاً عن علاقاتها الوثيقة مع واشنطن بعد عشر سنوات من الحرب التي قادتها الولايات المتحدة وأطاحت نظام صدام حسين. وكَشـفَ أن العراق أجرى العديد من المناقشات منذ انتخابات حزيران التي فاز فيها روحاني، مضيفاً "لا أزعم أن دورنا كان حاسماً أو جوهرياً ولكنه كان مُـساعِـداً"، بحسب تعبير وزير الخارجية العراقي.
من جهته، اتـفقَ السفير الأميركي الأسبق في العراق رايان كروكر
Ryan Crocker الذي رَأسَ بعثة بلاده في بغداد بين عاميْ 2007 و2009 اتفقَ مع ما ذهبَ إليه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأن التطورات الأخيرة في علاقات واشنطن وطهران تبعث على التفاؤل.
وقال كروكر في مقابلةٍ أجراها معه مراسل إذاعة أوروبا الحرة/ إذاعة الحرية ريتشارد سولاش Richard Solash إثر لقاءات خاصة عقدها الأسبوع الماضي مع مسؤولين إيرانيين كبار في نيويورك خلال دعوةٍ تلقاها من البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة "أعتقد أن الأسبوع كان جيداً فيما يتعلق بما يمكن تحقيقه مع الإيرانيين، وعلينا الآن أن نرى ما يمكن تبنيه وتنفيذه. البعض وصف أداء الرئيس الإيراني بأنه بمثابة حملة تجميل ولكنني أعتبرها تتجاوز ذلك رغم عدم بلوغها حد التعهدات المحددة. الساحة الآن ينبعث منها تفاؤل لم أرَه من قبل، ولكننا بحاجة إلى ترجمة تعهد الرئيس روحاني إلى تقديم جميع الضمانات المطلوبة من قبل المجتمع الدولي بأن إيران لا تسعى بأي شكل من الأشكال لتنفيذ برنامج أسلحة نووية. وسوف يتطلب الأمر الكثير من المفاوضات المضنية في ظل كل تلك الشكوك التي برزت في الماضي. لقد استمعتُ في نيويورك إلى بعض الإيرانيين وهم يتحدثون عن طرح مقترحات تهدف إلى تبديد المخاوف الغربية تجاه برنامجهم النووي، وسوف نرى إن كانوا سيفون بذلك. إنها بداية جيدة، ولكنها مجرد بداية"، بحسب تعبيره.
وفي ردّه على سؤال حول انعكاسات الانفتاح بين واشنطن وطهران على منطقة الشرق الأوسط وعلى العراق وأفغانستان تحديداً، قال كروكر "أعتقد أن كلتا هاتين الدولتين اللتين كنت سفيراً لبلادي فيهما سترحبان بذلك بحرارة. العراقيون يشعرون باستمرار بأنهم في وضع صعب بين الولايات المتحدة وإيران، كما لديهم بالطبع تاريخهم ومشكلاتهم مع إيران التي هي دون شك دولة مهمة تقع مباشرة على حدودهم. أنا واثق بدرجة كبيرة وبالاستناد إلى ما كنت أسمعه منهم بأن الانفراج بين الولايات المتحدة وإيران سيزيح عنهم عبئاً ثقيلاً. وكذلك الحال في أفغانستان حيث كانت السلطات الأفغانية ترحب بجميع اتصالاتنا مع الإيرانيين حول ما يمكننا القيام به من أجل استقرار أفغانستان. إلا أن هناك دولاً أخرى في المنطقة ربما يكون لديها ما يقلقها، وفي حال تحقيق الانفراج سيترتب علينا بذل جهود للتوضيح بأن أي تفاهم بيننا والإيرانيين سينصب في صالح استقرار المنطقة ككل وليس في أي محور جديد يبرر قلق إسرائيل أو العرب أو أي جهات أخرى"، على حد تعبير السفير الأميركي الأسبق في العراق رايان كروكر.
وفي تحليله لانعكاسات الانفتاح الأخير بين واشنطن وطهران على العراق والمنطقة إثر الاتصال الهاتفي "التاريخي" بين أوباما وروحاني، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور علي الجبوري لإذاعة العراق الحر "إن مقدمات هذه المكالمة الهاتفية وهذه النقلة الإيجابية في العلاقات الأميركية الإيرانية بدأت منذ ظهور نتائج الانتخابات في إيران وفوز الإصلاحيين بقيادة الرئيس روحاني إذ كانت هناك توقعات وأمنيات بأن يؤشر الفوز إلى بداية جديدة لانفتاح العلاقات بين البلدين من خلال مواقف أكثر إيجابية وأكثر موضوعية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية ومصالحها في المنطقة من قِبل إيران بعد فترة طويلة من التشدد والتوتر الكبير."
وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، أعرب الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي عن اعتقاده بأن انفتاح واشنطن- طهران "ستكون له انعكاسات إيجابية على العراق لأسباب متعددة"، بحسب تعبيره. كما أجاب الجبوري عن سؤال آخر يتعلق بتأثير الانفتاح بين الولايات المتحدة وإيران على الأزمة السورية بشكلٍ خاص.
من جهته، أعرب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات العربية المتحدة الدكتور محمد بن هويدن عن اعتقاده بأن "الانفتاح الدبلوماسي بين الولايات المتحدة وإيران من شأنه أن يخلق نوعاً من روح التفاؤل لا سيما وأن إيران دولة محورية في المنطقة مثلما أن الولايات المتحدة هي أيضاً دولة محورية في المنطقة بمصالحها ووجودها، وبالتالي فإن أي توتر بين هذين الطرفين يؤثر في مجريات أو معطيات الشؤون الإقليمية." وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، أشار الأكاديمي والمحلل السياسي الإماراتي بن هويدن إلى وجهتيْ نظر في المنطقة إزاء انفتاح واشنطن –طهران، الأولى ترى ضرورة استمرار هذا التوجّه من أجل خلق "أجواء مريحة وبعيدة عن التوتر". أما وجهة النظر الثانية فهي ترى أن تقارب طهران من واشنطن ليس إستراتيجياً بقدر ما هو تكتيكي بعدما تـسببّت به الضغوط الغربية جراء برنامجها النووي من "أضرار على الاقتصاد الإيراني ومكانتها الإقليمية وتخوّفها من ذهاب نظام الأسد وبالتالي فهي تكتيكياً تتجه إلى الولايات المتحدة لحفظ ماء الوجه ولحفظ مصالحها في المنطقة وأن هذا الأمر لن يؤدي إلى تغيير استراتيجي في سياسة إيران ما يَـعني أنّ حالة التوتر وإنْ كانت ستهدأ إلا أنها ستبقى مستمرة تحت الطاولة"، بحسب رأيه.
المحادثة الهاتفية التي وُصفت بالتاريخية كانت الأولى من نوعها بين رئيسيْ الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ عام 1979. وأعلن أوباما الجمعة إثر الاتصال أنه وروحاني أصـدَرا تعليمات لفريقيهما بالعمل على وجه السرعة لإنجاز اتفاق بشأن برنامج إيران النووي، مضيفاً القول في تصريحاتٍ أدلى بها في البيت الأبيض:
"أعتقد أن هناك أساساً للتوصل إلى حل. لقد أصدر المرشد الأعلى في إيران فتوى ضد تطوير الأسلحة النووية فيما أشار الرئيس روحاني إلى أن إيران لن تطوّر أسلحة نووية أبداً. ولقد أوضحتُ أننا نحترم حق الشعب الإيراني في الوصول إلى الطاقة النووية السلمية في إطار وفاء إيران بالتزاماتها"، على حد تعبير الرئيس الأميركي.
وكان روحاني الذي تولى رئاسة بلاده رسمياً الشهر الماضي عَـبّر في مؤتمر صحفي في نيويورك في وقتٍ سابقٍ الجمعة عن أمله في أن تؤدي المحادثات النووية مع الولايات المتحدة والقوى الأخرى إلى ما وصَفها بـ"نتائج ملموسة خلال فترة وجيزة". وأضاف أنه سيقدم خطة إيران لحل الخلاف حول برنامجها النووي خلال اجتماع سينعقد في جنيف مع القوى العالمية السـت أو ما تُعرف بمجموعة (5 +1) في تشرين الأول، مكرراً القول إن طموحات طهران النووية "سلمية" تماماً.
وفي أول رد فعل رسمي من بغداد على المحادثة الهاتفية بين الرئيسين الأميركي والإيراني، قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إنه يُـثـمّن توجّهات واشنطن وطهران نحو إيجاد "حلول سلمية على أساس المصالح المشتركة بين البلدين وإنهاء حالات التوتر التي تدفع ثمنها المنطقة والعالم." وأضاف في تصريح صحفي نُشر على موقعه الإلكتروني السبت (28 أيلول) "لقد كانت لنا محاولات في هذا الشأن انطلاقاً من إيماننا أن إيجاد حل للمشاكل العالقة بين الدولتين هو لصالح الدولتين ولصالح المنطقة والعالم، وكان قد عقد في بغداد لقاءان بين فريقين أميركي وإيراني وتم التداول بحضور الطرف الثالث متمثلاً بالعراق"، على حد تعبيره.
كما أشار المالكي أيضاً إلى استضافة بغداد "اجتماعات (5 +1) لمناقشة موضوع الملف النووي الإيراني، وكان جواً إيجابياً آنذاك"، مضيفاً أن "ما حصل أخيراً في الأمم المتحدة وفي أجواء انعقاد الجمعية العمومية ومن اتصال هاتفي، ولقاء بين وزيريْ خارجية البلدين، وما صدر من تصريحات" هي تطورات تبعث على التفاؤل. وأعلن المالكي استعداد العراق "لـلعب الدور المطلوب لإنجاح هذا التوجّه المعتدل، هذا التوجه الذي نتمنى أن يسود كل علاقات دول المنطقة والعالم"، واصِـفاً ما حدثَ بين طهران وواشنطن بأنه "اختراق كبير لحالة من الجمود" ومعتبراً أن "هذا الاختراق يعد انتصاراً لإرادة الأمم في إيجاد علاقات تعاون وتكامل وحلول للمشاكل العالقة سنجني ثمارها في كل المنطقة والعالم"، بحسب تعبير رئيس الوزراء العراقي.
يُـشار في هذا السياق إلى تصريحاتٍ أدلى بها نائب الرئيس العراقي خضير الخزاعي في وقت سابق من الشهر الحالي (16 أيلول) وقال فيها إن القوى الغربية طلبت منه أن يكون وسيطاً بينها وبين إيران في شأن ملف طهران النووي وأنه قبل المهمة وطَـلَب "من الغرب تقديم بعض التنازلات لإيران باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق أي تقدم في المفاوضات بين الطرفين."
أما وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري فقد اعتبرَ أن حكومة إيران خلال عهد رئيسها الجديد حسن روحاني تقدم "أفضل فرصة بعد 34 عاماً من العداء" لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة وينبغي أن تؤخذ على محمل الجد.
وأضاف زيباري في مقابلة أجرتها معه وكالة أسوشييتد برس للأنباء في نيويورك السبت أنه يعمل خلف الكواليس لمحاولة توحيد جماعات المعارضة السورية المتباينة قبل مؤتمرِ سلامٍ في تشرين الثاني وللترويج لذوبان الجليد في العلاقات الأميركية الإيرانية.
وفي عرضها للتصريحات، قالت أسوشييتد برس إن العراق يحتل "موقفاً فريداً من نوعه في الشرق الأوسط" بوجودِ حكومةٍ لها علاقات مريحة مع إيران المتحالفة مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد. ونقلت عن زيباري قوله إن لبغداد أيضاً "علاقات جيدة مع كلا طرفيْ الصراع السوري" فضلاً عن علاقاتها الوثيقة مع واشنطن بعد عشر سنوات من الحرب التي قادتها الولايات المتحدة وأطاحت نظام صدام حسين. وكَشـفَ أن العراق أجرى العديد من المناقشات منذ انتخابات حزيران التي فاز فيها روحاني، مضيفاً "لا أزعم أن دورنا كان حاسماً أو جوهرياً ولكنه كان مُـساعِـداً"، بحسب تعبير وزير الخارجية العراقي.
من جهته، اتـفقَ السفير الأميركي الأسبق في العراق رايان كروكر
Ryan Crocker الذي رَأسَ بعثة بلاده في بغداد بين عاميْ 2007 و2009 اتفقَ مع ما ذهبَ إليه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأن التطورات الأخيرة في علاقات واشنطن وطهران تبعث على التفاؤل.
وقال كروكر في مقابلةٍ أجراها معه مراسل إذاعة أوروبا الحرة/ إذاعة الحرية ريتشارد سولاش Richard Solash إثر لقاءات خاصة عقدها الأسبوع الماضي مع مسؤولين إيرانيين كبار في نيويورك خلال دعوةٍ تلقاها من البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة "أعتقد أن الأسبوع كان جيداً فيما يتعلق بما يمكن تحقيقه مع الإيرانيين، وعلينا الآن أن نرى ما يمكن تبنيه وتنفيذه. البعض وصف أداء الرئيس الإيراني بأنه بمثابة حملة تجميل ولكنني أعتبرها تتجاوز ذلك رغم عدم بلوغها حد التعهدات المحددة. الساحة الآن ينبعث منها تفاؤل لم أرَه من قبل، ولكننا بحاجة إلى ترجمة تعهد الرئيس روحاني إلى تقديم جميع الضمانات المطلوبة من قبل المجتمع الدولي بأن إيران لا تسعى بأي شكل من الأشكال لتنفيذ برنامج أسلحة نووية. وسوف يتطلب الأمر الكثير من المفاوضات المضنية في ظل كل تلك الشكوك التي برزت في الماضي. لقد استمعتُ في نيويورك إلى بعض الإيرانيين وهم يتحدثون عن طرح مقترحات تهدف إلى تبديد المخاوف الغربية تجاه برنامجهم النووي، وسوف نرى إن كانوا سيفون بذلك. إنها بداية جيدة، ولكنها مجرد بداية"، بحسب تعبيره.
وفي ردّه على سؤال حول انعكاسات الانفتاح بين واشنطن وطهران على منطقة الشرق الأوسط وعلى العراق وأفغانستان تحديداً، قال كروكر "أعتقد أن كلتا هاتين الدولتين اللتين كنت سفيراً لبلادي فيهما سترحبان بذلك بحرارة. العراقيون يشعرون باستمرار بأنهم في وضع صعب بين الولايات المتحدة وإيران، كما لديهم بالطبع تاريخهم ومشكلاتهم مع إيران التي هي دون شك دولة مهمة تقع مباشرة على حدودهم. أنا واثق بدرجة كبيرة وبالاستناد إلى ما كنت أسمعه منهم بأن الانفراج بين الولايات المتحدة وإيران سيزيح عنهم عبئاً ثقيلاً. وكذلك الحال في أفغانستان حيث كانت السلطات الأفغانية ترحب بجميع اتصالاتنا مع الإيرانيين حول ما يمكننا القيام به من أجل استقرار أفغانستان. إلا أن هناك دولاً أخرى في المنطقة ربما يكون لديها ما يقلقها، وفي حال تحقيق الانفراج سيترتب علينا بذل جهود للتوضيح بأن أي تفاهم بيننا والإيرانيين سينصب في صالح استقرار المنطقة ككل وليس في أي محور جديد يبرر قلق إسرائيل أو العرب أو أي جهات أخرى"، على حد تعبير السفير الأميركي الأسبق في العراق رايان كروكر.
وفي تحليله لانعكاسات الانفتاح الأخير بين واشنطن وطهران على العراق والمنطقة إثر الاتصال الهاتفي "التاريخي" بين أوباما وروحاني، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور علي الجبوري لإذاعة العراق الحر "إن مقدمات هذه المكالمة الهاتفية وهذه النقلة الإيجابية في العلاقات الأميركية الإيرانية بدأت منذ ظهور نتائج الانتخابات في إيران وفوز الإصلاحيين بقيادة الرئيس روحاني إذ كانت هناك توقعات وأمنيات بأن يؤشر الفوز إلى بداية جديدة لانفتاح العلاقات بين البلدين من خلال مواقف أكثر إيجابية وأكثر موضوعية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية ومصالحها في المنطقة من قِبل إيران بعد فترة طويلة من التشدد والتوتر الكبير."
وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، أعرب الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي عن اعتقاده بأن انفتاح واشنطن- طهران "ستكون له انعكاسات إيجابية على العراق لأسباب متعددة"، بحسب تعبيره. كما أجاب الجبوري عن سؤال آخر يتعلق بتأثير الانفتاح بين الولايات المتحدة وإيران على الأزمة السورية بشكلٍ خاص.
من جهته، أعرب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات العربية المتحدة الدكتور محمد بن هويدن عن اعتقاده بأن "الانفتاح الدبلوماسي بين الولايات المتحدة وإيران من شأنه أن يخلق نوعاً من روح التفاؤل لا سيما وأن إيران دولة محورية في المنطقة مثلما أن الولايات المتحدة هي أيضاً دولة محورية في المنطقة بمصالحها ووجودها، وبالتالي فإن أي توتر بين هذين الطرفين يؤثر في مجريات أو معطيات الشؤون الإقليمية." وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي، أشار الأكاديمي والمحلل السياسي الإماراتي بن هويدن إلى وجهتيْ نظر في المنطقة إزاء انفتاح واشنطن –طهران، الأولى ترى ضرورة استمرار هذا التوجّه من أجل خلق "أجواء مريحة وبعيدة عن التوتر". أما وجهة النظر الثانية فهي ترى أن تقارب طهران من واشنطن ليس إستراتيجياً بقدر ما هو تكتيكي بعدما تـسببّت به الضغوط الغربية جراء برنامجها النووي من "أضرار على الاقتصاد الإيراني ومكانتها الإقليمية وتخوّفها من ذهاب نظام الأسد وبالتالي فهي تكتيكياً تتجه إلى الولايات المتحدة لحفظ ماء الوجه ولحفظ مصالحها في المنطقة وأن هذا الأمر لن يؤدي إلى تغيير استراتيجي في سياسة إيران ما يَـعني أنّ حالة التوتر وإنْ كانت ستهدأ إلا أنها ستبقى مستمرة تحت الطاولة"، بحسب رأيه.