بالتزامن مع ذكريات الثورات والانقلابات التي مرت في تاريخ العراق، والتي تصادف هذه الايام، تتناول حلقة هذا الأسبوع من برنامج (المجلة الثقافية) موضوع هذه الانعطافات وتأثيرها على المشهد الثقافي العام، فضلاً عن وقفة بصورة خاصة مع سلسلة من الاصدرات المتنوعة من كتب ومجلات صدرت في الاونة الاخيرة في المناطق المختلفة من البلاد.
** أصدر مركز كردستان للدراسات الاستراتيجية العدد 69 من مجلته، وحفل العدد بالدراسات والبحوث، منها واحد عن رئيس الدولة وطريقة اختياره في النظم البرلمانية كتبه بيشوا حميد. فيما درس الباحث الاقتصادي فيصل علي واقع التنوع الاقتصادي في اقليم كردستان العراق. وتناول الباحث اسكندر مرادي مسألة الاسس الفلسفية للجغرافيا السياسية. وخص الباحث بختيار سعيد المجلة ببحث عن النشاط التجاري في محافظة السليمانية. يتألف العدد الجديد من 390 صفحة من القطع المتوسط، وهو العدد الاول من السنة الحادية والعشرين، إذ ان اول عدد من هذه المجلة صدر في عام 1992.
** حكم قاض تشيلي بارسال عينة من عظام الشاعر الراحل بابلو نيرودا الى اسبانيا، للقيام بعملية فحص جديدة للسموم عليها. كما يعكف ايضا علماء اميركيون على فحص عينات من بقايا نيرودا الحائز على جائزة نوبل للآداب، بغية التحقق ما اذا كان قد جرى تسميمه كما كان سائقه السابق يؤكد لسنوات، فيما دعمت النتائج الاولية التصريح الرسمي الذي يقول ان السبب وراء وفاته كان اصابته بمرض السرطان. غير ان تلك النتائج لم تستبعد حوث تسمم، وهو ما تطلب اجراء فحوصات اكثر تدقيقا وعمقا، حسب ما تناقلته وكالات انباء عالمية.
ومات الشاعر اليساري المعروف جيداً في العراق عام 1973، بعد 12 يوما من الانقلاب العسكري في تشيلي الذي جاء بالجنرال أوغوستو بينوشيه إلى السلطة. ودفن نيرودا إلى جانب زوجته ماتيلدا أوروتيا في حديقة منزلهما الذي يطل على ساحل المحيط الهادئ بمنطقة إيسلا نيغرا الساحلية. وفي عام 2011 بدأت جمهورية تشيلي في إجراء تحقيق في المزاعم التي تقدم بها آرايا، المساعد السابق للشاعر، ودعم ذلك ما ذكره الحزب الشيوعي التشيلي أن نيرودا لم تظهر عليه أي من الأعراض التي تصاحب الحالات المتقدمة لمرض السرطان الذي ذكر التقرير الحكومي أن نيرودا قد توفي بسببه.
حامد الذي يدير فرقة (دنيازاد) لتصميم الازياء، يرى ان الدراسات الاكاديمية العراقية تفتقر لتصميم الازياء. ويشير الى انه استطاع توظيف عدد من الشباب في فرقته هذه، وتحول بعض العاملين فيها الى عناصر اعلامية وفنية بارزة، وانه سعيد لمشاركته في فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية، لافتاً الى ان من الضروري تقديم الوجه الحضاري الجميل لبغداد التي شوهت صورتها الاحداث التي مرت في الاعوام الاخيرة.
وفي ذلك الوقت هيمن الفكر الشيوعي تقريبا على مختلف نشاطات المشهد الثقافي كالمسرح والفن التشكيلي اضافة الى الادب. لكن مرحلة الستينات شهدت تأثيرات ايضا من الفلسفات الاوروبية التي انتعشت في العالم العربي انذاك مثل الفلسفة الوجودية، لا سيما مع ترجمات رائدها الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر الى العربية.
وبعد 17 تموز تنامى الفكر القومي سوية مع الفكر الشوعي، وعاشا مرحلة قصيرة من التعايش خصوصا مع ما سمي انذاك "الجبهة الوطنية القومية التقدمية"، لكن التضييقات على الفكر الشوعي ورواده وممثليه لم تنقطع، الى ان انفرط عقد التحالف بهجوم سافر على كل ما مثل الفكر الشيوعي، وهو ما ادى الى هجرة واسعة لمثقفي العراق الى الخارج، حتى كأن الثقافة العراقية انقسمت الى قسمين رئيسين، ثقافة الخارج وثقافة الداخل منذ ذلك الحين.
ومع التحولات الدرامية التي جرت في المشهد السياسي العراقي، واستيلاء صدام حسين على الحكم، وتصفية العناصر البعثية المعارضة له، ثم الحرب العراقية الايرانية، وسلسلة الحروب والحصارات المتتالية التي اعقبتها، تم تحويل العديد من الاسماء الثقافية الى ابواق مديح لا اكثر للسلطة الحاكمة ورمزها المزعوم، ومع تحول التفكير والنشاط الثقافي بصورة عامة الى مجرد دعاية، نشطت اغاني الحرب التعبوية، واغاني تمجيد "القائد الملهم" وضمر المسرح الذي تحول لاحقا الى عروض هزلية تتضمن اساسا نوعا من السخرية والاستهزاء، لا سيما من ابن الجنوب العراقي وبيئته. اما الاعمال الفنية والنحتية فوجهت ايضا بصورة خاصة الى الحرب ورأس النظام الحاكم، وترسخت حالة الخطابية في الشعر الذي تجسد اساسا في مهرجانات استعراضية ضمت ايضا الكثير من الكتاب العرب ممن تعاطفوا مع النظام الحاكم انذاك.
بعد عام 2003 حدث انعطاف آخر في الثقافة العراقية، لما تزل ملامحه غير مكتملة بعد. ولكن الوضع الثقافي شهد حرية اكبر في التعبير، والتخلص من توجيه الثقافة لاغراض الدعاية لصالح الحكم والساسة. وان كان تاثير بعض الاتجاهات الدينية المتشددة انعكس في الاعوام الاولى بعد التغيير سلبا على حركة الثقافة، فان الاعوام اللاحقة حجمت هذا التأثير وأمست هناك حرية اكبر، تجلت بشكل خاص في حرية الكتّاب في نشر كتاباتهم حيثما يريدون، وحرية استيراد الكتاب وتصديره، وغياب الرقابة البوليسية بصورة عامة على الحركة الثقافية. لكن العروض الفنية والغناء والرقص لا تزال تعامل بحذر خشية خروجها عن الخطوط التي يعتقد انها ملائمة للمجتمع العراقي حسب الجهات المسؤولة.
أخبار ثقافية
** اطلقت وزارة الثقافة بالتعاون مع مركز دراسات البصرة والخليج العربي سلسلة كتب ادبية وتاريخية تعنى بالبصرة في ماضيها وحاضرها. ونُقل عن مدير مركز دراسات البصرة والخليح العربي عامر السعد قوله ان اربعة كتب قد صدرت من السلسلة، وتوجد ستة كتب اخرى قيد الطبع في سوريا، مبينا ان الكتب الاربعة التي صدرت هي مجموعة شعرية للشاعر حسين عبد اللطيف، وكتاب (البصرة مطلع العهد العثماني) لحسين المصطفى، وكتاب (ذاكرة البصرة) وهو عبارة عن مجموعة مقالات ودراسات تاريخية، وكتاب (على ضفاف شط العرب) لكاظم فنجان الحمامي.** أصدر مركز كردستان للدراسات الاستراتيجية العدد 69 من مجلته، وحفل العدد بالدراسات والبحوث، منها واحد عن رئيس الدولة وطريقة اختياره في النظم البرلمانية كتبه بيشوا حميد. فيما درس الباحث الاقتصادي فيصل علي واقع التنوع الاقتصادي في اقليم كردستان العراق. وتناول الباحث اسكندر مرادي مسألة الاسس الفلسفية للجغرافيا السياسية. وخص الباحث بختيار سعيد المجلة ببحث عن النشاط التجاري في محافظة السليمانية. يتألف العدد الجديد من 390 صفحة من القطع المتوسط، وهو العدد الاول من السنة الحادية والعشرين، إذ ان اول عدد من هذه المجلة صدر في عام 1992.
** حكم قاض تشيلي بارسال عينة من عظام الشاعر الراحل بابلو نيرودا الى اسبانيا، للقيام بعملية فحص جديدة للسموم عليها. كما يعكف ايضا علماء اميركيون على فحص عينات من بقايا نيرودا الحائز على جائزة نوبل للآداب، بغية التحقق ما اذا كان قد جرى تسميمه كما كان سائقه السابق يؤكد لسنوات، فيما دعمت النتائج الاولية التصريح الرسمي الذي يقول ان السبب وراء وفاته كان اصابته بمرض السرطان. غير ان تلك النتائج لم تستبعد حوث تسمم، وهو ما تطلب اجراء فحوصات اكثر تدقيقا وعمقا، حسب ما تناقلته وكالات انباء عالمية.
ومات الشاعر اليساري المعروف جيداً في العراق عام 1973، بعد 12 يوما من الانقلاب العسكري في تشيلي الذي جاء بالجنرال أوغوستو بينوشيه إلى السلطة. ودفن نيرودا إلى جانب زوجته ماتيلدا أوروتيا في حديقة منزلهما الذي يطل على ساحل المحيط الهادئ بمنطقة إيسلا نيغرا الساحلية. وفي عام 2011 بدأت جمهورية تشيلي في إجراء تحقيق في المزاعم التي تقدم بها آرايا، المساعد السابق للشاعر، ودعم ذلك ما ذكره الحزب الشيوعي التشيلي أن نيرودا لم تظهر عليه أي من الأعراض التي تصاحب الحالات المتقدمة لمرض السرطان الذي ذكر التقرير الحكومي أن نيرودا قد توفي بسببه.
ميلاد حامد وتصميم الازياء
تستضيف هذه الحلقة من برنامج "المجلة الثقافية" الفنان ومصمم الازياء ميلاد حامد الذي يقول ان اختصاصه الاصلي هو الفن التشكيلي، وانه وظفه في تصاميمه للازياء، وهو يمارس نشاطه هذا بالتوازي مع الفن التشكيلي، كما انه يعمل لتوظيف التصاميم الفنية من الصنع اليدوي في أعماله.حامد الذي يدير فرقة (دنيازاد) لتصميم الازياء، يرى ان الدراسات الاكاديمية العراقية تفتقر لتصميم الازياء. ويشير الى انه استطاع توظيف عدد من الشباب في فرقته هذه، وتحول بعض العاملين فيها الى عناصر اعلامية وفنية بارزة، وانه سعيد لمشاركته في فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية، لافتاً الى ان من الضروري تقديم الوجه الحضاري الجميل لبغداد التي شوهت صورتها الاحداث التي مرت في الاعوام الاخيرة.
ثورات وانقلابات وثقافة
تمر في هذه الايام ذكرى الثورات والانقلابات العسكرية التي مرت بالعراق في 14 و17 تموز والتي حددت الى حد بعيد ملامح الحياة العراقية طوال العقود الماضية، بما في ذلك الحياة الثقافية. السمة الابرز التي ظهرت في المشهد الثقافي بعد 14 تموز هي نمو وانتشار الثقافة الشيوعية، وتماهى مفهوم المثقف الى حد بعيد مع الفكر الشيوعي الذي نشط بقوة انذاك، حتى بات حمل كتاب عادة يعني انتماء الشخص الى هذا الفكر. ولم يخلُ الامر من الايديولوجيا، وتم تمجيد وتشجيع قراءة الكتب ذات التوجهات الفكرية المعززة لهذا الاتجاه سواء على المستوى العراقي والعربي والعالمي، واغفال كبير لما سواها، كما انتشرت قراءة الادب الروسي بشكل عام متجسدة باعلام مثل تولستوي ودستويفسكي وتشيخوف ومكسيم غوركي وسواهم.وفي ذلك الوقت هيمن الفكر الشيوعي تقريبا على مختلف نشاطات المشهد الثقافي كالمسرح والفن التشكيلي اضافة الى الادب. لكن مرحلة الستينات شهدت تأثيرات ايضا من الفلسفات الاوروبية التي انتعشت في العالم العربي انذاك مثل الفلسفة الوجودية، لا سيما مع ترجمات رائدها الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر الى العربية.
وبعد 17 تموز تنامى الفكر القومي سوية مع الفكر الشوعي، وعاشا مرحلة قصيرة من التعايش خصوصا مع ما سمي انذاك "الجبهة الوطنية القومية التقدمية"، لكن التضييقات على الفكر الشوعي ورواده وممثليه لم تنقطع، الى ان انفرط عقد التحالف بهجوم سافر على كل ما مثل الفكر الشيوعي، وهو ما ادى الى هجرة واسعة لمثقفي العراق الى الخارج، حتى كأن الثقافة العراقية انقسمت الى قسمين رئيسين، ثقافة الخارج وثقافة الداخل منذ ذلك الحين.
ومع التحولات الدرامية التي جرت في المشهد السياسي العراقي، واستيلاء صدام حسين على الحكم، وتصفية العناصر البعثية المعارضة له، ثم الحرب العراقية الايرانية، وسلسلة الحروب والحصارات المتتالية التي اعقبتها، تم تحويل العديد من الاسماء الثقافية الى ابواق مديح لا اكثر للسلطة الحاكمة ورمزها المزعوم، ومع تحول التفكير والنشاط الثقافي بصورة عامة الى مجرد دعاية، نشطت اغاني الحرب التعبوية، واغاني تمجيد "القائد الملهم" وضمر المسرح الذي تحول لاحقا الى عروض هزلية تتضمن اساسا نوعا من السخرية والاستهزاء، لا سيما من ابن الجنوب العراقي وبيئته. اما الاعمال الفنية والنحتية فوجهت ايضا بصورة خاصة الى الحرب ورأس النظام الحاكم، وترسخت حالة الخطابية في الشعر الذي تجسد اساسا في مهرجانات استعراضية ضمت ايضا الكثير من الكتاب العرب ممن تعاطفوا مع النظام الحاكم انذاك.
بعد عام 2003 حدث انعطاف آخر في الثقافة العراقية، لما تزل ملامحه غير مكتملة بعد. ولكن الوضع الثقافي شهد حرية اكبر في التعبير، والتخلص من توجيه الثقافة لاغراض الدعاية لصالح الحكم والساسة. وان كان تاثير بعض الاتجاهات الدينية المتشددة انعكس في الاعوام الاولى بعد التغيير سلبا على حركة الثقافة، فان الاعوام اللاحقة حجمت هذا التأثير وأمست هناك حرية اكبر، تجلت بشكل خاص في حرية الكتّاب في نشر كتاباتهم حيثما يريدون، وحرية استيراد الكتاب وتصديره، وغياب الرقابة البوليسية بصورة عامة على الحركة الثقافية. لكن العروض الفنية والغناء والرقص لا تزال تعامل بحذر خشية خروجها عن الخطوط التي يعتقد انها ملائمة للمجتمع العراقي حسب الجهات المسؤولة.