في إطار تغطيتها فعاليات مهرجان "بيناله فينيسيا العالمي" بدورته الـ 55 المقام في فلورنسا بإيطاليا، إختارت صحيفة "الغارديان" البريطانية لوحتين كاريكاريتين من أعمال الفنان العراقي عبد الرحيم ياسر، ضمن 15 عملاً فنياً نفذها عشرة فنانين عالميين إعتبرتهم الأكثر تأثيراً.
وكان الفنان ياسر شارك بـ 16 لوحة كاريكاتيرية ضمن معروضات "الجناح العراقي" في البيناله، الذي ضم أعمالاً فنية إختارها منظم المعارض البريطاني جوناثان واتكنز لـ 11 من الفنانين المقيمين في العراق والذين يستخدمون وسائط مختلفة من التعبير، بما فيها التصوير الفوتوغرافي، التخطيط، الرسم، التركيب، النحت والمنسوجات.
ويشير ياسر الى ان ما شاهده في هذا البيناله من إمكانات على مستوى العرض، جعله يفكّر بالفارق الهائل إزاء ما هو متوفر في العراق من بنية تحتية للعرض الفني.
وتمكن ثلاثي التحديث هذا من إرساء أصول أسلوب جديد بدفعٍ من الوعي المعرفي والثقافي المُتجاوز الذي طمغ عقد السبعينات، لنقل العمل الكاريكاتيري من مستوى محاكاة السطح الواقعي أفقياً، الى مستوى يتعامد معه، لكنه يتغلغل داخل جذر المشهد الواقعي، لإستخلاص جوهر أفكاره وتجلياتها الكونية، بعد تشذيب كل ما يتّصِل بها من عوالق وإفاضات توضيحية، وإختزالها تمثيلياً الى خطوط مُنفّذة بقلم تحبير واحد، وهي تتحرك برشاقة تعبيرية على سطح ورقة بيضاء، ثم تفجير طاقة تلك الخطوط التي تؤطر الأشكال المؤلفة للمشهد بحسية رسوم الأطفال التي تدرّب هؤلاء الرسامون الثلاثة على مهاراتها الأدائية في فضاءات مؤسسة "مجلتي والمزمار" العريقة الخاصة بمطبوعات ثقافة الطفل..
وهكذا تحوّل العمل الكاريكاتيري، من رسم يثير الهزل المحض لدى المتلقي، الى فِعلٍ ينطوي على إشراك من يتعامل معه لتحقيق صدمة إبداعية لا يَقوى على تقديمِها إلا فن الملصق، بصفته "بوستراً"، سياسياً كان أم إجتماعياً أو حتي إعلانياً.
ويقول عبد الرحيم ياسر انه يعتبر إشراك المتلقي جزءً من لعبته الفنية التي يؤكد فيها على ضرورة أن تنطوي على تأويل مطلق:
وبتنفيذ خطوط سريعة مُغلَّفة بالتعبير، يُقدّم ياسر، دون تعليق أو كلام، وصفاً بليغاً لمدينة تعيش لحظاتها على وقع تفجيرات متواصلة، ولا هَمَّ لأبنائها سوى تَلقّي الضربات القاتلة في كل لحظة.. إنها ومضة تصوير عبقري يغني عن متابعة آلافٍ من التقارير الصحفية وأفلام الفيديو والصور الفوتوغرافية وشهادات شهود العيان التي تتدافع وسائل الإعلام، محلية وعالمية، لتقديمها.
وفي العمل الثاني، ينتقل ياسر بالكاريكاتير الى ما يثيره خيال الفنان السوريالي في فعل الرسم، متجاوزاً حدود الواقع العراقي الى تصوير ومضة كونية، قد تحدث لإنسان وهو على سطح كوكب ما، حين يصوّر شخصاً ما يحاول إنقاذ خياله الساقط نحو هاوية سحيقة، كيف لا وعبد الرحيم يشير الى انه يبقى منحازاً للرسم على الدوام:
مزيد من الرسوم الكاريكاتيرية للفنان عبد الرحيم ياسر في معرض الصور التالي:
وكان الفنان ياسر شارك بـ 16 لوحة كاريكاتيرية ضمن معروضات "الجناح العراقي" في البيناله، الذي ضم أعمالاً فنية إختارها منظم المعارض البريطاني جوناثان واتكنز لـ 11 من الفنانين المقيمين في العراق والذين يستخدمون وسائط مختلفة من التعبير، بما فيها التصوير الفوتوغرافي، التخطيط، الرسم، التركيب، النحت والمنسوجات.
أصداء عراقية
وأثار هذا الخبر دويّاً في الوسط الثقافي العراقي، وبخاصة انه جاء بعد أن عاد العراق في عام 2011 إلى المشاركة في بيناله فينيسيا بعد غياب استمر 35 عاماً، ويقول ياسر ان هذا النمط من التكريم يعني أن ثقافة العراق كانت حاضرة في هذا الحدث الفني العالمي الكبير، وأضاف في حديث لإذاعة العراق الحر:ويشير ياسر الى ان ما شاهده في هذا البيناله من إمكانات على مستوى العرض، جعله يفكّر بالفارق الهائل إزاء ما هو متوفر في العراق من بنية تحتية للعرض الفني.
مثلث تحديث الكاريكاتير
الى جانب زميليه؛ الراحل مؤيد نعمة ورائد نوري الراوي، يُكمِل عبد الرحيم ياسر أضلاع المثلث الذي إرتكزت على قاعدته عمليات تحديث المشهد الكلاسيكي لفن الكاريكاتير في العراق والذي إنطلقت شرارته الأولى في بداية ثلاثينات القرن الماضي، إبتداءً من اللقطات التي كان يرسمها فنان الكاريكاتير الأول عبد الجبار محمود، وما ساهم في إنجازه فنانون مثل سعاد سليم وحميد المحل لاحقاً، وما شهده هذا النوع من الفنون من تطوّر كبير على يد الفنان غازي البغدادي ولاحقاً الفنان بسام فرج..وتمكن ثلاثي التحديث هذا من إرساء أصول أسلوب جديد بدفعٍ من الوعي المعرفي والثقافي المُتجاوز الذي طمغ عقد السبعينات، لنقل العمل الكاريكاتيري من مستوى محاكاة السطح الواقعي أفقياً، الى مستوى يتعامد معه، لكنه يتغلغل داخل جذر المشهد الواقعي، لإستخلاص جوهر أفكاره وتجلياتها الكونية، بعد تشذيب كل ما يتّصِل بها من عوالق وإفاضات توضيحية، وإختزالها تمثيلياً الى خطوط مُنفّذة بقلم تحبير واحد، وهي تتحرك برشاقة تعبيرية على سطح ورقة بيضاء، ثم تفجير طاقة تلك الخطوط التي تؤطر الأشكال المؤلفة للمشهد بحسية رسوم الأطفال التي تدرّب هؤلاء الرسامون الثلاثة على مهاراتها الأدائية في فضاءات مؤسسة "مجلتي والمزمار" العريقة الخاصة بمطبوعات ثقافة الطفل..
وهكذا تحوّل العمل الكاريكاتيري، من رسم يثير الهزل المحض لدى المتلقي، الى فِعلٍ ينطوي على إشراك من يتعامل معه لتحقيق صدمة إبداعية لا يَقوى على تقديمِها إلا فن الملصق، بصفته "بوستراً"، سياسياً كان أم إجتماعياً أو حتي إعلانياً.
ويقول عبد الرحيم ياسر انه يعتبر إشراك المتلقي جزءً من لعبته الفنية التي يؤكد فيها على ضرورة أن تنطوي على تأويل مطلق:
إنحياز للرسم
في عَمَلَيهِ الكاريكاتيريين الذين تم إختيارهما مؤخراً، يستعيد عبد الرحيم ياسر هذا الكم من التراث الأسلوبي بحنكة الخبير، ويضخ حواسه فيه لإختزال ما يشهده العراق في حقبة السنوات العجاف، حين يطفق، في العمل الأول، شخصان يحملان "نقّالة"، وهما في تسابقٍ حركي مع قذيفة مُوجَّهة نحو مدينة في الأفق، وكأنهما يُسابِقان القتل والتدمير بفطرتهما المجبولة على الحب والوداعة، فلا أحد يواجه هذا السيل الجارف من التدمير، إلا إذا كان مُحِبّاً بقلبٍ حقيقي..وبتنفيذ خطوط سريعة مُغلَّفة بالتعبير، يُقدّم ياسر، دون تعليق أو كلام، وصفاً بليغاً لمدينة تعيش لحظاتها على وقع تفجيرات متواصلة، ولا هَمَّ لأبنائها سوى تَلقّي الضربات القاتلة في كل لحظة.. إنها ومضة تصوير عبقري يغني عن متابعة آلافٍ من التقارير الصحفية وأفلام الفيديو والصور الفوتوغرافية وشهادات شهود العيان التي تتدافع وسائل الإعلام، محلية وعالمية، لتقديمها.
وفي العمل الثاني، ينتقل ياسر بالكاريكاتير الى ما يثيره خيال الفنان السوريالي في فعل الرسم، متجاوزاً حدود الواقع العراقي الى تصوير ومضة كونية، قد تحدث لإنسان وهو على سطح كوكب ما، حين يصوّر شخصاً ما يحاول إنقاذ خياله الساقط نحو هاوية سحيقة، كيف لا وعبد الرحيم يشير الى انه يبقى منحازاً للرسم على الدوام:
سيرة حافلة
ولد الفنان عبد الرحيم ياسر في القادسية عام 1951، ودرس الفن في معهد الفنون الجميلة، وأكاديمية الفنون الجميلة ببغداد، مارس الرسم منذ عام 1970، وعمل رساماً للأطفال في مؤسسة (مجلتي والمزمار) 1971، ثم في قسم برامج الأطفال التابع لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون العراقية وشارك في رسوم الأطفال ورسوم الكاريكاتير والكرافيك الصحفي لعدد من النشريات داخل وخارج العراق منها (المتفرج) و(الف باء) وصحيفتا (الجمهورية) و(النهضة) في العراق ورسم العديد من الكتب الموجهة للطفل والتي أصدرتها دور نشر عراقية وعربية، كما شارك في عدد من المعارض الفنية التي أقيمت داخل العراق وخارجه.مزيد من الرسوم الكاريكاتيرية للفنان عبد الرحيم ياسر في معرض الصور التالي: