العراق من الدول المؤسسة لجامعة الدول العربية في مثل هذا الشهر من عام 1945، لكن علاقته بالعالم العربي مرت من خلالها بمراحل عدة بين مد وجزر، تبعا للظروف والتحديات، التي واجهها العراق والأمة العربية.
ففي الخمسينيات من القرن الماضي توترت العلاقات بين العراق ومصر التي كانت تستضيف مقر الجامعة وتقودها بسبب تغيير النظام الملكي عنوة فيما استمر النظام الملكي في العراق، وحتى بعد الانقلاب العسكري في العراق عام 1958 الذي جاء على غرار ما حصل في مصر عام 1952، الا ان العلاقات ظلت متوترة بين النظامين الحاكمين في بغداد والقاهرة في عهد الرئيسين عبد الكريم قاسم وجمال عبد الناصر، وحصل تكامل في عهد الرئيسين الشقيقين عبد السلام وعبد الرحمن عارف.
وفي اواخر السبعينيات من القرن الماضي قاد العراق حملة عزل مصر عربيا من خلال تعليق عضويتها في جامعة الدول العربية، ونقل مقرها الى تونس، وهو ما تحقق له في قمة بغداد عام 1979، وفي بداية التسعينيات من القرن الماضي عادت الجامعة الى القاهرة، وتم عزل العراق عربيا لغزوه الكويت، وقبل ان يعود لفترة عاد الى عزلته عام2003 لموقف دول عربية رافضة لهذا التغيير وطريقته، واتهام بعضها نظام الحكم في بغداد بالخضوع للهيمنة الإيرانية.
غير ان العراق حاول جهده العودة الى الأسرة العربية حتى تمكن من انتزاع رئاسة جامعة الدول العربية في الدورة الثالثة والعشرين، وحاول الإيفاء بالتزاماته كافة على حد قول وكيل وزارة الخارجية لبيد عباوي لإذاعة العراق الحر.
لكن القمة الرابعة والعشرين في الدوحة كشفت عن بروز تحد كبير أمام العراق يتعلق بواقع ومستقبل علاقاته العربية عبر الجامعة تمثل في موقفه من أول إجراء أتخذه رئيس الدورة الحالية للقمة العربية أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بدعوته قوى المعارضة السورية والائتلاف الوطني لشغل مقعد النظام السوري، إذ أعتبره وكيل وزارة الخارجية عباوي مشكلة لأنه يتعارض مع ميثاق الجامعة.
علما بأن قوى المعارضة العراقية التي تحكم البلاد حاليا تقدمت في عهد النظام السابق بنفس الطلب الى جامعة الدول العربية إلا ان طلبها رفض، وتبرير رفض العراق ذلك اليوم بالنسبة لقوى المعارضة السورية هو لخوفه من تقدم قوى معارضة في العراق بطلب شغل مقعده في ضوء الاضطرابات التي تشهدها المنطقة الغربية وترنح العملية السياسية، إذ برر عباوي هذا الرفض بوجود قوى معارضة في دول عربية عدة وقد تشكل منح المعارضة السورية مقعد النظام سابقة خطيرة لاحتمال تكرار الأمر.
لكن حتى الإدارة الأميركية أبدت استغرابها من موقف العراق المساند للنظام السوري، كما أكد ذلك وزير خارجيتها جون كيري للحكومة العراقية أثناء زيارته الأخيرة للعراق: "أوضحتُ له (لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي) أن هناك أعضاء في الكونغرس ومن بين الشعب الأميركي مَـن يشاهدون على نحوٍ متزايد ما يقوم به العراق ويتساءلون كيف أن شريكاً في الجهود المبذولة من أجل الديمقراطية وشريكاً يشعر الأميركيون تجاهه أنهم حاولوا جاهدين لمساعدته، كيفَ أن هذا البلد في الواقع يفعل شيئاً يجعل الأمر أكثر صعوبة لتحقيق أهدافنا المشتركة، والهدف الذي عبّر عنه رئيس الوزراء فيما يتعلق بسوريا والرئيس الأسد".
كما أعرب كيري عن استياء إدارته من أي دعم عراقي للنظام السوري وتسهيل مهمة نقل أسلحة ومعدات إيرانية بقوله:
"إن كل ما يدعم الرئيس الأسد يمثل مشكلة، أوضحتُ تماماً لرئيس الوزراء (نوري المالكي) أن تحليق طائرات من إيران في الواقع يساعد في بقاء الرئيس الأسد ونظامه."
لكن العراق يؤكد أن موقفه من سوريا ينطلق من مبدأ الحرص على الحل السياسي، لكن المعارضة السورية وعلى لسان رئيس الائتلاف معاذ الخطيب اكد ان النظام السوري هو الذي يعيق أي حل سياسي.
وتشير الدلائل الى ان هناك تداعيات للملف السوري ستقع على العراق منها أمنية كما أكد ذلك رئيس جامعة الموصل عبدالله فاضل الحيالي خلال ندوة عقدت في الموصل الاسبوع الجاري. كما أكد النائب عن القائمة العراقية رعد الدهلس أن هذا الموقف العراقي من الأحداث في سوريا ستكون له ايضا تداعيات سياسية على موقف العراق داخل الأسرة العربية ومستقبله.
وتباينت الآراء بشأن أداء العراق في رئاسة الدورة السابقة لجامعة الدول العربية، إذ فيما اكد وكيل وزارة الخارجية لبيد عباوي أن العراق حقق العديد من الانجازات العام الماضي خلال فترة ترؤسه للدورة الثالثة والعشرين لجامعة الدول العربية، فإن النائب عن ائتلاف دولة القانون علي الشلاه أعتبر الجامعة شبه ميتة لذا لا مبرر من الانتظار من العراق أن يحقق أشياء منظورة خلال فترة ترؤسه لها.
وأكد النائب عن القائمة العراقية رعد دهلس أن العراق فشل في قيادة الجامعة ولم يتمكن من تحسين علاقاته مع دول الجوار فكيف بالدول البعيدة عنه، وأيده في ذلك المحلل السياسي إحسان الشمري. وتوقع الشمري ان تقوم بعض الدول العربية المساندة للمعارضة السورية بعزل العراق.
ساهم في الملف مراسل اذاعة العراق الحر في بغداد غسان علي
ففي الخمسينيات من القرن الماضي توترت العلاقات بين العراق ومصر التي كانت تستضيف مقر الجامعة وتقودها بسبب تغيير النظام الملكي عنوة فيما استمر النظام الملكي في العراق، وحتى بعد الانقلاب العسكري في العراق عام 1958 الذي جاء على غرار ما حصل في مصر عام 1952، الا ان العلاقات ظلت متوترة بين النظامين الحاكمين في بغداد والقاهرة في عهد الرئيسين عبد الكريم قاسم وجمال عبد الناصر، وحصل تكامل في عهد الرئيسين الشقيقين عبد السلام وعبد الرحمن عارف.
وفي اواخر السبعينيات من القرن الماضي قاد العراق حملة عزل مصر عربيا من خلال تعليق عضويتها في جامعة الدول العربية، ونقل مقرها الى تونس، وهو ما تحقق له في قمة بغداد عام 1979، وفي بداية التسعينيات من القرن الماضي عادت الجامعة الى القاهرة، وتم عزل العراق عربيا لغزوه الكويت، وقبل ان يعود لفترة عاد الى عزلته عام2003 لموقف دول عربية رافضة لهذا التغيير وطريقته، واتهام بعضها نظام الحكم في بغداد بالخضوع للهيمنة الإيرانية.
غير ان العراق حاول جهده العودة الى الأسرة العربية حتى تمكن من انتزاع رئاسة جامعة الدول العربية في الدورة الثالثة والعشرين، وحاول الإيفاء بالتزاماته كافة على حد قول وكيل وزارة الخارجية لبيد عباوي لإذاعة العراق الحر.
لكن القمة الرابعة والعشرين في الدوحة كشفت عن بروز تحد كبير أمام العراق يتعلق بواقع ومستقبل علاقاته العربية عبر الجامعة تمثل في موقفه من أول إجراء أتخذه رئيس الدورة الحالية للقمة العربية أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بدعوته قوى المعارضة السورية والائتلاف الوطني لشغل مقعد النظام السوري، إذ أعتبره وكيل وزارة الخارجية عباوي مشكلة لأنه يتعارض مع ميثاق الجامعة.
علما بأن قوى المعارضة العراقية التي تحكم البلاد حاليا تقدمت في عهد النظام السابق بنفس الطلب الى جامعة الدول العربية إلا ان طلبها رفض، وتبرير رفض العراق ذلك اليوم بالنسبة لقوى المعارضة السورية هو لخوفه من تقدم قوى معارضة في العراق بطلب شغل مقعده في ضوء الاضطرابات التي تشهدها المنطقة الغربية وترنح العملية السياسية، إذ برر عباوي هذا الرفض بوجود قوى معارضة في دول عربية عدة وقد تشكل منح المعارضة السورية مقعد النظام سابقة خطيرة لاحتمال تكرار الأمر.
لكن حتى الإدارة الأميركية أبدت استغرابها من موقف العراق المساند للنظام السوري، كما أكد ذلك وزير خارجيتها جون كيري للحكومة العراقية أثناء زيارته الأخيرة للعراق: "أوضحتُ له (لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي) أن هناك أعضاء في الكونغرس ومن بين الشعب الأميركي مَـن يشاهدون على نحوٍ متزايد ما يقوم به العراق ويتساءلون كيف أن شريكاً في الجهود المبذولة من أجل الديمقراطية وشريكاً يشعر الأميركيون تجاهه أنهم حاولوا جاهدين لمساعدته، كيفَ أن هذا البلد في الواقع يفعل شيئاً يجعل الأمر أكثر صعوبة لتحقيق أهدافنا المشتركة، والهدف الذي عبّر عنه رئيس الوزراء فيما يتعلق بسوريا والرئيس الأسد".
كما أعرب كيري عن استياء إدارته من أي دعم عراقي للنظام السوري وتسهيل مهمة نقل أسلحة ومعدات إيرانية بقوله:
"إن كل ما يدعم الرئيس الأسد يمثل مشكلة، أوضحتُ تماماً لرئيس الوزراء (نوري المالكي) أن تحليق طائرات من إيران في الواقع يساعد في بقاء الرئيس الأسد ونظامه."
لكن العراق يؤكد أن موقفه من سوريا ينطلق من مبدأ الحرص على الحل السياسي، لكن المعارضة السورية وعلى لسان رئيس الائتلاف معاذ الخطيب اكد ان النظام السوري هو الذي يعيق أي حل سياسي.
وتشير الدلائل الى ان هناك تداعيات للملف السوري ستقع على العراق منها أمنية كما أكد ذلك رئيس جامعة الموصل عبدالله فاضل الحيالي خلال ندوة عقدت في الموصل الاسبوع الجاري. كما أكد النائب عن القائمة العراقية رعد الدهلس أن هذا الموقف العراقي من الأحداث في سوريا ستكون له ايضا تداعيات سياسية على موقف العراق داخل الأسرة العربية ومستقبله.
وتباينت الآراء بشأن أداء العراق في رئاسة الدورة السابقة لجامعة الدول العربية، إذ فيما اكد وكيل وزارة الخارجية لبيد عباوي أن العراق حقق العديد من الانجازات العام الماضي خلال فترة ترؤسه للدورة الثالثة والعشرين لجامعة الدول العربية، فإن النائب عن ائتلاف دولة القانون علي الشلاه أعتبر الجامعة شبه ميتة لذا لا مبرر من الانتظار من العراق أن يحقق أشياء منظورة خلال فترة ترؤسه لها.
وأكد النائب عن القائمة العراقية رعد دهلس أن العراق فشل في قيادة الجامعة ولم يتمكن من تحسين علاقاته مع دول الجوار فكيف بالدول البعيدة عنه، وأيده في ذلك المحلل السياسي إحسان الشمري. وتوقع الشمري ان تقوم بعض الدول العربية المساندة للمعارضة السورية بعزل العراق.
ساهم في الملف مراسل اذاعة العراق الحر في بغداد غسان علي