في الخامس من اذار مرت الذكرى الستون لوفاة الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين، الذي ترتبط صورته في اذهان العراقيين بممارسة القسوة المتناهية مع خصومه، والتي وصلتهم عبر نسخته الباهتة، المتمثلة برئيس النظام السابق صدام حسين الذي طالما اعجب بستالين وبالياته في الحكم وراح يقلده.
ويروي السياسي الكردي المستقل محمود عثمان حديثا دار بينه وبين صدام اوائل سبعينات القرن الماضي، حين كان عثمان رئيس الوفد الكردي المفاوض مع الحكومة العراقية لاتمام اتفاقية 11 اذار.
ويقول عثمان انه سأل صداما الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس وقتها، عندما دعاه لبيته "لماذا تحتل كتب عن ستالين رفوف مكتبتك، على الرغم من انك قومي وهو شيوعي؟". فاجابه صدام "ستالين لم يكن شيوعيا بل كان قوميا روسيا".
اختصاصية علم الشخصية بجامعة بغداد نهى الدرويش، ترجع اسباب تشّبه صدام بستالين الى ان الشخصيات الاستبدادية تتشابه في سلوكها وتطلعاتها، لذا تجد معظمهم مولعين بالشخصيات التاريخية المؤثرة، التي تخدم طموحاتهم ونزعاتهم الشخصية.
وتشير الدرويش الى حادثة تجدها تبين شخصية صدام وميله نحو الشخصيات العنفية، وتتلخص الحادثة في اوامر اصدرها بكتابة تقارير عن شخصيات عالمية مؤثرة ليطلع عليها، حصل فيها المهاتما غاندي المعارض المسالم على تقييم منخفض اضافة الى انه عده شخصا مملا.
الشيوعيون في العراق لهم ذكرياتهم ومواقفهم مع ستالين والستالينية، فانخراط الحزب الشيوعي العراقي ضمن قوى التغيير عام 2003 اثار نقمة الـ"استالينيين" بينهم، الذين كانوا يرفضون قبول الحزب بالتغيير الامريكي لنظام صدام حسين، ليتركوا بعدها حزبهم بسبب مشاركته في العملية السياسية.
ويقول عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي جاسم الحلفي ان الحزب تعامل بواقعية مع وضع البلاد، من اجل دعم المسار الديمقراطي واستكمال بناء السيادة.
ويصف الحلفي الستالينية بانها عطلت الديمقراطية داخل الحزب وداخل المجتمع، لكنه يلفت الى ما يصفه بالجانب الايجابي في شخصية ستالين المتمثل في مساهمته في انقاذ البشرية من الفاشية.
النظر الى نصف الكاس الممتلى هو ميزة محبي الشخصيات الاستبدادية، فهم ينكرون الانتهاكات، كما تقول اختصاصية علم الشخصية نهى الدرويش، وذلك لما يعتقدوه بانهم قادة مصلحين واقوياء.
يبدو ان اخر معجبي ستالين المجاهرين برايهم قد رحلوا، إذ لم استطع العثور على احد منهم، بعكس الايام الاولى لسقوط صدام عام 2003. وقد اخبرني عضو في المكتب السياسي للحزب الشيوعي "الستالينة انتهت لانها اختزلت الشعب في القائد".
معاناة الزعيم الكردي مصطفي بارزاني في عهد ستالين
بقلم : عبدالحميد زيباري
يصف قادة كرد العلاقات بين شعبي كردستان وروسيا بالتاريخية، إذ انهم لا ينسون بأن الاتحاد السوفيتي السابق وروسيا الحالية كانت في يوم من الأيام ملاذاً آمناً لملا مصطفى بارزاني الذي يعتبر قائد الحركة التحررية الكردية.
وتعود علاقة الكرد مع روسيا الى الحقبة الشيوعية اي الى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية ، عندما لجأ اليها الزعيم الكردي الراحل الملا مصطفى بارزاني عام 1947 مع 550 من انصاره بعد انهيار جمهورية الكردية مهاباد الكردية في كردستان ايران.
ويعتبر ملا مصطفى بارزاني الذي قاد الحركة التحررية الكردية ضد الحكومة العراقية خلال الاربعينات والستينات والسبعينات من القرن المنصرم الزعيم الروحي للكرد ويلقبونه ببارزاني الخالد، وهو والد مسعود بارزاني رئيس اقليم الحالي.
وتأسست جمهورية مهاباد الكردية في عام 1946 على يد الزعيم الكردي الايراني قاضي محمد ولكنها انهارت بعد 11 شهرا على يد النظام الشاهي الايراني بعد ان توقف دعم الاتحاد السوفيتي لها، مما اضطر الملا مصطفى بارزاني الى التوجه الى الاتحاد السوفيتي مشيا على الاقدام مع انصاره بعد صعوبة عودته للعراق او التوجه الى تركيا.
ويبدو ان ملا مصطفى وانصاره ذاقوا الامرين في ظل حكم الرئيس السوفيتي ستالين الذي سمح لهم بالدخول الى اراضي الاتحاد السوفيتي، ولكن تعامل معهم بقساوة.
ولتسليط الضوء على تلك الفترة التي عاشها ملا مصطفى بارزاني وانصاره في ظل حكم ستالين التقت اذاعة العراق الحر بكاظم شاندري احد البيشمركه القدامى ويبلغ من العمر حاليا 82 عاما ولكن يتذكر جيدا جميع الاحداث التي مرت عليهم هناك.
يقول شاندري : كنا نحن نحو الخمسمائة شخص قسمونا الى اربعة مجاميع وسكان القرى كان تعاملهم جيدا معنا ولكن المسؤولون الحكوميون اي الشيوعيون لم يكن تعاملهم جيدا في وقت كانت اوضاعنا مزرية الى درجة كبيرة.
ويشير شاندري الى انه في سنة 1948 نقلوا بقطار خاص من القفقاس الى طشقند لابعادهم عن الحدود الايرانية التركية، مشيرا الى انه بعدها باقل من سنة قاموا بتفريقهم عن بعضهم واستمر هذه المرة لمدة ثلاثة اعوام واضاف بالقول.
في الثالث عشر من آذار 1949 جاءنا بارزاني وابغلنا انهم ينوون نقله الى موسكو حسب طلبه ولكن لا اعتقد انهم سياخذونني الى موسكو او سيعملون شيئا جيدا لنا واوصانا في التعاون معا ان ابعدونا عن بعضنا.
ويؤكد تعرضهم للنفي مرتين في ظل حكم ستالين وفي كل مرة اسوء من الاخرى، ويقول : قاموا بنفينا مرتين وبشكل مرة الى القفقاس ومرة اخرى الى اوزبكستان ولكن في المرة الثانية كان النفي اسوأ من الاول.
وبعد ثلاث سنوات من الفراق استطعنا ان نعثر على زملائنا ولكن لم نعلم شيئا عن الملا مصطفى وكذلك عن خمسة عشر اخرين كانوا ابعدوا الى احدى الجزر السوفيتية البعيدة.
كما يوضح البيشمركة كاظم شاندري انه رغم قيامهم بالاحتجاجات لمعرفة مصير ملا مصطفى بارزاني في تلك الحقبة الا ان محاولاتهم لم تنجح ويضيف قائلا : لم نكن نعلم بمكانه وقمنا بالتظاهرات ولكن ماذا عسانا ان نفعل مع الحكومة كانوا يسجنوننا دائما.
ويقول شاندري بعد رحيل ستالين سافر ملا مصطفى بارزاني سرا من اوزبكستان الى موسكو ا وقصد الكرملن للمطالبة بحقوق شعبه.
وقد أقترن العشرات من البيشمركة الكرد بمواطنات سوفيتيات، ونشأت اجيال من الأبناء والأحفاد يرتبطون بعلاقات قرابة مع الروس و شعوب جنوب القفقاس.
ويوكد شاندري ان ملامصطفى بارزاني كان يعتبر الاتحاد السوفيتي بلاده الثانية ويضيف: سمعت بارزاني يقول بانها بلادنا الثانية لانهم قاموا بايوائنا وسمحوا لنا في العيش هنا رغم ما عانينا.
وعن ذكرياته يوم رحيل ستالين يقول شاندري : عندما اعلن نبأ وفاة ستالين كان الوقت عصرا وكنا في المدرسة فقاموا بجمعنا وشاهدنا الروس يبكون ودوت صافرات القطارات والمصانع والسيارات لمدة خسم دقائق وتوقفت الحركة.
يذكر ان علاقات اقليم كردستان مع روسيا دخلت مرحلة جديدة وان اولى محطات مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان في زيارته الاخيرة خلال شباط الماضي الى روسيا كانت الى المنزل الذي اقام فيه والده في موسكو والذي حوله الى متحف يحمل اسم ملا مصطفى بارزاني.
ويروي السياسي الكردي المستقل محمود عثمان حديثا دار بينه وبين صدام اوائل سبعينات القرن الماضي، حين كان عثمان رئيس الوفد الكردي المفاوض مع الحكومة العراقية لاتمام اتفاقية 11 اذار.
ويقول عثمان انه سأل صداما الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس وقتها، عندما دعاه لبيته "لماذا تحتل كتب عن ستالين رفوف مكتبتك، على الرغم من انك قومي وهو شيوعي؟". فاجابه صدام "ستالين لم يكن شيوعيا بل كان قوميا روسيا".
اختصاصية علم الشخصية بجامعة بغداد نهى الدرويش، ترجع اسباب تشّبه صدام بستالين الى ان الشخصيات الاستبدادية تتشابه في سلوكها وتطلعاتها، لذا تجد معظمهم مولعين بالشخصيات التاريخية المؤثرة، التي تخدم طموحاتهم ونزعاتهم الشخصية.
وتشير الدرويش الى حادثة تجدها تبين شخصية صدام وميله نحو الشخصيات العنفية، وتتلخص الحادثة في اوامر اصدرها بكتابة تقارير عن شخصيات عالمية مؤثرة ليطلع عليها، حصل فيها المهاتما غاندي المعارض المسالم على تقييم منخفض اضافة الى انه عده شخصا مملا.
الشيوعيون في العراق لهم ذكرياتهم ومواقفهم مع ستالين والستالينية، فانخراط الحزب الشيوعي العراقي ضمن قوى التغيير عام 2003 اثار نقمة الـ"استالينيين" بينهم، الذين كانوا يرفضون قبول الحزب بالتغيير الامريكي لنظام صدام حسين، ليتركوا بعدها حزبهم بسبب مشاركته في العملية السياسية.
ويقول عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي جاسم الحلفي ان الحزب تعامل بواقعية مع وضع البلاد، من اجل دعم المسار الديمقراطي واستكمال بناء السيادة.
ويصف الحلفي الستالينية بانها عطلت الديمقراطية داخل الحزب وداخل المجتمع، لكنه يلفت الى ما يصفه بالجانب الايجابي في شخصية ستالين المتمثل في مساهمته في انقاذ البشرية من الفاشية.
النظر الى نصف الكاس الممتلى هو ميزة محبي الشخصيات الاستبدادية، فهم ينكرون الانتهاكات، كما تقول اختصاصية علم الشخصية نهى الدرويش، وذلك لما يعتقدوه بانهم قادة مصلحين واقوياء.
يبدو ان اخر معجبي ستالين المجاهرين برايهم قد رحلوا، إذ لم استطع العثور على احد منهم، بعكس الايام الاولى لسقوط صدام عام 2003. وقد اخبرني عضو في المكتب السياسي للحزب الشيوعي "الستالينة انتهت لانها اختزلت الشعب في القائد".
معاناة الزعيم الكردي مصطفي بارزاني في عهد ستالين
بقلم : عبدالحميد زيباري
يصف قادة كرد العلاقات بين شعبي كردستان وروسيا بالتاريخية، إذ انهم لا ينسون بأن الاتحاد السوفيتي السابق وروسيا الحالية كانت في يوم من الأيام ملاذاً آمناً لملا مصطفى بارزاني الذي يعتبر قائد الحركة التحررية الكردية.
وتعود علاقة الكرد مع روسيا الى الحقبة الشيوعية اي الى مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية ، عندما لجأ اليها الزعيم الكردي الراحل الملا مصطفى بارزاني عام 1947 مع 550 من انصاره بعد انهيار جمهورية الكردية مهاباد الكردية في كردستان ايران.
ويعتبر ملا مصطفى بارزاني الذي قاد الحركة التحررية الكردية ضد الحكومة العراقية خلال الاربعينات والستينات والسبعينات من القرن المنصرم الزعيم الروحي للكرد ويلقبونه ببارزاني الخالد، وهو والد مسعود بارزاني رئيس اقليم الحالي.
وتأسست جمهورية مهاباد الكردية في عام 1946 على يد الزعيم الكردي الايراني قاضي محمد ولكنها انهارت بعد 11 شهرا على يد النظام الشاهي الايراني بعد ان توقف دعم الاتحاد السوفيتي لها، مما اضطر الملا مصطفى بارزاني الى التوجه الى الاتحاد السوفيتي مشيا على الاقدام مع انصاره بعد صعوبة عودته للعراق او التوجه الى تركيا.
ويبدو ان ملا مصطفى وانصاره ذاقوا الامرين في ظل حكم الرئيس السوفيتي ستالين الذي سمح لهم بالدخول الى اراضي الاتحاد السوفيتي، ولكن تعامل معهم بقساوة.
ولتسليط الضوء على تلك الفترة التي عاشها ملا مصطفى بارزاني وانصاره في ظل حكم ستالين التقت اذاعة العراق الحر بكاظم شاندري احد البيشمركه القدامى ويبلغ من العمر حاليا 82 عاما ولكن يتذكر جيدا جميع الاحداث التي مرت عليهم هناك.
يقول شاندري : كنا نحن نحو الخمسمائة شخص قسمونا الى اربعة مجاميع وسكان القرى كان تعاملهم جيدا معنا ولكن المسؤولون الحكوميون اي الشيوعيون لم يكن تعاملهم جيدا في وقت كانت اوضاعنا مزرية الى درجة كبيرة.
ويشير شاندري الى انه في سنة 1948 نقلوا بقطار خاص من القفقاس الى طشقند لابعادهم عن الحدود الايرانية التركية، مشيرا الى انه بعدها باقل من سنة قاموا بتفريقهم عن بعضهم واستمر هذه المرة لمدة ثلاثة اعوام واضاف بالقول.
في الثالث عشر من آذار 1949 جاءنا بارزاني وابغلنا انهم ينوون نقله الى موسكو حسب طلبه ولكن لا اعتقد انهم سياخذونني الى موسكو او سيعملون شيئا جيدا لنا واوصانا في التعاون معا ان ابعدونا عن بعضنا.
ويؤكد تعرضهم للنفي مرتين في ظل حكم ستالين وفي كل مرة اسوء من الاخرى، ويقول : قاموا بنفينا مرتين وبشكل مرة الى القفقاس ومرة اخرى الى اوزبكستان ولكن في المرة الثانية كان النفي اسوأ من الاول.
وبعد ثلاث سنوات من الفراق استطعنا ان نعثر على زملائنا ولكن لم نعلم شيئا عن الملا مصطفى وكذلك عن خمسة عشر اخرين كانوا ابعدوا الى احدى الجزر السوفيتية البعيدة.
كما يوضح البيشمركة كاظم شاندري انه رغم قيامهم بالاحتجاجات لمعرفة مصير ملا مصطفى بارزاني في تلك الحقبة الا ان محاولاتهم لم تنجح ويضيف قائلا : لم نكن نعلم بمكانه وقمنا بالتظاهرات ولكن ماذا عسانا ان نفعل مع الحكومة كانوا يسجنوننا دائما.
ويقول شاندري بعد رحيل ستالين سافر ملا مصطفى بارزاني سرا من اوزبكستان الى موسكو ا وقصد الكرملن للمطالبة بحقوق شعبه.
وقد أقترن العشرات من البيشمركة الكرد بمواطنات سوفيتيات، ونشأت اجيال من الأبناء والأحفاد يرتبطون بعلاقات قرابة مع الروس و شعوب جنوب القفقاس.
ويوكد شاندري ان ملامصطفى بارزاني كان يعتبر الاتحاد السوفيتي بلاده الثانية ويضيف: سمعت بارزاني يقول بانها بلادنا الثانية لانهم قاموا بايوائنا وسمحوا لنا في العيش هنا رغم ما عانينا.
وعن ذكرياته يوم رحيل ستالين يقول شاندري : عندما اعلن نبأ وفاة ستالين كان الوقت عصرا وكنا في المدرسة فقاموا بجمعنا وشاهدنا الروس يبكون ودوت صافرات القطارات والمصانع والسيارات لمدة خسم دقائق وتوقفت الحركة.
يذكر ان علاقات اقليم كردستان مع روسيا دخلت مرحلة جديدة وان اولى محطات مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان في زيارته الاخيرة خلال شباط الماضي الى روسيا كانت الى المنزل الذي اقام فيه والده في موسكو والذي حوله الى متحف يحمل اسم ملا مصطفى بارزاني.