يَـتحوّلُ تركيزُ الجهود العالمية لمكافحة الإرهاب من العراق وأفغانستان نحو شمال إفريقيا مع تزايد تهديدات الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة لأمن تلك المنطقة الحيوية والقريبة من أوروبا. وفي ظلّ احتجاجاتٍ عراقية متواصلة بالتزامنِ مع صراع سوريا المتفاقم، تُشير تحليلاتٌ إلى احتمالاتِ استغلال جماعات الإرهاب والجريمة المنظّمة لاضطراباتِ هاتين الدولتين المجاورتين من أجل زعزعة الاستقرار الإقليمي.
العراق شهد على مدار الشهور الثلاثة عشر المنصرمة التي أعقبت الانسحاب العسكري الأميركي سقوط مئات المدنيين الأبرياء في هجماتٍ شبه يومية يُعلن الفرع العراقي لتنظيم القاعدة المسؤولية عنها. وفي أحد التقارير التي بثّتها أخيراً وكالات أنباء عالمية عن أعداد الضحايا، ذكرت رويترز أنه رغم انحسار العنف في العراق كثيراً منذ أوج الصراع الطائفي بين عاميْ 2006 و2007 إلا أن العام الماضي سجّل زيادة في أرقام القتلى جراء العنف للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات مع مقتل أكثر من 4400 شخص.
ومن بين آخر البيانات التي نشرها الفرع العراقي للقاعدة على مواقع إسلامية متشددة، أفادت مجموعة (سايت إنتليجنس غروب) التي ترصد هذه المواقع بأن (دولة العراق الإسلامية) أعلنت مسؤوليتها عن سلسلةِ هجماتٍ كان من بينها عملية اغتيال أحد أعضاء مجلس النواب العراقي في محافظة الأنبار. وبعد يوم واحد، قالت هذه المجموعة إن أحد الفروع المرتبطة بالقاعدة في شمال إفريقيا والمعروفة باسم (كتيبة الملثمين) أعلنت مسؤوليتها عن عملية احتجاز الرهائن في الجزائر وهددت بتنفيذ هجمات أخرى ما لم توقف القوى الغربية ما وصفته الجماعة بالاعتداء على المسلمين في مالي المجاورة.
هذا في الوقت الذي لم تستقر الأوضاع الداخلية في الدول التي شهدت انطلاقةَ ما يُعرف بالربيع العربي رغم مرور أكثر من عامين على هذه الانتفاضات. وفي إشارتها إلى ترابـُط المخاطر الأمنية الناجمة عن ثورات تونس ومصر وليبيا مع ازدياد التهديدات الإرهابية في شمال إفريقيا، حَـذّرت وزير الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أخيراً من انتشار التطرّف المسلح. وقالت في شهادتها أمام أعضاء لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي في واشنطن الأربعاء خلال مساءلتها حول الهجوم على قنصلية الولايات المتحدة في مدينة بنغازي في ليبيا يوم الحادي عشر من أيلول الماضي:
"الثورات العربية أربكت ديناميكيات السلطة ومزّقت قوات الأمن في سائر أنحاء المنطقة. وأدى عدم الاستقرار في مالي إلى توسيع ملاذ آمن للإرهابيين الذين يتطلعون نحو نشر نفوذهم والتخطيط لشنّ هجمات من النوع الذي شهدناه الأسبوع الماضي في الجزائر."
وفي تحليلها للمخاطر الإرهابية الممتدة من العراق وأفغانستان إلى شمال إفريقيا، قالت مجلة (إيكونومست) البريطانية Economist إنه بعد أحد عشر عاماً من حربيْن على الإرهاب بلَغت تكاليفهما المالية المباشرة نحو 1.5 تريليون دولار (أي ألف وخمسمائة مليار دولار) بالإضافة إلى مئات الآلاف من القتلى يشعر الغربيون أنهم تعلموا درساً قاسياً. ذلك أنهم أكثر قناعةً من أي وقت مضى بأن أي تدخل غربي حتى وإن نُـفّـذَ بنوايا حسنة سوف يوقع الجيوش في مستنقعاتِ حروبٍ لا نهاية لها ضد أعداء غير مرئيين لمساعدة سكان محليين جاحدين، بحسب تعبيرها.
وتضيف المطبوعة الغربية البارزة في مقالها الافتتاحي المنشور تحت عنوان "الإرهاب الدولي: أفريغانستان؟" أن أصداء حرب أفغانستان ترددت في وقت سابق من الشهر الحالي مع التدخل العسكري الفرنسي في مالي وذلك بالتزامن مع عملية احتجاز عدد كبير من الرهائن في الجزائر المجاورة. وفي حديثها عن التهديدات المتزايدة للجماعات الإرهابية في شمال إفريقيا، ذكرت (إيكونومست) أن المتشددين في دول تلك المنطقة يستلهمون نشاطاتهم من منظمات جهادية أخرى حول العالم ولا سيما القاعدة.
وفي تعليقه على ما أوردَته المجلة البريطانية، قال الدكتور عماد رزق مدير (مركز الإستشارية للدراسات الإستراتيجية) في لبنان لإذاعة العراق الحر "إذا أجرينا مسحاً عبر السنوات العشر السابقة وفي ظل الحرب التي كانت دائرة أيضاً في العراق في مواجهة الإرهاب والتطرّف نرى أنه كانت في إفريقيا خلال تلك الفترة أيضاً رحى مواجهة هذه المجموعات مستمرة. لذلك أعتقد أن تعبير (أفريغانستان) المشار إليه في افتتاحية إيكونومست جاء متأخراً نظراً لأن المواجهات الدولية مع مجموعات التطرف كانت ظاهرة منذ تسعينيات القرن المنصرم أكانَ في الصومال أو في أكثر من دولة إفريقية. كما رأينا استهدافاً للسفارات الأميركية في أكثر من دولة ومن بينها تنزانيا وكينيا."
وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق، عَـلّق الباحث في الشؤون الإستراتيجية رزق على ما تَضمّنته الشهادة الأخيرة لوزيرة الخارجية الأميركية كلينتون أمام الكونغرس من إشاراتٍ إلى تداعيات الربيع العربي على الأمن والسلم العالمييْن بالإضافة إلى تحذيرها من مخاطر انتشار التطرّف في شمال إفريقيا. وأعرب عن اعتقاده بأن "ما نراه اليوم في العراق وما رأيناه في اليمن وما نراه في سوريا وما يمكن أن نراه في أكثر من دولة في إفريقيا أيضاً هو عملية استقطاب للمجموعات الإرهابية نظراً لاستفادة هذه المجموعات من عدم الاستقرار السياسي أو عدم التفاهم السياسي في الإطار الوطني لتلك الدول." وأضاف أن هذه المجموعات "تستغل الظروف السياسية والصعوبات الاقتصادية لفئات اجتماعية معيّنة فتتدخل لإحلال برامجها"، على حد تعبيره.
كما أجابَ رزق عن سؤالين آخرين يتعلق أحدهما بمستقبل التعاون العسكري بين العراق ودول التحالف لتعزيز الأمن والاستقرار على الصعيديْن الداخلي والإقليمي والآخر حول أولويات الإستراتيجية الأميركية في الحرب على الإرهاب خلال الولاية الرئاسية الثانية للرئيس باراك أوباما الذي شهدت فترة رئاسته الأولى استخداماً متزايداً لسلاح الطائرات المسيّرة دون طيار في استهداف قيادات المجموعات الإرهابية خاصةً في اليمن وباكستان وأفغانستان.
العراق شهد على مدار الشهور الثلاثة عشر المنصرمة التي أعقبت الانسحاب العسكري الأميركي سقوط مئات المدنيين الأبرياء في هجماتٍ شبه يومية يُعلن الفرع العراقي لتنظيم القاعدة المسؤولية عنها. وفي أحد التقارير التي بثّتها أخيراً وكالات أنباء عالمية عن أعداد الضحايا، ذكرت رويترز أنه رغم انحسار العنف في العراق كثيراً منذ أوج الصراع الطائفي بين عاميْ 2006 و2007 إلا أن العام الماضي سجّل زيادة في أرقام القتلى جراء العنف للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات مع مقتل أكثر من 4400 شخص.
ومن بين آخر البيانات التي نشرها الفرع العراقي للقاعدة على مواقع إسلامية متشددة، أفادت مجموعة (سايت إنتليجنس غروب) التي ترصد هذه المواقع بأن (دولة العراق الإسلامية) أعلنت مسؤوليتها عن سلسلةِ هجماتٍ كان من بينها عملية اغتيال أحد أعضاء مجلس النواب العراقي في محافظة الأنبار. وبعد يوم واحد، قالت هذه المجموعة إن أحد الفروع المرتبطة بالقاعدة في شمال إفريقيا والمعروفة باسم (كتيبة الملثمين) أعلنت مسؤوليتها عن عملية احتجاز الرهائن في الجزائر وهددت بتنفيذ هجمات أخرى ما لم توقف القوى الغربية ما وصفته الجماعة بالاعتداء على المسلمين في مالي المجاورة.
هذا في الوقت الذي لم تستقر الأوضاع الداخلية في الدول التي شهدت انطلاقةَ ما يُعرف بالربيع العربي رغم مرور أكثر من عامين على هذه الانتفاضات. وفي إشارتها إلى ترابـُط المخاطر الأمنية الناجمة عن ثورات تونس ومصر وليبيا مع ازدياد التهديدات الإرهابية في شمال إفريقيا، حَـذّرت وزير الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أخيراً من انتشار التطرّف المسلح. وقالت في شهادتها أمام أعضاء لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي في واشنطن الأربعاء خلال مساءلتها حول الهجوم على قنصلية الولايات المتحدة في مدينة بنغازي في ليبيا يوم الحادي عشر من أيلول الماضي:
"الثورات العربية أربكت ديناميكيات السلطة ومزّقت قوات الأمن في سائر أنحاء المنطقة. وأدى عدم الاستقرار في مالي إلى توسيع ملاذ آمن للإرهابيين الذين يتطلعون نحو نشر نفوذهم والتخطيط لشنّ هجمات من النوع الذي شهدناه الأسبوع الماضي في الجزائر."
وفي تحليلها للمخاطر الإرهابية الممتدة من العراق وأفغانستان إلى شمال إفريقيا، قالت مجلة (إيكونومست) البريطانية Economist إنه بعد أحد عشر عاماً من حربيْن على الإرهاب بلَغت تكاليفهما المالية المباشرة نحو 1.5 تريليون دولار (أي ألف وخمسمائة مليار دولار) بالإضافة إلى مئات الآلاف من القتلى يشعر الغربيون أنهم تعلموا درساً قاسياً. ذلك أنهم أكثر قناعةً من أي وقت مضى بأن أي تدخل غربي حتى وإن نُـفّـذَ بنوايا حسنة سوف يوقع الجيوش في مستنقعاتِ حروبٍ لا نهاية لها ضد أعداء غير مرئيين لمساعدة سكان محليين جاحدين، بحسب تعبيرها.
وتضيف المطبوعة الغربية البارزة في مقالها الافتتاحي المنشور تحت عنوان "الإرهاب الدولي: أفريغانستان؟" أن أصداء حرب أفغانستان ترددت في وقت سابق من الشهر الحالي مع التدخل العسكري الفرنسي في مالي وذلك بالتزامن مع عملية احتجاز عدد كبير من الرهائن في الجزائر المجاورة. وفي حديثها عن التهديدات المتزايدة للجماعات الإرهابية في شمال إفريقيا، ذكرت (إيكونومست) أن المتشددين في دول تلك المنطقة يستلهمون نشاطاتهم من منظمات جهادية أخرى حول العالم ولا سيما القاعدة.
وفي تعليقه على ما أوردَته المجلة البريطانية، قال الدكتور عماد رزق مدير (مركز الإستشارية للدراسات الإستراتيجية) في لبنان لإذاعة العراق الحر "إذا أجرينا مسحاً عبر السنوات العشر السابقة وفي ظل الحرب التي كانت دائرة أيضاً في العراق في مواجهة الإرهاب والتطرّف نرى أنه كانت في إفريقيا خلال تلك الفترة أيضاً رحى مواجهة هذه المجموعات مستمرة. لذلك أعتقد أن تعبير (أفريغانستان) المشار إليه في افتتاحية إيكونومست جاء متأخراً نظراً لأن المواجهات الدولية مع مجموعات التطرف كانت ظاهرة منذ تسعينيات القرن المنصرم أكانَ في الصومال أو في أكثر من دولة إفريقية. كما رأينا استهدافاً للسفارات الأميركية في أكثر من دولة ومن بينها تنزانيا وكينيا."
وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق، عَـلّق الباحث في الشؤون الإستراتيجية رزق على ما تَضمّنته الشهادة الأخيرة لوزيرة الخارجية الأميركية كلينتون أمام الكونغرس من إشاراتٍ إلى تداعيات الربيع العربي على الأمن والسلم العالمييْن بالإضافة إلى تحذيرها من مخاطر انتشار التطرّف في شمال إفريقيا. وأعرب عن اعتقاده بأن "ما نراه اليوم في العراق وما رأيناه في اليمن وما نراه في سوريا وما يمكن أن نراه في أكثر من دولة في إفريقيا أيضاً هو عملية استقطاب للمجموعات الإرهابية نظراً لاستفادة هذه المجموعات من عدم الاستقرار السياسي أو عدم التفاهم السياسي في الإطار الوطني لتلك الدول." وأضاف أن هذه المجموعات "تستغل الظروف السياسية والصعوبات الاقتصادية لفئات اجتماعية معيّنة فتتدخل لإحلال برامجها"، على حد تعبيره.
كما أجابَ رزق عن سؤالين آخرين يتعلق أحدهما بمستقبل التعاون العسكري بين العراق ودول التحالف لتعزيز الأمن والاستقرار على الصعيديْن الداخلي والإقليمي والآخر حول أولويات الإستراتيجية الأميركية في الحرب على الإرهاب خلال الولاية الرئاسية الثانية للرئيس باراك أوباما الذي شهدت فترة رئاسته الأولى استخداماً متزايداً لسلاح الطائرات المسيّرة دون طيار في استهداف قيادات المجموعات الإرهابية خاصةً في اليمن وباكستان وأفغانستان.