أصابت الأزمة العالمية جيلاً جديداً من العاملين بشكل غير متكافئ، إذ أصبح هؤلاء يواجهون فترات متزايدة من الركود، ووظائف غير مستقرة، وما يوصف بـ"عمل الفقر"، وهو اتجاه يقوض تطلعات شباب العالم والاقتصاد العالمي، بل ربما يهيئ الأرضية لاضطرابات اجتماعية.
أكمل دلدوربك، شاب من مدينة دوشامبي بطاجيكستان في 23 من عمره تخرج منذ سنتين من الجامعة وظل منذ ذلك الحين عاطلا عن العمل، شأنه شأن معظم الذين تخرجوا معه. ويقول دلدوربك ان المسلك الوحيد المتاح أمامه هو ترك منزل ذويه والانخراط ضمن سيل العاطلين عن العمل في آسيا الوسطى الباحثين عن عمل بأجور متدنية في روسيا، مضيفاً:
"أنا بلا عمل وألازم البيت. لقد درست برمجة الحاسوب، وتقدمت للعمل في كل مكان يحتاج إلى مبرمج. تقدمت للعمل في المصارف وفي الشركات العامة والخاصة، وسوف أستمر في البحث عن عمل، ولكنني لم أجد أي شيء، فسوف يترتب عليّ أن أذهب إلى موسكو لأصبح عاملا مهاجرا".
ويعتبر دلدوربك واحدا من بين العدد المتزايد من الشباب الذين باتوا يفقدون الأمل في اقتصاد عالمي ما زال يسعى إلى التخلص من تداعيات الأزمة المالية.
الصعوبات التي يواجهها الشباب تعكس الضعف العام التي تعاني منه أسواق العمل، غير أن المختص في مجال توظيف الشباب بمنظمة العمل الدولية في بانكوك ماثيو كونياك يقول إن الشباب يتم التخلي عنهم لكونهم أكثر عرضة للبطالة – بنسبة ثلاثة أضعاف – من البالغين، مضيفاً:
"الشباب هم الذين يعانون أكثر من غيرهم من التمييز، ففي فترات النمو الاقتصادي يكونون هم آخر من يتم تعيينه، كما إنهم خلال الأزمات أول من يفقدون أعمالهم".
وتبقى التوقعات لسوق العمالة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ – التي تضم أكبر مجتمع من الشباب في العالم - معتمة أيضا، ففي تايوان والفيليبين نجد واحدا من بين كل ستة شبّان عاطلاً عن العمل، وتبلغ النسبة واحداً من بين كل خمسة من الشبّان. أما منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فهي الأسوأ حالا، حيث يفتقر نحو ربع عدد الشباب إلى العمل.
ويمضي كونياك إلى أن (عمل الفقر) لم يزل يمثل التحدي الأكبر الذي يواجه دول العالم النامي، مضيفاً:
"التركيز الأساس في أوروبا ينصب في خلق فرص العمل، فليس هناك ما يكفي من هذه الفرص. وفي آسيا أيضا ينصب التركيز الأساس على خلق فرص العمل، إلا أنه في حقيقته تركيز على نوعية تلك الفرص وذلك نتيجة غياب الحماية الاجتماعية والافتقار إلى شبكات الحماية الاجتماعية. فليس أمام الشبّان في حقيقة الأمر أي خيار آخر غير العمل تحت ظروف (عمل الفقر)".
وتقول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي إن البطالة المزمنة تقترن بـ (احتمالات كبيرة من الفقر، وتردي الحالة الصحية، والفشل الدراسي لأطفال المعنيين بذلك).
ويمكن للمستويات المتزايدة من الحقد وانعدام الثقة بين صفوف الشباب أن تحتضن جذور الاضطراب الاجتماعي. وهذا ما حدث في موجة احتجاجات الربيع العربي التي اجتاحت شمال أفريقيا والشرق الأوسط ابتداء من أوائل العام الماضي.كما أسفرت في وقت لاحق إجراءات التقشف المتزامنة مع بطء النمو الاقتصادي عن إشعال الاضطرابات في أوروبا الجنوبية.
ويقول كونياك إن صنّاع السياسة انتبهوا إلى تلك التداعيات المخلة بالاستقرار، مضيفاً:
"الأولوية التي تحتلها مسألة توظيف الشباب ضمن الأجندات الدولية لم تبلغ أبدا ما هي عليه اليوم. فها نحن نشاهد ظهور عدد كبير من الدول وهي تتبنى أو تطور خطط عمل لتوظيف الشباب".
وقد دعت كل من منظمة العمل الدولية، ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، إلى تبني سياسات تستهدف الشباب تحديداً، تشمل أيضا تدريبا ووظائف تدعمها الحكومات. ففي فرنسا وافقت الحكومة على برنامج بثلاثة مليار دولار سيتيح للحكومة تمويل معظم تكاليف خلق 150 ألف فرصة عمل خلال العامين المقبلين.
أعد هذا التقرير أنتوان بلوا لغرفة الأخبار المركزية في إذاعة أوروبا الحرة وترجمه أياد الكيلاني.
أكمل دلدوربك، شاب من مدينة دوشامبي بطاجيكستان في 23 من عمره تخرج منذ سنتين من الجامعة وظل منذ ذلك الحين عاطلا عن العمل، شأنه شأن معظم الذين تخرجوا معه. ويقول دلدوربك ان المسلك الوحيد المتاح أمامه هو ترك منزل ذويه والانخراط ضمن سيل العاطلين عن العمل في آسيا الوسطى الباحثين عن عمل بأجور متدنية في روسيا، مضيفاً:
"أنا بلا عمل وألازم البيت. لقد درست برمجة الحاسوب، وتقدمت للعمل في كل مكان يحتاج إلى مبرمج. تقدمت للعمل في المصارف وفي الشركات العامة والخاصة، وسوف أستمر في البحث عن عمل، ولكنني لم أجد أي شيء، فسوف يترتب عليّ أن أذهب إلى موسكو لأصبح عاملا مهاجرا".
ويعتبر دلدوربك واحدا من بين العدد المتزايد من الشباب الذين باتوا يفقدون الأمل في اقتصاد عالمي ما زال يسعى إلى التخلص من تداعيات الأزمة المالية.
جيل مفقود
هناك تحذيرات من ظهور (جيل مفقود) من العاملين الشباب الذين يواجهون مزيجا خطيرا من الركود المتزايد والأعمال غير المستقرة وما يسمى (عمل الفقر) – أي حالة العمل بأجور لا تكفي لنهوض العامل فوق خط الفقر في البلدان النامية. وتشير منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة إلى أن ما يزيد عن 75 مليون شاب في (15-24) عاماً من أعمارهم عاطلون الآن عن العمل، أي بزيادة تبلغ نحو 4 ملايين منذ بدء الأزمة المالية العالمية في 2007. وقد تخلى ما يزيد عن ستة ملايين منهم عن مساعيهم للبحث عن عمل.الصعوبات التي يواجهها الشباب تعكس الضعف العام التي تعاني منه أسواق العمل، غير أن المختص في مجال توظيف الشباب بمنظمة العمل الدولية في بانكوك ماثيو كونياك يقول إن الشباب يتم التخلي عنهم لكونهم أكثر عرضة للبطالة – بنسبة ثلاثة أضعاف – من البالغين، مضيفاً:
"الشباب هم الذين يعانون أكثر من غيرهم من التمييز، ففي فترات النمو الاقتصادي يكونون هم آخر من يتم تعيينه، كما إنهم خلال الأزمات أول من يفقدون أعمالهم".
أوروبا وآسيا
في دول الاتحاد الأوروبي، ليس في وسع واحد من بين كل خمسة شبّان دون الـ 25 عاماً من العمر المستعدين للعمل، أن يجد فرصة عمل، في الوقت الذي يتزايد عدد الشباب المضطرين إلى قبول أعمال العقود المؤقتة أو اللجوء إلى الاقتصاد غير الرسمي.وتبقى التوقعات لسوق العمالة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ – التي تضم أكبر مجتمع من الشباب في العالم - معتمة أيضا، ففي تايوان والفيليبين نجد واحدا من بين كل ستة شبّان عاطلاً عن العمل، وتبلغ النسبة واحداً من بين كل خمسة من الشبّان. أما منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فهي الأسوأ حالا، حيث يفتقر نحو ربع عدد الشباب إلى العمل.
ويمضي كونياك إلى أن (عمل الفقر) لم يزل يمثل التحدي الأكبر الذي يواجه دول العالم النامي، مضيفاً:
"التركيز الأساس في أوروبا ينصب في خلق فرص العمل، فليس هناك ما يكفي من هذه الفرص. وفي آسيا أيضا ينصب التركيز الأساس على خلق فرص العمل، إلا أنه في حقيقته تركيز على نوعية تلك الفرص وذلك نتيجة غياب الحماية الاجتماعية والافتقار إلى شبكات الحماية الاجتماعية. فليس أمام الشبّان في حقيقة الأمر أي خيار آخر غير العمل تحت ظروف (عمل الفقر)".
قنبلة موقوتة
ومع دخول نحو 40 مليون شاب سنويا أسواق العمل يقول خبراء سوق العمالة ومدراء الشركات إن العالم يقف فوق قنبلة اقتصادية واجتماعية موقوتة. وعلى سبيل المثال، فإن قدرات الشباب غير المستخدمة تعتبر حيوية في البلدان التي تزداد فيها نسبة كبار السن لدى شعوبها، ففيها نجد أن كلما قل عدد العاملين الشباب قلت فيها أيضا الضرائب اللازمة لسد التكاليف الاجتماعية المتزايدة. أما العاطلين عن العمل لفترات طويلة فتتناقص مع الزمن فرص إيجادهم للعمل، ويبقى دخلهم منخفضا طوال حياتهم العملية.وتقول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي إن البطالة المزمنة تقترن بـ (احتمالات كبيرة من الفقر، وتردي الحالة الصحية، والفشل الدراسي لأطفال المعنيين بذلك).
ويمكن للمستويات المتزايدة من الحقد وانعدام الثقة بين صفوف الشباب أن تحتضن جذور الاضطراب الاجتماعي. وهذا ما حدث في موجة احتجاجات الربيع العربي التي اجتاحت شمال أفريقيا والشرق الأوسط ابتداء من أوائل العام الماضي.كما أسفرت في وقت لاحق إجراءات التقشف المتزامنة مع بطء النمو الاقتصادي عن إشعال الاضطرابات في أوروبا الجنوبية.
ويقول كونياك إن صنّاع السياسة انتبهوا إلى تلك التداعيات المخلة بالاستقرار، مضيفاً:
"الأولوية التي تحتلها مسألة توظيف الشباب ضمن الأجندات الدولية لم تبلغ أبدا ما هي عليه اليوم. فها نحن نشاهد ظهور عدد كبير من الدول وهي تتبنى أو تطور خطط عمل لتوظيف الشباب".
وقد دعت كل من منظمة العمل الدولية، ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، إلى تبني سياسات تستهدف الشباب تحديداً، تشمل أيضا تدريبا ووظائف تدعمها الحكومات. ففي فرنسا وافقت الحكومة على برنامج بثلاثة مليار دولار سيتيح للحكومة تمويل معظم تكاليف خلق 150 ألف فرصة عمل خلال العامين المقبلين.
أعد هذا التقرير أنتوان بلوا لغرفة الأخبار المركزية في إذاعة أوروبا الحرة وترجمه أياد الكيلاني.