فيما تتواصلُ احتجاجاتٌ شعبية لليوم السابع على التوالي في غرب البلاد أقرّت بغداد بأن بعض مطالب المتظاهرين "مشروعة". وتَـعهّد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأن يتابعَ شخصياً تنفيذ هذه المطالب ولا سيما ما يتعلق منها بقضايا المعتقلين والنساء.
التـعهُّد الرسمي قُطِـع خلال لقاء المالكي السبت مع وفدٍ من علماء دين ووجهاء يتقدّمهم مفتي أهل السنّة الشيخ مهدي الصميدعي في إطارِ مساعٍ تُـبذَل للحوار مع المتظاهرين. ونقل بيان عنه القول إن من الضروري "تكاتف جميع العراقيين لتفويت الفرصة على المتربصين بالعراق وأهله"، داعياً العلماء إلى تشكيل لجنة تضمّهم مع عددٍ من "القضاة لتحري السجون والمعتقلات وتأشير مَواطن الخلل ليقوموا هم بإصلاحها فوراً." فيما أكد وفد العلماء أنهم "سيباشرون بجمع الأسماء والشكاوى لمتابعتها ميدانياً واتخاذ اللازم بشأنها."
الحـراكُ الشعبي الحالي يُـذكّـرُ بتظاهرات شهدتها مناطق متفرقة ومن بينها العاصمة بغداد مطلع العام 2011 احتجاجاً على سوء الخدمات العامة وتزامنَت آنذاك مع انتفاضات الربيع العربي في المنطقة. لكن تلك الاحتجاجات سرعان ما انحسَرت في أعقابِ تعهداتٍ رسمية بأن تُحسـّنَ مختلفُ الوزارات ودوائر الدولة أداءَها على أن يُجرى تقويم هذا الأداء بعد فترة 100 يوم. وسلّطت الفيضاناتُ الأخيرة التي عمّت أحياء العاصمة ومناطق عراقية أخرى بسبب هطول أمطار غزيرة سلّطت الأضواء من جديد على هذه المسألة في الوقت الذي انطلقت دعوات للتعبير مجدداً عن الغضب الشعبي على سوء الخدمات بالتزامن مع تظاهراتٍ في غرب البلاد احتجاجاً على انتهاكات حقوق الإنسان وما يصفه المشاركون في المسيرات بتهميشٍ لأحد المكوّنات الأساسية للمجتمع العراقي.
وفي تقريرٍ نَـشَرته مطبوعة غربية بارزة عن هذه التطورات، اعتبرت صحيفة (غارديان) البريطانية The Guardian أن "الاضطرابات هي جزء من صراعات طائفية أوسع تهدد استقرار البلاد وذلك بعد عام من رحيل القوات الأميركية."
كما لاحَـظَت هذه الصحيفة "أن التوترات السياسية تَشـتدّ في وقت حساس" مع وجود الرئيس العراقي جلال طالباني خارج البلاد للعلاج في أحد المستشفيات الألمانية ما يُغـيّب عن الساحة السياسية شخصية تُعتبر على نطاق واسع بأنها قادرة على التوسط بين مختلف الفئات العرقية والطائفية، بحسب تعبيرها.
ولمزيد من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة مع عميد كلية الإعلام في جامعة بغداد الدكتور هاشم حسن الذي قال لإذاعة العراق الحر أولاً "نحن بلحظة تاريخية بل مفارقة كبرى للممارسة الديمقراطية في العراق فالربيع العراقي الذي بدأ بمظاهرات في ساحة التحرير لم يُفضِ إلى نتيجة. وللأسف ثبت أن أصحاب الأجندات هم الذين يستطيعون أن يحرّكوا الشارع العراقي. لكن المؤلم أن هذا التحرك لم ينطلق تحت هوية عراقية وإنما بشعارات تُـوظّف طائفياً"، بحسب رأيه.
يشار إلى أحدث مقال نشرَه الأكاديمي والصحافي العراقي هاشم حسن على صفحات جريدة (البيان) العراقية الأحد تحت عنوان "أهذا هو العراق؟" وقال فيه إن هذا التساؤل "يردده كل إنسان عراقي عاقل متحضر نذر نفسه للتضحية من أجل أخوته وهويته العراقية مهما كانت تسمياتها الفرعية وأصناف قومياتها ومذاهبها وطوائفها إذ يتكرر السؤال بإلحاح عندما يتكرر الخطاب الطائفي والتعصب القومي لدرجة التلويح برفع السلاح والاستمرار بقطع الطريق الدولي."
وكان الكاتب نشر عموداً آخر على صفحات جريدة (المشرق) العراقية تحت عنوان "لماذا غرقت بغداد؟" ذكر فيه أن "الشعب يريد شوارع نظيفة وجزرات وسطية وأرصفة تنفذ لمرة واحدة ويغلق ملفها لترتاح الأمانة ويرتاح الناس... ولا نريد تفسيراً لطفح المجاري بل إنجازاً بمواعيد صادقة ومواصفات عالية وتعهدات بعدم تكرار ذلك وإشغال الدولة بكاملها لحل المشكلة بطرق بدائية كلفت كثيراً وكنا نأمل توجه هذا الجهد الكبير لاستكمال المشاريع الأخرى المتلكئة"، على حد تعبيره.
من جهته، قال المحامي حسن شعبان الناشط في حقوق الإنسان لإذاعة العراق الحر في إجابته عن سؤال يتعلق بترابط التظاهرات الحالية مع الاحتجاجات الشعبية على سوء الخدمات قبل نحو عامين "أعتقد أن هناك نوعاً من الترابط بين الاحتجاجات السابقة وما يجري حالياً في الرمادي وسامراء والموصل وغيرها من المدن بالإضافة إلى الحراك الذي نشأ أخيراً جراء الفيضانات التي حدثت في بغداد ومناطق أخرى وتأثيرها على الخدمات. لكن هذا النوع من الترابط ليس من شأنه أن يؤدي إلى عمل سياسي كبير خاصةً وأن إدارة الأزمات للحكومة على ما يبدو قديرة ومتمكنة في هذا المجال بالنظر لقبولها بحلول عمَلية لقضايا تهمّ المحافظات الغربية والبلاد بأسرها ولا سيما فيما يخصّ المعتقلات..."، بحسب تعبيره.
وفي المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف، ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق، تحدث شعبان عن موضوعات أخرى ذات صلة وأعرب عن اعتقاده أنه بالمقارنة مع احتجاجات شباط 2011 على سوء الخدمات "شعَرَت الحكومة أن المسألة لم تعد كما كانت في السابق، أي أنها يمكن أن تُحلّ عبر تعهدات فقط بل تحتاج الآن إلى ممارسات عملية." كما أجاب المحامي والناشط في حقوق الإنسان عن سؤالين آخرين يتعلق أحدهما بمستجدات قضية السجينات والآخر حول دور الشارع العراقي في تحريك مختلف القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تتعلق بالحياة اليومية للمواطنين.
التـعهُّد الرسمي قُطِـع خلال لقاء المالكي السبت مع وفدٍ من علماء دين ووجهاء يتقدّمهم مفتي أهل السنّة الشيخ مهدي الصميدعي في إطارِ مساعٍ تُـبذَل للحوار مع المتظاهرين. ونقل بيان عنه القول إن من الضروري "تكاتف جميع العراقيين لتفويت الفرصة على المتربصين بالعراق وأهله"، داعياً العلماء إلى تشكيل لجنة تضمّهم مع عددٍ من "القضاة لتحري السجون والمعتقلات وتأشير مَواطن الخلل ليقوموا هم بإصلاحها فوراً." فيما أكد وفد العلماء أنهم "سيباشرون بجمع الأسماء والشكاوى لمتابعتها ميدانياً واتخاذ اللازم بشأنها."
الحـراكُ الشعبي الحالي يُـذكّـرُ بتظاهرات شهدتها مناطق متفرقة ومن بينها العاصمة بغداد مطلع العام 2011 احتجاجاً على سوء الخدمات العامة وتزامنَت آنذاك مع انتفاضات الربيع العربي في المنطقة. لكن تلك الاحتجاجات سرعان ما انحسَرت في أعقابِ تعهداتٍ رسمية بأن تُحسـّنَ مختلفُ الوزارات ودوائر الدولة أداءَها على أن يُجرى تقويم هذا الأداء بعد فترة 100 يوم. وسلّطت الفيضاناتُ الأخيرة التي عمّت أحياء العاصمة ومناطق عراقية أخرى بسبب هطول أمطار غزيرة سلّطت الأضواء من جديد على هذه المسألة في الوقت الذي انطلقت دعوات للتعبير مجدداً عن الغضب الشعبي على سوء الخدمات بالتزامن مع تظاهراتٍ في غرب البلاد احتجاجاً على انتهاكات حقوق الإنسان وما يصفه المشاركون في المسيرات بتهميشٍ لأحد المكوّنات الأساسية للمجتمع العراقي.
وفي تقريرٍ نَـشَرته مطبوعة غربية بارزة عن هذه التطورات، اعتبرت صحيفة (غارديان) البريطانية The Guardian أن "الاضطرابات هي جزء من صراعات طائفية أوسع تهدد استقرار البلاد وذلك بعد عام من رحيل القوات الأميركية."
كما لاحَـظَت هذه الصحيفة "أن التوترات السياسية تَشـتدّ في وقت حساس" مع وجود الرئيس العراقي جلال طالباني خارج البلاد للعلاج في أحد المستشفيات الألمانية ما يُغـيّب عن الساحة السياسية شخصية تُعتبر على نطاق واسع بأنها قادرة على التوسط بين مختلف الفئات العرقية والطائفية، بحسب تعبيرها.
ولمزيد من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة مع عميد كلية الإعلام في جامعة بغداد الدكتور هاشم حسن الذي قال لإذاعة العراق الحر أولاً "نحن بلحظة تاريخية بل مفارقة كبرى للممارسة الديمقراطية في العراق فالربيع العراقي الذي بدأ بمظاهرات في ساحة التحرير لم يُفضِ إلى نتيجة. وللأسف ثبت أن أصحاب الأجندات هم الذين يستطيعون أن يحرّكوا الشارع العراقي. لكن المؤلم أن هذا التحرك لم ينطلق تحت هوية عراقية وإنما بشعارات تُـوظّف طائفياً"، بحسب رأيه.
يشار إلى أحدث مقال نشرَه الأكاديمي والصحافي العراقي هاشم حسن على صفحات جريدة (البيان) العراقية الأحد تحت عنوان "أهذا هو العراق؟" وقال فيه إن هذا التساؤل "يردده كل إنسان عراقي عاقل متحضر نذر نفسه للتضحية من أجل أخوته وهويته العراقية مهما كانت تسمياتها الفرعية وأصناف قومياتها ومذاهبها وطوائفها إذ يتكرر السؤال بإلحاح عندما يتكرر الخطاب الطائفي والتعصب القومي لدرجة التلويح برفع السلاح والاستمرار بقطع الطريق الدولي."
وكان الكاتب نشر عموداً آخر على صفحات جريدة (المشرق) العراقية تحت عنوان "لماذا غرقت بغداد؟" ذكر فيه أن "الشعب يريد شوارع نظيفة وجزرات وسطية وأرصفة تنفذ لمرة واحدة ويغلق ملفها لترتاح الأمانة ويرتاح الناس... ولا نريد تفسيراً لطفح المجاري بل إنجازاً بمواعيد صادقة ومواصفات عالية وتعهدات بعدم تكرار ذلك وإشغال الدولة بكاملها لحل المشكلة بطرق بدائية كلفت كثيراً وكنا نأمل توجه هذا الجهد الكبير لاستكمال المشاريع الأخرى المتلكئة"، على حد تعبيره.
من جهته، قال المحامي حسن شعبان الناشط في حقوق الإنسان لإذاعة العراق الحر في إجابته عن سؤال يتعلق بترابط التظاهرات الحالية مع الاحتجاجات الشعبية على سوء الخدمات قبل نحو عامين "أعتقد أن هناك نوعاً من الترابط بين الاحتجاجات السابقة وما يجري حالياً في الرمادي وسامراء والموصل وغيرها من المدن بالإضافة إلى الحراك الذي نشأ أخيراً جراء الفيضانات التي حدثت في بغداد ومناطق أخرى وتأثيرها على الخدمات. لكن هذا النوع من الترابط ليس من شأنه أن يؤدي إلى عمل سياسي كبير خاصةً وأن إدارة الأزمات للحكومة على ما يبدو قديرة ومتمكنة في هذا المجال بالنظر لقبولها بحلول عمَلية لقضايا تهمّ المحافظات الغربية والبلاد بأسرها ولا سيما فيما يخصّ المعتقلات..."، بحسب تعبيره.
وفي المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف، ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق، تحدث شعبان عن موضوعات أخرى ذات صلة وأعرب عن اعتقاده أنه بالمقارنة مع احتجاجات شباط 2011 على سوء الخدمات "شعَرَت الحكومة أن المسألة لم تعد كما كانت في السابق، أي أنها يمكن أن تُحلّ عبر تعهدات فقط بل تحتاج الآن إلى ممارسات عملية." كما أجاب المحامي والناشط في حقوق الإنسان عن سؤالين آخرين يتعلق أحدهما بمستجدات قضية السجينات والآخر حول دور الشارع العراقي في تحريك مختلف القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تتعلق بالحياة اليومية للمواطنين.