روابط للدخول

خبر عاجل

إنجازات علمية وتقنية تغيّر وجه العالم


صورة بانورامية لسطح المريخ إلتقطتها عربة كيوريوستي الجوالة.
صورة بانورامية لسطح المريخ إلتقطتها عربة كيوريوستي الجوالة.
من على سطح كوكب المريخ إلى أعمق بقعة تحت سطح الأرض، ومن غابات غينيا الجديدة المكتظة إلى مختبر أنيق للطباعة المجسمة، كانت أماكن ظهور التطورات العلمية والتقنية متفرقة ومتباعدة، إلا أن الصفة المميزة التي جمعت بينها تتمثل في قدرتها على إثارة الدهشة والإلهام بين صفوف الباحثين ولدى عامة الناس طوال عام 2012.

هبوط على المريخ

وبعد رحلة استمرت أكثر من ثمانية أشهر تمكنت وكالة الفضاء الأميركية (NASA) من تنفيذ إحدى أكثر عمليات الهبوط تعقيداً، حين هبطت العربة الجوّالة Curiosity على سطح المريخ في آب المنصرم. العربة التي تزن نحو 2000 رطل مليئة بأجهزة بالغة التطور للبحث عما يدل على وجود ظروف قادرة على احتضان الحياة في تاريخ المريخ السحيق، بل ربما تعثر أيضا على أدلة أخرى تشير إلى الوجود الحالي لحياة ميكروبية. ولم يخيّب المختبر الجوال ذي العجلات الست آمال العلماء حين أشارت تحليلاته لنماذج من الحصى السطحية إلى ما جعل العلماء يستنتجون أن الماء – ذلك المكوّن الأساسي للحياة كما نعرفها – كان يجري ذات يوم على سطح ذلك الكوكب الأحمر.

مقارنة بين حصى الأرض ومثيله على المريخ
مقارنة بين حصى الأرض ومثيله على المريخ
وكانت Rebecca Williams عضوة طاقم تلك العربة الجوالة قد أدلت بهذا الإعلان التاريخي، موضحةً بالقول:
"هذه الحصى التي نشاهدها هنا تتميز أولا بشكلها المكوّر المصقول وبحجمها أيضا، فهي كبيرة بمقدار يحول دون تنقلها بفعل الرياح، ولقد أجمع الطاقم العلمي على كونها حصى كانت تتنقل بفعل مجاري مائية نشطة".

إكتشاف الجزيء الغامض

الحدث الذي فاق ما تنجزه Curiosity من إثارة فكان الإعلان الملفت عن نجاح العلماء، على الأرجح، في اكتشاف وجود الجزيء الغامض المفترض المعروف باسم (Higgs Boson)، والذي ربما يفسر كيفية اكتساب المادة لكتلتها. وكان Joe Incandela أحد الباحثين عن الجزيء في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية بسويسرا، قد أطلع وسائل الإعلام في تموز بأنه وزملاؤه قد تمكنوا من (بلوغ نسيج الكون)، يقول:

جو إنكانديللا (يمين)
جو إنكانديللا (يمين)
"كنا نبحث من خلال مثل هذه التجارب عن أحد أندر الجزيئات على الإطلاق، وبالتالي فإن النتيجة الحالية تعتبر أولية جدا، إلا أننا نعتقد بأنها قوية جدا، فإن لم تكن كذلك لما كنا عرضناها".
وكانت المراجعات اللاحقة للبيانات العلمية قد أكدت صواب ما تم اكتشافه، كما أشارت إلى تماشي الجزيء مع (النموذج القياسي) للفيزياء. وحتى وإن لم يكن Higgs Boson الجزيء القادر على الإسهام في تفسير (المادة المعتمة)، فقد تم وصف اكتشافه بأنه أحد أعظم الاكتشافات في علم الفيزياء خلال القرن المنصرم.

نزول وإرتقاء

ومما يستحق الإشارة إليه أيضا ضمن أحداث عام 2012 هو قيام James Cameron مخرج فلم (Titanic)، برحلة إلى (هوة Mariana) التي يبلغ عمقها أكثر من 11 كيلومترا في قاع المحيط الهادئ، ما يجعلها أعمق نقطة على سطح الأرض. وكانت عملية الغوص التي قام بها هي الأولى التي قام بها شخص بمفرده، وتمكن خلالها من رصد كائنات حية لم تكن معروفة قبل ذلك.

باومغارتنر يقفز من الكبسولة
باومغارتنر يقفز من الكبسولة
كما قام أيضا المغامر النمساوي Felix Baumgartner بعملية هبوط فردية حين هوى من حافة الفضاء الخارجي إلى سطح الأرض في شهر تشرين الأول. وكان هبوطه الحر الذي استغرق 4 دقائق و20 ثانية قد جعل الرجل البالغ عمره 43 عاماً أول إنسان يخترق حاجز سرعة الصوت دون الاستعانة بطائرة فائقة السرعة أو بمكوك فضائي.
وفيما كان Baumgartner يهبط من حافة الفضاء انطلقت SpaceX Dragon في الاتجاه المعاكس لتصبح أول مركبة تجارية تبلغ المحطة الفضائية الدولية وتزودها بحمولة من الاحتياجات، الأمر الذي يعتبره البعض بداية عهد جديد من الاستكشاف الفضائي التجاري.

علاجات جديدة

وقدّم عام 2012 حصته من التقدم المفاجئ على الصعيد الصحي، ففي نيسان نشر علماء في المملكة المتحدة بحثاً يستند إلى أوسع دراسة جينية لأنسجة سرطان الثدي، مفادها أن هذه العلّة ليست مرضاً واحداً، بل يمكن تصنيفها إلى عشرة أنماط مختلفة. ومن المحتمل أن يؤدي هذا البحث إلى تطوير علاجات محددة بحسب الحالة، ما يسفر بدوره عن تزايد حالات الشفاء من المرض.
وحقق العلماء أيضا تقدما في اتجاه هدف تحفيز جسم الإنسان لبناء أعضاء بديلة، وأظهرت إحدى الدراسات في مجال هندسة الأنسجة تم نشرها خلال موسم الصيف تبين تقدم علماء أميركيون خطوة جديدة نحو تصنيع كبد اصطناعي إثر تكوينهم لهيكل عضوي مصنوع من السكر يتيح للأوعية الدموية النمو فيه. وكانت هذه التجربة قد جمعت بين العلم والتكنولوجيا فقد تم تصنيع الهيكل باستخدام (الطباعة المجسمة). كما استخدمت الطباعة المجسمة في تصنيع فك اصطناعي يتم زرعه في المصاب. أما تقنية (الطباعة المجسمة) – التي سرعان ما احتلت الأضواء العامة خلال هذه السنة – فلا ينحصر استخدامها في المجالين الطبي والصناعي.
ويوضح Brian Barrett، صاحب مدونة (Gizmodo) التكنولوجية التي أصبحت تلقى رواجاً في الولايات المتحدة، ما تقوم به طابعة الأبعاد الثلاثة، بالقول:

نماذج للطباعة ثلاثية الأبعاد
نماذج للطباعة ثلاثية الأبعاد
"بدلاً من طباعة الحبر على الورق، تستخدم الطابعة بكرات صغيرة من الألياف البلاستيكية، ويمكنها بعد تزويدها بالتعليمات المناسبة أن تكوّن أي شكل تريده، سواء كان أداةً أو وعاءاً أو حتى نموذجاً طبق الأصل للبيت الأبيض. يمكنك البحث في الإنترنت عن نموذج ما، وتحمله في كومبيوترك، وترسله إلى طابعتك ثلاثية الأبعاد، لتحصل بعد بضع دقائق أو عدة ساعات – بحسب حجم ما طلبته – على هيئة مجسّمة لما أمرت به. أما المذهل في الأمر هو أن الحدود المتاحة لا يحددها غير خيالك".
ويقول المطلعون إن الطباعة المجسمة ستزداد رواجاً خلال العام المقبل، خصوصا مع هبوط أسعار الطابعات المنزلية إلى أقل من 2000 دولار.

لمسات أليكتروني

أما النزعة التي أثبتت وجودها فهي الاهتمام المتزايد بين المستهلكين بالأجهزة المحمولة وتلك التي تستخدم الشاشات التي تستجيب للمسات الأصابع، فقد شهد العام الحالي استمرار رواج أجهزة الكومبيوتر اللوحي التي يتوقع لها المحللون تفوقا على اللكومبيوتر الشخصي المألوف خلال السنوات المقبلة. لذا نجد شركات ابتكار البرامج وهي تضاعف اهتمامها بالبرامج الملائمة بشكل أساس للكومبيوتر اللوحي بعد أن كانت تحتل اهتماما ثانوياً.

سطح جديد للكومبيوتر اللوحي
سطح جديد للكومبيوتر اللوحي
ويقول Barrett ان نظام التشغيل (Windows 8) الذي تم إطلاقه في عام 2012 يأتي في مقدمة هذه البرامج، مضيفاً:
"إنه أول إعادة تصوير لما يجب أن يكون شكل التعامل مع الكومبيوتر منذ أمد طويل، ومن الجوانب التي تجعله متطوراً في حداثته، انه يسلط الانتباه على حاسة اللمس. إنه ناجح للغاية في اللكومبيوتر اللوحي – بكل ما يشجع عليه من لمس ودعك – كما إنه المؤشر نحو عصر الكومبيوتر الدفتري الأكبر الذي يعمل هو الآخر من خلال شاشات اللمس".

وشهد موقع Facebook للتواصل الاجتماعي حيازة حصته الكبيرة من تقنيات اللمس والدعك، فقد بلغ هذا الموقع مساحة رواج قياسية جديدة هذه السنة، وقد أعلن الموقع في تشرين الأول أن ما يزيد عن مليار مشترك يستخدمه كل شهر.

أعد هذا التقرير ريشارد سولاش لغرفة الأخبار المركزية في إذاعة أوروبا الحرة وترجمه أياد الكيلاني.
XS
SM
MD
LG