كان "الربيع العربي" قد بدأ وسط تطلعات نحو مستقبل أفضل، إلا أن الأوضاع بعد مرور عامين تبدو أكثر تعقيداً، فقد شهد هذا الربيع صعوبات جمة خلال هذه السنة، إذ ما زالت مصر تعاني من أسوأ أزمة سياسية شهدتها منذ نجاح الاحتجاجات الجماهيرية في الشوارع بإطاحة الرئيس السابق حسني مبارك العام الماضي. كما تزداد الحرب الأهلية في سورية حدة مع مرور كل يوم.
ويأتي هذا الواقع مع المشكلات السائدة في دول عربية أخرى متباينا بشكل واضح مع حالة التفاؤل التي أحاطت بالربيع العربي في العام الماضي، ذلك التفاؤل النابع من الإطاحة بأربعة طغاة في أضخم تحد للحكم الاستبدادي منذ انهيار الكتلة السوفيتية. غير أن ثورات 2011 في كل من تونس ومصر واليمن – وإن كانت قد نجحت بلا سفك للدماء بشكل عام، فلقد خيمت عليها غمامة الحرب الأهلية في ليبيا والمخاوف من أن بناء الدول الديمقراطية الجديدة ربما سيكون أصعب بكثير من مجرد إطاحة الطغاة. وقد ظهر صواب تلك المخاوف خلال العام الجاري.
في مصر نشب خلاف بين العلمانيين والإسلاميين الذين كانوا قد اتحدوا من أجل إطاحة مبارك، حول ما يعتبر محاولة من قبل الرئيس الإسلامي الجديد محمد مرسي للاستيلاء على السلطة، ما أسفر عن نشوب مواجهات دموية عنيفة بين مؤيدي الجانبين.
ويقول العلمانيون إن لجنة الدستور التي يهيمن عليها الإسلاميون سارعت في تمرير مسودة وثيقة تفتقر إلى نصوص لحماية المرأة والأقليات قرر مرسي طرحها للاستفتاء العام في 15 كانون الأول، ما أسفر بعد الجولة الأولى عن المزيد من الشغب في الشوارع.
وفي تونس – التي انطلقت منها موجة التحركات الديمقراطية في المنطقة في كانون الأول 2010 – هناك أيضا خلافات بين العلمانيين والإسلاميين. الحكومة الانتقالية بقيادة الإسلاميين التي تقوم بصياغة الدستور الجديد تقول إنها لا تنوي تطبيق الشريعة الإسلامية، ولكن الجماعات العلمانية تخشى حدوث تغيير في هذا الموقف قبل الانتهاء من وضع الدستور في أوائل العام المقبل.
وترى مها عزام من معهد Chatham House اللندني إن الخلافات بين العلمانيين والإسلاميين ليست أمرا جديدا في العالم العربي، إلا أن الربيع العربي تسبب غي اتساعها، مضيفةً:
"الخلاف موجود منذ القدم. أما الذي نشاهده مع اتساع العملية السياسية فهو ظهور لذلك الخلاف مع تزايد تنافس مختلف القوى السياسية على السلطة والنفوذ. أعتقد أن المجتمعات المهتمة بدرجة كبيرة بالتطور الاقتصادي وبقدر من الاستقرار خلال المراحل الأولى من الديمقراطية تواجه خطر غياب شيء من الإجماع حول صياغة الدستور مثلا، أو حول المبادئ الأساسية للحكم".
وتمضي عزام إلى القول ان السؤال المطروح لعام 2013 إن كانت البلدان التي مر بها الربيع العربي ستحقق أوضاعا طبيعية، أم إنها ستراوح في وضع انعدام الاستقرار السياسي. إلا أنها مقتنعة بأن الاندفاع نحو الديمقراطية لا عودة عنه في جميع الأحوال، موضحةً:
"مجتمعات العالم العربي التي مرت بها تجربة الربيع العربي قد مضت في التأكيد على المطالبة بقدر أكبر من الحرية وبالمزيد من المساءلة بدرجة تحول دون التراجع عن ذلك النهج".
أما في سورية المنهمكة في الحرب فإن التحديات مختلفة تماماً. فالسؤال المطروح هناك لعام 2013 فهو إن كانت المتمردة قادرة على دحر الرئيس السوري بشار الأسد بدون تدخل خارجي. وسيستمر الجدل الدولي في التركيز على إمكانية تحقيق التدخل الذي يواجه معارضة حليفي الأسد، روسيا والصين.
وحتى في منطقة الخليج العربي التي لم يبلغها الربيع العربي بعد – باستثناء البحرين – لا يبدو المستقبل واضحا. فتقول كارولاين بين من Economist Intelligence Unit في لندن إن الدول الخليجية الغنية بالنفط تمكنت من تحاشي موجة التغيير من خلال مضاعفة إنفاقها الاجتماعي، مع غياب ضمانات بأن ذلك سيتجاوز كونه تدبيرا مؤقتاً، مضيفةً:
"في الخليج، أعتقد أن السعودية هي الدولة الأهم في مواجهة تحديات الحفاظ على رضا شعبها تجاه النظام السائد. أما أحد أهم معالم الربيع العربي فهو تنامي إعلام التواصل الاجتماعي، ما يجعل حتى الدول المغلقة – كالمملكة العربية السعودية – تكافح من أجل صد موجة إعلام التواصل الاجتماعي".
أعد هذا التقرير تشارلس ريكنغل لغرفة الأخبار المركزية في إذاعة أوروبا الحرة وترجمه أياد الكيلاني.
ويأتي هذا الواقع مع المشكلات السائدة في دول عربية أخرى متباينا بشكل واضح مع حالة التفاؤل التي أحاطت بالربيع العربي في العام الماضي، ذلك التفاؤل النابع من الإطاحة بأربعة طغاة في أضخم تحد للحكم الاستبدادي منذ انهيار الكتلة السوفيتية. غير أن ثورات 2011 في كل من تونس ومصر واليمن – وإن كانت قد نجحت بلا سفك للدماء بشكل عام، فلقد خيمت عليها غمامة الحرب الأهلية في ليبيا والمخاوف من أن بناء الدول الديمقراطية الجديدة ربما سيكون أصعب بكثير من مجرد إطاحة الطغاة. وقد ظهر صواب تلك المخاوف خلال العام الجاري.
في مصر نشب خلاف بين العلمانيين والإسلاميين الذين كانوا قد اتحدوا من أجل إطاحة مبارك، حول ما يعتبر محاولة من قبل الرئيس الإسلامي الجديد محمد مرسي للاستيلاء على السلطة، ما أسفر عن نشوب مواجهات دموية عنيفة بين مؤيدي الجانبين.
ويقول العلمانيون إن لجنة الدستور التي يهيمن عليها الإسلاميون سارعت في تمرير مسودة وثيقة تفتقر إلى نصوص لحماية المرأة والأقليات قرر مرسي طرحها للاستفتاء العام في 15 كانون الأول، ما أسفر بعد الجولة الأولى عن المزيد من الشغب في الشوارع.
وفي تونس – التي انطلقت منها موجة التحركات الديمقراطية في المنطقة في كانون الأول 2010 – هناك أيضا خلافات بين العلمانيين والإسلاميين. الحكومة الانتقالية بقيادة الإسلاميين التي تقوم بصياغة الدستور الجديد تقول إنها لا تنوي تطبيق الشريعة الإسلامية، ولكن الجماعات العلمانية تخشى حدوث تغيير في هذا الموقف قبل الانتهاء من وضع الدستور في أوائل العام المقبل.
وترى مها عزام من معهد Chatham House اللندني إن الخلافات بين العلمانيين والإسلاميين ليست أمرا جديدا في العالم العربي، إلا أن الربيع العربي تسبب غي اتساعها، مضيفةً:
"الخلاف موجود منذ القدم. أما الذي نشاهده مع اتساع العملية السياسية فهو ظهور لذلك الخلاف مع تزايد تنافس مختلف القوى السياسية على السلطة والنفوذ. أعتقد أن المجتمعات المهتمة بدرجة كبيرة بالتطور الاقتصادي وبقدر من الاستقرار خلال المراحل الأولى من الديمقراطية تواجه خطر غياب شيء من الإجماع حول صياغة الدستور مثلا، أو حول المبادئ الأساسية للحكم".
وتمضي عزام إلى القول ان السؤال المطروح لعام 2013 إن كانت البلدان التي مر بها الربيع العربي ستحقق أوضاعا طبيعية، أم إنها ستراوح في وضع انعدام الاستقرار السياسي. إلا أنها مقتنعة بأن الاندفاع نحو الديمقراطية لا عودة عنه في جميع الأحوال، موضحةً:
"مجتمعات العالم العربي التي مرت بها تجربة الربيع العربي قد مضت في التأكيد على المطالبة بقدر أكبر من الحرية وبالمزيد من المساءلة بدرجة تحول دون التراجع عن ذلك النهج".
أما في سورية المنهمكة في الحرب فإن التحديات مختلفة تماماً. فالسؤال المطروح هناك لعام 2013 فهو إن كانت المتمردة قادرة على دحر الرئيس السوري بشار الأسد بدون تدخل خارجي. وسيستمر الجدل الدولي في التركيز على إمكانية تحقيق التدخل الذي يواجه معارضة حليفي الأسد، روسيا والصين.
وحتى في منطقة الخليج العربي التي لم يبلغها الربيع العربي بعد – باستثناء البحرين – لا يبدو المستقبل واضحا. فتقول كارولاين بين من Economist Intelligence Unit في لندن إن الدول الخليجية الغنية بالنفط تمكنت من تحاشي موجة التغيير من خلال مضاعفة إنفاقها الاجتماعي، مع غياب ضمانات بأن ذلك سيتجاوز كونه تدبيرا مؤقتاً، مضيفةً:
"في الخليج، أعتقد أن السعودية هي الدولة الأهم في مواجهة تحديات الحفاظ على رضا شعبها تجاه النظام السائد. أما أحد أهم معالم الربيع العربي فهو تنامي إعلام التواصل الاجتماعي، ما يجعل حتى الدول المغلقة – كالمملكة العربية السعودية – تكافح من أجل صد موجة إعلام التواصل الاجتماعي".
أعد هذا التقرير تشارلس ريكنغل لغرفة الأخبار المركزية في إذاعة أوروبا الحرة وترجمه أياد الكيلاني.