أزمات متجددة على الدوام
تميز العراق الجديد ومنذ نيسان 2003 بالتنقل بحرية كاملة وبشكل انسيابي تماما من أزمة إلى أخرى، ومن مشكلة إلى أخرى، ومن تصعيد في نبرة الحديث إلى تخفيض يعقبه ارتفاع حاد يلغي كل ما جاء قبله من حلو الكلام وجميل جمل المصالحة.آخر الأزمات تعلقت بعدد من الأشخاص يعملون ضمن حماية وزير المالية رافع العيساوي وقد اعتقلوا في العشرين من هذا الشهر فأعقب ذلك ارتفاع جديد في نبرة الحديث بين السياسيين.
تقول الحكومة إن مسألة حماية العيساوي قضائية بحتة في حين يؤكد مناصرو الوزير أن المسألة تتعلق باستهداف المكون السني وأن للقضية أبعادا طائفية واضحة.
الأزمة في بغداد والاحتجاج في الانبار
رافقت هذه التصريحات مظاهرات واحتجاجات عمت الجانب الغربي من العراق لاسيما في الانبار حيث قام المتظاهرون بقطع الطريق السريع المؤدي إلى الأردن والى سوريا ومنعوا الشاحنات والسيارات من المرور واتهموا الحكومة بالطائفية ودعوا إلى وقف سياسة التهميش والإقصاء التي تمارس ضد المكون السني، حسب قولهم، وطالبوا أيضا بإطلاق سراح جميع المعتقلين والمعتقلات ومنهم حماية وزير المالية رافع العيساوي.هذا هو آخر مشهد في الأزمة العراقية التي نتابع كل يوم فصولا جديدة منها بينما تغرق الشوارع والأزقة في بغداد ومدن العراق وتسقط الأبنية القديمة وتنهار العشوائيات ويموت أطفال بسبب الأمطار الغزيرة.
أطفال يموتون بسبب الأمطار
وكالة اسوشيتيد بريس ذكرت أن أربعة أشخاص لاقوا حتفهم في انهيار منزل في منطقة محمد السكران شمال شرق بغداد وقد انهار المنزل خلال الليل ليقتل امرأة وثلاثة أطفال فيما أصيب سبعة آخرون.قالت بعض المصادر أيضا إن دورا طينية انهارت في مدينة الصدر مما أدى إلى إصابة خمسة أشخاص آخرين، علما أن الأمطار التي تسقط حاليا تعتبر الأكثر غزارة منذ عقود وقد دفع ارتفاع منسوب المياه في الشوارع وعجز الجهات المختصة عن تصريفها، دفع الحكومة إلى إعلان يوم الأربعاء يوم عطلة رسمية.
منذ سنة بالتحديد، ظهرت قضية الهاشمي
نعود إلى الأزمة السياسية ونذكر أن الأيام الأخيرة من نهاية العام الماضي ظهرت إلى الوجود قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وأعقبها لجوء الهاشمي إلى تركيا، وهذا العام، تشهد هذه الأيام نفسها أزمة مشابهة ويقول مسؤولون إن حماية العيساوي متورطون بقضايا إرهاب أيضا.. وانطلاقا من ضخامة الأزمة الجديدة، توقع البعض أن تعمد العراقية إلى الانسحاب من الحكومة وانبثق هذا التوقع من عدم انعقاد جلسة مجلس الوزراء يوم الثلاثاء الماضي وقال البعض إن وزراء العراقية لم يحضروا هذا الاجتماع.العراقية: خيار الانسحاب وارد
السؤال المتعلق باحتمال انسحاب القائمة العراقية من العملية السياسية واستخدام هذا الأسلوب كورقة ضغط على الحكومة، طرحناه على حامد المطلق احد قياديي العراقية فقال إن الحديث عن هذا الأمر وارد بالفعل لو استمرت الخلافات والمشاكل كما قال إن الاعتراض الرئيسي يتعلق بسياسة التهميش وبانتهاكات لحقوق الإنسان.المطلق استبعد أن تتمكن حكومة أحادية التكوين من الاستمرار في عملها في العراق لو أصرت العراقية على الانسحاب والاستقالة.
غير أن علي الشلاه القيادي في ائتلاف دولة القانون استبعد أن تتخذ العراقية قرارا بالاستقالة أو بالانسحاب وأكد في حديثه لإذاعة العراق الحر أن القائمة العراقية متمسكة تماما بالمناصب التي تشغلها وبوجودها داخل الحكومة ومبنى البرلمان.
واستبعد المحلل السياسي واثق الهاشمي هو الآخر انسحاب العراقية وأشار إلى إصرارها هذه المرة على البقاء داخل الحكومة والبرلمان والعمل على تغيير الأمور من خلال ذلك، غير أن المحلل السياسي بدا غير متفائل بالمرة بالمقبل من الأيام واقر بوجود أزمة سياسية حقيقية في البلاد.
الهاشمي عزا عدم لجوء العراقية إلى استخدام ورقة الانسحاب هذه المرة إلى إدراكها بأنها لا تشكل قوة كبرى إلا إذا تحالفت مع انسحابها جهات أخرى وهو أمر غير وارد حاليا، حسب قوله.
متظاهرو الانبار يفصلون العراق عن دول غربه
منذ ثلاثة أيام والاحتجاجات مستمرة في المنطقة الغربية من العراق لاسيما في محافظة الانبار وعاصمتها الرمادي حيث تجمع الآلاف للاحتجاج على الحكومة التي يتهمونها بمحاولة تهميش المكون السني وإقصائه.وكالة اسوشيتيد بريس للأنباء ذكرت أن المتظاهرين رفعوا لافتات تطالب باحترام حقوق السنة وتدعو إلى إطلاق سراح المعتقلين منهم في السجون العراقية.
الوكالة نقلت عن رجل الدين حامد العيساوي قوله إن الاعتصام سيستمر لحين تحقيق مطالب المتظاهرين ولحين إنهاء الظلم، واتهم الحكومة بمحاولة إثارة المشاكل بين المكونين السني والشيعي وإثارة نزاع طائفي من خلال خلق الأزمات واستهداف شخصيات وطنية معروفة، حسب قوله.
يذكر أن رئيس الوزراء نوري المالكي دافع عن اعتقال عناصر في حماية وزير المالية رافع العيساوي وقال إن المسألة قضائية بحتة وحذر هو الآخر من تجدد الصراع الطائفي وانتقد رد فعل مسؤولين سنة على قضية حماية العيساوي.
غضب في الانبار وصلاح الدين تدعو إلى التهدئة
في محافظة صلاح الدين دعا المستشار الإعلامي للمحافظ علي عبد الرحمن إلى عدم تصعيد المواقف واللجوء إلى التهدئة وترك القضاء يأخذ مجراه فيما قال مراسل إذاعة العراق الحر في الانبار برهان العبيدي إن آلافا شاركوا في مظاهرة اليوم الأربعاء وإن الطريق السريع إلى الأردن وسوريا ما يزال مقطوعا ولم تتمكن الشاحنات ولا حتى السيارات الخاصة من المرور.مراسل الإذاعة قال أيضا إن محافظ الانبار اصدر بيانا دعا فيه المتظاهرين إلى فتح الطرق وإزالة السرادق والحواجز ووعدهم بمتابعة مطالبهم مع الحكومة كما عبر عن تضامن المحافظة مع هذه المطالب والتي تتمثل وحسب ما أفاد مراسل الإذاعة بالكف عن ممارسة سياسة الإقصاء والتهميش إزاء المكون السني وإطلاق سراح المعتقلين والمعتقلات بما في ذلك عناصر حماية وزير المالية رافع العيساوي.
مراسل الإذاعة قال أيضا إن المتظاهرين رفعوا العلم العراقي الجديد إضافة إلى أعلام أخرى تمثل مختلف العشائر.
شارك في إعداد هذا التقرير مراسلا إذاعة العراق الحر في بغداد احمد الزبيدي، وفي الانبار برهان العبيدي.