عَـكَـسَت تصريحاتٌ عراقية مُـتضاربة عن صفقةِ أسلحةٍ مع روسيا إرباكاً في شأن حقيقة الموقف وذلك في غيابِ بيانٍ رسمي يوضح للرأي العام ما إذا كانت بغداد ألـغَت فعلاً هذه العقود بسبب شُـبهات فساد.
وفيما لم تُـعلّـق موسكو رسمياً حتى الآن قالت السفارة الروسية في بغداد إنها لم تُـبَـلّـغْ بإلغاء العقود التي كانت وسائل إعلام عالمية أبرزَت أنباءَ توقيعِها خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى روسيا الشهر الماضي.
وفي تقريرٍ بثّته من موسكو في حينِه، أفادت وكالة رويترز للأنباء نقلاً عن وثيقةٍ للحكومة الروسية بأن قيمة الصفقة التي تشمل طائرات هليكوبتر قتالية ومنصات متنقلة لإطلاق الصواريخ تتجاوز أربعة مليارات دولار أميركي. فيما اعتَـبر محللون في تصريحاتٍ لإذاعة العراق الحر نُشِرت في سياق (ملف العراق الإخباري 10 تشرين الأول 2012) أن الصفقة تؤشر لمرحلة جديدة من تعاون العراق الدولي فضلاً عن منحها روسيا دفعة جديدة تعزّز اقتصادَها ومبيعاتِـها العسكرية.
رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف قال خلال اجتماعه مع المالكي في موسكو يوم التاسع من تشرين الأول:
"نحن في روسيا نعتزّ بصداقتنا التقليدية مع الشعب العراقي رغم كل الأحداث المأسوية في السنوات الأخيرة. نحافظ على اتصالاتنا على مستوى رفيع، وأنا متأكد من أنها سوف تساعد في تطوير صداقتنا والتعاون والتفاهم المتبادل بين روسيا والعراق."
مُـحللون في بغداد وموسكو اعتبروا أن التصريحات العراقية المتناقضة السبت حول عقود عسكرية حساسة قد تؤثر في مسار علاقات الصداقة الثنائية التقليدية التي أشـادَ بها رئيس الوزراء الروسي خلال زيارة المالكي. ففي حين أبرَزت وكالات أنباء عالمية ما أعلَنه علي الموسوي المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بشأن إلغاء الصفقة وإعادة التفاوض من جديد مع روسيا نفى وزير الدفاع بالوكالة سعدون الدليمي في تصريحاتٍ لاحقة أن تكون العقود أُبـرِمَت من أصلـِهِ، مؤكداً أنه يتحمل المسؤولية عن أي شبهة فساد فيها. وفي هذا الصدد، نُقل عنه القول إنه "لم يتم تحويل حتى دينار واحد ولم يكن هناك وسيط ولم يتم توقيع أي عقد وإنما كانت هناك فقط عروض تقنية ومالية."
ولوحِـظَ أن هذه التطورات جاءت بعد بضعة أيام فقط من الإجراءات التي أُعلنت في موسكو بشأن إقالة وزير الدفاع الروسي ورئيس الأركان العامة بسبب شبهات فساد في عقود أسلحة روسية.
ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة عبر الهاتف مع الدكتورة ييلينا سوبونينا مديرة (مركز آسيا والشرق الأوسط) في معهد الدراسات الإستراتيجية في موسكو التي أجابت أولاً عن سؤال حول الارتباط المحتمل لللتصريحات العراقية بإجراءات الإقالة التي اتخذها الرئيس فلاديمير بوتين بحق عدد من كبار مسؤولي وزارة الدفاع الروسية. وفي هذا الصدد، قالت "بالتأكيد عدم الاستقرار السياسي في العراق يؤثر على كل الصفقات المتعلقة بالأسلحة وغير الأسلحة مع دول أخرى ولكن في نفس الوقت فإن بعض التغييرات في روسيا ربما لها تأثير غير مباشر على السياسة ومن ضمنها الاستقالات والإقالات الأخيرة في وزارة الدفاع الروسية. ولكن أريد الإشارة إلى أن تهم الفساد التي وُجّهت إلى قيادة وزارة الدفاع الروسية حتى الآن لم تكن لها علاقة بصفقات خارجية مع دول أخرى بل بأمور متعلقة بالجيش الروسي والمعدات الروسية في داخل روسيا نفسها...". وأضافت سوبونينا "أن الصفقات الخارجية تخضع لرقابة أشد بكثير من قبل الرئيس الروسي نفسه"، معربةً عن اعتقادها بأن "التغييرات الأخيرة في وزارة الدفاع الروسية لا يمكن أن تؤثر بهذه الدرجة على العقود مع العراق"، بحسب تعبيرها.
وفي المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق، تحدثت الخبيرة الروسية في شؤون الشرق الأوسط عن موضوعات أخرى ذات صلة وأجابت عن سؤال بشأن ردود فعل موسكو إزاء التصريحات العراقية الأخيرة مشيرةً إلى ما وصفتها بـ"ضغوط أميركية" قد يكون لها تأثير في مستجدات الموضوع. كما أشارت إلى "وجود معلومات بأن السلطات العراقية سترسل قريباً وفداً مهماً إلى موسكو للنظر في بعض العقود مع روسيا والاستمرار في تنفيذها."
من جهته، قال الدكتور معتز محيي مدير (المركز الجمهوري للدراسات الأمنية) في بغداد لإذاعة العراق الحر إن التصريحات "المتضاربة" التي صدرت عن بغداد لم تقتصر على مسؤولين حكوميين بل شملت أيضاً أعضاء كتل برلمانية مختلفة أدلوا بتعليقات ربما تفتقر إلى دقة المعلومات المتوفرة حول التفاصيل التقنية المتعلقة بعقود الأسلحة الروسية. وفي ردّه على سؤال آخر، أشار إلى ما أكده المالكي في أحد تصريحاته الأخيرة بأن "الهيكلة الأساسية في تجهيز الجيش العراقي ما تزال تعتمد على السلاح الأميركي."
وفي المقابلة التي يمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق، ذكر محيي أن قطاع الصناعات العسكرية الروسية سـبَق أن واجَهَ مزاعم مماثلة حول شبهات فساد في عقودٍ أبرَمتها موسكو خلال الفترة التي أعقَبت انهيار الاتحاد السوفياتي السابق. وفي إجابته عن سؤال آخر، أوضحَ أن العقود التي أُعلِن عن إبرامها خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى موسكو الشهر الماضي سبَقَـتها "مفاوضات سرية وفنية أُجريت خلال زياراتٍ رسمية قامت بها عدة وفود عراقية على مدى نحو ستة أشهر بين نيسان وتشرين الأول الماضييْن."
وفيما لم تُـعلّـق موسكو رسمياً حتى الآن قالت السفارة الروسية في بغداد إنها لم تُـبَـلّـغْ بإلغاء العقود التي كانت وسائل إعلام عالمية أبرزَت أنباءَ توقيعِها خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى روسيا الشهر الماضي.
وفي تقريرٍ بثّته من موسكو في حينِه، أفادت وكالة رويترز للأنباء نقلاً عن وثيقةٍ للحكومة الروسية بأن قيمة الصفقة التي تشمل طائرات هليكوبتر قتالية ومنصات متنقلة لإطلاق الصواريخ تتجاوز أربعة مليارات دولار أميركي. فيما اعتَـبر محللون في تصريحاتٍ لإذاعة العراق الحر نُشِرت في سياق (ملف العراق الإخباري 10 تشرين الأول 2012) أن الصفقة تؤشر لمرحلة جديدة من تعاون العراق الدولي فضلاً عن منحها روسيا دفعة جديدة تعزّز اقتصادَها ومبيعاتِـها العسكرية.
رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف قال خلال اجتماعه مع المالكي في موسكو يوم التاسع من تشرين الأول:
"نحن في روسيا نعتزّ بصداقتنا التقليدية مع الشعب العراقي رغم كل الأحداث المأسوية في السنوات الأخيرة. نحافظ على اتصالاتنا على مستوى رفيع، وأنا متأكد من أنها سوف تساعد في تطوير صداقتنا والتعاون والتفاهم المتبادل بين روسيا والعراق."
مُـحللون في بغداد وموسكو اعتبروا أن التصريحات العراقية المتناقضة السبت حول عقود عسكرية حساسة قد تؤثر في مسار علاقات الصداقة الثنائية التقليدية التي أشـادَ بها رئيس الوزراء الروسي خلال زيارة المالكي. ففي حين أبرَزت وكالات أنباء عالمية ما أعلَنه علي الموسوي المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بشأن إلغاء الصفقة وإعادة التفاوض من جديد مع روسيا نفى وزير الدفاع بالوكالة سعدون الدليمي في تصريحاتٍ لاحقة أن تكون العقود أُبـرِمَت من أصلـِهِ، مؤكداً أنه يتحمل المسؤولية عن أي شبهة فساد فيها. وفي هذا الصدد، نُقل عنه القول إنه "لم يتم تحويل حتى دينار واحد ولم يكن هناك وسيط ولم يتم توقيع أي عقد وإنما كانت هناك فقط عروض تقنية ومالية."
ولوحِـظَ أن هذه التطورات جاءت بعد بضعة أيام فقط من الإجراءات التي أُعلنت في موسكو بشأن إقالة وزير الدفاع الروسي ورئيس الأركان العامة بسبب شبهات فساد في عقود أسلحة روسية.
ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة عبر الهاتف مع الدكتورة ييلينا سوبونينا مديرة (مركز آسيا والشرق الأوسط) في معهد الدراسات الإستراتيجية في موسكو التي أجابت أولاً عن سؤال حول الارتباط المحتمل لللتصريحات العراقية بإجراءات الإقالة التي اتخذها الرئيس فلاديمير بوتين بحق عدد من كبار مسؤولي وزارة الدفاع الروسية. وفي هذا الصدد، قالت "بالتأكيد عدم الاستقرار السياسي في العراق يؤثر على كل الصفقات المتعلقة بالأسلحة وغير الأسلحة مع دول أخرى ولكن في نفس الوقت فإن بعض التغييرات في روسيا ربما لها تأثير غير مباشر على السياسة ومن ضمنها الاستقالات والإقالات الأخيرة في وزارة الدفاع الروسية. ولكن أريد الإشارة إلى أن تهم الفساد التي وُجّهت إلى قيادة وزارة الدفاع الروسية حتى الآن لم تكن لها علاقة بصفقات خارجية مع دول أخرى بل بأمور متعلقة بالجيش الروسي والمعدات الروسية في داخل روسيا نفسها...". وأضافت سوبونينا "أن الصفقات الخارجية تخضع لرقابة أشد بكثير من قبل الرئيس الروسي نفسه"، معربةً عن اعتقادها بأن "التغييرات الأخيرة في وزارة الدفاع الروسية لا يمكن أن تؤثر بهذه الدرجة على العقود مع العراق"، بحسب تعبيرها.
وفي المقابلة التي أجريتها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق، تحدثت الخبيرة الروسية في شؤون الشرق الأوسط عن موضوعات أخرى ذات صلة وأجابت عن سؤال بشأن ردود فعل موسكو إزاء التصريحات العراقية الأخيرة مشيرةً إلى ما وصفتها بـ"ضغوط أميركية" قد يكون لها تأثير في مستجدات الموضوع. كما أشارت إلى "وجود معلومات بأن السلطات العراقية سترسل قريباً وفداً مهماً إلى موسكو للنظر في بعض العقود مع روسيا والاستمرار في تنفيذها."
من جهته، قال الدكتور معتز محيي مدير (المركز الجمهوري للدراسات الأمنية) في بغداد لإذاعة العراق الحر إن التصريحات "المتضاربة" التي صدرت عن بغداد لم تقتصر على مسؤولين حكوميين بل شملت أيضاً أعضاء كتل برلمانية مختلفة أدلوا بتعليقات ربما تفتقر إلى دقة المعلومات المتوفرة حول التفاصيل التقنية المتعلقة بعقود الأسلحة الروسية. وفي ردّه على سؤال آخر، أشار إلى ما أكده المالكي في أحد تصريحاته الأخيرة بأن "الهيكلة الأساسية في تجهيز الجيش العراقي ما تزال تعتمد على السلاح الأميركي."
وفي المقابلة التي يمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق، ذكر محيي أن قطاع الصناعات العسكرية الروسية سـبَق أن واجَهَ مزاعم مماثلة حول شبهات فساد في عقودٍ أبرَمتها موسكو خلال الفترة التي أعقَبت انهيار الاتحاد السوفياتي السابق. وفي إجابته عن سؤال آخر، أوضحَ أن العقود التي أُعلِن عن إبرامها خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى موسكو الشهر الماضي سبَقَـتها "مفاوضات سرية وفنية أُجريت خلال زياراتٍ رسمية قامت بها عدة وفود عراقية على مدى نحو ستة أشهر بين نيسان وتشرين الأول الماضييْن."