رغم انحسار تأثير القضايا الخارجية في حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية الراهنة، يكرر الرئيس الديمقراطي المرشح لولاية ثانية باراك أوباما الإشارة إلى إيفائه بالوعد الذي قطعه خلال حملة عام 2008 التي أوصَلتهُ إلى البيت الأبيض بإنهاء حرب العراق.
وفيما يركّز المرشح الرئاسي الجمهوري ميت رومني على إبراز قدراته في التعامل مع الأزمات الاقتصادية من خلال خبرته السابقة كحاكمٍ لولاية ماساتشوستس فإنه لم يتجنّب انتقادَ أداء الإدارة الديمقراطية في التعاطي مع شؤون دولية رئيسية ومن بينها ما وصفه بقرار الانسحاب المتسرّع لجميع القوات الأميركية من العراق في كانون الأول 2011.
أوباما ذكـّر الناخبين مجدداً بإيفائه بوعد إنهاء حرب العراق خلال ولايته الأولى، وقال خلال تجمعٍ انتخابي لأنصاره الديمقراطيين في بريستو بولاية فرجينيا السبت:
"ربما هناك أوقات تشعر فيها بالإحباط إزاء وتيرة التغيير. أنا محبط أحياناً إزاء وتيرة التغيير، ولكنكم تعلمون أنني أعني ما أقول وأقولُ ما أعنيه. وتعلمون ما أؤمن به مثلما تعلمون مواقفي. فعندما قلتُ إننا سنُنهي الحربَ في العراق، فإننا أنهيناها."
وأضاف أوباما قائلاً قبل ساعاتٍ من بدء التصويت المقرر يوم الثلاثاء:
"لقد قطعنا شوطاً طويلاً بحيث لا يمكننا العودة إلى الوراء الآن. ولقد بلغنا مرحلةً لا يمكننا فيها التراجع. هذا هو الوقت المناسب لمواصلة التقدم إلى الأمام في مجالاتِ تعليم جميع أطفالنا، وتدريب جميع عُمالنا، وخلق فرص عمل جديدة، وإعادة بناء البنى التحتية، واكتشاف مصادر جديدة للطاقة، وتوسيع الفرص المتاحة لنا، وتنمية طبقتنا المتوسطة، واستعادة ديمقراطيتنا، والتأكد من أنه بصَرف النظر عَـمّن تكون وبصرف النظر عن المكان الذي جئتَ منه وبصرف النظر عن شكلِكَ وبصرف النظر عن لقب العائلة الذي تحمله وبصرف النظر عَـمّن تُحب فإنّ بوسـعكَ أن تنجحَ في أميركا إذا ما حـاوَلـْتَ ذلك."
ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة مع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور سعدي كريم الذي أجاب أولاً عن سؤال بشأن أحدث استطلاعات الرأي العام الأميركي قائلاً إنه في ضوء هذه الاستبيانات المختلفة "تبدو الصورة ضبابية على اعتبار أن نتائجها تُظهر تقارباً نسبياً في التأييد لكلا المرشحيْن ولايةً عن أخرى ولكن يبدو أن الولايات المترددة في هذه الساعات المتبقية قبل موعد الاقتراع الثلاثاء هي التي ستحسم المعركة الانتخابية."
وأضاف كريم أنه "بقدر تعلّق الأمر بمسألة العراق فإنها تندرج ضمن الدعاية الانتخابية التي يستخدمها كلا المرشحيْن في توضيح مواقفهما إزاء الشؤون الدولية بشكلٍ عام والتعاطي مع المعضلات الخارجية التي من شأنها أن تنعكس سلباً أو إيجاباً على مصالح الولايات المتحدة في مناطق مختلفة من العالم. ولهذا يتأتى العراق كجزءٍ من المنظومة الانتخابية التي سعى أوباما لتوظيفها في الانتخابات على الصعيد الخارجي ولا سيما إشاراته المتكررة لإيفائه بتعهدات الانتخابات الرئاسية السابقة في إنهاء الحرب في العراق. ولكن قبل هذا وذلك، نحن ندرك أن الناخب الأميركي يركّز بشكلٍ أساس على السياسات الداخلية والوعود التي يقطعها كلا المرشحيْن فيما يتعلق تحديداً بتقرير الضرائب والتطورات الاقتصادية والقضاء على البطالة والرعاية الاجتماعية وحقوق المرأة وغيرها من الملفات الداخلية الأخرى."
وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف الأحد ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق، تحدث الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي عن موضوعات أخرى ذات صلة وأجاب عن أسئلة تتعلق بأحدث مقالةِ رأيٍ نشرتها صحيفة أميركية بارزة حول ضرورة أن يُعيدَ الفائـزُ بانتخابات الرئاسة الأميركية، سواء كان الرئيس الديمقراطي أوباما أم المرشح الجمهوري رومني، تقييم مسار العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والعراق في شتى المجالات.
يشار إلى أن خبراء وباحثين أميركيين معنيين بالشأن العراقي سلّطوا الأضواء في تحليلاتٍ نُشرت خلال الشهور الماضية على الجوانب السلبية والايجابية في تعاطي واشنطن مع بغداد على خَـلفيةِ مستجداتٍ إقليمية كان من أبرزها ما بَـدا تـناقضاً في موقفيْ الدولتين المرتبطتين باتفاقيةِ إطارِ تعاونٍ إستراتيجي ولا سيما إزاء تطورات الأزمة السورية.
وفي أحدث مقالٍ نُشر تحت عنوان "حان وقت التشدد إزاء العراق"، نَـصَـحَ الكاتب الرئيسَ الأميركي المقبل بإبداء صرامةٍ في التعامل مع الحكومة المتحالفة في بغداد والتي تـمادَت بحسـب رأيـِهِ في السماح بوصولِ إمداداتٍ ومساعداتٍ إيرانية إلى سوريا عبر الأراضي والأجواء العراقية فضلاً عما وُصِـفَت بإخفاقات أخرى أدت إلى انتشار الفساد وازدراء حقوق الإنسان وانتكاسة التجربة الديمقراطية إضافةً إلى محاولات الحكومة المركزية في تقويض صلاحياتِ هيئاتٍ مستقلة كالبنك المركزي العراقي ومفوضية الانتخابات.
وَرَد ذلك في سياق المقال المنشور على صفحات (نيويورك تايمز) New York Times يوم الاثنين الماضي
(29 تشرين الأول) بقلم نسيبة يونس من مركز بلفر التابع لجامعة هارفرد.
الـمَـقالُ دعا الرئيس الأميركي المقبل إلى ما وصفها بإعادة تقييم أساسي لعلاقات الولايات المتحدة مع العراق. وفي تعليقه على مضمون المقال، اعتبرَ الدكتور سعدي كريم أنه "يـُعبّر عن وجهة نظر أميركية حيال سياسات واشنطن الـمُتّبعة في منطقة الشرق الأوسط وبالذات حول العراق من خلال إشارته إلى قائمة طويلة من الإخفاقات الناتجة هناك بسبب تـَحوّل هذا البلد خلال السنوات القليلة الماضية إلى مرتبة متدنية في سلّم أولويات الولايات المتحدة الأميركية"، بحسب رأيه.