مع تباين الآراء حول ما اذا كان وزير الاتصالات محمد علاوي قد استقال أو أقيل، فان الموضوع أثار أسئلة مهمة حول المسؤول الحكومي، وكفاءته الفنية والإدارية في تولي المنصب الرفيع، و صلاحياته في قيادة وزارته، وتأثير التدخل من قبل الآخرين في شؤون الوزارة، فضلا عن الموقف الأخلاقي من فكرة تسنم المسؤولية.
القائمة العراقية كشفتْ الجمعة عن موافقة رئاسة مجلس النواب على الطلب الذي تقدمت به لاستضافة وزير الاتصالات "المُقال" محمد علاوي، للإطلاع على المشاكل والخروقات والتدخلات في عمل الوزارة بحسب ما صرح به النائب طلال الزوبعي، والذي توقع أن تبين الاستضافة مدى تقصير المالكي تجاه بعض الوزراء.
وكانت الأمانة العامة لمجلس الوزراء، انتقدت تعليقَ وزير الاتصالات محمد علاوي استقالته بنقل مستشار في الوزارة إلى خارجها، وأكدت في بيان أن هيئة النزاهة حمّلت الوزيرَ علاوي المسؤولية الجزائية في احد العقود المبرمة مع إحدى الشركات، مشيرة إلى أن هذه الاستقالة لا تعني انتهاء التحقيق أو غلقه مع الوزير..
هل يجرؤ المسؤول العراقي على الاستقالة عند الفشل؟
لعله من النادر إن يسمع العراقيون خبرَ استقالة وزير أو مسئول كبير في الدولة رغم تواتر أخبار الفساد ومشاكل المؤسسات الحكومية وتلكؤ المشاريع وضعف الادارة والضغوط السياسية، إلا إن استقالة وزير الاتصالات محمد علاوي مؤخرا ذكّرت بثقافة الاستقالة وكيف يمكن أن تمثل موقف احتجاج وانتقاد في بعض الأحيان.
يؤكد عضو مجلس النواب عن التحالف الوطني هيثم الجبوري إن اغلب المسئولين التنفيذيين في الحكومة العراقية يتمتعون بامتيازات كبيرة جدا لدرجة يحول إغراؤها دون تفكيرهم بالتخلي عنها،
ويعترف الجبوري أن لجان البرلمان المختلفة كثيرا ما استضافت الوزراء والمسؤولين وتداولت معهم شؤون عمل مؤسساتهم والمصاعب التي يواجهونها وسبل تذليها، لافتا الى ان اقالة الوزير بحسب الدستور تحتاج الى خطوات يشترك البرلمان مع رئيس الحكومة باتباعها ، ويكشف النائب هيثم الجبوري عن أن المحاباة والمحاصصة السياسية تعيق استجواب الوزراء المتهمين بالتقصير أو الفساد، وهذا ما يعرقل إقالة الوزير عن طريق مجلس النواب .
ثقافة الاعتراف بالخطأ والفشل بعيده عن العراقيين، ومسؤوليهم!
يرى الكثير من المراقبين والسياسيين إن النخب السياسية لا تتمتع بثقافة الاعتراف بالخطأ أو مراجعة الذات، وإنما تسعى لتثبيت نفسها على كراسي السلطة، وتبقى أي استقالة لوزير حالة نادرة واستثنائية رغم وجود دوافع حقيقية للاستقالة منها الفشل في العمل وملفات الفساد، فضلا عن الاحتجاج على محاولات التدخل وفرض الراي من قبل آخرين.
بشخص عضو ائتلاف العراقية النائب عدنان الدنبوس أن استقالة وزير الاتصالات قد ترتبط بتأثيرات سياسية فضلا عن انها نتيجة للتدخلات في عمل الوزارة من قبل رئاسة الوزراء، وهو ما قد يحصل في الكثير من الوزارات لكن هناك من يرفض التدخل ويحرص على مهنيته كما فعل محمد علاوي، وهناك من يخضع لتلك التدخلات ولا يفكر بتقديم الاستقالة.
الدنبوس استبعد في حديثه لإذاعة العراق الحر أن يكون تلويح الوزير علاوي بالاستقالة، حافزا لترسيخ ثقافة الاستقالة عند المسئولين العراقيين المحبين للوجاهة الاجتماعية حتى وان كانت وزاراتهم متخمة بالفساد ولا تنجز شيئا للناس، بحسب الدنبوس
وبهذا الشأن يرى مراقبون أن اتخاذ قرار الاستقالة ينطوي أحيانا على وعي ونضج سياسي وضمير مهني، خصوصا عند الاعتراف بتقصير الوزارة او المؤسسة المعنية، ويرى المحلل السياسي سعد الحديثي أن استقالة الوزير علاوي خطوة شجاعة قد تؤسس لإنتاج ثقافة الشعور بالمسؤولية لدى المسؤولين الرفيعين، لكنها بحاجة إلى جهودٍ مجتمعية وسياسية بل وحتى دينية للوصول الى مرحلة وعي المسؤول الحكومي بان منصبه يهدف الى خدمة للمجتمع، وليس للانتفاع الشخصي.
متى يقدم المسؤول على الاستقالة، ويتخلى عن الامتيازات؟
يعيد الحديث عن الاستقالة الى الذاكرة نماذج محدودة ذات دلالة في الواقع العراقي الجديد، ومنها استقالة الدكتورعصام الخفاجي الذي كان احد المستشارين العراقيين التكنوقراط المسؤولين عن "المجلس العراقي للتطوير وإعادة الأعمار" المفترض ان يأخذ دوره بعد تغيير النظام السابق من قبل الولايات المتحدة عام 2003 ، حيث قدم الخفاجي استقالته من موقعه بعد أشهر من التغيير، عندما تكشّف له أن الغاية من تشكيل المجلس ( الذي ضم 140 شخصية عراقية بكفاءات واختصاصات مختلفة للتخطيط والعمل على إعادة أعمار البلاد وتطوير الوزارات والمحافظات برؤية حديثة بعد اسقاط النظام) قد اصطدمت بنوايا وتوجهات مسبقة لإحباط مهمة المجلس. وجعله صوريا، بحسب قول الخفاجي، الذي نقلت عنه كبريات الصحف الأمريكية حينذاك موقفه إزاء الإدارة الأمريكية في العراق في تغاضيها عن دور المجلس التخصصي، ما دفعه الى اعلان استقالته.
الخفاجي تحدث في مقابلة هاتفية أجريتها معه السبت عن ضعف ثقافة الاستقالة في العقل العراقي، وردا عن سؤال متى يُقدم المسؤول على الاستقالة قال عندما يشعر المرء بانه لم يعد بامكانه الإصلاح او تحقيق ما تمنى ان يقوم به او فشل في انجاز ما ينتظر منه. وإلا فأن الصمت يعد غير جائز أخلاقيا، والاستمرار بشغل المنصب تزلفا او استفادة من المنافع والمميزات
ويرى الخفاجي أن الاستقالة اشبه بناقوس يدق عند فشل المسؤول في الدول ذات النظم الديمقراطية، حيث يقدم الوزير او المسؤول الرفيع على اعلان استقالته اعترافا بتقصير في احد المؤسسات او الخدمات المفترض ان تقدمها مؤسسته بتكامل، وهو اعلان ن عجز الوزارة والمؤسسة عن تحقيق امهام والواجبات.
يكاد اللجوء الى "الإقالة" في العراق يتحول الى سلاح سياسي يشهر للتهديد والتخويف أكثر منه إشارة بعدم كفاءة المرؤوس وتقصيره، ويخشى الخفاجي أن تتحول الإقالة اليوم الى عقاب سياسي للمرؤوس أو للكتلة وما يمثله من انتماء سياسي
ساهم في الملف مراسل اذاعة العراق الحر في بغداد عماد جاسم
القائمة العراقية كشفتْ الجمعة عن موافقة رئاسة مجلس النواب على الطلب الذي تقدمت به لاستضافة وزير الاتصالات "المُقال" محمد علاوي، للإطلاع على المشاكل والخروقات والتدخلات في عمل الوزارة بحسب ما صرح به النائب طلال الزوبعي، والذي توقع أن تبين الاستضافة مدى تقصير المالكي تجاه بعض الوزراء.
وكانت الأمانة العامة لمجلس الوزراء، انتقدت تعليقَ وزير الاتصالات محمد علاوي استقالته بنقل مستشار في الوزارة إلى خارجها، وأكدت في بيان أن هيئة النزاهة حمّلت الوزيرَ علاوي المسؤولية الجزائية في احد العقود المبرمة مع إحدى الشركات، مشيرة إلى أن هذه الاستقالة لا تعني انتهاء التحقيق أو غلقه مع الوزير..
هل يجرؤ المسؤول العراقي على الاستقالة عند الفشل؟
لعله من النادر إن يسمع العراقيون خبرَ استقالة وزير أو مسئول كبير في الدولة رغم تواتر أخبار الفساد ومشاكل المؤسسات الحكومية وتلكؤ المشاريع وضعف الادارة والضغوط السياسية، إلا إن استقالة وزير الاتصالات محمد علاوي مؤخرا ذكّرت بثقافة الاستقالة وكيف يمكن أن تمثل موقف احتجاج وانتقاد في بعض الأحيان.
يؤكد عضو مجلس النواب عن التحالف الوطني هيثم الجبوري إن اغلب المسئولين التنفيذيين في الحكومة العراقية يتمتعون بامتيازات كبيرة جدا لدرجة يحول إغراؤها دون تفكيرهم بالتخلي عنها،
ويعترف الجبوري أن لجان البرلمان المختلفة كثيرا ما استضافت الوزراء والمسؤولين وتداولت معهم شؤون عمل مؤسساتهم والمصاعب التي يواجهونها وسبل تذليها، لافتا الى ان اقالة الوزير بحسب الدستور تحتاج الى خطوات يشترك البرلمان مع رئيس الحكومة باتباعها ، ويكشف النائب هيثم الجبوري عن أن المحاباة والمحاصصة السياسية تعيق استجواب الوزراء المتهمين بالتقصير أو الفساد، وهذا ما يعرقل إقالة الوزير عن طريق مجلس النواب .
ثقافة الاعتراف بالخطأ والفشل بعيده عن العراقيين، ومسؤوليهم!
يرى الكثير من المراقبين والسياسيين إن النخب السياسية لا تتمتع بثقافة الاعتراف بالخطأ أو مراجعة الذات، وإنما تسعى لتثبيت نفسها على كراسي السلطة، وتبقى أي استقالة لوزير حالة نادرة واستثنائية رغم وجود دوافع حقيقية للاستقالة منها الفشل في العمل وملفات الفساد، فضلا عن الاحتجاج على محاولات التدخل وفرض الراي من قبل آخرين.
بشخص عضو ائتلاف العراقية النائب عدنان الدنبوس أن استقالة وزير الاتصالات قد ترتبط بتأثيرات سياسية فضلا عن انها نتيجة للتدخلات في عمل الوزارة من قبل رئاسة الوزراء، وهو ما قد يحصل في الكثير من الوزارات لكن هناك من يرفض التدخل ويحرص على مهنيته كما فعل محمد علاوي، وهناك من يخضع لتلك التدخلات ولا يفكر بتقديم الاستقالة.
الدنبوس استبعد في حديثه لإذاعة العراق الحر أن يكون تلويح الوزير علاوي بالاستقالة، حافزا لترسيخ ثقافة الاستقالة عند المسئولين العراقيين المحبين للوجاهة الاجتماعية حتى وان كانت وزاراتهم متخمة بالفساد ولا تنجز شيئا للناس، بحسب الدنبوس
وبهذا الشأن يرى مراقبون أن اتخاذ قرار الاستقالة ينطوي أحيانا على وعي ونضج سياسي وضمير مهني، خصوصا عند الاعتراف بتقصير الوزارة او المؤسسة المعنية، ويرى المحلل السياسي سعد الحديثي أن استقالة الوزير علاوي خطوة شجاعة قد تؤسس لإنتاج ثقافة الشعور بالمسؤولية لدى المسؤولين الرفيعين، لكنها بحاجة إلى جهودٍ مجتمعية وسياسية بل وحتى دينية للوصول الى مرحلة وعي المسؤول الحكومي بان منصبه يهدف الى خدمة للمجتمع، وليس للانتفاع الشخصي.
متى يقدم المسؤول على الاستقالة، ويتخلى عن الامتيازات؟
يعيد الحديث عن الاستقالة الى الذاكرة نماذج محدودة ذات دلالة في الواقع العراقي الجديد، ومنها استقالة الدكتورعصام الخفاجي الذي كان احد المستشارين العراقيين التكنوقراط المسؤولين عن "المجلس العراقي للتطوير وإعادة الأعمار" المفترض ان يأخذ دوره بعد تغيير النظام السابق من قبل الولايات المتحدة عام 2003 ، حيث قدم الخفاجي استقالته من موقعه بعد أشهر من التغيير، عندما تكشّف له أن الغاية من تشكيل المجلس ( الذي ضم 140 شخصية عراقية بكفاءات واختصاصات مختلفة للتخطيط والعمل على إعادة أعمار البلاد وتطوير الوزارات والمحافظات برؤية حديثة بعد اسقاط النظام) قد اصطدمت بنوايا وتوجهات مسبقة لإحباط مهمة المجلس. وجعله صوريا، بحسب قول الخفاجي، الذي نقلت عنه كبريات الصحف الأمريكية حينذاك موقفه إزاء الإدارة الأمريكية في العراق في تغاضيها عن دور المجلس التخصصي، ما دفعه الى اعلان استقالته.
الخفاجي تحدث في مقابلة هاتفية أجريتها معه السبت عن ضعف ثقافة الاستقالة في العقل العراقي، وردا عن سؤال متى يُقدم المسؤول على الاستقالة قال عندما يشعر المرء بانه لم يعد بامكانه الإصلاح او تحقيق ما تمنى ان يقوم به او فشل في انجاز ما ينتظر منه. وإلا فأن الصمت يعد غير جائز أخلاقيا، والاستمرار بشغل المنصب تزلفا او استفادة من المنافع والمميزات
ويرى الخفاجي أن الاستقالة اشبه بناقوس يدق عند فشل المسؤول في الدول ذات النظم الديمقراطية، حيث يقدم الوزير او المسؤول الرفيع على اعلان استقالته اعترافا بتقصير في احد المؤسسات او الخدمات المفترض ان تقدمها مؤسسته بتكامل، وهو اعلان ن عجز الوزارة والمؤسسة عن تحقيق امهام والواجبات.
يكاد اللجوء الى "الإقالة" في العراق يتحول الى سلاح سياسي يشهر للتهديد والتخويف أكثر منه إشارة بعدم كفاءة المرؤوس وتقصيره، ويخشى الخفاجي أن تتحول الإقالة اليوم الى عقاب سياسي للمرؤوس أو للكتلة وما يمثله من انتماء سياسي
ساهم في الملف مراسل اذاعة العراق الحر في بغداد عماد جاسم