يُـثير العنف الأخير في بعض مناطق لبنان ومنها العاصمة بيروت بين مؤيدين ومعارضين للنظام السوري مخاوفَ من انهيار الأمن على نحوٍ يُعيد البلاد إلى أجواء الاشتباكات الطائفية التي خلّفت في العام 2008 نحو مائة قتيل. كما استُعيدت مع هذه المخاوف ذكريات الحرب الأهلية التي اندلعت في عام 1975 وأدت إلى دخول القوات السورية وانغماس دمشق في الشؤون اللبنانية حتى بعد أن وضعت الحرب أوزارها في عام 1991. ولم تنسحب تلك القوات من لبنان إلا في عام 2005 تحت ضغوط دولية إثر مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري والذي نفت دمشق اتهاماتٍ بضلوعها فيه. لكن سوريا واصلت منذ ذلك الحين ممارسة نفوذ كبير على الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية، وفقاً لوكالة رويترز للأنباء.
آلاف اللاجئين السوريين فرّوا عبر الحدود إلى لبنان منذ بدء الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالحرية والتغيير في آذار العام الماضي. واندلع العنف الأخير بعد مقتل رجل دين لبناني سني مناهض للرئيس السوري بشار الأسد وزميل له عند نقطة تفتيش تابعة للجيش في شمال لبنان الأحد ما فجّر احتجاجات غاضبة في مناطق سنية من المدن الشمالية وفي العاصمة بيروت حيث أفادت مصادر أمنية وطبية بمقتل شخصين على الأقل في اشتباكات الاثنين.
واشنطن أعربت عن قلقها إزاء الوضع الأمني في لبنان بعد مقتل الشيخين أحمد عبد الواحد ومحمد حسين المرعب في منطقة عكار الشمالية والعنف الذي أعقبه بين جماعات مؤيدة للنظام السوري وأخرى مناوئة له. ورحّب الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر الاثنين بقرار السلطات اللبنانية التحقيق في الحادث مناشداً جميع الأطراف "ضبط النفس واحترام أمن واستقرار لبنان"، بحسب ما نقلت عنه وكالتا أسوشييتد برس وفرانس برس للأنباء.
من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون جميع الأطراف "إلى بذل كل جهد ممكن لاستعادة الهدوء." وأضاف أن المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي"يشارك على الأرض ويشجّع جميع الأطراف المعنية للعمل من أجل الهدوء والاستقرار المستدام في البلاد."
وفي بروكسل، قالت مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إنها "تشعر بقلق عميق إزاء اندلاع أعمال العنف في طرابلس وبيروت". وأضافت في بيان أنها تساند كل الجهود الرامية إلى عودة الأمن والهدوء في كل أنحاء لبنان. كما شددت على ضرورة التنسيق بين قوات الأمن والجهاز القضائي من أجل تطويق أعمال العنف والتهديدات الأمنية بشكل فعّال.
في غضون ذلك، انضمّت الكويت الاثنين إلى ثلاث دول خليجية أخرى في تحذير مواطنيها من السفر إلى لبنان "لأسباب أمنية"، وطلبت من رعاياها الموجودين هناك مغادرته "حفاظاً على سلامتهم."
وكانت الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين أصدرت تحذيرات مماثلة لمواطنيها يوم السبت الماضي إثر الاشتباكات التي وقعت في مدينة طرابلس بشمال لبنان على خلفية القتال والتوترات الطائفية في سوريا المجاورة.
وأفادت صحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية بأن السفير السعودي في بيروت علي العسيري زار كبار المسؤولين اللبنانيين ويلتقي الرئيس ميشال سليمان الثلاثاء للاطمئنان إلى "سلامة المواطنين السعوديين الراغبين بالقدوم إلى لبنان". ونُقل عنه القول إن الرياض "تراقب الوضع بدقه واهتمام بالغين"، مؤكداً أن السعودية تريد أن ترى لبنان آمنا ومستقراً.
إلى ذلك، نسبت الصحيفة إلى رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري قوله خلال اجتماع استثنائي لنواب بيروت إن "ما جرى في العاصمة كما في طرابلس وفي عكار هو محاوله لـجرّ لبنان إلى مشكلة مستورَدة من وراء الحدود"، بحسب تعبيره.
من جهته، اعـتَبر الصحافي اللبناني حازم صاغية في تحليله لتطورات اليومين الماضيين أن ما تشهده المنطقة يُذكّـر بتداعي الاتحاد السوفياتي السابق في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات، مشيراً إلى ما سَـببّه ذلك التداعي من "انهيار تلقائي لأنظمة الكتلة السوفياتية واحداً بعد الآخر."
وأضاف في عموده المنشور على صفحات جريدة (الحياة) اللندنية الثلاثاء تحت عنوان "أمنية لاحتواء الانهيار" أن بالإمكان "على نطاق مصغّر طبعاً، قول الشيء نفسه في ما خصّ التداعي الراهن للنظام السوري، والذي جاءت الاستجابة الإقليمية الأولى له من غزة في تحوّل حركة حماس عن سابق سياستها، فيما تصدر اليوم عن طرابلس وعكار في الشمال اللبناني الاستجابة الثانية.
ذاك أنّ الواقع الذي رُكّب كامتداد لتلك المنظومة الأمنية ينهار تباعاً: يصحّ هذا في تركيبة الأجهزة الأمنية ووظيفيّـتها، وفي الدور الذي أوكل لعبه إلى الحياة السياسيّة وواجهتها البرلمانيّة، وإلى القضاء الذي تمّ تكييفه، ناهيك عن موقع الاستثناء والفرادة الذي يحظى به حزب الله"، بحسب تعبيره.
ولاستيضاح هذه الفكرة التي تضمّنها المقال، أجريتُ مقابلة مع الكاتب والمحلل السياسي اللبناني حازم صاغية الذي قال لإذاعة العراق الحر "من المعروف أن كل انهيار في منظومةٍ إقليميةٍ أو إستراتيجيةٍ مـا، كل انهيار كبير يُصيبها في رأسها يطالُ سائر أجسامها. وكما أن انهيار الاتحاد السوفياتي أدى إلى تصدّع الكتلة السوفياتية، طبعاً بالتعاضد مع التناقضات الداخلية لكل واحدة من بلدانها، فالواضح أن انهيار المنظومة السورية في المشرق بدأ يؤدي إلى انهيارات متوالية في المنظومة التي أقامتها..ولوحظ ذلك على نطاق أضيق بتحوّل حركة حماس سياسياً، وحالياً ينعكس الأمر على لبنان الذي هو مربوط بألف شكل أقامَهُ النظام السوري فيه..". وأضاف أن "هذه العملية كانت خَـفية إلى حدٍ ما ولكنها انتقلت إلى العلَن حالياً."
وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق، أشار صاغية إلى أهمية أن يتَـنبّه اللبنانيون إلى الدروس التي يمكن استخلاصها مما حصل في العراق خلال السنوات التي أعقبت إطاحة النظام السابق. وفي هذا الصدد، قال "يُخشى إنْ لم يُـحتضَن التوجّه الجديد وإنْ قرر بعض اللبنانيين فعلاً أن يدمّروا حالهم وبلدهم دفاعاً عن نظامٍ مُنهار أن يحصل ما حصل للعراقيين حين قرر بعضهم ألا يستفيد من التحوّل الكبير الذي حصل في العراق في عام 2003 وأن يفضّل هذا البعض تقديم وطنهم هدية إلى إيران، وهو أمر سيئ جداً على كل شعب يمرّ بظروف مماثلة"، على حد تعبيره.
آلاف اللاجئين السوريين فرّوا عبر الحدود إلى لبنان منذ بدء الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالحرية والتغيير في آذار العام الماضي. واندلع العنف الأخير بعد مقتل رجل دين لبناني سني مناهض للرئيس السوري بشار الأسد وزميل له عند نقطة تفتيش تابعة للجيش في شمال لبنان الأحد ما فجّر احتجاجات غاضبة في مناطق سنية من المدن الشمالية وفي العاصمة بيروت حيث أفادت مصادر أمنية وطبية بمقتل شخصين على الأقل في اشتباكات الاثنين.
واشنطن أعربت عن قلقها إزاء الوضع الأمني في لبنان بعد مقتل الشيخين أحمد عبد الواحد ومحمد حسين المرعب في منطقة عكار الشمالية والعنف الذي أعقبه بين جماعات مؤيدة للنظام السوري وأخرى مناوئة له. ورحّب الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر الاثنين بقرار السلطات اللبنانية التحقيق في الحادث مناشداً جميع الأطراف "ضبط النفس واحترام أمن واستقرار لبنان"، بحسب ما نقلت عنه وكالتا أسوشييتد برس وفرانس برس للأنباء.
من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون جميع الأطراف "إلى بذل كل جهد ممكن لاستعادة الهدوء." وأضاف أن المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي"يشارك على الأرض ويشجّع جميع الأطراف المعنية للعمل من أجل الهدوء والاستقرار المستدام في البلاد."
وفي بروكسل، قالت مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون إنها "تشعر بقلق عميق إزاء اندلاع أعمال العنف في طرابلس وبيروت". وأضافت في بيان أنها تساند كل الجهود الرامية إلى عودة الأمن والهدوء في كل أنحاء لبنان. كما شددت على ضرورة التنسيق بين قوات الأمن والجهاز القضائي من أجل تطويق أعمال العنف والتهديدات الأمنية بشكل فعّال.
في غضون ذلك، انضمّت الكويت الاثنين إلى ثلاث دول خليجية أخرى في تحذير مواطنيها من السفر إلى لبنان "لأسباب أمنية"، وطلبت من رعاياها الموجودين هناك مغادرته "حفاظاً على سلامتهم."
وكانت الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين أصدرت تحذيرات مماثلة لمواطنيها يوم السبت الماضي إثر الاشتباكات التي وقعت في مدينة طرابلس بشمال لبنان على خلفية القتال والتوترات الطائفية في سوريا المجاورة.
وأفادت صحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية بأن السفير السعودي في بيروت علي العسيري زار كبار المسؤولين اللبنانيين ويلتقي الرئيس ميشال سليمان الثلاثاء للاطمئنان إلى "سلامة المواطنين السعوديين الراغبين بالقدوم إلى لبنان". ونُقل عنه القول إن الرياض "تراقب الوضع بدقه واهتمام بالغين"، مؤكداً أن السعودية تريد أن ترى لبنان آمنا ومستقراً.
إلى ذلك، نسبت الصحيفة إلى رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري قوله خلال اجتماع استثنائي لنواب بيروت إن "ما جرى في العاصمة كما في طرابلس وفي عكار هو محاوله لـجرّ لبنان إلى مشكلة مستورَدة من وراء الحدود"، بحسب تعبيره.
من جهته، اعـتَبر الصحافي اللبناني حازم صاغية في تحليله لتطورات اليومين الماضيين أن ما تشهده المنطقة يُذكّـر بتداعي الاتحاد السوفياتي السابق في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات، مشيراً إلى ما سَـببّه ذلك التداعي من "انهيار تلقائي لأنظمة الكتلة السوفياتية واحداً بعد الآخر."
وأضاف في عموده المنشور على صفحات جريدة (الحياة) اللندنية الثلاثاء تحت عنوان "أمنية لاحتواء الانهيار" أن بالإمكان "على نطاق مصغّر طبعاً، قول الشيء نفسه في ما خصّ التداعي الراهن للنظام السوري، والذي جاءت الاستجابة الإقليمية الأولى له من غزة في تحوّل حركة حماس عن سابق سياستها، فيما تصدر اليوم عن طرابلس وعكار في الشمال اللبناني الاستجابة الثانية.
ذاك أنّ الواقع الذي رُكّب كامتداد لتلك المنظومة الأمنية ينهار تباعاً: يصحّ هذا في تركيبة الأجهزة الأمنية ووظيفيّـتها، وفي الدور الذي أوكل لعبه إلى الحياة السياسيّة وواجهتها البرلمانيّة، وإلى القضاء الذي تمّ تكييفه، ناهيك عن موقع الاستثناء والفرادة الذي يحظى به حزب الله"، بحسب تعبيره.
ولاستيضاح هذه الفكرة التي تضمّنها المقال، أجريتُ مقابلة مع الكاتب والمحلل السياسي اللبناني حازم صاغية الذي قال لإذاعة العراق الحر "من المعروف أن كل انهيار في منظومةٍ إقليميةٍ أو إستراتيجيةٍ مـا، كل انهيار كبير يُصيبها في رأسها يطالُ سائر أجسامها. وكما أن انهيار الاتحاد السوفياتي أدى إلى تصدّع الكتلة السوفياتية، طبعاً بالتعاضد مع التناقضات الداخلية لكل واحدة من بلدانها، فالواضح أن انهيار المنظومة السورية في المشرق بدأ يؤدي إلى انهيارات متوالية في المنظومة التي أقامتها..ولوحظ ذلك على نطاق أضيق بتحوّل حركة حماس سياسياً، وحالياً ينعكس الأمر على لبنان الذي هو مربوط بألف شكل أقامَهُ النظام السوري فيه..". وأضاف أن "هذه العملية كانت خَـفية إلى حدٍ ما ولكنها انتقلت إلى العلَن حالياً."
وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق، أشار صاغية إلى أهمية أن يتَـنبّه اللبنانيون إلى الدروس التي يمكن استخلاصها مما حصل في العراق خلال السنوات التي أعقبت إطاحة النظام السابق. وفي هذا الصدد، قال "يُخشى إنْ لم يُـحتضَن التوجّه الجديد وإنْ قرر بعض اللبنانيين فعلاً أن يدمّروا حالهم وبلدهم دفاعاً عن نظامٍ مُنهار أن يحصل ما حصل للعراقيين حين قرر بعضهم ألا يستفيد من التحوّل الكبير الذي حصل في العراق في عام 2003 وأن يفضّل هذا البعض تقديم وطنهم هدية إلى إيران، وهو أمر سيئ جداً على كل شعب يمرّ بظروف مماثلة"، على حد تعبيره.