أفاد تقرير إعلامي أميركي الأحد بأن الولايات المتحدة قَـلّصت، وربما توقفُ تماماً، برنامجاً لتدريب الشرطة العراقية. وقالت صحيفة (نيويورك تايمز) إن قرار وزارة الخارجية الأميركية، وهي الجهة المسؤولة عن التنفيذ، يُـتَخّـذُ لمواجهةِ نفقاتٍ متزايدة وما أبداه مسؤولون عراقيون من اعتراضاتٍ بالقول إنهم لم يكونوا يريدون هذا البرنامج أصلاً.
الولايات المتحدة أنفقت منذ عام 2003 نحو ثمانية مليارات دولار على تدريب الشرطة العراقية. وكانت الخارجية الأميركية هي الجهة التي أُسنِدت إليها مهمة التدريب في بادئ الأمر قبل أن يُنقلَ البرنامجُ إلى عهدة وزارة الدفاع (البنتاغون) مع تصاعد وتيرة التمرد في عام 2004. ولذلك، فإن الشرطة العراقية التي درّبها الجيش الأميركي قبل انسحابه نهاية العام الماضي تلقّت تدريبات تركّزت بالدرجة الأولى على مكافحة التمرد وليس على اكتساب مهارات قوة تقليدية لإنفاذ القانون. وهذا ما يفسّر، على سبيل المثال، أن أفراد الشرطة العراقية لا يقومون بنوع الواجبات التي يؤديها زملاؤهم في دولٍ متقدمة "كملاحقة السائقين المسرعين أو الاستجابة لطلبات المساعدة في إنقاذ قطط عالقة على الأشجار"، بحسب تعبير الصحيفة. وفي هذا الصدد، ينقل كاتب التقرير تيم أرانغو
Tim Arango عن أحد الخبراء الأمنيين الأميركيين قوله إن المطلوب حقاً هو "إعادة هيكلة وإعادة توجيه لهذه القوة لكي تصبح وكالة تطبيق القانون الذي يخدم دولة ديمقراطية"، على حد تعبير روبرت بيريتو Robert M. Perito
من (معهد السلام الأميركي).
وفي تقريرها الموسوم "الولايات المتحدة قد تتخلى عن الجهود المكلفة لتدريب الشرطة العراقية"، ذكرت (نيويورك تايمز) New York Times أن برنامج التدريب الذي بدأ في تشرين الأول من العام الماضي بكلفة نحو 500 مليون دولار كان العنصر الأكبر في مهمةٍ وُصفت بأنها "أكثر جهود المساعدات الأميركية طموحاً منذ خطة مارشال". لكنه تحوّل إلى أحدث مثال على النفوذ الأميركي المتضائل في العراق إثر الانسحاب العسكري. وأفاد التقرير بأن العدد الذي كان مقرراً في البداية لتدريب الشرطة العراقية وهو نحو 350 ضابطاً أميركياً قُلـّصَ إلى نحو 190 ثم إلى مائة. فيما تقترح أحدث دعوة لإعادة هيكلة البرنامج تخفيضَ عدد المستشارين إلى خمسين مع اعتقاد معظم الخبراء وحتى مسؤولين في الخارجية الأميركية بأن هؤلاء أيضاً قد يُسحَبون من العراق بحلول نهاية العام الحالي.
ونَسبت الصحيفة إلى السفير الأميركي في العراق جيمس جيفري القول في مقابلة إنه يعتقد أن العراقيين بدأوا يتساءلون مع انسحاب قوات الولايات المتحدة عن حجم الوجود الأميركي ومدى تأثيره على سيادتهم، مضيفاً أنهم "أعربوا في مجالات مختلفة عن بعض مشاعر القلق"، بحسب تعبيره.
وجاء في التقرير أن الخارجية الأميركية دافعت باستمرار عن برنامج تدريب الشرطة العراقية حتى بعد أن جرى تقليصُه وتوجيهُ انتقاداتٍ عـلَنية إليه من قِبل وكيل وزارة الداخلية العراقية عدنان الأسدي الذي شكّك العام الماضي في جدوى الإنفاق المفرط على برنامجٍ لم يَـسعَ إليه العراقيون قط، بحسب ما نقلت عنه (نيويورك تايمز).
من جهته، وصَف وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الإدارة والموارد
توماس نايدس Thomas R. Nides في تصريحاتٍ أدلى بها للصحافيين في شباط وصفَ البرنامج التدريبي بأنه "متين ويؤدي عمله بشكل رائع بالتعاون مع الشرطة المحلية"، معرباً عن الاعتقاد بأنه سوف "يؤتي ثماراً هائلة".
وفي عرضها لهذا التصريح، لاحظَت الصحيفة أن البرنامج واجَه في الواقع عدة تحديات رغم أن نايدس قال مقابلةٍ أُجريت معه يوم الجمعة الماضي إنه لا يعتقد بحدوث أي خطأ. لكنه ذكر "أن العراقيين لا يعتقدون أنهم بحاجة إلى برنامج بهذا الحجم والنطاق." وأضاف أن تقليص البرنامج هو جزء من جهد أوسع لخفض حجم السفارة الأميركية في العراق.
لكن بياناً للسفارة نفى وجود خطط لإلغاء برنامج تطوير الشرطة العراقية. وقال الناطق باسم السفارة الأميركية في العراق مايكل ماكليلان Michael McClellan إن بغداد وواشنطن تراجعان بشكل منتظم "حجم ونطاق جهود المساعدة المقدمة في مجال تطبيق القانون لضمان وفاء هذه البرامج باحتياجات قوات الأمن العراقية." وأضاف أن برنامج تطوير الشرطة "يشكّل جزءاً حيوياً في العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق، فضلاً عن أنه وسيلة فعالة تعكس مدى وقوفنا إلى جانب أصدقائنا العراقيين في سعيهم لحماية سيادتهم ومؤسساتهم الديمقراطية من التهديدات الداخلية والخارجية"، بحسب تعبيره. وأوضح البيان الذي صدر عصر الأحد 13 أيار أن البرنامج لا يهتم "فقط بجانب التدريب والمساعدة في تقنيات الأدلة الجنائية وأساليب تطبيق القانون، بل أيضاً في تعميق الدور الملائم الذي تقوم به الشرطة في ترسيخ مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون. كما يسهم البرنامج كذلك في مجاليْ الأمن ورفع قدرات المؤسسات الديمقراطية."
ولمزيد من المعلومات والتحليل، أجريتُ مقابلة مع مدير (المركز الجمهوري للدراسات الأمنية) في بغداد الدكتور معتز محيي الذي عقّب أولاً على ما أوردَه التقرير الإعلامي الأميركي بالإشارة إلى "حاجة العراق إلى تدريبات خاصة في مكافحة الجريمة المنظّمة وتهريب الآثار والمخدرات والتسلل عبر الحدود إضافةً إلى موضوع تهريب وغسيل الأموال وتزوير وتزييف العملة إذ لا شك أن قوات الشرطة المحلية بحاجة إلى تقنيات وتدريب نوعي لكشف كل هذه الجرائم التي تعتبر غريبة على المجتمع العراقي والتي هي في ازدياد، بحسب أرقام وزارتيْ الداخلية والعدل...".
وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق، دعا الخبير الأمني العراقي إلى "إنشاء مركز دراسات متخصص في العلوم الشرطوية" وتحدث عن الأعداد اللازمة للمدربين وطبيعة الدورات التدريبية التي يمكن للولايات المتحدة أن تساعد من خلالها الجانب العراقي وفق اتفاقية الإطار الإستراتيجي للتعاون بين البلدين. كما أجاب محيي عن سؤالين آخرين يتعلق أحدهما بجدوى تنظيم دورات تدريبية للشرطة العراقية خارج البلاد والاستفادة من خبرات بعض الدول المجاورة في مجال مكافحة الجريمة المنظّمة، والثاني عن أهمية تدريس مادة (احترام حقوق الإنسان) في مناهج الدورات التدريبية لقوات الشرطة العراقية.
الولايات المتحدة أنفقت منذ عام 2003 نحو ثمانية مليارات دولار على تدريب الشرطة العراقية. وكانت الخارجية الأميركية هي الجهة التي أُسنِدت إليها مهمة التدريب في بادئ الأمر قبل أن يُنقلَ البرنامجُ إلى عهدة وزارة الدفاع (البنتاغون) مع تصاعد وتيرة التمرد في عام 2004. ولذلك، فإن الشرطة العراقية التي درّبها الجيش الأميركي قبل انسحابه نهاية العام الماضي تلقّت تدريبات تركّزت بالدرجة الأولى على مكافحة التمرد وليس على اكتساب مهارات قوة تقليدية لإنفاذ القانون. وهذا ما يفسّر، على سبيل المثال، أن أفراد الشرطة العراقية لا يقومون بنوع الواجبات التي يؤديها زملاؤهم في دولٍ متقدمة "كملاحقة السائقين المسرعين أو الاستجابة لطلبات المساعدة في إنقاذ قطط عالقة على الأشجار"، بحسب تعبير الصحيفة. وفي هذا الصدد، ينقل كاتب التقرير تيم أرانغو
Tim Arango عن أحد الخبراء الأمنيين الأميركيين قوله إن المطلوب حقاً هو "إعادة هيكلة وإعادة توجيه لهذه القوة لكي تصبح وكالة تطبيق القانون الذي يخدم دولة ديمقراطية"، على حد تعبير روبرت بيريتو Robert M. Perito
من (معهد السلام الأميركي).
وفي تقريرها الموسوم "الولايات المتحدة قد تتخلى عن الجهود المكلفة لتدريب الشرطة العراقية"، ذكرت (نيويورك تايمز) New York Times أن برنامج التدريب الذي بدأ في تشرين الأول من العام الماضي بكلفة نحو 500 مليون دولار كان العنصر الأكبر في مهمةٍ وُصفت بأنها "أكثر جهود المساعدات الأميركية طموحاً منذ خطة مارشال". لكنه تحوّل إلى أحدث مثال على النفوذ الأميركي المتضائل في العراق إثر الانسحاب العسكري. وأفاد التقرير بأن العدد الذي كان مقرراً في البداية لتدريب الشرطة العراقية وهو نحو 350 ضابطاً أميركياً قُلـّصَ إلى نحو 190 ثم إلى مائة. فيما تقترح أحدث دعوة لإعادة هيكلة البرنامج تخفيضَ عدد المستشارين إلى خمسين مع اعتقاد معظم الخبراء وحتى مسؤولين في الخارجية الأميركية بأن هؤلاء أيضاً قد يُسحَبون من العراق بحلول نهاية العام الحالي.
ونَسبت الصحيفة إلى السفير الأميركي في العراق جيمس جيفري القول في مقابلة إنه يعتقد أن العراقيين بدأوا يتساءلون مع انسحاب قوات الولايات المتحدة عن حجم الوجود الأميركي ومدى تأثيره على سيادتهم، مضيفاً أنهم "أعربوا في مجالات مختلفة عن بعض مشاعر القلق"، بحسب تعبيره.
وجاء في التقرير أن الخارجية الأميركية دافعت باستمرار عن برنامج تدريب الشرطة العراقية حتى بعد أن جرى تقليصُه وتوجيهُ انتقاداتٍ عـلَنية إليه من قِبل وكيل وزارة الداخلية العراقية عدنان الأسدي الذي شكّك العام الماضي في جدوى الإنفاق المفرط على برنامجٍ لم يَـسعَ إليه العراقيون قط، بحسب ما نقلت عنه (نيويورك تايمز).
من جهته، وصَف وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الإدارة والموارد
توماس نايدس Thomas R. Nides في تصريحاتٍ أدلى بها للصحافيين في شباط وصفَ البرنامج التدريبي بأنه "متين ويؤدي عمله بشكل رائع بالتعاون مع الشرطة المحلية"، معرباً عن الاعتقاد بأنه سوف "يؤتي ثماراً هائلة".
وفي عرضها لهذا التصريح، لاحظَت الصحيفة أن البرنامج واجَه في الواقع عدة تحديات رغم أن نايدس قال مقابلةٍ أُجريت معه يوم الجمعة الماضي إنه لا يعتقد بحدوث أي خطأ. لكنه ذكر "أن العراقيين لا يعتقدون أنهم بحاجة إلى برنامج بهذا الحجم والنطاق." وأضاف أن تقليص البرنامج هو جزء من جهد أوسع لخفض حجم السفارة الأميركية في العراق.
لكن بياناً للسفارة نفى وجود خطط لإلغاء برنامج تطوير الشرطة العراقية. وقال الناطق باسم السفارة الأميركية في العراق مايكل ماكليلان Michael McClellan إن بغداد وواشنطن تراجعان بشكل منتظم "حجم ونطاق جهود المساعدة المقدمة في مجال تطبيق القانون لضمان وفاء هذه البرامج باحتياجات قوات الأمن العراقية." وأضاف أن برنامج تطوير الشرطة "يشكّل جزءاً حيوياً في العلاقة بين الولايات المتحدة والعراق، فضلاً عن أنه وسيلة فعالة تعكس مدى وقوفنا إلى جانب أصدقائنا العراقيين في سعيهم لحماية سيادتهم ومؤسساتهم الديمقراطية من التهديدات الداخلية والخارجية"، بحسب تعبيره. وأوضح البيان الذي صدر عصر الأحد 13 أيار أن البرنامج لا يهتم "فقط بجانب التدريب والمساعدة في تقنيات الأدلة الجنائية وأساليب تطبيق القانون، بل أيضاً في تعميق الدور الملائم الذي تقوم به الشرطة في ترسيخ مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون. كما يسهم البرنامج كذلك في مجاليْ الأمن ورفع قدرات المؤسسات الديمقراطية."
ولمزيد من المعلومات والتحليل، أجريتُ مقابلة مع مدير (المركز الجمهوري للدراسات الأمنية) في بغداد الدكتور معتز محيي الذي عقّب أولاً على ما أوردَه التقرير الإعلامي الأميركي بالإشارة إلى "حاجة العراق إلى تدريبات خاصة في مكافحة الجريمة المنظّمة وتهريب الآثار والمخدرات والتسلل عبر الحدود إضافةً إلى موضوع تهريب وغسيل الأموال وتزوير وتزييف العملة إذ لا شك أن قوات الشرطة المحلية بحاجة إلى تقنيات وتدريب نوعي لكشف كل هذه الجرائم التي تعتبر غريبة على المجتمع العراقي والتي هي في ازدياد، بحسب أرقام وزارتيْ الداخلية والعدل...".
وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق، دعا الخبير الأمني العراقي إلى "إنشاء مركز دراسات متخصص في العلوم الشرطوية" وتحدث عن الأعداد اللازمة للمدربين وطبيعة الدورات التدريبية التي يمكن للولايات المتحدة أن تساعد من خلالها الجانب العراقي وفق اتفاقية الإطار الإستراتيجي للتعاون بين البلدين. كما أجاب محيي عن سؤالين آخرين يتعلق أحدهما بجدوى تنظيم دورات تدريبية للشرطة العراقية خارج البلاد والاستفادة من خبرات بعض الدول المجاورة في مجال مكافحة الجريمة المنظّمة، والثاني عن أهمية تدريس مادة (احترام حقوق الإنسان) في مناهج الدورات التدريبية لقوات الشرطة العراقية.