يـَتـّجهُ المشهدُ السياسي العراقي نحو ساعاتِ حسمٍ مرتَقبة لملفاتٍ ما تزال عالقة منذ تشكيل الحكومة الحالية في أواخر عام 2010 وفق اتفاق أربيل وذلك بعد مخاض عسير دام تسعة أشهر.
لكن كُتلاً برلمانية مشاركة في الائتلاف الحكومي الذي غالباً ما يوصف بـ"الهـش"، وأبرزها قائمة (العراقية) و(التحالف الكردستاني)، صَـعّدت خلال الشهور الماضية انتقاداتها العلنية لرئيس الوزراء نوري المالكي الذي يرأس (ائتلاف دولة القانون) بسبب ما اعتبرَته تلكؤاً في تنفيذ بنود ذلك الاتفاق الذي تضمن تعهدات بتحقيق مبدأ الشراكة. وفي نيسان الماضي، انضمّ (التيار الصدري) أحد أبرز أطراف (التحالف الوطني) الذي يضم كتلة المالكي إلى منتقديه من خلال المشاركة الشخصية لزعيم التيار رجل الدين مقتدى الصدر في لقاءٍ جمَـعَـهُ في أربيل مع رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي وزعيم كتلة (العراقية) أياد علاوي. وأُفيد بأن هذا الاجتماع تمخّض عن رسالة وُجّهت إلى المالكي وتضمّنت خيار سحب الثقة من الحكومة الحالية خلال 15 يوما ما لم تتوقف ما وصفت بسياسة التسلط في اتخاذ القرار.
وفي تقريرٍ عن هذا التطوّر، ذكرت وكالة رويترز للأنباء أن الرسالة الموقّعة بتاريخ 28 نيسان حددت ثمانية مطالب يتعين تنفيذها بحلول 13 أيار لضمان تأييد الزعماء الأربعة لحكومة المالكي. ونُقل عن الرسالة أنه في حال رفض الالتزام بمبادئ وإطارات اتفاق أربيل فسوف تُتخذ خطوات عملية خلال فترة لا تتجاوز 15 يوماً لإجراء اقتراع على الثقة في الحكومة. وأُفيد بأن الرسالة دعت الحكومة إلى الكف عن التدخل في عمل قوات الأمن وعمل البرلمان وتضمنت فقرة تنتقد الاستبداد في اتخاذ القرار. كما طالبت أيضاً بتطبيق عدم تولي رئيس الوزراء منصبه لأكثر من فترتين بأثر رجعي.
تقريرٌ إعلامي غربي أشارَ أيضاً إلى هذه الرسالة في سياق تحليل للمشهد السياسي العراقي. وجاء في التقرير الذي نَشرته صحيفة (فايننشيال تايمز) The Financial Times اللندنية الثلاثاء تحت عنوان "العراق: طموح فريد" بقلم مايكل بيل Michael Peel أن العديد من المحللين يشيرون إلى أن المالكي الذي يواجه انتقادات بسبب ما توصف بـ"نزعات استبدادية" انشَغل خلال الفترة الماضية "بتركيز السلطات في البلاد إلى الحد الذي بدأ يذكّر البعض بعهد صدام حسين."
ونقلت الصحيفة عن منتقديه، وبينهم أعضاء في حكومته الائتلافية، أن المالكي الذي يشغل أيضاً منصب القائد العام للقوات المسلحة ويسيطر على وزارتيْ الدفاع والداخلية حقق ذلك من "خلال مناورة سياسية بارعة ووساطة القوة واستخدام القانون لمضايقة المنشقين"، بحسب تعبيرها.
ولمزيد من التحليل والتعقيب على ما أوردته الصحيفة اللندنية البارزة في شأن المشهد السياسي الحالي في العراق، أجريتُ مقابلة مع العضو السابق في مجلس النواب العراقي القاضي وائل عبد اللطيف الذي قال لإذاعة العراق الحر "نحن نسعى إلى إنضاج الديمقراطية ورصانة العملية السياسية في البلاد وبالتالي نريد أن نلمس خطوات جادة في هذا الاتجاه. ولكن الملاحَظ للأسف أنه بعد خروج الأميركان تحديداً بأشهر قليلة بدت القوى السياسية متلكئة ومتناقضة ومتنافرة وتعيش فيما ببنها أزمة ثقة بشكل كبير جداً رغم أن أغلبها اشترك في الحكومة ومُثلت في الكثير من مؤسسات الدولة......"، على حد تعبيره.
وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق، أجاب عبد اللطيف عن سؤال بشأن الانتقادات المتعلقة بتركيز السلطة أو استئثار فرد واحد أو حزب واحد باتخاذ القرار وانعكاسات ذلك على مسيرة الديمقراطية في العراق. وفي سياق إجابته، أشار إلى وجود "أحزاب متعددة ومكوّنات متعددة في البلاد"، معتبراً أنه "بالرغم مما سجّله رئيس الوزراء فإن من غير الممكن تسجيل كل الإنجازات للفرد إذ طالما هي ديمقراطية فالديمقراطية للجميع، وطالما هي عملية سياسية لكل القوى السياسية فالـمُنجَز هو لكل تلك القوى ذلك أن الاستئثار وإبراز الشخصية الواحدة في الحياة السياسية أمر خطير جداً ويقود إلى منزلقات خطيرة"، بحسب رأيه.
من جهته، قال النائب عبد الهادي الحساني العضو في (ائتلاف دولة القانون) إن "التحالف الوطني متماسك ولا يزال حاضراً وقوياً ويشعر بأن مرشحه المالكي هو الأقوى لقيادة المرحلة الحالية...وهناك رغبة بالنهوض في واقع حكومة الشراكة الوطنية من خلال توافقات أربيل أو توافقات أخرى، ولذلك لا تخوّف من إجراء تغيير في واقع موقف التحالف أو تغيير على مستوى رئاسة الوزراء....".
أما القيادي في التيار الصدري النائب بهاء الأعرجي فقد أوضح في ردّه على سؤال لإذاعة العراق الحر أن التيار الذي كان "يركز في السنوات الماضية على إخراج المحتل يسعى الآن نحو تصحيح مسار العملية السياسية العراقية". وأصاف أن التيار الصدري "ما يزال جزءاً من التحالف الوطني ومتمسكاً به"، مشيراً إلى أن الرسالة التي وُجهت إلى الحكومة تدعوها إلى إنهاء الخلافات خلال خمسة عشر يوما.
وفي عمودٍ نشرَه تحت عنوان "انتخابات مبكرة أم انقلابات مدبرة..؟"، كَتب عميد كلية الإعلام في جامعة بغداد الدكتور هاشم حسن في صحيفة (المشرق) العراقية يقول "لابد أن نعترف أولا أن البلاد تشهد صراعا غير مسبوق على السلطة لا يقل خطورة عن الانقلابات العسكرية التي يشهدها العالم..... ولعل ثمن هذا الصراع جسيم جدا يدفع فاتورته المواطن العادي ومستقبل البلاد وحركة الإعمار المتأرجحة ما بين غياب الخطط والمحاصصة ولصوص الفساد وينتج عن ذلك عدم الاستقرار والأزمات المزمنة والكهرباء والبطالة والسكن وسوء الإدارة وانهيار الاقتصاد وليس آخره صعود الدولار وهبوط قيمة الدينار."
وأضاف "هنا نتساءل هل الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة تنشيط للديمقراطية وحلحلة للأزمة السياسية التي أصبحت أخلاقية بعد الاستعانة بأجندات خارجية أم أنها انقلاب أبيض يراد منه تأكيد هيمنة القوة الأكبر على كامل المشهد، مع الإبقاء على ذات الأسماء والعناوين والرموز من خلال آلية القائمة الانتخابية....؟"
وفي تحليله للمشهد السياسي، أوضح كاتب العمود الدكتور هاشم حسن لإذاعة العراق الحر فكرتَه بالإشارة إلى وجود "عدم مصداقية وعدم ثقة في بعض الطروحات السياسية" مضيفاً "أن المواطن العراقي وحتى المراقب المحايد أصبحت له خبرة من خلال اشتداد الأزمات بأن الشعارات الكبيرة التي تُرفع كالدفاع عن الديمقراطية أو الخوف من الديكتاتورية إنما تطرحُها بعض الأطراف بهدف المناورة السياسية أو الحصول على مكاسب..."، بحسب رأيه.
لكن كُتلاً برلمانية مشاركة في الائتلاف الحكومي الذي غالباً ما يوصف بـ"الهـش"، وأبرزها قائمة (العراقية) و(التحالف الكردستاني)، صَـعّدت خلال الشهور الماضية انتقاداتها العلنية لرئيس الوزراء نوري المالكي الذي يرأس (ائتلاف دولة القانون) بسبب ما اعتبرَته تلكؤاً في تنفيذ بنود ذلك الاتفاق الذي تضمن تعهدات بتحقيق مبدأ الشراكة. وفي نيسان الماضي، انضمّ (التيار الصدري) أحد أبرز أطراف (التحالف الوطني) الذي يضم كتلة المالكي إلى منتقديه من خلال المشاركة الشخصية لزعيم التيار رجل الدين مقتدى الصدر في لقاءٍ جمَـعَـهُ في أربيل مع رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي وزعيم كتلة (العراقية) أياد علاوي. وأُفيد بأن هذا الاجتماع تمخّض عن رسالة وُجّهت إلى المالكي وتضمّنت خيار سحب الثقة من الحكومة الحالية خلال 15 يوما ما لم تتوقف ما وصفت بسياسة التسلط في اتخاذ القرار.
وفي تقريرٍ عن هذا التطوّر، ذكرت وكالة رويترز للأنباء أن الرسالة الموقّعة بتاريخ 28 نيسان حددت ثمانية مطالب يتعين تنفيذها بحلول 13 أيار لضمان تأييد الزعماء الأربعة لحكومة المالكي. ونُقل عن الرسالة أنه في حال رفض الالتزام بمبادئ وإطارات اتفاق أربيل فسوف تُتخذ خطوات عملية خلال فترة لا تتجاوز 15 يوماً لإجراء اقتراع على الثقة في الحكومة. وأُفيد بأن الرسالة دعت الحكومة إلى الكف عن التدخل في عمل قوات الأمن وعمل البرلمان وتضمنت فقرة تنتقد الاستبداد في اتخاذ القرار. كما طالبت أيضاً بتطبيق عدم تولي رئيس الوزراء منصبه لأكثر من فترتين بأثر رجعي.
تقريرٌ إعلامي غربي أشارَ أيضاً إلى هذه الرسالة في سياق تحليل للمشهد السياسي العراقي. وجاء في التقرير الذي نَشرته صحيفة (فايننشيال تايمز) The Financial Times اللندنية الثلاثاء تحت عنوان "العراق: طموح فريد" بقلم مايكل بيل Michael Peel أن العديد من المحللين يشيرون إلى أن المالكي الذي يواجه انتقادات بسبب ما توصف بـ"نزعات استبدادية" انشَغل خلال الفترة الماضية "بتركيز السلطات في البلاد إلى الحد الذي بدأ يذكّر البعض بعهد صدام حسين."
ونقلت الصحيفة عن منتقديه، وبينهم أعضاء في حكومته الائتلافية، أن المالكي الذي يشغل أيضاً منصب القائد العام للقوات المسلحة ويسيطر على وزارتيْ الدفاع والداخلية حقق ذلك من "خلال مناورة سياسية بارعة ووساطة القوة واستخدام القانون لمضايقة المنشقين"، بحسب تعبيرها.
ولمزيد من التحليل والتعقيب على ما أوردته الصحيفة اللندنية البارزة في شأن المشهد السياسي الحالي في العراق، أجريتُ مقابلة مع العضو السابق في مجلس النواب العراقي القاضي وائل عبد اللطيف الذي قال لإذاعة العراق الحر "نحن نسعى إلى إنضاج الديمقراطية ورصانة العملية السياسية في البلاد وبالتالي نريد أن نلمس خطوات جادة في هذا الاتجاه. ولكن الملاحَظ للأسف أنه بعد خروج الأميركان تحديداً بأشهر قليلة بدت القوى السياسية متلكئة ومتناقضة ومتنافرة وتعيش فيما ببنها أزمة ثقة بشكل كبير جداً رغم أن أغلبها اشترك في الحكومة ومُثلت في الكثير من مؤسسات الدولة......"، على حد تعبيره.
وفي المقابلة التي أجريتُها عبر الهاتف ويمكن الاستماع إليها في الملف الصوتي المرفق، أجاب عبد اللطيف عن سؤال بشأن الانتقادات المتعلقة بتركيز السلطة أو استئثار فرد واحد أو حزب واحد باتخاذ القرار وانعكاسات ذلك على مسيرة الديمقراطية في العراق. وفي سياق إجابته، أشار إلى وجود "أحزاب متعددة ومكوّنات متعددة في البلاد"، معتبراً أنه "بالرغم مما سجّله رئيس الوزراء فإن من غير الممكن تسجيل كل الإنجازات للفرد إذ طالما هي ديمقراطية فالديمقراطية للجميع، وطالما هي عملية سياسية لكل القوى السياسية فالـمُنجَز هو لكل تلك القوى ذلك أن الاستئثار وإبراز الشخصية الواحدة في الحياة السياسية أمر خطير جداً ويقود إلى منزلقات خطيرة"، بحسب رأيه.
من جهته، قال النائب عبد الهادي الحساني العضو في (ائتلاف دولة القانون) إن "التحالف الوطني متماسك ولا يزال حاضراً وقوياً ويشعر بأن مرشحه المالكي هو الأقوى لقيادة المرحلة الحالية...وهناك رغبة بالنهوض في واقع حكومة الشراكة الوطنية من خلال توافقات أربيل أو توافقات أخرى، ولذلك لا تخوّف من إجراء تغيير في واقع موقف التحالف أو تغيير على مستوى رئاسة الوزراء....".
أما القيادي في التيار الصدري النائب بهاء الأعرجي فقد أوضح في ردّه على سؤال لإذاعة العراق الحر أن التيار الذي كان "يركز في السنوات الماضية على إخراج المحتل يسعى الآن نحو تصحيح مسار العملية السياسية العراقية". وأصاف أن التيار الصدري "ما يزال جزءاً من التحالف الوطني ومتمسكاً به"، مشيراً إلى أن الرسالة التي وُجهت إلى الحكومة تدعوها إلى إنهاء الخلافات خلال خمسة عشر يوما.
وفي عمودٍ نشرَه تحت عنوان "انتخابات مبكرة أم انقلابات مدبرة..؟"، كَتب عميد كلية الإعلام في جامعة بغداد الدكتور هاشم حسن في صحيفة (المشرق) العراقية يقول "لابد أن نعترف أولا أن البلاد تشهد صراعا غير مسبوق على السلطة لا يقل خطورة عن الانقلابات العسكرية التي يشهدها العالم..... ولعل ثمن هذا الصراع جسيم جدا يدفع فاتورته المواطن العادي ومستقبل البلاد وحركة الإعمار المتأرجحة ما بين غياب الخطط والمحاصصة ولصوص الفساد وينتج عن ذلك عدم الاستقرار والأزمات المزمنة والكهرباء والبطالة والسكن وسوء الإدارة وانهيار الاقتصاد وليس آخره صعود الدولار وهبوط قيمة الدينار."
وأضاف "هنا نتساءل هل الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة تنشيط للديمقراطية وحلحلة للأزمة السياسية التي أصبحت أخلاقية بعد الاستعانة بأجندات خارجية أم أنها انقلاب أبيض يراد منه تأكيد هيمنة القوة الأكبر على كامل المشهد، مع الإبقاء على ذات الأسماء والعناوين والرموز من خلال آلية القائمة الانتخابية....؟"
وفي تحليله للمشهد السياسي، أوضح كاتب العمود الدكتور هاشم حسن لإذاعة العراق الحر فكرتَه بالإشارة إلى وجود "عدم مصداقية وعدم ثقة في بعض الطروحات السياسية" مضيفاً "أن المواطن العراقي وحتى المراقب المحايد أصبحت له خبرة من خلال اشتداد الأزمات بأن الشعارات الكبيرة التي تُرفع كالدفاع عن الديمقراطية أو الخوف من الديكتاتورية إنما تطرحُها بعض الأطراف بهدف المناورة السياسية أو الحصول على مكاسب..."، بحسب رأيه.