هناك تعبير يتكرر كثيرا على أسماع العراقيين عندما يتعلق الأمر بمجلس النواب العراقي وهو "تقرر رفع الجلسة لعدم اكتمال النصاب".
فلماذا يتغيب النواب؟ وما هو تأثير ذلك على عمل المجلس؟ وكيف يقيّم المراقبون عمله؟ كل هذه أسئلة طرحتها إذاعة العراق الحر على عدد من النواب والمراقبين.
بشكل عام، يكاد يجمع الكل على أن مجلس النواب لا يؤدي واجباته بالشكل الأمثل، ولا حتى المقبول، إذ عقد المجلس خلال الفصل التشريعي الحالي الذي بدأ في العشرين من تشرين الثاني الماضي وحتى الرابع من شباط ثماني عشرة جلسة.
وخلال الفصل التشريعي السابق الذي دام حوالى أربعة أشهر أي من الثاني عشر من حزيران 2011 وحتى العاشر من تشرين الأول من العام نفسه، عقد المجلس ستا وثلاثين جلسة فقط.
ولو تحدثنا عن القوانين التي شرعها المجلس فعددها محدود أيضا، وليس فيها قوانين أساسية ينتظرها الشعب منذ أعوام مثل: قانون الأحزاب، وقانون النفط والغاز، وقانون الانتخابات وغيرها.
إذاعة العراق الحر تحدثت إلى عدد من النواب والى مراقبين يتابعون عمل البرلمان وكان سؤالنا الأول لماذا يتغيب النواب؟
النائب يونادم كنا أجابنا على هذا السؤال بالقول إن بعض النواب يعتبرون أنفسهم رموزا وهم منشغلون بأمور السياسة ويعتقدون أن ذلك أهم من حضورهم جلسات البرلمان.
وهناك قسم آخر هم في الحقيقة رجال أعمال لا يحتاجون إلى راتبهم البرلماني وهم مشغولون في دول الجوار بأعمالهم وهناك البعض ممن يشعر بضغوط أمنية فيفضل عدم الحضور. النائب كنا لاحظ أن أسباب الغياب عديدة مضيفا أن بعضها يعود إلى قرار سياسي لقيادة الكتلة التي ينتمي إليها النائب مما يؤدي إلى تغيبه مع نواب آخرين من الكتلة نفسها وذلك بهدف منع اكتمال.
النائبة ماجدة عبد اللطيف نبهت أولا إلى أن الالتزام بالحضور وبالعمل مسألة شخصية جدا في كل مكان وزمان وأنه سلوك إن اعتاده المرء استمر عليه ثم قالت إن بعض النواب يأتون في بداية الجلسة للتوقيع ثم يمضون لشؤونهم ليعودوا بعد حين للتوقيع مرة أخرى.
نقطة أخرى أشارت إليها النائبة تتعلق بالتفاوت الكبير في مستويات النواب أنفسهم مما يجعلهم مجموعة غير منسجمة على الإطلاق وأوضحت أن بعض النواب يحملون الشهادة الإعدادية بينما يحمل آخرون شهادة الدكتوراه ولاحظت أن الحصول على مقعد في مجلس النواب تحول إلى انجاز مهم بالنسبة للبعض بحيث أنهم يكتفون به.
النائبة ماجدة عبد اللطيف قالت إن المجلس يطبق إجراءات لمنع النواب من التغيب ومنها إجبارهم على التوقيع مرتين يوميا، مرة في الجلسة الصباحية ومرة في الجلسة المسائية وإلا وصلت العقوبة إلى خسارتهم مليون دينار في اليوم الواحد، حسب قولها وأوضحت أن هناك فكرة مطروحة حاليا لزيادة عدد التواقيع إلى أربعة لمنع النواب من المغادرة.
غير أن النائب يونادم كنا رأى أن استقطاع 500 ألف دينار من النائب عن كل جلسة غياب غير كاف بالمرة ودعا إلى تطبيق إجراءات أكثر صرامة مثل نشر أسماء النواب الغائبين على صفحة المجلس على الانترنيت قائلا إن هذا الأمر سيؤثر على مصداقيتهم أمام الناخبين في المستقبل.
يصبح التغيب عن العمل عائقا إذا تكرر مرات عديدة ومن الطبيعي أن يؤثر على سير الأمور غير أن تغيب النواب عن جلسات البرلمان له تأثير خاص أكثر سوءا نظرا للمهام الكبيرة التي من المفترض أن يضطلع بها المجلس على صعيدي التشريع والرقابة هذا إضافة إلى أن عدم الالتزام يعني بطبيعة الحال تنصلا من الوعود التي وصفها النائب يونادم كنا بالمعسولة والتي قطعها النواب الحاليون لشعبهم خلال حملاتهم الانتخابية.
عضو المرصد المدني لرصد الأداء النيابي علي العنبوري رأى في حديثه لإذاعة العراق الحر أن مجلس النواب لم يؤد واجبه بالشكل الكامل وعلى كافة المستويات.
تشريعيا وحسب قول العنبوري لم يعتمد المجلس عددا كافيا من القوانين التي يحتاجها البلاد وقدر حاجة العراق إلى ما لا يقل عن ثلاثة آلاف تشريع مما يعني أن علينا الانتظار لثلاثين سنة أخرى لحين اكتمال المنظومة التشريعية.
العنبوري أشار إلى وجود خلل والى بطء وقال إن اعتماد قانون ما يحتاج ما بين ستة أشهر وعدة أعوام وعزا هذا التأخر إلى عدم وجود آلية واضحة تحدد توقيتات زمنية لكل تشريع. وأبسط دليل على ذلك حسب قول العنبوري أن هناك ما بين 50 إلى 60 مادة دستورية تحتاج إلى قوانين تنظم نصوصها ولاحظ أن مجمل ما تم انجازه من هذه القوانين لا يتجاوز 10 إلى 15 بالمائة حتى الآن.
عضو المرصد المدني لرصد الأداء النيابي علي العنبوري قال أيضا إن المشكلة لا تكمن في تغيب النواب وحده بل في مستوى أدائهم داخل البرلمان وقال إن بعضهم يواظب على الحضور دون فعل شئ حقيقي ولاحظ هنا أيضا غياب آلية محكمة لقياس مستوى الأداء البرلماني للنواب بطريقة يمكن للمواطن متابعتها بشفافية كاملة.
عضو المرصد المدني لرصد الأداء النيابي علي العنبوري لم يكتف بانتقاد الجانب التشريعي في عمل مجلس النواب بل أشار أيضا إلى فشله على الصعيد الرقابي مع ملاحظة عدم التزام السلطة التنفيذية ببعض قرارات مجلس النواب مما يضاعف من حجم الكارثة حسب قوله.
الكاتب والمحلل السياسي خالد السراي لم يخف امتعاضه من أداء مجلس النواب ووجه انتقادا حادا لأعضائه مستشهدا بالجلسة المخصصة لمناقشة الميزانية والتي قال إن جميع السياسيين كانوا يستخدمونها في خطبهم وفي مزايداتهم السياسية ولكن عندما حان موعد الجلسة تغيب من تغيب ولم يكتمل النصاب.
السراي لاحظ أن النصاب كان يكتمل خلال فترة مقاطعة العراقية للبرلمان ثم ما لبث النصاب أن أصبح غير مكتمل بعد عودة العراقية وكأن القضية عشائرية بين الكتل السياسية، حسب قول السراي الذي عبر عن أسفه لما وصفه بعدم إدراك النواب أنفسهم لمعنى القسم الذي أدوه عندما تم انتخابهم أعضاء في مجلس النواب وعدم إدراكهم في الوقت نفسه المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم أمام الشعب.
خالد السراي لاحظ أن مجلس النواب لم يتمكن من اعتماد قوانين أساسية ومهمة بالنسبة للعراق على مدى فصوله التشريعية حتى الآن وأهمها قانون النفط والغاز وقانون الأحزاب وقانون الانتخابات وعزا ذلك إلى نقص في الإدراك لدى النواب لقيمتهم التشريعية والسياسية والعملية.
وأخيرا لاحظ السراي أن التصرف الحالي للنواب يظهر تماما أنهم لا يفكرون على الإطلاق بمستقبلهم السياسي بل يكتفون بالامتيازات الحالية في حين أن برلمانات العالم هي التي تخرج سياسيي البلد وقادته بعد سنوات من التدريب والصقل والتهذيب وبعد سنوات من العمل والجهد الدؤوب في مجال التشريع والسياسة.
ساهم في الملف مراسل اذاعة العراق الحر في بغداد محمد كريم
فلماذا يتغيب النواب؟ وما هو تأثير ذلك على عمل المجلس؟ وكيف يقيّم المراقبون عمله؟ كل هذه أسئلة طرحتها إذاعة العراق الحر على عدد من النواب والمراقبين.
بشكل عام، يكاد يجمع الكل على أن مجلس النواب لا يؤدي واجباته بالشكل الأمثل، ولا حتى المقبول، إذ عقد المجلس خلال الفصل التشريعي الحالي الذي بدأ في العشرين من تشرين الثاني الماضي وحتى الرابع من شباط ثماني عشرة جلسة.
وخلال الفصل التشريعي السابق الذي دام حوالى أربعة أشهر أي من الثاني عشر من حزيران 2011 وحتى العاشر من تشرين الأول من العام نفسه، عقد المجلس ستا وثلاثين جلسة فقط.
ولو تحدثنا عن القوانين التي شرعها المجلس فعددها محدود أيضا، وليس فيها قوانين أساسية ينتظرها الشعب منذ أعوام مثل: قانون الأحزاب، وقانون النفط والغاز، وقانون الانتخابات وغيرها.
إذاعة العراق الحر تحدثت إلى عدد من النواب والى مراقبين يتابعون عمل البرلمان وكان سؤالنا الأول لماذا يتغيب النواب؟
النائب يونادم كنا أجابنا على هذا السؤال بالقول إن بعض النواب يعتبرون أنفسهم رموزا وهم منشغلون بأمور السياسة ويعتقدون أن ذلك أهم من حضورهم جلسات البرلمان.
وهناك قسم آخر هم في الحقيقة رجال أعمال لا يحتاجون إلى راتبهم البرلماني وهم مشغولون في دول الجوار بأعمالهم وهناك البعض ممن يشعر بضغوط أمنية فيفضل عدم الحضور. النائب كنا لاحظ أن أسباب الغياب عديدة مضيفا أن بعضها يعود إلى قرار سياسي لقيادة الكتلة التي ينتمي إليها النائب مما يؤدي إلى تغيبه مع نواب آخرين من الكتلة نفسها وذلك بهدف منع اكتمال.
النائبة ماجدة عبد اللطيف نبهت أولا إلى أن الالتزام بالحضور وبالعمل مسألة شخصية جدا في كل مكان وزمان وأنه سلوك إن اعتاده المرء استمر عليه ثم قالت إن بعض النواب يأتون في بداية الجلسة للتوقيع ثم يمضون لشؤونهم ليعودوا بعد حين للتوقيع مرة أخرى.
نقطة أخرى أشارت إليها النائبة تتعلق بالتفاوت الكبير في مستويات النواب أنفسهم مما يجعلهم مجموعة غير منسجمة على الإطلاق وأوضحت أن بعض النواب يحملون الشهادة الإعدادية بينما يحمل آخرون شهادة الدكتوراه ولاحظت أن الحصول على مقعد في مجلس النواب تحول إلى انجاز مهم بالنسبة للبعض بحيث أنهم يكتفون به.
النائبة ماجدة عبد اللطيف قالت إن المجلس يطبق إجراءات لمنع النواب من التغيب ومنها إجبارهم على التوقيع مرتين يوميا، مرة في الجلسة الصباحية ومرة في الجلسة المسائية وإلا وصلت العقوبة إلى خسارتهم مليون دينار في اليوم الواحد، حسب قولها وأوضحت أن هناك فكرة مطروحة حاليا لزيادة عدد التواقيع إلى أربعة لمنع النواب من المغادرة.
غير أن النائب يونادم كنا رأى أن استقطاع 500 ألف دينار من النائب عن كل جلسة غياب غير كاف بالمرة ودعا إلى تطبيق إجراءات أكثر صرامة مثل نشر أسماء النواب الغائبين على صفحة المجلس على الانترنيت قائلا إن هذا الأمر سيؤثر على مصداقيتهم أمام الناخبين في المستقبل.
مراقب: بهذه الوتيرة سنحتاج إلى 30 عاما لاستكمال المنظومة التشريعية
يصبح التغيب عن العمل عائقا إذا تكرر مرات عديدة ومن الطبيعي أن يؤثر على سير الأمور غير أن تغيب النواب عن جلسات البرلمان له تأثير خاص أكثر سوءا نظرا للمهام الكبيرة التي من المفترض أن يضطلع بها المجلس على صعيدي التشريع والرقابة هذا إضافة إلى أن عدم الالتزام يعني بطبيعة الحال تنصلا من الوعود التي وصفها النائب يونادم كنا بالمعسولة والتي قطعها النواب الحاليون لشعبهم خلال حملاتهم الانتخابية.عضو المرصد المدني لرصد الأداء النيابي علي العنبوري رأى في حديثه لإذاعة العراق الحر أن مجلس النواب لم يؤد واجبه بالشكل الكامل وعلى كافة المستويات.
تشريعيا وحسب قول العنبوري لم يعتمد المجلس عددا كافيا من القوانين التي يحتاجها البلاد وقدر حاجة العراق إلى ما لا يقل عن ثلاثة آلاف تشريع مما يعني أن علينا الانتظار لثلاثين سنة أخرى لحين اكتمال المنظومة التشريعية.
العنبوري أشار إلى وجود خلل والى بطء وقال إن اعتماد قانون ما يحتاج ما بين ستة أشهر وعدة أعوام وعزا هذا التأخر إلى عدم وجود آلية واضحة تحدد توقيتات زمنية لكل تشريع. وأبسط دليل على ذلك حسب قول العنبوري أن هناك ما بين 50 إلى 60 مادة دستورية تحتاج إلى قوانين تنظم نصوصها ولاحظ أن مجمل ما تم انجازه من هذه القوانين لا يتجاوز 10 إلى 15 بالمائة حتى الآن.
عضو المرصد المدني لرصد الأداء النيابي علي العنبوري قال أيضا إن المشكلة لا تكمن في تغيب النواب وحده بل في مستوى أدائهم داخل البرلمان وقال إن بعضهم يواظب على الحضور دون فعل شئ حقيقي ولاحظ هنا أيضا غياب آلية محكمة لقياس مستوى الأداء البرلماني للنواب بطريقة يمكن للمواطن متابعتها بشفافية كاملة.
دم الناخبين ضاع بين القبائل، إن جاز التعبير:
من جانب آخر لاحظ العنبوري أن الناخب العراقي غير ممثل بشكل حقيقي داخل مجلس النواب أي انه لا يعرف من النائب الذي يمثله كي يتابعه ويتواصل معه مما يعني وحسب تعبير العنبوري أن دم الناخبين يضيع بين القبائل وهو أمر ينطبق أيضا على مجالس المحافظات المسؤولة عن توفير الخدمات للمواطنينعضو المرصد المدني لرصد الأداء النيابي علي العنبوري لم يكتف بانتقاد الجانب التشريعي في عمل مجلس النواب بل أشار أيضا إلى فشله على الصعيد الرقابي مع ملاحظة عدم التزام السلطة التنفيذية ببعض قرارات مجلس النواب مما يضاعف من حجم الكارثة حسب قوله.
الكاتب والمحلل السياسي خالد السراي لم يخف امتعاضه من أداء مجلس النواب ووجه انتقادا حادا لأعضائه مستشهدا بالجلسة المخصصة لمناقشة الميزانية والتي قال إن جميع السياسيين كانوا يستخدمونها في خطبهم وفي مزايداتهم السياسية ولكن عندما حان موعد الجلسة تغيب من تغيب ولم يكتمل النصاب.
السراي لاحظ أن النصاب كان يكتمل خلال فترة مقاطعة العراقية للبرلمان ثم ما لبث النصاب أن أصبح غير مكتمل بعد عودة العراقية وكأن القضية عشائرية بين الكتل السياسية، حسب قول السراي الذي عبر عن أسفه لما وصفه بعدم إدراك النواب أنفسهم لمعنى القسم الذي أدوه عندما تم انتخابهم أعضاء في مجلس النواب وعدم إدراكهم في الوقت نفسه المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم أمام الشعب.
خالد السراي لاحظ أن مجلس النواب لم يتمكن من اعتماد قوانين أساسية ومهمة بالنسبة للعراق على مدى فصوله التشريعية حتى الآن وأهمها قانون النفط والغاز وقانون الأحزاب وقانون الانتخابات وعزا ذلك إلى نقص في الإدراك لدى النواب لقيمتهم التشريعية والسياسية والعملية.
وأخيرا لاحظ السراي أن التصرف الحالي للنواب يظهر تماما أنهم لا يفكرون على الإطلاق بمستقبلهم السياسي بل يكتفون بالامتيازات الحالية في حين أن برلمانات العالم هي التي تخرج سياسيي البلد وقادته بعد سنوات من التدريب والصقل والتهذيب وبعد سنوات من العمل والجهد الدؤوب في مجال التشريع والسياسة.
ساهم في الملف مراسل اذاعة العراق الحر في بغداد محمد كريم