هَـنّأ الرئيس باراك أوباما الجنود الأميركيين في أنحاء العالم بعيد الميلاد المجيد مُشيداً بخدمتهم وتضحياتهم من أجل صَون الأمن وحماية الحريات. وفي إشارتِه إلى العراق، جَـدّد أوباما القول في كلمته الإذاعية الأسبوعية السبت إن الحربَ انتهَت هناك لافتاً إلى عودةِ آخِر قواتِ بلادِهِ لقضاء أعياد الميلاد ورأس السنة بين أفراد عائلاتهم في الوطن.
وكان أوباما تحدث غير مرة خلال الأيام الأخيرة عن نهاية حرب العراق وخاصةً عندما شارك مع السيدة الأميركية الأولى في استقبالِ جنودٍ عائدين إلى قاعدة فورت براغ بولاية نورث كارولاينا عشية مغادرة آخر قافلة عسكرية أميركية الحدود العراقية إلى الكويت يوم الأحد الماضي.
وفي أحدث متابعةٍ بثّتها من قاعدة فورت هود بولاية تكساس ليل السبت، أفادت وكالة أسوشييتد برس للأنباء بأن نحو 200 فرد من منتسبي آخر الألوية الأميركية المقاتلة في العراق وصلوا من الكويت قبل ساعات من الاحتفال بعيد الميلاد المجيد بعد أن كانت دفعة أولى من جنود هذا اللواء وصلوا الأسبوع الماضي.
وفي تحليلاتٍ تُواصلُ مطبوعاتٌ أميركية بارزة نشرَها عن الانسحاب النهائي لجنود الولايات المتحدة وما أعقبَه مباشرةً من توتراتٍ في العراق، تناولت صحيفة (نيويورك تايمز) الأحد ملامح ما وصَفتها بخطةٍ هادئة لواشنطن في مواجهةِ أزمةٍ يُخشى من أن تتعمّق في الساحة العراقية على نحوٍ يهدد التحوّل الديمقراطي والعملية السياسية التي تعهّدت الولايات المتحدة برعايتها منذ إطاحة نظام صدام حسين في حربٍ تكبّدت خلالها خسائر بشرية ومالية هائلة.
التحليلُ الجديد المنشور تحت عنوان "الولايات المتحدة تتبنى خطة هادئة فيما يتعمق الاضطراب في العراق" بقلم هيلين كوبر وثوم شانكر Helene Cooper and Thom Shanker يستهلّ بالقول إنه فيما اشتدّ التوتر أخيراً في العراق انشغلَ نائب الرئيس الأميركي جو بايدن باتصالات هاتفية مستمرة مع زعماء البلاد البارزين في مسعىً للتهدئة ولـِحضّهم على محاولة حل الأزمة السياسية.
وأضافت الصحيفة أنه بالنسبة للولايات المتحدة "يتوقف التدخل الأميركي في العراق رسمياً عند هذا الحد"، لافتةً إلى أنه بعدمِ وجودِ قواتٍ على الأرض فإن واشنطن فقدت "أي تأثير مباشر في الشؤون العراقية"، بحسب تعبيرها. هذا فيما أكد مسؤلون أميركيون أن أوباما لا يعتزم على الإطلاق إرسال قواتٍ إلى العراق حتى في حال تطوّر الأزمة الراهنة إلى حرب أهلية. كما نُقل عن أوباما القول في أحاديث خاصة لمساعديه إن الولايات المتحدة "أعطت العراقيين فرصة وأن الأمر متروك لهم بشأن ما يفعلونه مع تلك الفرصة."
أما خبراء أميركيون في السياسة الخارجية فقد ذكروا أنه بالرغم من وصف أوباما نهاية حرب العراق بأنها "انتصار" وأنه أوفى بتعهداته الانتخابية بسحب القوات فإن "الأزمة المفاجئة" هناك قد تتحوّل بسرعة إلى مشكلة سياسية بالنسبة له. وفي هذا الصدد، قال ديفيد روثكوبف David Rothkopf، وهو مسؤول سابق في إدارة الرئيس بيل كلينتون وخبير في شؤون الأمن القومي، إنه في حالِ "تَـقسّمَ العراق أو في حالِ بَدأت إيران بممارسةِ نفوذها هناك بشكلٍ ملحوظ أو في حالِ اندلاعِ حرب أهلية فإن اللوم سوف يُـوَجّه إلى أوباما"، على حد تعبيره.
لكن مسؤولين في إدارة أوباما يردّون على مثل هذه التصريحات وسواها من الانتقادات التي صدَرت أخيراً عن زعماء جمهوريين بالقول إنه "من الصعب رؤية كيف كان بإمكان أي قوات أميركية منع حدوث أزمة سياسية أو هجمات منسّقة في العراق."
وفي تعليقه على ما أوردَته (نيويورك تايمز)، قال الخبير الأمني العراقي أمير جبار الساعدي لإذاعة العراق الحر "هناك نقطة مهمة هي أنه مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، قد تصدر بعض التصريحات التي تحاول الاجتزاء من الانسحاب المسؤول كما صرّح الرئيس أوباما بهذا الموضوع ومحاولة عدم استدراكه للموقف العراقي في المنطقة خاصةً وأننا نلحظ تأزيماً في الموقف الإقليمي......... كما أن هناك يجب أن لا ينساها العراقيون وصنّاع القرار في العراق وهي أن البلاد ما زالت تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وبالتالي فإن بإمكان الولايات المتحدة تحريك الموضوع دولياً.......".
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور حميد فاضل لإذاعة العراق الحر معلّقاً على تحليل (نيويورك تايمز) إنه يتفق "مع ما ذهبَت إليه هذه الصحيفة بأن أوباما وحزبه الديمقراطي ربما سيتأثرون بالانعكاسات المحتملة لما يحصل في العراق على مستقبله في الانتخابات القادمة... ومن هذه النقطة بالذات فإذا كان الوجود العسكري في العراق هو ورقة انتخابية فإن الانسحاب هو أيضاً سيكون ورقة يستخدمها خصوم أوباما في الإشارة إلى الخطأ الذي ارتكبه في العراق، ولذلك أعتقد أنه لن يسمح بتفاقم الأمور وتحوّلها إلى حرب أهلية....".
وفي الوقت الذي تُكثّف واشنطن دبلوماسيتها لحضّ الزعماء العراقيين على حلّ الأزمة نُـظِّمَ في بغداد السبت مؤتمر وقّعَ خلاله سياسيون وأكاديميون وإعلاميون ورجال دين (ميثاق شرف) يدعو إلى الوحدة الوطنية ومحاربة التطرف وذلك بمبادرةٍ من رجل الدين مقتدى الصدر.
ومن بين فقرات (ميثاق الشرف الوطني) الثلاثة عشر ما تنصّ على "صون مال وعرض كل العراقيين" واعتبار "كل الطوائف الدينية والإتنيات العراقية أخوة في الوطن والإنسانية" وحماية "الطقوس والعادات لكل طائفة دينية" ومنع "الخطب والمقالات والتصريحات والمؤتمرات والاجتماعات وكل ما من شأنه إثارة الفتن والنعرات الطائفية" إضافةً إلى منع "الاعتداء على الكنائس والمساجد" ودور العبادة الأخرى والدعوة إلى "التربية والتثقيف على الوحدة الوطنية" وتأكيد "التعايش السلمي بين أبناء الشعب العراقي ومع دول الجوار وكل المسلمين" و"مقاطعة المتطرفين" و محاربة "كل أنواع الفساد."
وفي تحليله لأهمية توقيع هذا الميثاق الجديد لا سيما وأن مواثيق مماثلة سبق أن جرى التوقيع عليها ومن أبرزها (ميثاق مكة المكرمة) لتحريم الدم العراقي في عام 2006، قال الناشط في حقوق الإنسان المحامي حسن شعبان لإذاعة العراق الحر "إن الدعوة لهذا الميثاق بحد ذاتها، وفي هذه الظروف بالذات، هي مسألة إيجابية.....". لكنه أعرب عن اعتقاده بأن المواثيق، وإنْ كانت إيجابية، فهي "تبقى حبراً على ورق ما لم تتحوّل عقول الساسة العراقيين بحيث يأخذون بطريقة أو بأخرى قضية الوطن وقضية المصلحة العامة، وأن يركنوا جانباً القضايا الذاتية..هذه هي المسألة الأساسية...".
من جهته، قال الخبير الأمني العراقي أمير جبار الساعدي الذي كان أحد الموقّعين على (ميثاق الشرف الوطني) إن "المهم بعد كل المخاضات التي تمر بها العملية السياسية العراقية والتأزيم الذي يجتاح الشارع العراقي...أننا شهدنا عدة مبادرات تحاول تحجيم الأزمة ومنعها من الانتشار....ومن الأمور الإيجابية في المؤتمر الذي انعقد السبت حضور صنّاع القرار متمثلين برؤساء الكتل البرلمانية إلى جانب نخبة من العراقيين في التوقيع على هذا الميثاق بالغ الأهمية.... مع التنويه في الوقت ذاته بأننا لا نحتاج إلى مزيد من التواقيع أو الخطب بل إلى إيجاد أرضية مشترَكات وطنية وعدم التعامل مع الفرقاء السياسيين على أرضية عدم الثقة..".
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلات مع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد د. حميد فاضل، وخبير الشؤون الأمنية أمير جبار الساعدي، والناشط في حقوق الإنسان المحامي حسن شعبان.
وكان أوباما تحدث غير مرة خلال الأيام الأخيرة عن نهاية حرب العراق وخاصةً عندما شارك مع السيدة الأميركية الأولى في استقبالِ جنودٍ عائدين إلى قاعدة فورت براغ بولاية نورث كارولاينا عشية مغادرة آخر قافلة عسكرية أميركية الحدود العراقية إلى الكويت يوم الأحد الماضي.
وفي أحدث متابعةٍ بثّتها من قاعدة فورت هود بولاية تكساس ليل السبت، أفادت وكالة أسوشييتد برس للأنباء بأن نحو 200 فرد من منتسبي آخر الألوية الأميركية المقاتلة في العراق وصلوا من الكويت قبل ساعات من الاحتفال بعيد الميلاد المجيد بعد أن كانت دفعة أولى من جنود هذا اللواء وصلوا الأسبوع الماضي.
وفي تحليلاتٍ تُواصلُ مطبوعاتٌ أميركية بارزة نشرَها عن الانسحاب النهائي لجنود الولايات المتحدة وما أعقبَه مباشرةً من توتراتٍ في العراق، تناولت صحيفة (نيويورك تايمز) الأحد ملامح ما وصَفتها بخطةٍ هادئة لواشنطن في مواجهةِ أزمةٍ يُخشى من أن تتعمّق في الساحة العراقية على نحوٍ يهدد التحوّل الديمقراطي والعملية السياسية التي تعهّدت الولايات المتحدة برعايتها منذ إطاحة نظام صدام حسين في حربٍ تكبّدت خلالها خسائر بشرية ومالية هائلة.
التحليلُ الجديد المنشور تحت عنوان "الولايات المتحدة تتبنى خطة هادئة فيما يتعمق الاضطراب في العراق" بقلم هيلين كوبر وثوم شانكر Helene Cooper and Thom Shanker يستهلّ بالقول إنه فيما اشتدّ التوتر أخيراً في العراق انشغلَ نائب الرئيس الأميركي جو بايدن باتصالات هاتفية مستمرة مع زعماء البلاد البارزين في مسعىً للتهدئة ولـِحضّهم على محاولة حل الأزمة السياسية.
وأضافت الصحيفة أنه بالنسبة للولايات المتحدة "يتوقف التدخل الأميركي في العراق رسمياً عند هذا الحد"، لافتةً إلى أنه بعدمِ وجودِ قواتٍ على الأرض فإن واشنطن فقدت "أي تأثير مباشر في الشؤون العراقية"، بحسب تعبيرها. هذا فيما أكد مسؤلون أميركيون أن أوباما لا يعتزم على الإطلاق إرسال قواتٍ إلى العراق حتى في حال تطوّر الأزمة الراهنة إلى حرب أهلية. كما نُقل عن أوباما القول في أحاديث خاصة لمساعديه إن الولايات المتحدة "أعطت العراقيين فرصة وأن الأمر متروك لهم بشأن ما يفعلونه مع تلك الفرصة."
أما خبراء أميركيون في السياسة الخارجية فقد ذكروا أنه بالرغم من وصف أوباما نهاية حرب العراق بأنها "انتصار" وأنه أوفى بتعهداته الانتخابية بسحب القوات فإن "الأزمة المفاجئة" هناك قد تتحوّل بسرعة إلى مشكلة سياسية بالنسبة له. وفي هذا الصدد، قال ديفيد روثكوبف David Rothkopf، وهو مسؤول سابق في إدارة الرئيس بيل كلينتون وخبير في شؤون الأمن القومي، إنه في حالِ "تَـقسّمَ العراق أو في حالِ بَدأت إيران بممارسةِ نفوذها هناك بشكلٍ ملحوظ أو في حالِ اندلاعِ حرب أهلية فإن اللوم سوف يُـوَجّه إلى أوباما"، على حد تعبيره.
لكن مسؤولين في إدارة أوباما يردّون على مثل هذه التصريحات وسواها من الانتقادات التي صدَرت أخيراً عن زعماء جمهوريين بالقول إنه "من الصعب رؤية كيف كان بإمكان أي قوات أميركية منع حدوث أزمة سياسية أو هجمات منسّقة في العراق."
وفي تعليقه على ما أوردَته (نيويورك تايمز)، قال الخبير الأمني العراقي أمير جبار الساعدي لإذاعة العراق الحر "هناك نقطة مهمة هي أنه مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، قد تصدر بعض التصريحات التي تحاول الاجتزاء من الانسحاب المسؤول كما صرّح الرئيس أوباما بهذا الموضوع ومحاولة عدم استدراكه للموقف العراقي في المنطقة خاصةً وأننا نلحظ تأزيماً في الموقف الإقليمي......... كما أن هناك يجب أن لا ينساها العراقيون وصنّاع القرار في العراق وهي أن البلاد ما زالت تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وبالتالي فإن بإمكان الولايات المتحدة تحريك الموضوع دولياً.......".
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور حميد فاضل لإذاعة العراق الحر معلّقاً على تحليل (نيويورك تايمز) إنه يتفق "مع ما ذهبَت إليه هذه الصحيفة بأن أوباما وحزبه الديمقراطي ربما سيتأثرون بالانعكاسات المحتملة لما يحصل في العراق على مستقبله في الانتخابات القادمة... ومن هذه النقطة بالذات فإذا كان الوجود العسكري في العراق هو ورقة انتخابية فإن الانسحاب هو أيضاً سيكون ورقة يستخدمها خصوم أوباما في الإشارة إلى الخطأ الذي ارتكبه في العراق، ولذلك أعتقد أنه لن يسمح بتفاقم الأمور وتحوّلها إلى حرب أهلية....".
وفي الوقت الذي تُكثّف واشنطن دبلوماسيتها لحضّ الزعماء العراقيين على حلّ الأزمة نُـظِّمَ في بغداد السبت مؤتمر وقّعَ خلاله سياسيون وأكاديميون وإعلاميون ورجال دين (ميثاق شرف) يدعو إلى الوحدة الوطنية ومحاربة التطرف وذلك بمبادرةٍ من رجل الدين مقتدى الصدر.
ومن بين فقرات (ميثاق الشرف الوطني) الثلاثة عشر ما تنصّ على "صون مال وعرض كل العراقيين" واعتبار "كل الطوائف الدينية والإتنيات العراقية أخوة في الوطن والإنسانية" وحماية "الطقوس والعادات لكل طائفة دينية" ومنع "الخطب والمقالات والتصريحات والمؤتمرات والاجتماعات وكل ما من شأنه إثارة الفتن والنعرات الطائفية" إضافةً إلى منع "الاعتداء على الكنائس والمساجد" ودور العبادة الأخرى والدعوة إلى "التربية والتثقيف على الوحدة الوطنية" وتأكيد "التعايش السلمي بين أبناء الشعب العراقي ومع دول الجوار وكل المسلمين" و"مقاطعة المتطرفين" و محاربة "كل أنواع الفساد."
وفي تحليله لأهمية توقيع هذا الميثاق الجديد لا سيما وأن مواثيق مماثلة سبق أن جرى التوقيع عليها ومن أبرزها (ميثاق مكة المكرمة) لتحريم الدم العراقي في عام 2006، قال الناشط في حقوق الإنسان المحامي حسن شعبان لإذاعة العراق الحر "إن الدعوة لهذا الميثاق بحد ذاتها، وفي هذه الظروف بالذات، هي مسألة إيجابية.....". لكنه أعرب عن اعتقاده بأن المواثيق، وإنْ كانت إيجابية، فهي "تبقى حبراً على ورق ما لم تتحوّل عقول الساسة العراقيين بحيث يأخذون بطريقة أو بأخرى قضية الوطن وقضية المصلحة العامة، وأن يركنوا جانباً القضايا الذاتية..هذه هي المسألة الأساسية...".
من جهته، قال الخبير الأمني العراقي أمير جبار الساعدي الذي كان أحد الموقّعين على (ميثاق الشرف الوطني) إن "المهم بعد كل المخاضات التي تمر بها العملية السياسية العراقية والتأزيم الذي يجتاح الشارع العراقي...أننا شهدنا عدة مبادرات تحاول تحجيم الأزمة ومنعها من الانتشار....ومن الأمور الإيجابية في المؤتمر الذي انعقد السبت حضور صنّاع القرار متمثلين برؤساء الكتل البرلمانية إلى جانب نخبة من العراقيين في التوقيع على هذا الميثاق بالغ الأهمية.... مع التنويه في الوقت ذاته بأننا لا نحتاج إلى مزيد من التواقيع أو الخطب بل إلى إيجاد أرضية مشترَكات وطنية وعدم التعامل مع الفرقاء السياسيين على أرضية عدم الثقة..".
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلات مع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد د. حميد فاضل، وخبير الشؤون الأمنية أمير جبار الساعدي، والناشط في حقوق الإنسان المحامي حسن شعبان.