تُثـارُ مجدداً في واشنطن مسألةُ الوجود العسكري الأميركي وأهميته بالنسبة لاستقرار العراق في الوقت الذي لم يتبقّ سوى بضعة شهور على موعد انسحاب جميع قوات الولايات المتحدة من البلاد وفق اتفاقية وضع القوات (صوفا).
ففي مقالٍ نَشرَه ثلاثة من الأعضاء البارزين في مجلس الشيوخ الأميركي على صفحات جريدة (واشنطن بوست) السبت، أكد السيناتور الجمهوري المعروف والمرشح الرئاسي السابق عن الحزب الجمهوري جون ماكين والسيناتور الديمقراطي المستقل جوزف ليبرمان والسيناتور الجمهوري لينزي غرام أكدوا مجدداً ضرورة الحفاظ على الـمُكتسَبات التي تحققت في العراق "بِشقّ الأنفس" والتي كلّفت بلادهم أثماناً باهظة من الأموال ودماء الجنود الأميركيين.
الزعماء الأميركيون الثلاثة سبق أن زاروا العراق سويةً عدة مرات منذ عام 2003. وهم يشيرون إلى ذلك قائلين إنهم اجتمعوا خلال هذه الزيارات مع مختلف القادة الوطنيين في بغداد والمسؤولين المحليين في جميع أنحاء البلاد بالإضافة إلى قادة عسكريين أميركيين ودبلوماسيين. ويضيفون أن ما سمعوه دائماً خلال هذه اللقاءات هو أن أمن العراق واستقراره سوف يتطلبان استمرار الوجود العسكري الأميركي، مع تقليصه إلى حد كبير، بعد نهاية هذا العام. ويذكرون أنهم سمعوا أيضاً أنه بالنظر إلى الـمَهمات الأساسية التي ستُلقى على عاتق هذه القوات بعد عام 2011 فإن تنفيذَها يستوجبُ إبقاءَ قوةٍ لا يقل عددها عن عشرة آلاف فرد أو قد يصل مجموعها إلى خمسة وعشرين ألف جندي. ويضيفون أنهم لم يسمعوا أحداً مِمّـن اجتمعوا معه في العراق يقترح بأن عدد ثلاثة آلاف جندي أميركي فقط سيكون كافياً. وفي إشارتهم إلى هذا العدد بالتحديد، يـَنتقدُ ماكين وليبرمان وغرام ما سُـرّب في تقارير إعلامية مؤخراً بأن إدارة الرئيس باراك أوباما مستعدة لإبقاء ثلاثة آلاف عسكري أميركي فقط بعد نهاية العام الحالي على الرغم من أن مسؤولين حكوميين نفوا أن تكون الإدارة اتخذت أي قرار بشأن مستويات القوات في العراق.
وجاء في المقال المشترك لأعضاء مجلس الشيوخ الثلاثة أن سفير واشنطن في بغداد جيمس جيفري وقائد قوات الولايات المتحدة في العراق الجنرال لويد أوستن أوضَحـا أمام الكونغرس في شباط الماضي أنه لن يكون بالإمكان سد الفجوات الكبيرة المستمرة في قدرات قوات الأمن العراقية قبل نهاية العام الحالي بما في ذلك جمع المعلومات الاستخبارية وعمليات مكافحة الإرهاب والتدريب والصيانة بالإضافة إلى حماية المجال الجوي العراقي.
ويضيف المقال أن المهمة التي ربما ستكون الأخطر فيما يتعلق باستقرار العراق هي في شمال البلاد حيث ترتفع توترات عربية-كردية كادَت أن تتحوّل إلى عنف في عدة مناسبات كان آخرها في شباط الماضي. وفي هذا الصدد، يعتبر الزعماء الثلاثة أن وجود قوة أميركية لحفظ الاستقرار في تلك المنطقة هي التي ستحول دون اندلاع مواجهات عنيفة يمكن أن تشعل حرباً أهلية جديدة. كما يشيرون إلى موافقة جميع الكتل السياسية الرئيسية في العراق، باستثناء التيار الصدري، الشهر الماضي على بدءِ مفاوضاتٍ للقيام بمهمة عسكرية أميركية بعد نهاية العام الحالي مُـنوّهين بما أكده رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني في تصريحاتٍ علَنيةٍ أخيراً بأن قوات الأمن العراقية ما تزال غير مستعدة لتأمين حماية البلاد.
ومما جاء في المقال أيضاً أن عدم التوصل إلى اتفاقية أمنية جديدة بين بغداد وواشنطن لإبقاء قوات أميركية كافية في العراق "قد يُنظر إليه في أنحاء العالم باعتباره هزيمة كبيرة للولايات المتحدة وهدية لاثنين من أخطر خصومها وهما القاعدة وإيران"، بحسب تعبير ماكين وليبرمان وغرام.
ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريت مقابلة مع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور سعدي كريم الذي قال لإذاعة العراق الحر إن المقال المشترك لثلاثة من أعضاء الكونغرس يشير إلى وجود "وجهات نظر متعددة ومختلفة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الولايات المتحدة إزاء مسألة الانسحاب العسكري من العراق والتي لم تعد قضية يتباحث حولها الجانبان العراقي والأميركي لتطبيق الاتفاقية الموقّعة بينهما بل أصبحت محور صراع سياسي في واشنطن أيضاً بين الكونغرس من جهة وإدارة أوباما من جهة أخرى.........."
وتحدث الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي عن موضوعات أخرى ذات صلة بينها الجدل الذي يدور في شأن عدد القوات الأميركية الذي يراه مسؤولون وخبراء في واشنطن وبغداد "لازماً وكافياً" لإنجاز مَهمات ما بعد 2011 في العراق. وأجاب عن سؤال يتعلق باختلاف مضمون التصريحات الإعلامية للسياسيين العراقيين مع المواقف التي يعبّرون عنها خلال اجتماعات مغلقة بشأن الوجود العسكري الأميركي. كما أشار أيضاً إلى وجود "تيارات شعبية رافضة لبقاء قوات أميركية في البلاد."
أما الخبير الأمني العراقي علي الحيدري فقد علّق على ما طرحه الزعماء الأميركيون الثلاثة في (واشنطن بوست) متسائلاً "هل أن القوات الأميركية هي التي تمسك بالشارع العراقي على مدى السنتين الأخيرتين، الجواب كلا هي القوات العراقية...وهل أن القوات الأميركية تقوم بعمليات أمن وقائي على الأراضي العراقية، الجواب كلا أيضاً بل هي القوات العراقية...فإذن مسألة بقاء ثلاثة آلاف أو عشرة آلاف جندي في عمل ميداني هم غير مشتركين فيه هي غير ذات جدوى، ولذلك يبدو أن طرح المسألة هو لأسباب سياسية وليست تعبوية......"
وتحدث الخبير الأمني العراقي عن موضوعات أخرى ذات صلة بينها "الفجوات" التي أشار المقال إلى وجودها في قدرات القوات الأمنية العراقية وأهمية التوصل إلى اتفاقية أخرى بين الطرفين "ضمن ضوابط جديدة" على غرار اتفاقيات أمنية مماثلة بين الولايات المتحدة ودولٍ أخرى في المنطقة.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد د. سعدي كريم، وخبير الشؤون الأمنية علي الحيدري.
ففي مقالٍ نَشرَه ثلاثة من الأعضاء البارزين في مجلس الشيوخ الأميركي على صفحات جريدة (واشنطن بوست) السبت، أكد السيناتور الجمهوري المعروف والمرشح الرئاسي السابق عن الحزب الجمهوري جون ماكين والسيناتور الديمقراطي المستقل جوزف ليبرمان والسيناتور الجمهوري لينزي غرام أكدوا مجدداً ضرورة الحفاظ على الـمُكتسَبات التي تحققت في العراق "بِشقّ الأنفس" والتي كلّفت بلادهم أثماناً باهظة من الأموال ودماء الجنود الأميركيين.
عضوا مجلس الشيوخ الأميركي (وسط) جوزيف ليبرمان وجون ماكين يتحدثان للصحفيين في السفارة الأميركية ببغداد 5 كانون ثاني 2011.
الزعماء الأميركيون الثلاثة سبق أن زاروا العراق سويةً عدة مرات منذ عام 2003. وهم يشيرون إلى ذلك قائلين إنهم اجتمعوا خلال هذه الزيارات مع مختلف القادة الوطنيين في بغداد والمسؤولين المحليين في جميع أنحاء البلاد بالإضافة إلى قادة عسكريين أميركيين ودبلوماسيين. ويضيفون أن ما سمعوه دائماً خلال هذه اللقاءات هو أن أمن العراق واستقراره سوف يتطلبان استمرار الوجود العسكري الأميركي، مع تقليصه إلى حد كبير، بعد نهاية هذا العام. ويذكرون أنهم سمعوا أيضاً أنه بالنظر إلى الـمَهمات الأساسية التي ستُلقى على عاتق هذه القوات بعد عام 2011 فإن تنفيذَها يستوجبُ إبقاءَ قوةٍ لا يقل عددها عن عشرة آلاف فرد أو قد يصل مجموعها إلى خمسة وعشرين ألف جندي. ويضيفون أنهم لم يسمعوا أحداً مِمّـن اجتمعوا معه في العراق يقترح بأن عدد ثلاثة آلاف جندي أميركي فقط سيكون كافياً. وفي إشارتهم إلى هذا العدد بالتحديد، يـَنتقدُ ماكين وليبرمان وغرام ما سُـرّب في تقارير إعلامية مؤخراً بأن إدارة الرئيس باراك أوباما مستعدة لإبقاء ثلاثة آلاف عسكري أميركي فقط بعد نهاية العام الحالي على الرغم من أن مسؤولين حكوميين نفوا أن تكون الإدارة اتخذت أي قرار بشأن مستويات القوات في العراق.
وجاء في المقال المشترك لأعضاء مجلس الشيوخ الثلاثة أن سفير واشنطن في بغداد جيمس جيفري وقائد قوات الولايات المتحدة في العراق الجنرال لويد أوستن أوضَحـا أمام الكونغرس في شباط الماضي أنه لن يكون بالإمكان سد الفجوات الكبيرة المستمرة في قدرات قوات الأمن العراقية قبل نهاية العام الحالي بما في ذلك جمع المعلومات الاستخبارية وعمليات مكافحة الإرهاب والتدريب والصيانة بالإضافة إلى حماية المجال الجوي العراقي.
ويضيف المقال أن المهمة التي ربما ستكون الأخطر فيما يتعلق باستقرار العراق هي في شمال البلاد حيث ترتفع توترات عربية-كردية كادَت أن تتحوّل إلى عنف في عدة مناسبات كان آخرها في شباط الماضي. وفي هذا الصدد، يعتبر الزعماء الثلاثة أن وجود قوة أميركية لحفظ الاستقرار في تلك المنطقة هي التي ستحول دون اندلاع مواجهات عنيفة يمكن أن تشعل حرباً أهلية جديدة. كما يشيرون إلى موافقة جميع الكتل السياسية الرئيسية في العراق، باستثناء التيار الصدري، الشهر الماضي على بدءِ مفاوضاتٍ للقيام بمهمة عسكرية أميركية بعد نهاية العام الحالي مُـنوّهين بما أكده رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني في تصريحاتٍ علَنيةٍ أخيراً بأن قوات الأمن العراقية ما تزال غير مستعدة لتأمين حماية البلاد.
ومما جاء في المقال أيضاً أن عدم التوصل إلى اتفاقية أمنية جديدة بين بغداد وواشنطن لإبقاء قوات أميركية كافية في العراق "قد يُنظر إليه في أنحاء العالم باعتباره هزيمة كبيرة للولايات المتحدة وهدية لاثنين من أخطر خصومها وهما القاعدة وإيران"، بحسب تعبير ماكين وليبرمان وغرام.
ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريت مقابلة مع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور سعدي كريم الذي قال لإذاعة العراق الحر إن المقال المشترك لثلاثة من أعضاء الكونغرس يشير إلى وجود "وجهات نظر متعددة ومختلفة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الولايات المتحدة إزاء مسألة الانسحاب العسكري من العراق والتي لم تعد قضية يتباحث حولها الجانبان العراقي والأميركي لتطبيق الاتفاقية الموقّعة بينهما بل أصبحت محور صراع سياسي في واشنطن أيضاً بين الكونغرس من جهة وإدارة أوباما من جهة أخرى.........."
وتحدث الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي عن موضوعات أخرى ذات صلة بينها الجدل الذي يدور في شأن عدد القوات الأميركية الذي يراه مسؤولون وخبراء في واشنطن وبغداد "لازماً وكافياً" لإنجاز مَهمات ما بعد 2011 في العراق. وأجاب عن سؤال يتعلق باختلاف مضمون التصريحات الإعلامية للسياسيين العراقيين مع المواقف التي يعبّرون عنها خلال اجتماعات مغلقة بشأن الوجود العسكري الأميركي. كما أشار أيضاً إلى وجود "تيارات شعبية رافضة لبقاء قوات أميركية في البلاد."
أما الخبير الأمني العراقي علي الحيدري فقد علّق على ما طرحه الزعماء الأميركيون الثلاثة في (واشنطن بوست) متسائلاً "هل أن القوات الأميركية هي التي تمسك بالشارع العراقي على مدى السنتين الأخيرتين، الجواب كلا هي القوات العراقية...وهل أن القوات الأميركية تقوم بعمليات أمن وقائي على الأراضي العراقية، الجواب كلا أيضاً بل هي القوات العراقية...فإذن مسألة بقاء ثلاثة آلاف أو عشرة آلاف جندي في عمل ميداني هم غير مشتركين فيه هي غير ذات جدوى، ولذلك يبدو أن طرح المسألة هو لأسباب سياسية وليست تعبوية......"
وتحدث الخبير الأمني العراقي عن موضوعات أخرى ذات صلة بينها "الفجوات" التي أشار المقال إلى وجودها في قدرات القوات الأمنية العراقية وأهمية التوصل إلى اتفاقية أخرى بين الطرفين "ضمن ضوابط جديدة" على غرار اتفاقيات أمنية مماثلة بين الولايات المتحدة ودولٍ أخرى في المنطقة.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد د. سعدي كريم، وخبير الشؤون الأمنية علي الحيدري.