تمكن حزب العدالة والتنمية بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان، من تحقيق ثالث فوز على التوالي في الانتخابات التشريعية التي جرت في تركيا يوم الأحد الثاني عشر من هذا الشهر.
حصل الحزب على 50 بالمائة تقريبا من الأصوات وهي نسبة جيدة غير أنها لا تكفي لتحقيق أغلبية ثلثي مقاعد البرلمان وهي ألاغلبية الضرورية لكي يتمكن اردوغان من تحقيق احد مشاريعه وهو استبدال النظام الحالي في تركيا والقائم على رئاسة الوزراء إلى نظام رئاسي.
بدا رجب طيب اردوغان بعد فوز حزبه في الانتخابات، بدا الرجل القادر على تحقيق التوافق أولا كما بدا انه أنجح رئيس وزراء في تاريخ تركيا الحديث.
حزب العدالة والتنمية حصل في هذه الانتخابات على حوالى 50 بالمائة من الأصوات وهي أعلى من النسبة التي حققها في انتخابات عام 2007.
هذا الفوز ضمن لاردوغان فترة ولاية ثالثة ومن المعروف أن لديه بعض الخطط والمشاريع التي يريد تنفيذها ومنها تعديل الدستوري التركي الذي وضع في عام 1980 إثر المحاولة الانقلابية العسكرية. غير أن اردوغان يحتاج في ذلك إلى الحصول على 233 مقعدا من مجموع 550 كي يتمكن من الدعوة إلى استفتاء على الدستور الجديد.
من المعتقد أيضا أن اردوغان يخطط لتأسيس نظام جمهوري في تركيا ويأمل في أن يكون أول من يشغل هذا المنصب.
بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات قال اردوغان: "لم يمنحنا شعبنا الفرصة لإدارة شؤون البلاد فحسب بل كلفنا في الوقت نفسه بمهمة وضع ميثاق جديد. الشعب كلفنا في الواقع بوضع دستور جديد اعتمادا على التوافق والتفاوض".
ويقول اردوغان إن الدستور الجديد سيكون وسيلة للتخلص من الخلافات والانقسامات بين أطياف المجتمع التركي: "سنضع دستورا مدنيا وحرا يحتضن جميع أطياف المجتمع. كل طرف، سيجد نفسه في هذا الدستور، من شرق البلاد إلى غربها".
لحزب العدالة والتنمية جذور في الإسلام السياسي وسبق وأن واجه اتهامات بالسعي إلى القضاء على دستور تركيا العلماني. ففي عام 2008 كادت المحكمة الدستورية في تركيا أن تتخذ قرارا بحظره.
هذا إضافة إلى اتهامات أخرى وجهت إلى اردوغان نفسه بالسعي إلى الاستفراد بالسلطة.
تمكن حزب العدالة والتنمية من تحقيق نسبة جيدة في الانتخابات غير أن هذا لم يمنع أحزابا أخرى مثل حزب الشعب الجمهوري العلماني من تحقيق نتائج طيبة إذ حاز على أعلى نسبة منذ ثلاثين سنة وهي 26 بالمائة.
حزب العمل الوطني حصل على 13 بالمائة من الأصوات ولم يخسر سوى نقطة واحدة رغم الفضيحة الجنسية التي اضطرت عشرة من كبار أعضائه في البرلمان إلى الاستقالة خلال الحملة الانتخابية.
أما حزب السلام والديمقراطية المؤيد للأكراد فنجح هو الآخر في الحصول على 36 مقعدا من خلال مرشحين قدموا أنفسهم على أنهم مستقلون لتجاوز بعض الضوابط الانتخابية.
والى جانب الدستور من المتوقع أن يهتم رجب طيب اورغان خلال ولايته الثالثة بموضوع الأكراد حيث يحذر مراقبون من احتمال تجدد الصراع الذي قتل حتى الآن 40 ألف شخص منذ عام 1984 لاسيما في المنطقة التي يقطنها الأكراد في جنوب شرق تركيا.
وفي إشارة لاحتمال تجدد العنف انفجرت قنبلة في وقت متأخر من يوم الأحد وبعد الانتخابات في منطقة شرنخ في جنوب شرق تركيا قرب الحدود مع العراق فأصابت احد عشر شخصا كانوا يحتفلون بفوز مرشحين أكراد.
ويقول حزب السلام والديمقراطية إن أهدافه هو تأمين تعليم باللغة الكردية والتخفيف من القيود التي تمنع الحزب الكردي الرئيسي من دخول البرلمان وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ووضع حد للعمليات العسكرية ضد حزب العمال الكردي المعروف باسم بي كي كي.
وفي النهاية يريد حزب السلام والديمقراطية حكما ذاتيا في المقاطعات الكردية غير أن الهدف الرئيسي حاليا هو استخدام اللغة الكردية في الحياة العامة في تركيا.
ورحب جنكيز اكتار أستاذ دراسات الاتحاد الأوربي في جامعة بهشته شهير في اسطنبول بما حققه حزب السلام والديمقراطية في الانتخابات غير انه قال إن الأمر سيعتمد على رغبة اردوغان في التفاهم معه وأوضح:
"تمكن الحزب الكردي، من خلال مرشحين مستقلين، من الوصول إلى البرلمان بعدد اكبر من النواب مما في الانتخابات السابقة، وهو أمر جيد ومهم بالنسبة للحوار المستقبلي. غير أن الحوار لا يعتمد عليهم في الواقع بل يعتمد بشكل رئيسي وأساسي على اردوغان، وعلى موافقته على الجلوس معهم إلى طاولة واحدة".
يذكر أن حزب السلام والديمقراطية شن حملة للعصيان المدني في آذار ويبدو أن زعيم حزب العمال الكردي المحظور عبد الله اوجلان يدعمها علما أن اوجلان سجين حاليا في جزيرة في جنوب اسطنبول منذ اعتقاله في عام 1999.
المزيد في الملف الصوتي: