تـَجْذُبُ الاحتجاجاتُ الشعبيةُ التي تُنـَظّمُ في غيرِ مدينةٍ عراقية على غِرار انتفاضاتٍ تَعمُّ دولاً عربية تجذبُ اهتمامَ مراكز بحوث ووسائل إعلام غربية بارزة باعتبارِ أن حدوثَها يتكرّرُ في ظلّ ديمقراطيةٍ ناشئة تختلفُ عن أنظمةٍ حَرمَت مواطنيها من حقوقٍ أساسيةٍ أبرزُها حريةُ التعبير.
وفي إطارِ هذه الاهتمامات، طالَعَتنا صحيفةُ (واشنطن بوست) الأميركية بافتتاحيةٍ نشَرَتها السبت تحت عنوان (الانتفاضة العربية تمتد إلى العراق) وتناولت فيها مشاعر قلق في الولايات المتحدة من احتمالِ أن يؤدي قمعُ مثل هذه التظاهرات وتركيزُ مزيدٍ من الصلاحيات في أيدي رئاسة الوزراء إلى تراجعِ مسيرة الديمقراطية بَـل وحتى الخشية من سيناريوهات قاتمة كالتراجع سنواتٍ إلى الوراء حينما عانى العراق من نزاعات طائفية مسلّحة.
الافتتاحيةُ استهلّت بالإشارة إلى امتداد الانتفاضة العربية إلى العراق "حيث جوبه المحتجّون في الشوارع خلال أيام الجمعة الماضية بخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية في بعض الأحيان ما أدى إلى مقتل العشرات في الوقت الذي اتخذت الحكومة إجراءات قمعية لوقف التظاهرات بما في ذلك اعتقال وضرب صحافيين ومثقفين"، على حد تعبير الصحيفة الأميركية البارزة.
ولفَتت (واشنطن بوست) إلى حدوث ما وَصفتها بمثل "هذه الأمور الفريدة من نوعها في المنطقة بدولةٍ ديمقراطية ناشئة" مضيفةً أن المحتجين يطالبون بخدماتٍ أفضل وأمانٍ أكثر دون الدعوة إلى إسقاط النظام. لكن رئاسة الحكومة لم ترد عليهم باللجوء إلى القوة فحسب بل أمهَلت الوزراء 100 يوم لتقديم النتائج ووعدت بإعادة إجراء انتخابات محلية. وقالت الافتتاحيةُ إن هذا يجري فيما يجلس في مجلس النواب المنافسان الرئيسان لرئيس الوزراء نوري المالكي، وهما أياد علاوي ومقتدى الصدر اللذان عقدا الخميس مؤتمراً صحفياً مشتركاً، مضيفةً أنه "في حال تغيير النظام في العراق فإن هذا سيحصل على الأرجح من خلال انقلابٍ برلماني."
وترى الصحيفة أنه لهذا كله فإن ثمة العديد من الأسباب التي تبرر قلق الولايات المتحدة حيال العراق بقدر قلقها من تطوراتِ دولٍ أخرى كليبيا والبحرين واليمن. "ذلك أن ثوراتٍ تسقطُ أنظمةً استبدادية فاسدة، حتى تلك المتحالفة مع الولايات المتحدة، يمكن أن تكون مفيدة لأنها تؤدي إلى أنظمة أكثر ليبرالية. لكن بعض بدائل النظام السياسي الذي ما يزال هشّاً في العراق قاتمة، وهي حرب أهلية طائفية كتلك التي عصفت بالبلاد في 2006 أو تدعيم حاكمٍ مستبدٍ آخر"، على حد تعبير (واشنطن بوست).
وفي تعقيبه على ما أورَدَته افتتاحيةُ الصحيفة الأميركية البارزة، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور سعدي كريم لإذاعة العراق الحر "إن المخاوف التي أعربت عنها واشنطن بوست، وهي تعكس وجهة نظر صانع القرار السياسي الأميركي، حول إمكانية أن يتغير مسار العملية الديمقراطية في العراق بسبب امتداد موجات الغضب الجماهيرية.....، تبدو هذه المخاوف في مكانها، وهي عبّرت أولا عن احتمال أن ينزلق العراق إلى حرب أهلية رغم أن هذه حقيقة مستَبعَدة، ولكن الانجراف ربما يؤدي إلى تغيير نظام الحكومة........"
وفي مقابلة أُجريت عبر الهاتف ظهر الأحد، تحدث كريم عن موضوعات أخرى ذات صلة بمشاعر قلق الإدارة الأميركية مما تراه معوقات أمام ترسيخ الديمقراطية في العراق. كما أجاب عن سؤال بشأن الدور الذي يمكن للولايات المتحدة أن تؤديه من خلال وجودها العسكري المستمر وتمثيلها الدبلوماسي الكثيف في تصحيح مسار الديمقراطية باعتبار أنها هي التي قادَت التحالف الدولي الذي أسقط الديكتاتورية في عام 2003 والتي يُذَكّـرُ زعماؤها السياسيون من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري في غير مناسبة بالتضحيات البشرية والمادية الهائلة التي قدّمَتها بلادهم من أجل تحرر العراق من أحد أكثر الأنظمة الاستبدادية في التاريخ.
من جهته، علّق الكاتب البريطاني من أصل مصري عادل درويش على افتتاحية (واشنطن بوست) بالإشارة إلى عدم وجود عاملٍ مشترك بين دول المنطقة التي تشهد انتفاضات سوى انتمائها إلى جامعة الدول العربية. وفي هذا الصدد، اعتبَر أن هناك خصائص تميّز انتفاضة كل دولة عربية عن غيرها من حيث اختلاف المطالب وإن بدا أنها تشترك من حيث رفعها لشعار أساسي ينادي بالتغيير. كما لاحظ درويش "أننا لم نجد من بين ملامح هذه الانتفاضات أو الثورات أحداً يرفع رايةً إسلامية واحدة أو شعارات مناهضة لأميركا.....".
وأضاف أنه في حالة العراق هناك سوء فهم ناتج عن "خلط ما بين الديمقراطية والانتخابات إذ أن حرية الانتخابات لا تعني أبداً الديمقراطية. فالديمقراطية الحقّة مبنية على وجود مؤسسات مدنية، ووجود أحزاب..، ووجود ما يُسمى checks and balances، أي ضوابط وتوازنات حتى لا تنفرد مجموعة بالحكم إذا حصلت على الأغلبية السياسية....."
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع الكاتب البريطاني من أصل مصري عادل درويش، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد د.سعدي كريم.
وفي إطارِ هذه الاهتمامات، طالَعَتنا صحيفةُ (واشنطن بوست) الأميركية بافتتاحيةٍ نشَرَتها السبت تحت عنوان (الانتفاضة العربية تمتد إلى العراق) وتناولت فيها مشاعر قلق في الولايات المتحدة من احتمالِ أن يؤدي قمعُ مثل هذه التظاهرات وتركيزُ مزيدٍ من الصلاحيات في أيدي رئاسة الوزراء إلى تراجعِ مسيرة الديمقراطية بَـل وحتى الخشية من سيناريوهات قاتمة كالتراجع سنواتٍ إلى الوراء حينما عانى العراق من نزاعات طائفية مسلّحة.
الافتتاحيةُ استهلّت بالإشارة إلى امتداد الانتفاضة العربية إلى العراق "حيث جوبه المحتجّون في الشوارع خلال أيام الجمعة الماضية بخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية في بعض الأحيان ما أدى إلى مقتل العشرات في الوقت الذي اتخذت الحكومة إجراءات قمعية لوقف التظاهرات بما في ذلك اعتقال وضرب صحافيين ومثقفين"، على حد تعبير الصحيفة الأميركية البارزة.
ولفَتت (واشنطن بوست) إلى حدوث ما وَصفتها بمثل "هذه الأمور الفريدة من نوعها في المنطقة بدولةٍ ديمقراطية ناشئة" مضيفةً أن المحتجين يطالبون بخدماتٍ أفضل وأمانٍ أكثر دون الدعوة إلى إسقاط النظام. لكن رئاسة الحكومة لم ترد عليهم باللجوء إلى القوة فحسب بل أمهَلت الوزراء 100 يوم لتقديم النتائج ووعدت بإعادة إجراء انتخابات محلية. وقالت الافتتاحيةُ إن هذا يجري فيما يجلس في مجلس النواب المنافسان الرئيسان لرئيس الوزراء نوري المالكي، وهما أياد علاوي ومقتدى الصدر اللذان عقدا الخميس مؤتمراً صحفياً مشتركاً، مضيفةً أنه "في حال تغيير النظام في العراق فإن هذا سيحصل على الأرجح من خلال انقلابٍ برلماني."
وترى الصحيفة أنه لهذا كله فإن ثمة العديد من الأسباب التي تبرر قلق الولايات المتحدة حيال العراق بقدر قلقها من تطوراتِ دولٍ أخرى كليبيا والبحرين واليمن. "ذلك أن ثوراتٍ تسقطُ أنظمةً استبدادية فاسدة، حتى تلك المتحالفة مع الولايات المتحدة، يمكن أن تكون مفيدة لأنها تؤدي إلى أنظمة أكثر ليبرالية. لكن بعض بدائل النظام السياسي الذي ما يزال هشّاً في العراق قاتمة، وهي حرب أهلية طائفية كتلك التي عصفت بالبلاد في 2006 أو تدعيم حاكمٍ مستبدٍ آخر"، على حد تعبير (واشنطن بوست).
وفي تعقيبه على ما أورَدَته افتتاحيةُ الصحيفة الأميركية البارزة، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد الدكتور سعدي كريم لإذاعة العراق الحر "إن المخاوف التي أعربت عنها واشنطن بوست، وهي تعكس وجهة نظر صانع القرار السياسي الأميركي، حول إمكانية أن يتغير مسار العملية الديمقراطية في العراق بسبب امتداد موجات الغضب الجماهيرية.....، تبدو هذه المخاوف في مكانها، وهي عبّرت أولا عن احتمال أن ينزلق العراق إلى حرب أهلية رغم أن هذه حقيقة مستَبعَدة، ولكن الانجراف ربما يؤدي إلى تغيير نظام الحكومة........"
وفي مقابلة أُجريت عبر الهاتف ظهر الأحد، تحدث كريم عن موضوعات أخرى ذات صلة بمشاعر قلق الإدارة الأميركية مما تراه معوقات أمام ترسيخ الديمقراطية في العراق. كما أجاب عن سؤال بشأن الدور الذي يمكن للولايات المتحدة أن تؤديه من خلال وجودها العسكري المستمر وتمثيلها الدبلوماسي الكثيف في تصحيح مسار الديمقراطية باعتبار أنها هي التي قادَت التحالف الدولي الذي أسقط الديكتاتورية في عام 2003 والتي يُذَكّـرُ زعماؤها السياسيون من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري في غير مناسبة بالتضحيات البشرية والمادية الهائلة التي قدّمَتها بلادهم من أجل تحرر العراق من أحد أكثر الأنظمة الاستبدادية في التاريخ.
من جهته، علّق الكاتب البريطاني من أصل مصري عادل درويش على افتتاحية (واشنطن بوست) بالإشارة إلى عدم وجود عاملٍ مشترك بين دول المنطقة التي تشهد انتفاضات سوى انتمائها إلى جامعة الدول العربية. وفي هذا الصدد، اعتبَر أن هناك خصائص تميّز انتفاضة كل دولة عربية عن غيرها من حيث اختلاف المطالب وإن بدا أنها تشترك من حيث رفعها لشعار أساسي ينادي بالتغيير. كما لاحظ درويش "أننا لم نجد من بين ملامح هذه الانتفاضات أو الثورات أحداً يرفع رايةً إسلامية واحدة أو شعارات مناهضة لأميركا.....".
وأضاف أنه في حالة العراق هناك سوء فهم ناتج عن "خلط ما بين الديمقراطية والانتخابات إذ أن حرية الانتخابات لا تعني أبداً الديمقراطية. فالديمقراطية الحقّة مبنية على وجود مؤسسات مدنية، ووجود أحزاب..، ووجود ما يُسمى checks and balances، أي ضوابط وتوازنات حتى لا تنفرد مجموعة بالحكم إذا حصلت على الأغلبية السياسية....."
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلتين مع الكاتب البريطاني من أصل مصري عادل درويش، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد د.سعدي كريم.