تعتبر حرية التعبير واحدة من أبرز الحريات الأساسية التي كفلتها المواثيق الدولية والدساتير العالمية، وكان غيابها أحد ابرز الأسباب لانهيار أنظمة وقيام غيرها لأن الإنسان لا يمكن ان يحيا بالخبز فقط بل بالحرية، والتي تعني احترام حقوق الإنسان حفظ كرامته.
وما انتحار المواطن التونسي محمد بوعزيزي الذي قاد الى ثورة شعبية إلا مثلا بارزاً على هذه الحقيقة، فهو قد تحمل من أجل لقمة العيش طويلا، لكنه لم يتحمل للحظة واحدة الصفعة التي وجهت له من قبل مسؤول، والإساءة الى كرامته وحقه في حرية التعبير عن موقفه من الإجراء الصارم الذي اتخذ بحقه، فأقدم على حرق نفسه في الموقع ذاته.
وهكذا اشتعلت الثورات في العالم لأحداث مماثلة صغيرة كانت كبيرة، مباشرة كانت او غير مباشرة، لكنها أدت الى نفس النتيجة. فالثورة الفرنسية اندلعت من سجن الباستيل للمعاملة السيئة التي كان المعتقلون يتلقونها. كما أن ثورة العشرين في العراق اندلعت بسبب صفعة وجهها الضابط البريطاني لجمن للشيخ ضاري.
والصفعة كانت مرة اخرى حاضرة في ثورة اخرى هي الثورة البولونية عندما وجهها هذه المرة العامل البسيط ليخ فاليسا لمسؤول حزبي في ميناء دانستينغ، والصحافيون هم اكثر الناس عرضة للإهانات المتكررة والانتهاكات التي تصل أحيانا الى التصفية الجسدية.
وقد اكد رئيس مرصد الحريات الصحافية في العراق هادي جلو مرعي على حقيقة هذا الامر وان الحكومات تتعمد في توسيع اساليب التصدي للصحفيين لمنع وصولهم الى المعلومة ونقلها الى الرأي العام، وتضع من اجل ذلك قيودا صارمة على الصحافيين.
لكن اذا كانت ثورة الاتصالات في القرن الماضي ساهمت في جعل العالم قرية صغيرة فان التقنيات الحديثة جعلت من العالم اسرة كبيرة وهذا ما زاد من مخاطر عمل الصحافيين واستهدافهم.
وقد ساهم هذا التطور وتطور اساليب الانظمة في قمع وسائل الاعلام عن طريق غلق المكاتب ومنع الصحافيين من العمل الى دعوة الرأي العام للعمل كمراسلين ما جعلهم ايضا هدفا للأنظمة كما هو الحال مع الصحافيين كما يقول رئيس مرصد الحريات مرعي.
وقد كشفت لجنة الدفاع عن الصحافيين في العالم عن ان أوضاع هؤلاء لم تتحسن في العالم الماضي بل زادت سوءا، وقد قتل منهم ما لايقل عن 44 شخصا خمسة منهم في العراق على الأقل، كما ان عددهم بلغ خلال عقدين من الزمن ما لايقل عن 850 شخصا نحو ثلثهم سقطوا في العراق جراء أدائهم لمهامهم الإنسانية في خدمة الكلمة.
وفي العراق تفاقمت حالة عدم الاستقرار طوال العام بسبب نزاع القوى السياسية على تشكيل الحكومة ما جعل هناك فراغا امنيا وسياسيا واضحا انعكس على واقع الاعلام ورجاله والى جانب الصحفيين الخمسة الذين قتلوا في العراق العام الماضي قتل ثلاثة من العاملين المساندين لهم في الحقل الإعلامي أثناء تأدية الواجب وتعرضت العديد من المؤسسات الإعلامية الى اعتداءات مسلحة واحتجزت القوات الحكومية محررا صحفيا ناقدا يعمل لدى إحدى الصحف دون تهمة واضحة ودون مراعاة الأصول القانونية.
وقد أدى لجوء وسائل إعلام أجنبية الى اعتماد صحفيين محليين للقيام بالمهام الى زيادة حجم الخسائر البشرية في صفوفهم حسب قول رئيس مرصد الحريات الصحافية.
وبسب عدم صدور قانون الصحافة في العراق بعد حصلت وقائع قضائية عدة ضد اعلاميين ومؤسسات، وواجه الصحفيون تهديدات قانونية جديدة، إذ أعلن المجلس القضائي الأعلى في تموز بأنه سوف ينشئ محكمة خاصة للنظر في المخالفات الإعلامية مثل التشهير، لكن مرصد الحريات الصحفية تصدى لهذا الأمر بالاستناد الى المادة 92 من الدستور العراقي التي تنص على أنه "يُحظر إنشاء محاكم خاصة أو استثنائية".
واستنادا إلى معلومات لجنة حماية الصحفيين فان الحكومة العراقية مستمرة بهدوء في انشاء مثل هذه المحكمة الخاصة والتي استُخدمت في التاريخ لتقييد حرية الصحفيين الناقدين ومعاقبتهم، وقد نظرت واحدة من مثل هذه المحاكم في نهاية أيلول في القضية الأولى التي عرضت أمامها وهي دعوى تشهير رفعتها وزارة الشباب والرياضة بحق صحيفة "العالم" التي تصدر في بغداد لنشرها معلومات عن حالات فساد في الوزارة لكن المحكمة حكمت لصالح الصحيفة.
وقد حثت لجنة حماية الصحفيين السلطات على التخلي عن فكرة انشاء المحاكم الخاصة بالقضايا الصحفية والعمل بدل ذلك على مواجهة الهجمات التي تستهدف الصحافة والتي جرى منها المئات دون الكشف عن مرتكبيها او محاسبتهم، وقد رفض عضو مرصد الحريات الصحافية رحمن غريب هذا النوع من المحاكم بقوله.
وقالت إن ما لايقل عن 145 صحافيا قتلوا في العراق منذ عام 2003 وتم استهداف ما لا يقل عن 93 آخرين لكن دون ان تكشف الحكومة عن نتائج تحقيقاتها ولا في حالة واحدة، ولم يمثل احد أمام المحاكم.
وسجلت اللجنة احتجاجها على ما وصفته بالتقرير السطحي الذي أصدرته السلطات الامنية في إقليم كردستان حول اختطاف وقتل الصحافي زردشت عثمان في الرابع من مايس الماضي وقالت ان التقرير أثار أسئلة أكثر مما قدم إجابات، حسب قول عضو مرصد الحريات الصحافية في إقليم كردستان رحمن غريب.
وقد احتل الإقليم مساحة واسعة في تقرير لجنة الدفاع عن الصحافيين للعام الماضي التي قالت ان الوضع العام للصحافيين في الإقليم شهد تدهورا العام الماضي فبالإضافة إلى خطف زردشت ومقتله، شكا صحفيون آخرون مستقلون من المضايقات المتزايدة لهم والدعاوى القضائية ذات الدوافع السياسية التي رفعت ضدهم من قبل الحزبين الحاكمين في المنطقة وهما الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، غير ان غريب قال انه ليست هناك تشريعات متطورة كما يبدو من الانتهاكات المستمرة رغم وجود قانون.
لمزيد من التفاصيل يرجى الاستماع الى الملف الصوتي التالي والذي ساهم فيه الزميل محمد كريم من بغداد
وما انتحار المواطن التونسي محمد بوعزيزي الذي قاد الى ثورة شعبية إلا مثلا بارزاً على هذه الحقيقة، فهو قد تحمل من أجل لقمة العيش طويلا، لكنه لم يتحمل للحظة واحدة الصفعة التي وجهت له من قبل مسؤول، والإساءة الى كرامته وحقه في حرية التعبير عن موقفه من الإجراء الصارم الذي اتخذ بحقه، فأقدم على حرق نفسه في الموقع ذاته.
وهكذا اشتعلت الثورات في العالم لأحداث مماثلة صغيرة كانت كبيرة، مباشرة كانت او غير مباشرة، لكنها أدت الى نفس النتيجة. فالثورة الفرنسية اندلعت من سجن الباستيل للمعاملة السيئة التي كان المعتقلون يتلقونها. كما أن ثورة العشرين في العراق اندلعت بسبب صفعة وجهها الضابط البريطاني لجمن للشيخ ضاري.
والصفعة كانت مرة اخرى حاضرة في ثورة اخرى هي الثورة البولونية عندما وجهها هذه المرة العامل البسيط ليخ فاليسا لمسؤول حزبي في ميناء دانستينغ، والصحافيون هم اكثر الناس عرضة للإهانات المتكررة والانتهاكات التي تصل أحيانا الى التصفية الجسدية.
وقد اكد رئيس مرصد الحريات الصحافية في العراق هادي جلو مرعي على حقيقة هذا الامر وان الحكومات تتعمد في توسيع اساليب التصدي للصحفيين لمنع وصولهم الى المعلومة ونقلها الى الرأي العام، وتضع من اجل ذلك قيودا صارمة على الصحافيين.
لكن اذا كانت ثورة الاتصالات في القرن الماضي ساهمت في جعل العالم قرية صغيرة فان التقنيات الحديثة جعلت من العالم اسرة كبيرة وهذا ما زاد من مخاطر عمل الصحافيين واستهدافهم.
وقد ساهم هذا التطور وتطور اساليب الانظمة في قمع وسائل الاعلام عن طريق غلق المكاتب ومنع الصحافيين من العمل الى دعوة الرأي العام للعمل كمراسلين ما جعلهم ايضا هدفا للأنظمة كما هو الحال مع الصحافيين كما يقول رئيس مرصد الحريات مرعي.
وقد كشفت لجنة الدفاع عن الصحافيين في العالم عن ان أوضاع هؤلاء لم تتحسن في العالم الماضي بل زادت سوءا، وقد قتل منهم ما لايقل عن 44 شخصا خمسة منهم في العراق على الأقل، كما ان عددهم بلغ خلال عقدين من الزمن ما لايقل عن 850 شخصا نحو ثلثهم سقطوا في العراق جراء أدائهم لمهامهم الإنسانية في خدمة الكلمة.
وفي العراق تفاقمت حالة عدم الاستقرار طوال العام بسبب نزاع القوى السياسية على تشكيل الحكومة ما جعل هناك فراغا امنيا وسياسيا واضحا انعكس على واقع الاعلام ورجاله والى جانب الصحفيين الخمسة الذين قتلوا في العراق العام الماضي قتل ثلاثة من العاملين المساندين لهم في الحقل الإعلامي أثناء تأدية الواجب وتعرضت العديد من المؤسسات الإعلامية الى اعتداءات مسلحة واحتجزت القوات الحكومية محررا صحفيا ناقدا يعمل لدى إحدى الصحف دون تهمة واضحة ودون مراعاة الأصول القانونية.
وقد أدى لجوء وسائل إعلام أجنبية الى اعتماد صحفيين محليين للقيام بالمهام الى زيادة حجم الخسائر البشرية في صفوفهم حسب قول رئيس مرصد الحريات الصحافية.
وبسب عدم صدور قانون الصحافة في العراق بعد حصلت وقائع قضائية عدة ضد اعلاميين ومؤسسات، وواجه الصحفيون تهديدات قانونية جديدة، إذ أعلن المجلس القضائي الأعلى في تموز بأنه سوف ينشئ محكمة خاصة للنظر في المخالفات الإعلامية مثل التشهير، لكن مرصد الحريات الصحفية تصدى لهذا الأمر بالاستناد الى المادة 92 من الدستور العراقي التي تنص على أنه "يُحظر إنشاء محاكم خاصة أو استثنائية".
واستنادا إلى معلومات لجنة حماية الصحفيين فان الحكومة العراقية مستمرة بهدوء في انشاء مثل هذه المحكمة الخاصة والتي استُخدمت في التاريخ لتقييد حرية الصحفيين الناقدين ومعاقبتهم، وقد نظرت واحدة من مثل هذه المحاكم في نهاية أيلول في القضية الأولى التي عرضت أمامها وهي دعوى تشهير رفعتها وزارة الشباب والرياضة بحق صحيفة "العالم" التي تصدر في بغداد لنشرها معلومات عن حالات فساد في الوزارة لكن المحكمة حكمت لصالح الصحيفة.
وقد حثت لجنة حماية الصحفيين السلطات على التخلي عن فكرة انشاء المحاكم الخاصة بالقضايا الصحفية والعمل بدل ذلك على مواجهة الهجمات التي تستهدف الصحافة والتي جرى منها المئات دون الكشف عن مرتكبيها او محاسبتهم، وقد رفض عضو مرصد الحريات الصحافية رحمن غريب هذا النوع من المحاكم بقوله.
وقالت إن ما لايقل عن 145 صحافيا قتلوا في العراق منذ عام 2003 وتم استهداف ما لا يقل عن 93 آخرين لكن دون ان تكشف الحكومة عن نتائج تحقيقاتها ولا في حالة واحدة، ولم يمثل احد أمام المحاكم.
وسجلت اللجنة احتجاجها على ما وصفته بالتقرير السطحي الذي أصدرته السلطات الامنية في إقليم كردستان حول اختطاف وقتل الصحافي زردشت عثمان في الرابع من مايس الماضي وقالت ان التقرير أثار أسئلة أكثر مما قدم إجابات، حسب قول عضو مرصد الحريات الصحافية في إقليم كردستان رحمن غريب.
وقد احتل الإقليم مساحة واسعة في تقرير لجنة الدفاع عن الصحافيين للعام الماضي التي قالت ان الوضع العام للصحافيين في الإقليم شهد تدهورا العام الماضي فبالإضافة إلى خطف زردشت ومقتله، شكا صحفيون آخرون مستقلون من المضايقات المتزايدة لهم والدعاوى القضائية ذات الدوافع السياسية التي رفعت ضدهم من قبل الحزبين الحاكمين في المنطقة وهما الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، غير ان غريب قال انه ليست هناك تشريعات متطورة كما يبدو من الانتهاكات المستمرة رغم وجود قانون.
لمزيد من التفاصيل يرجى الاستماع الى الملف الصوتي التالي والذي ساهم فيه الزميل محمد كريم من بغداد