أدّت سلسلةُ التظاهرات الصغيرة التي شهدتها مدن عراقية مختلفة أخيراً إلى توقّعاتٍ باندلاعِ حركةِ احتجاجٍ شعبية واسعة النطاق على غرار الثورة المصرية التي وصَفها زعماء دوليون بأنها "تاريخية."
شرارةُ الغضب التي اندلعت في تونس وامتدّت إلى مصر ما تزال تُلهم العديد من شعوب المنطقة التي نزلت في الأسابيع والأيام الأخيرة إلى شوارع مدن في الأردن واليمن والجزائر وغيرها مطالِبةً بالتغيير فيما تركزت معظم الاحتجاجات العراقية المماثلة والخجولة على تحسين الخدمات الأساسية وتوفير الكهرباء وفُرص العمل.
وفي أحدث تحليل لانعكاسات النموذج المصري على الساحة العراقية، قالت صحيفة أميركية بارزة الأحد إن المشاركين في تجمّع أخير بساحة التحرير في بغداد كانوا خليطاً من الشباب والمتقدمين في السن والعاملين والعاطلين عن العمل ممن رفعوا لافتات تقول (لا، لا للفساد) وهتفوا بصوت واحد يتهم مسؤولين حكوميين بأنهم "لصوص" ويدعو إلى اندلاع شرارة الثورة.
وأضافت (واشنطن بوست) في التقرير الموسوم "الثورة المصرية تشعل حركة احتجاج في العراق الديمقراطي" بقلم لـِز سلاي Liz Sly
أنه لو كانت هناك ملامح ثورة في العراق شبيهة بتلك التي أطاحت الرئيس المصري حسني مبارك فإن بدايتها "مشؤومة" إذ بلغ عدد المشاركين فيها، وجميعهم من الذكور، ما بين 200 إلى 300 فيما كان يراقبها عدد متساوٍ من قوات الأمن العراقية. ومع ذلك، ليس ثمة شك في أن اضطرابات مصر الأخيرة أثارت مشاعرَ استياءٍ عارمة بين الشعوب العربية "التي ما تزال تعيش في ظل أنظمة استبدادية أو حتى في العراق الدولة الوحيدة في المنطقة التي يمكن أن تدّعي أنها جرّبت الديمقراطية بعد الدكتاتورية."
وبالرغم من أن الاحتجاجات الأخيرة الصغيرة وقعت في مناطق مختلفة من العراق خلال الأسبوعين الماضيين إلا أن اللافت هو بروز حركة جديدة بين صفوف الطلبة والمهنيين الشباب الذين ألـهَمتهُم الأحداث المصرية بوضوح فضلاً عن خيبة أملهم مع التجربة الديمقراطية في العراق. وفي هذا الصدد، تشير الصحيفة الأميركية إلى بروز عدة مجموعات من هؤلاء الشباب الذين يتواصلون عبر مواقع على الإنترنت مثل (فيسبوك) ويدعون إلى احتجاجات تطالب بالإصلاح. وتقول هذه الجماعات إن هدفها هو ليس الإطاحة بالحكومة ولكن المطالَبة بتغييرٍ على جبهاتٍ متعددة تتراوح بين الخدمات الأساسية كالكهرباء وفرص العمل إلى قضايا عامة كالحكم الرشيد والمُساءَلة.
كما تنقل (واشنطن بوست) عن مسؤولين أميركيين القول إن "المظاهرات الأخيرة تقدّم دليلاً على أن الديمقراطية تزدهر في العراق."
من جهته، كتَب أستاذ الإعلام في جامعة بغداد الدكتور هاشم حسن في صحيفة (المشرق) العراقية الأحد عموداً تحت عنوان "هل يريد الشعب العراقي الحياة؟"، قال فيه "مرة أخرى نؤكد الدعوة المخلصة لتبني مشروع لحركة إصلاح جذري للمشروع الديمقراطي العراقي المهدد بالانهيار، يبدأ بتعديلات دستورية ومعها إصدار حزمة قوانين لتنظيم الحياة على أسس عصرية، واتخاذ إجراءات فورية لتقليص الفجوة بين امتيازات الرئاسات وأعضاء البرلمان والفقراء، وإعادة هيكلة أجهزة الحكومة على أساس المواطنة وليس الغلبة للولاءات مهما كان مصدرها، ويكون تولي المناصب على أساس الكفاءة والخبرة وليس بأسلوب المحاصصة التي دمرت البلاد ونشرت الفساد"، بحسب تعبيره.
وأشار المقال إلى أهمية إجراء "معالجات فورية لتنشيط الاقتصاد العراقي وحركة الإعمار والاستثمار والتنمية البشرية، وصيانة واحترام الحريات العامة وعدم تركها لاجتهادات العقليات الضيقة، وإيقاف التطرف بكل أشكاله حتى في ممارسة الحريات والشعائر والطقوس الدينية..." مضيفاً أن "الشعب يريد الحياة الحرة الكريمة ويطالب بالإصلاح وإنهاء الأزمات بمواعيد صادقة وفي مقدمتها أزمات الكهرباء والسكن وتوفير الخدمات البلدية وإعمار البنية التحتية للمدن العراقية التي خرّبتها عقود الإعمار الوهمية .... ويريد دولة مؤسسات يقودها الدستور والقانون، ويريد قانون حق الوصول للمعلومات ليعرف أين تهدر أمواله، وكيف تُدار الدولة وتُتخذ فيها القرارات لكي يتسنى له مراقبتها ومحاسبتها...؟"، على حد تعبير الكاتب.
ولمزيدٍ من الإيضاحات، أجريتُ مقابلة مع كاتب العمود الذي علّق أولاً على ما أوردَته صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية بالقول إن "ما يجري في الشارع العربي هو غضب عارم وهو كبت كبير كان يشعر به المواطنون على مختلف فئاتهم..وفي العراق أيضاً، هنالك شعور بالإحباط وشعور بوجود آلية للفساد، وهنالك فوارق طبقية مستحدثة..وهذه المظاهرات فعلا ما زالت خجولة ومتفرقة ومجزأة ولها أسباب كثيرة تتعلق بسايكولوجية المواطن العراقي وأيضاً بخصوصية التجربة العراقية...وهذا الغضب يطالب بالإصلاح على الرغم من اقتناعه بحدوث تغييرات ديمقراطية وما إلى ذلك............"
وفي المقابلة التي أُجريت عبر الهاتف ظهر الأحد، تحدث حسن أيضاً عن جوانب مختلفة من ملامح الغضب الشعبي المتنامي في العراق جراء مشاعر الإحباط ولا سيما بين شريحة الشباب والطلاب الجامعيين. كما أجاب عن سؤال بشأن ما أشارت إليه (واشنطن بوست) حول بروز ظاهرة تواصُل الشباب العراقي الـمُطالب بالإصلاح على مواقع إلكترونية وأثر هذه الظاهرة على احتمالات تنامي حركة الاحتجاجات الشعبية في العراق.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلة مع أستاذ الإعلام في جامعة بغداد د. هاشم حسن.
شرارةُ الغضب التي اندلعت في تونس وامتدّت إلى مصر ما تزال تُلهم العديد من شعوب المنطقة التي نزلت في الأسابيع والأيام الأخيرة إلى شوارع مدن في الأردن واليمن والجزائر وغيرها مطالِبةً بالتغيير فيما تركزت معظم الاحتجاجات العراقية المماثلة والخجولة على تحسين الخدمات الأساسية وتوفير الكهرباء وفُرص العمل.
وفي أحدث تحليل لانعكاسات النموذج المصري على الساحة العراقية، قالت صحيفة أميركية بارزة الأحد إن المشاركين في تجمّع أخير بساحة التحرير في بغداد كانوا خليطاً من الشباب والمتقدمين في السن والعاملين والعاطلين عن العمل ممن رفعوا لافتات تقول (لا، لا للفساد) وهتفوا بصوت واحد يتهم مسؤولين حكوميين بأنهم "لصوص" ويدعو إلى اندلاع شرارة الثورة.
وأضافت (واشنطن بوست) في التقرير الموسوم "الثورة المصرية تشعل حركة احتجاج في العراق الديمقراطي" بقلم لـِز سلاي Liz Sly
أنه لو كانت هناك ملامح ثورة في العراق شبيهة بتلك التي أطاحت الرئيس المصري حسني مبارك فإن بدايتها "مشؤومة" إذ بلغ عدد المشاركين فيها، وجميعهم من الذكور، ما بين 200 إلى 300 فيما كان يراقبها عدد متساوٍ من قوات الأمن العراقية. ومع ذلك، ليس ثمة شك في أن اضطرابات مصر الأخيرة أثارت مشاعرَ استياءٍ عارمة بين الشعوب العربية "التي ما تزال تعيش في ظل أنظمة استبدادية أو حتى في العراق الدولة الوحيدة في المنطقة التي يمكن أن تدّعي أنها جرّبت الديمقراطية بعد الدكتاتورية."
وبالرغم من أن الاحتجاجات الأخيرة الصغيرة وقعت في مناطق مختلفة من العراق خلال الأسبوعين الماضيين إلا أن اللافت هو بروز حركة جديدة بين صفوف الطلبة والمهنيين الشباب الذين ألـهَمتهُم الأحداث المصرية بوضوح فضلاً عن خيبة أملهم مع التجربة الديمقراطية في العراق. وفي هذا الصدد، تشير الصحيفة الأميركية إلى بروز عدة مجموعات من هؤلاء الشباب الذين يتواصلون عبر مواقع على الإنترنت مثل (فيسبوك) ويدعون إلى احتجاجات تطالب بالإصلاح. وتقول هذه الجماعات إن هدفها هو ليس الإطاحة بالحكومة ولكن المطالَبة بتغييرٍ على جبهاتٍ متعددة تتراوح بين الخدمات الأساسية كالكهرباء وفرص العمل إلى قضايا عامة كالحكم الرشيد والمُساءَلة.
كما تنقل (واشنطن بوست) عن مسؤولين أميركيين القول إن "المظاهرات الأخيرة تقدّم دليلاً على أن الديمقراطية تزدهر في العراق."
من جهته، كتَب أستاذ الإعلام في جامعة بغداد الدكتور هاشم حسن في صحيفة (المشرق) العراقية الأحد عموداً تحت عنوان "هل يريد الشعب العراقي الحياة؟"، قال فيه "مرة أخرى نؤكد الدعوة المخلصة لتبني مشروع لحركة إصلاح جذري للمشروع الديمقراطي العراقي المهدد بالانهيار، يبدأ بتعديلات دستورية ومعها إصدار حزمة قوانين لتنظيم الحياة على أسس عصرية، واتخاذ إجراءات فورية لتقليص الفجوة بين امتيازات الرئاسات وأعضاء البرلمان والفقراء، وإعادة هيكلة أجهزة الحكومة على أساس المواطنة وليس الغلبة للولاءات مهما كان مصدرها، ويكون تولي المناصب على أساس الكفاءة والخبرة وليس بأسلوب المحاصصة التي دمرت البلاد ونشرت الفساد"، بحسب تعبيره.
وأشار المقال إلى أهمية إجراء "معالجات فورية لتنشيط الاقتصاد العراقي وحركة الإعمار والاستثمار والتنمية البشرية، وصيانة واحترام الحريات العامة وعدم تركها لاجتهادات العقليات الضيقة، وإيقاف التطرف بكل أشكاله حتى في ممارسة الحريات والشعائر والطقوس الدينية..." مضيفاً أن "الشعب يريد الحياة الحرة الكريمة ويطالب بالإصلاح وإنهاء الأزمات بمواعيد صادقة وفي مقدمتها أزمات الكهرباء والسكن وتوفير الخدمات البلدية وإعمار البنية التحتية للمدن العراقية التي خرّبتها عقود الإعمار الوهمية .... ويريد دولة مؤسسات يقودها الدستور والقانون، ويريد قانون حق الوصول للمعلومات ليعرف أين تهدر أمواله، وكيف تُدار الدولة وتُتخذ فيها القرارات لكي يتسنى له مراقبتها ومحاسبتها...؟"، على حد تعبير الكاتب.
ولمزيدٍ من الإيضاحات، أجريتُ مقابلة مع كاتب العمود الذي علّق أولاً على ما أوردَته صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية بالقول إن "ما يجري في الشارع العربي هو غضب عارم وهو كبت كبير كان يشعر به المواطنون على مختلف فئاتهم..وفي العراق أيضاً، هنالك شعور بالإحباط وشعور بوجود آلية للفساد، وهنالك فوارق طبقية مستحدثة..وهذه المظاهرات فعلا ما زالت خجولة ومتفرقة ومجزأة ولها أسباب كثيرة تتعلق بسايكولوجية المواطن العراقي وأيضاً بخصوصية التجربة العراقية...وهذا الغضب يطالب بالإصلاح على الرغم من اقتناعه بحدوث تغييرات ديمقراطية وما إلى ذلك............"
وفي المقابلة التي أُجريت عبر الهاتف ظهر الأحد، تحدث حسن أيضاً عن جوانب مختلفة من ملامح الغضب الشعبي المتنامي في العراق جراء مشاعر الإحباط ولا سيما بين شريحة الشباب والطلاب الجامعيين. كما أجاب عن سؤال بشأن ما أشارت إليه (واشنطن بوست) حول بروز ظاهرة تواصُل الشباب العراقي الـمُطالب بالإصلاح على مواقع إلكترونية وأثر هذه الظاهرة على احتمالات تنامي حركة الاحتجاجات الشعبية في العراق.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلة مع أستاذ الإعلام في جامعة بغداد د. هاشم حسن.