سَـلّط أحدث تقرير أميركي عن العراق الضـوءَ مجدداً على مظاهر الفسـاد التي اعتـَبرَ أنها تعرقلُ التطويرَ وتؤدي إلى توزيعٍ غير فعّـال للموارد البشـرية والمالية.
وجاء في التقرير الذي أصدره المفتش العام لإعادة إعمار العراق (SIGIR) أن الثغرات التي تواجهها القوات المسلّحة العراقية تحديداً قد تشكّل تهديداً للإنجازات الأمنية المهمة بعد الانسحاب النهائي المقرر للجيش الأميركي نهاية العام الحالي.
وفي عرضها لمحتوى التقرير الأحد، نقلت وكالة فرانس برس للأنباء عنه القول إن قوات الأمن العراقية "حققت تقدماً مهماً لكن قدراتها اللوجستية خصوصاً ما تزال ضعيفة، فضلا عن أن الفساد المستشري داخل الشرطة والجيش يشكّل عائقاً أمام تطورهما."
وينسب التقرير إلى تقديرات وزارة الدفاع الأميركية أن قوات وزارتيْ الداخلية والدفاع العراقيتين متأخرة عما تُعرف بالإمكانيات الضرورية الدنيا، أي Minimum Essential Capability (MEC)، اللازمة لتوفير الأمن الداخلي والدفاع ضد التهديدات الخارجية.
كما يشير التقرير إلى أن الجيش العراقي "سيشهد نقصاً" في الناحية اللوجستية بعد الانسحاب العسكري الأميركي في حين ستواجه القوات التابعة لوزارة الداخلية "نقصاً من حيث التمويل والقيادة والسيطرة والنواحي اللوجستية".
وينقل عن بعثة التدريب الأميركية في العراق قولها للمفتش العام لإعادة الإعمار ما نصّه إن "الفساد داخل القوات الأمنية العراقية عرقل تطويرها وأدى إلى توزيع غير فعّال للموارد البشرية والمالية إضافةً إلى غياب التخطيط في صيانة البنى التحتية الأمنية والتجهيزات".
كما أبلغَت قوات أميركية المفتش العام لإعادة الإعمار إن الولايات المتحدة "تواجه معضلة، فإما يتعين عليها القيام باستثمارات إضافية لسد النواقص، أو قبول مخاطرة أن القوات العراقية تعاني من صعوبات في ضمان الأمن بمواجهة تهديدات داخلية وخارجية بحلول موعد الانسحاب النهائي لقوات الولايات المتحدة."
في غضون ذلك، يُتـابـعُ الشـارع العراقي بشـغَفٍ بـالغٍ تطـورات المشـهد المصـري.
وأفادت وكالة أسوشييتد برس للأنباء في تقريرٍ بثته من بغداد الأحد بأن العراقيين الذين "عانوا طويلا من ارتفاع معدلات البطالة
والفقر والفساد المستشري، وهي العوامل المحفّزة لانتشار الفوضى في العالم العربي، دعوا حكومتَهم إلى الانتباه لذلك."
وأضاف التقرير أن تظاهرات الاحتجاج المصرية تأتي في الوقت الذي يكافح رئيس الوزراء العراقي "مع شكاوى الفشل في توفير الخدمات الأساسية والأمن في الوقت الذي يبدأ فترة ولاية جديدة أمدها أربع سنوات مع ائتلافٍ هش"، بحسـب تعبيره.
وتنقل الوكالة عن مواطن عراقي يدعى نجاة شيال، ويعمل بائعاً للشاي في وسط بغداد، القول إنه يود رؤية احتجاجات مماثلة في العراق مضيفاً أن "الحكومة لا توفّر وظائف أو خدمات، ونحن لا نزال نعاني من نقص في الكهرباء".
لكن محللين وعدةَ عراقيين صرّحوا لأسوشييتد برس بأن "من غير المرجّح أن ينزل الناس في هذا البلد الذي أنهكته الحرب إلى الشوارع بكثافة."
من جهته، كتَب الخبير الأميركي البارز في الشؤون الإستراتيجية أنتوني كوردسمان Anthony Cordesman في صحيفة (فايننشيال تايمز) اللندنية الخميس يقول:
www.ft.com/cms/s/0/87bd5f98-2a52-11e0-b906-00144feab49a.html#axzz1CWQfWZYP
إن لدى الدول العربية "مجتمعات سكانية شابة ومتنامية. وهي جميعها تعاني من البطالة وخلق فرص العمل لخدمة شعوبها. وتوجد في جميعها بنى تحتية لا يمكنها تلبية الاحتياجات الشعبية. كما أن جميع هذه الدول أخفقت في تشكيل اقتصاداتها بوسائل قادرة على ترجمة النمو، بالقدر الذي يحدث، من خلال التوزيع المنصف للدخل. وقد اعتمَدت كثيراً على قواتها الأمنية الداخلية. وأخفقَت جميعها في معالجة الأسباب الداخلية للتطرف والعنف والإرهاب فضلا عن أنها ركّزت ميزانياتها واقتصاداتها على الأمن بدلا من الحكم".
ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة عبر الهاتف الأحد مع عضو مجلس النواب العراقي السابق القاضي وائل عبد اللطيف الذي قال لإذاعة العراق الحر "بالتأكيد أن لا أحد يستطيع أن يقيّد حركة الشعوب......النظرة العامة أن جميع الدول العربية هي دول من حيث السلطة ديكتاتورية، وبالتالي فهي أذلّت الشعوب ولم تنتبه إليها، وكرّست كل مفهوم الدولة بحياة الرئيس والسلطة...أمام جوع وفقر وهدر لحقوق الإنسان في هذه الدول...."
وفي ردّه على سؤال بشأن احتمالات امتداد شرارة الغضب الشعبي التي تتسع رقعتها باتجاه دول المشرق وإلى العراق، قال عبد اللطيف إنه في الحالة العراقية "بالرغم من دستور وحكومة منتخَبة إلا أن العملية الديمقراطية هشّة أمام هدر للحقوق وأمام ضعف كبير في الخدمات..أمام موازنة كبيرة جداً.... بالأمس كانت هناك تظاهرة في حي الشعلة وكان من الممكن أن تغطي مساحة كبيرة جداً ولكنها توقفت..أما في قادم الأيام، لا أحد يستطيع أن يحسم الأمور على اعتبار أن أزمة الكهرباء سوف تبقى لسنتين متتاليتين وأن
البطالة سوف تبقى قائمة وأن حقوق الإنسان سوف تبقى مهضومة.......".
من جهته، قال المحامي العراقي حسن شعبان الناشط في حقوق الإنسان لإذاعة العراق الحر "أعتقد أن العراقيين قد ذاقوا الأمرّين بعد سقوط النظام السابق جرّاء السقوط الخامل للمؤسسات الحكومية والدستورية وكل شيء، وهم يتذكرون جيداً ما حدَثَ من نهب وسلب في مؤسسات الدولة وغيرها..لهذا، لا أعتقد أنهم سوف يلجأون إلى نفس الطريق خاصةً بعد أن شاهدوا استغاثات المواطنين المصريين الذين تعرّضوا للسلب والنهب والاعتداء...............".
وفي عمودٍ نشرَه على صفحات جريدة (البيان) العراقية الأحد تحت عنوان (أيام الغضب)، كتَب الدكتور هاشم حسن أستاذ الإعلام في جامعة بغداد يقول إن هذه الأيام التي بدأت شرارتها في مغرب الوطن العربي "تتطلب منا المراجعة وإعادة النظر، بل الاعتبار لأهمية انتفاضة الشعب وثورته وغضبه على حكامه وولاة أمره الذين ينظرون لمعاناة الناس ولا يتفكرون فيها أو يأخذون العبرة والدروس من النهايات المأساوية للطغاة." وأضاف أن "الانتكاسة الكبرى تتمثل في فشل التنمية في حقولها كافة وهدر أموالها وتسرّبها إلى جيوب المفسدين فضلا عن عرقلة حركة الاستثمار واصطدامها بأنظمة إدارية متخلفة وعقليات بيروقراطية وأخرى مفسدة تحوّل الاستثمار لمنافعها ورغباتها الشخصية...".
وفي إيضاحاتٍ أوفى لهذه الفكرة، قال كاتب العمود لإذاعة العراق الحر في مقابلةٍ أجريتُها عبر الهاتف ظهر الأحد "الحرية والديمقراطية جوهرها وأساسها وفلسفتها أن يصبح الشعب هو الذي يحكم نفسه بنفسه وأن يصدر القرارات المصيرية...وأهميتها الأساسية أن تصدر قرارات باستثمار أموال الدولة العراقية النفطية الغنية لرفاهية المجتمع اقتصادياً وثقافياً.......وبمعنى آخر، المطلوب هو أن تتحوّل مبادئ الدستور إلى حياة يومية نعيشها بالتفاصيل....".
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلات مع عضو مجلس النواب العراقي السابق القاضي وائل عبد اللطيف، والمحامي حسن شعبان الناشط في حقوق الإنسان، والدكتور هاشم حسن أستاذ الإعلام في جامعة بغداد.
وجاء في التقرير الذي أصدره المفتش العام لإعادة إعمار العراق (SIGIR) أن الثغرات التي تواجهها القوات المسلّحة العراقية تحديداً قد تشكّل تهديداً للإنجازات الأمنية المهمة بعد الانسحاب النهائي المقرر للجيش الأميركي نهاية العام الحالي.
وفي عرضها لمحتوى التقرير الأحد، نقلت وكالة فرانس برس للأنباء عنه القول إن قوات الأمن العراقية "حققت تقدماً مهماً لكن قدراتها اللوجستية خصوصاً ما تزال ضعيفة، فضلا عن أن الفساد المستشري داخل الشرطة والجيش يشكّل عائقاً أمام تطورهما."
وينسب التقرير إلى تقديرات وزارة الدفاع الأميركية أن قوات وزارتيْ الداخلية والدفاع العراقيتين متأخرة عما تُعرف بالإمكانيات الضرورية الدنيا، أي Minimum Essential Capability (MEC)، اللازمة لتوفير الأمن الداخلي والدفاع ضد التهديدات الخارجية.
كما يشير التقرير إلى أن الجيش العراقي "سيشهد نقصاً" في الناحية اللوجستية بعد الانسحاب العسكري الأميركي في حين ستواجه القوات التابعة لوزارة الداخلية "نقصاً من حيث التمويل والقيادة والسيطرة والنواحي اللوجستية".
وينقل عن بعثة التدريب الأميركية في العراق قولها للمفتش العام لإعادة الإعمار ما نصّه إن "الفساد داخل القوات الأمنية العراقية عرقل تطويرها وأدى إلى توزيع غير فعّال للموارد البشرية والمالية إضافةً إلى غياب التخطيط في صيانة البنى التحتية الأمنية والتجهيزات".
كما أبلغَت قوات أميركية المفتش العام لإعادة الإعمار إن الولايات المتحدة "تواجه معضلة، فإما يتعين عليها القيام باستثمارات إضافية لسد النواقص، أو قبول مخاطرة أن القوات العراقية تعاني من صعوبات في ضمان الأمن بمواجهة تهديدات داخلية وخارجية بحلول موعد الانسحاب النهائي لقوات الولايات المتحدة."
في غضون ذلك، يُتـابـعُ الشـارع العراقي بشـغَفٍ بـالغٍ تطـورات المشـهد المصـري.
وأفادت وكالة أسوشييتد برس للأنباء في تقريرٍ بثته من بغداد الأحد بأن العراقيين الذين "عانوا طويلا من ارتفاع معدلات البطالة
والفقر والفساد المستشري، وهي العوامل المحفّزة لانتشار الفوضى في العالم العربي، دعوا حكومتَهم إلى الانتباه لذلك."
وأضاف التقرير أن تظاهرات الاحتجاج المصرية تأتي في الوقت الذي يكافح رئيس الوزراء العراقي "مع شكاوى الفشل في توفير الخدمات الأساسية والأمن في الوقت الذي يبدأ فترة ولاية جديدة أمدها أربع سنوات مع ائتلافٍ هش"، بحسـب تعبيره.
وتنقل الوكالة عن مواطن عراقي يدعى نجاة شيال، ويعمل بائعاً للشاي في وسط بغداد، القول إنه يود رؤية احتجاجات مماثلة في العراق مضيفاً أن "الحكومة لا توفّر وظائف أو خدمات، ونحن لا نزال نعاني من نقص في الكهرباء".
لكن محللين وعدةَ عراقيين صرّحوا لأسوشييتد برس بأن "من غير المرجّح أن ينزل الناس في هذا البلد الذي أنهكته الحرب إلى الشوارع بكثافة."
من جهته، كتَب الخبير الأميركي البارز في الشؤون الإستراتيجية أنتوني كوردسمان Anthony Cordesman في صحيفة (فايننشيال تايمز) اللندنية الخميس يقول:
www.ft.com/cms/s/0/87bd5f98-2a52-11e0-b906-00144feab49a.html#axzz1CWQfWZYP
إن لدى الدول العربية "مجتمعات سكانية شابة ومتنامية. وهي جميعها تعاني من البطالة وخلق فرص العمل لخدمة شعوبها. وتوجد في جميعها بنى تحتية لا يمكنها تلبية الاحتياجات الشعبية. كما أن جميع هذه الدول أخفقت في تشكيل اقتصاداتها بوسائل قادرة على ترجمة النمو، بالقدر الذي يحدث، من خلال التوزيع المنصف للدخل. وقد اعتمَدت كثيراً على قواتها الأمنية الداخلية. وأخفقَت جميعها في معالجة الأسباب الداخلية للتطرف والعنف والإرهاب فضلا عن أنها ركّزت ميزانياتها واقتصاداتها على الأمن بدلا من الحكم".
ولمزيدٍ من المتابعة والتحليل، أجريتُ مقابلة عبر الهاتف الأحد مع عضو مجلس النواب العراقي السابق القاضي وائل عبد اللطيف الذي قال لإذاعة العراق الحر "بالتأكيد أن لا أحد يستطيع أن يقيّد حركة الشعوب......النظرة العامة أن جميع الدول العربية هي دول من حيث السلطة ديكتاتورية، وبالتالي فهي أذلّت الشعوب ولم تنتبه إليها، وكرّست كل مفهوم الدولة بحياة الرئيس والسلطة...أمام جوع وفقر وهدر لحقوق الإنسان في هذه الدول...."
وفي ردّه على سؤال بشأن احتمالات امتداد شرارة الغضب الشعبي التي تتسع رقعتها باتجاه دول المشرق وإلى العراق، قال عبد اللطيف إنه في الحالة العراقية "بالرغم من دستور وحكومة منتخَبة إلا أن العملية الديمقراطية هشّة أمام هدر للحقوق وأمام ضعف كبير في الخدمات..أمام موازنة كبيرة جداً.... بالأمس كانت هناك تظاهرة في حي الشعلة وكان من الممكن أن تغطي مساحة كبيرة جداً ولكنها توقفت..أما في قادم الأيام، لا أحد يستطيع أن يحسم الأمور على اعتبار أن أزمة الكهرباء سوف تبقى لسنتين متتاليتين وأن
البطالة سوف تبقى قائمة وأن حقوق الإنسان سوف تبقى مهضومة.......".
من جهته، قال المحامي العراقي حسن شعبان الناشط في حقوق الإنسان لإذاعة العراق الحر "أعتقد أن العراقيين قد ذاقوا الأمرّين بعد سقوط النظام السابق جرّاء السقوط الخامل للمؤسسات الحكومية والدستورية وكل شيء، وهم يتذكرون جيداً ما حدَثَ من نهب وسلب في مؤسسات الدولة وغيرها..لهذا، لا أعتقد أنهم سوف يلجأون إلى نفس الطريق خاصةً بعد أن شاهدوا استغاثات المواطنين المصريين الذين تعرّضوا للسلب والنهب والاعتداء...............".
وفي عمودٍ نشرَه على صفحات جريدة (البيان) العراقية الأحد تحت عنوان (أيام الغضب)، كتَب الدكتور هاشم حسن أستاذ الإعلام في جامعة بغداد يقول إن هذه الأيام التي بدأت شرارتها في مغرب الوطن العربي "تتطلب منا المراجعة وإعادة النظر، بل الاعتبار لأهمية انتفاضة الشعب وثورته وغضبه على حكامه وولاة أمره الذين ينظرون لمعاناة الناس ولا يتفكرون فيها أو يأخذون العبرة والدروس من النهايات المأساوية للطغاة." وأضاف أن "الانتكاسة الكبرى تتمثل في فشل التنمية في حقولها كافة وهدر أموالها وتسرّبها إلى جيوب المفسدين فضلا عن عرقلة حركة الاستثمار واصطدامها بأنظمة إدارية متخلفة وعقليات بيروقراطية وأخرى مفسدة تحوّل الاستثمار لمنافعها ورغباتها الشخصية...".
وفي إيضاحاتٍ أوفى لهذه الفكرة، قال كاتب العمود لإذاعة العراق الحر في مقابلةٍ أجريتُها عبر الهاتف ظهر الأحد "الحرية والديمقراطية جوهرها وأساسها وفلسفتها أن يصبح الشعب هو الذي يحكم نفسه بنفسه وأن يصدر القرارات المصيرية...وأهميتها الأساسية أن تصدر قرارات باستثمار أموال الدولة العراقية النفطية الغنية لرفاهية المجتمع اقتصادياً وثقافياً.......وبمعنى آخر، المطلوب هو أن تتحوّل مبادئ الدستور إلى حياة يومية نعيشها بالتفاصيل....".
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلات مع عضو مجلس النواب العراقي السابق القاضي وائل عبد اللطيف، والمحامي حسن شعبان الناشط في حقوق الإنسان، والدكتور هاشم حسن أستاذ الإعلام في جامعة بغداد.