رسمت منظمة هيومان رايتس ووتش الدولية مرة أخرى صورة قاتمة لأوضاع حقوق الإنسان في عموم العالم خلال العام الماضي وبالأخص في بلدان العالم الثالث وفي مقدمتها العراق.
وجاء في التقرير (www.hrw.org/en/world-report-2011) الذي أصدرته المنظمة الأسبوع الجاري من مقرها في نيويورك أن العراق بالرغم من أنه شهد انتخابات نيابية هامة في السابع من شهر آذار الماضي إلا أن أوضاع حقوق الإنسان لم تتحسن، وأن حالات الخرق كانت لأسباب دينية وطائفية وعرقية، وحدثت انتهاكات لحريات التعبير، وتدهور في أوضاع السجناء.
لكن التقرير ركز هذا العام على ظاهرة هامة إلا وهي ازدواجية المعايير لدى الدول الغربية في النظرة إلى مسألة حقوق الإنسان من خلال التفريق بين النظر إلى البلدان المنتهكة تبعا لمصالحها، وكذلك بمراقبتها لأوضاع حقوق الإنسان في باقي البلدان وتجاهلها لديها.
وجاء في التقرير أن هناك حكومات كثيرة في الغرب تقبل بمنطق وحجج الحكومات القمعية، وتستبدل الضغوط من أجل احترام حقوق الإنسان بمناهج أنعم مثل "الحوار" غير العلني و"التعاون"، بدل الوقوف بحزم ضد الزعماء المُنتهكين لحقوق الإنسان، فالكثير من الحكومات – ومنها الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي – تتبنى سياسات لا توّلد الضغوط من أجل إحداث التغيير، كما يقول مدير الإعلام في المنظمة فنسل ميخائيلسكي.
وقالت هيومان رايتس ووتش إن الحوار والتعاون بالغا الأهمية من أجل التصدي لبواعث القلق الخاصة بحقوق الإنسان، وإن تحقيق التعاون هدف أساسي من أهداف الدعوة لحماية حقوق الإنسان، لكن عندما لا توجد إرادة سياسية لاحترام الحقوق، فإن عدم ممارسة ضغوط دولية يشجع الحكومات المنتهكة على الاستمرار في سياساتها القمعية.
وقالت المنظمة الدولية في تقريرها الذي جاء في 649 صفحة إن الحكومات عندما تكشف عن الانتهاكات أو تدينها، وعندما تربط المساعدات العسكرية ودعم الميزانيات بوضع حد للانتهاكات، أو تدعو إلى الملاحقة القضائية والمعاقبة للمسؤلين عن الانتهاكات، فهي تجبر الحكومات المُسيئة على التخلي عن تجاوزاتها.
وأضاف التقرير أن هناك مجموعة كبيرة من الدول من الشمال والجنوب العالميين من بين المنتهكين الدائمين لمبادئ حقوق الإنسان، لكن الاتحاد الأوروبي تحديداً يبدو متلهفاً لتبني أسلوب اللين معها، كما أن مصداقية بلدانها متوقفة على مدى استعدادها لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان لديها وهي كثيرة. وأشار التقرير إلى أوجه خرق مبادئ حقوق الإنسان في بلدان الاتحاد الأوربي بشكل خاص وفي البلدان الغربية بشكل عام مثل جميع أشكال التمييز وانعدام التسامح تجاه المهاجرين والمسلمين وأقليات الغجر الروما وغيرها، مع عدم ملائمة نُظم اللجوء لمبادئ حقوق الإنسان، وإجراءات مكافحة الإرهاب المُنتهكة لتلك الحقوق.
وأورد التقرير بعضا من الأمثلة الحديثة على إخفاق بلدان الاتحاد الأوربي في ممارسة الضغوط على البلدان المنتهكة لمبادئ حقوق الإنسان مثل مُهادنة أوزبكستان وتركمانستان، ورد فعل الغرب الناعم إزاء بعض المستبدين الأفارقة، مثل بول كاغامي في رواندا وميليس زيناوي في أثيوبيا، والجُبن بإجماع شبه تام أمام الصين على حد وصف المنظمة، مما يُعمق حالات انتهاك الحريات الأساسية.
وفي هذا الصدد يقول مايخليسكي: "عندما يعود الأمر لانتقاد دول مثل روسيا البيضاء، على سبيل المثال، فإن القوى الغربية والاتحاد الأوروبي وأميركا تصيح بصوت واحد وعال ٍ جدا ويعرب جميعهم عن قلقهم إزاء تزوير الانتخابات وتهديد المعارضة، لماذا؟ لماذا بلدان مثل ألمانيا ترفع صوتها عاليا وتسمي بلدان مثل بيلاروسيا وتعنفها لإنتهاكات لحقوق الإنسان لكنها لا تفعل الشئ نفسه مع دول أخرى مثل الصين؟ الجواب ببساطة لأنه ليست هنالك مصالح كبيرة مع روسيا البيضاء ولأنها ليست لديها موارد طبيعية تجعلها مثيرة للاهتمام بالنسبة لنا في الغرب ، لذا فإنه من السهل توجيه أصابع الاتهام لمثل هذه البلدان وفضحها".
وقالت هيومان رايتس ووتش إنه لم يتم التخلي عن سياسة ممارسة الضغوط نهائياً، لكنها تُستخدم بالأساس مع الدول التي تتبع منهجاً معيباً لدرجة أنه يُقزِّم أية مصالح أخرى قد تكون قائمة مع تلك البلدان، مثل كوريا الشمالية وإيران وزيمبابوي.
وأوضحت المنظمة أن استخدام الحوار والتعاون بدلاً من الضغط ظهر بقوة في الأمم المتحدة، على يد الأمين العام بان كي مون، في تعامله مع العديد من الدول الأطراف في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
فضلاً عن ذلك، فإن كبرى الدول الديمقراطية في جنوب الكرة الأرضية، مثل جنوب أفريقيا والهند والبرازيل، روّجت لمنهج الهدوء للرد على القمع مثل تعامل منظمة الآسيان الفاتر مع القمع في بورما، ومنهج الأمم المتحدة اللامبالي إزاء الأعمال التي وصفها تقرير هيومان رايتس ووج بالوحشية التي ارتكبت خلال النزاع المسلح في سريلانكا.
ولقد زاد تركيز الرئيس الأمريكي باراك أوباما على حقوق الإنسان خلال العام الثاني من حُكمه، لكن بياناته التي وصفتها المنظمة الأميركية بالأنيقة لم تتبعها في كل الحالات تحركات فعالة. كما أنه لم يُصرّ على أن تنقل مختلف هيئات الإدارة الأمريكية رسائل قوية ومتسقة فيما يخص حقوق الإنسان.
وقالت هيومان رايتس ووتش إن الحوار من أي نوع، سواء كان علناً أو سراً، له أثر أكبر عندما يتم ربطه بمعايير محددة وملموسة. المعايير تعطي الحوار اتجاهاً واضحاً وتجعل المشاركين فيه خاضعين للمحاسبة على النتائج الملموسة التي يجب تحقيقها.
وقال المدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس ووجه الأميركية كينيث روث إن هذا زمن رديء على أنصار حقوق الإنسان لغياب صوت البلدان الغربية وأدواتها في الضغط.
التفاصيل في الملف الصوتي.
وجاء في التقرير (www.hrw.org/en/world-report-2011) الذي أصدرته المنظمة الأسبوع الجاري من مقرها في نيويورك أن العراق بالرغم من أنه شهد انتخابات نيابية هامة في السابع من شهر آذار الماضي إلا أن أوضاع حقوق الإنسان لم تتحسن، وأن حالات الخرق كانت لأسباب دينية وطائفية وعرقية، وحدثت انتهاكات لحريات التعبير، وتدهور في أوضاع السجناء.
لكن التقرير ركز هذا العام على ظاهرة هامة إلا وهي ازدواجية المعايير لدى الدول الغربية في النظرة إلى مسألة حقوق الإنسان من خلال التفريق بين النظر إلى البلدان المنتهكة تبعا لمصالحها، وكذلك بمراقبتها لأوضاع حقوق الإنسان في باقي البلدان وتجاهلها لديها.
وجاء في التقرير أن هناك حكومات كثيرة في الغرب تقبل بمنطق وحجج الحكومات القمعية، وتستبدل الضغوط من أجل احترام حقوق الإنسان بمناهج أنعم مثل "الحوار" غير العلني و"التعاون"، بدل الوقوف بحزم ضد الزعماء المُنتهكين لحقوق الإنسان، فالكثير من الحكومات – ومنها الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي – تتبنى سياسات لا توّلد الضغوط من أجل إحداث التغيير، كما يقول مدير الإعلام في المنظمة فنسل ميخائيلسكي.
وقالت هيومان رايتس ووتش إن الحوار والتعاون بالغا الأهمية من أجل التصدي لبواعث القلق الخاصة بحقوق الإنسان، وإن تحقيق التعاون هدف أساسي من أهداف الدعوة لحماية حقوق الإنسان، لكن عندما لا توجد إرادة سياسية لاحترام الحقوق، فإن عدم ممارسة ضغوط دولية يشجع الحكومات المنتهكة على الاستمرار في سياساتها القمعية.
وقالت المنظمة الدولية في تقريرها الذي جاء في 649 صفحة إن الحكومات عندما تكشف عن الانتهاكات أو تدينها، وعندما تربط المساعدات العسكرية ودعم الميزانيات بوضع حد للانتهاكات، أو تدعو إلى الملاحقة القضائية والمعاقبة للمسؤلين عن الانتهاكات، فهي تجبر الحكومات المُسيئة على التخلي عن تجاوزاتها.
وأضاف التقرير أن هناك مجموعة كبيرة من الدول من الشمال والجنوب العالميين من بين المنتهكين الدائمين لمبادئ حقوق الإنسان، لكن الاتحاد الأوروبي تحديداً يبدو متلهفاً لتبني أسلوب اللين معها، كما أن مصداقية بلدانها متوقفة على مدى استعدادها لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان لديها وهي كثيرة. وأشار التقرير إلى أوجه خرق مبادئ حقوق الإنسان في بلدان الاتحاد الأوربي بشكل خاص وفي البلدان الغربية بشكل عام مثل جميع أشكال التمييز وانعدام التسامح تجاه المهاجرين والمسلمين وأقليات الغجر الروما وغيرها، مع عدم ملائمة نُظم اللجوء لمبادئ حقوق الإنسان، وإجراءات مكافحة الإرهاب المُنتهكة لتلك الحقوق.
وأورد التقرير بعضا من الأمثلة الحديثة على إخفاق بلدان الاتحاد الأوربي في ممارسة الضغوط على البلدان المنتهكة لمبادئ حقوق الإنسان مثل مُهادنة أوزبكستان وتركمانستان، ورد فعل الغرب الناعم إزاء بعض المستبدين الأفارقة، مثل بول كاغامي في رواندا وميليس زيناوي في أثيوبيا، والجُبن بإجماع شبه تام أمام الصين على حد وصف المنظمة، مما يُعمق حالات انتهاك الحريات الأساسية.
وفي هذا الصدد يقول مايخليسكي: "عندما يعود الأمر لانتقاد دول مثل روسيا البيضاء، على سبيل المثال، فإن القوى الغربية والاتحاد الأوروبي وأميركا تصيح بصوت واحد وعال ٍ جدا ويعرب جميعهم عن قلقهم إزاء تزوير الانتخابات وتهديد المعارضة، لماذا؟ لماذا بلدان مثل ألمانيا ترفع صوتها عاليا وتسمي بلدان مثل بيلاروسيا وتعنفها لإنتهاكات لحقوق الإنسان لكنها لا تفعل الشئ نفسه مع دول أخرى مثل الصين؟ الجواب ببساطة لأنه ليست هنالك مصالح كبيرة مع روسيا البيضاء ولأنها ليست لديها موارد طبيعية تجعلها مثيرة للاهتمام بالنسبة لنا في الغرب ، لذا فإنه من السهل توجيه أصابع الاتهام لمثل هذه البلدان وفضحها".
وقالت هيومان رايتس ووتش إنه لم يتم التخلي عن سياسة ممارسة الضغوط نهائياً، لكنها تُستخدم بالأساس مع الدول التي تتبع منهجاً معيباً لدرجة أنه يُقزِّم أية مصالح أخرى قد تكون قائمة مع تلك البلدان، مثل كوريا الشمالية وإيران وزيمبابوي.
وأوضحت المنظمة أن استخدام الحوار والتعاون بدلاً من الضغط ظهر بقوة في الأمم المتحدة، على يد الأمين العام بان كي مون، في تعامله مع العديد من الدول الأطراف في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
فضلاً عن ذلك، فإن كبرى الدول الديمقراطية في جنوب الكرة الأرضية، مثل جنوب أفريقيا والهند والبرازيل، روّجت لمنهج الهدوء للرد على القمع مثل تعامل منظمة الآسيان الفاتر مع القمع في بورما، ومنهج الأمم المتحدة اللامبالي إزاء الأعمال التي وصفها تقرير هيومان رايتس ووج بالوحشية التي ارتكبت خلال النزاع المسلح في سريلانكا.
ولقد زاد تركيز الرئيس الأمريكي باراك أوباما على حقوق الإنسان خلال العام الثاني من حُكمه، لكن بياناته التي وصفتها المنظمة الأميركية بالأنيقة لم تتبعها في كل الحالات تحركات فعالة. كما أنه لم يُصرّ على أن تنقل مختلف هيئات الإدارة الأمريكية رسائل قوية ومتسقة فيما يخص حقوق الإنسان.
وقالت هيومان رايتس ووتش إن الحوار من أي نوع، سواء كان علناً أو سراً، له أثر أكبر عندما يتم ربطه بمعايير محددة وملموسة. المعايير تعطي الحوار اتجاهاً واضحاً وتجعل المشاركين فيه خاضعين للمحاسبة على النتائج الملموسة التي يجب تحقيقها.
وقال المدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس ووجه الأميركية كينيث روث إن هذا زمن رديء على أنصار حقوق الإنسان لغياب صوت البلدان الغربية وأدواتها في الضغط.
التفاصيل في الملف الصوتي.