يحتفي برنامج "مواويل وشعر" بالشاعر المبدع حمود حسين گعيد، وبصدور مجموعته الشعرية الأولى "مرايات ونده"، فيخصص لهما حلقة كاملة.
ومنعاً للإلتباس الذي قد يحدث لدى متابعي البرنامج الكرام من تشابه إسم شاعرنا حمود حسين كعيد، مع الشاعر حامد گعيد الجبوري، الذي كنا قد قدمنا له في حلقات سابقة قصائد جميلة عديدة، من بينها قصيدة "هوى الخمسين"، لابد ان نشير هنا الى أن الشاعرين اللذين يتشابهان في أكثر من مكان في أسميهما، ويتقاربان في اللون الشعري، والرؤية الفكرية السياسية، وينتميان الجيل نفسه تقرياً، هما مختلفان أيضاً في أكثر من مكان، وفي أكثر من صفة، لذلك إقتضى التنويه.
ديوان الشاعر حمود حسين كعيد "مرايات ونده"، الذي صدر حديثا، هو أول ديوان شعري يصدره الشاعر، رغم أنه يكتب الشعر منذ نصف قرن تقريباً، و في خزانته حتماً العشرات إن لم نقل المئات من القصائد، التي كان بامكانه نشرها من الناحية الفنية، لكنه لم يستطيع قطعاً نشرها من الناحية السياسية، لا سيما في ظل ذلك النظام، إذ ان نشر مثل هذه القصائد حينذاك، كان سيؤدي بشاعرها الى حبل المشنقة، أو الى الموت في أحدى زنزانات ألامن، وفي الساحة الشعرية أمثلة عديدة نستطيع ذكرها منها اعدام سبعة شعراء شعبيين بسبب قصيدة، أو نص شعري معارض لذلك النظام.
ديوان "مرايات ونده" الذي يضم 31 قصيدة، والذي كتب مقدمته الشاعر كاظم إسماعيل الگاطع، ويقول فيها: "قال الشاعر الكبير سعدي يوسف في الشاعر الكبير مظفر النواب: أضع جبين قصائدي على أعتاب الريل وحمد. فماذا عساني أن أقول عن صديق مسيرتي حمود حسين گعيد. فأنا لا أضع جبين قصائدي فقط، بل أضع كل ما كتبت في الميزان، لتتساوى الكفتان، لأنني إحترفت كتابة الشعر، بينما بقي حمود هاوياً في الفترة الخاكية للقصائد والمهرجانات، التي تقام في الزمن البائد، والتي تعتبر من أشد الفترات ظلماً وقساوة، لكنه بقي خارج السرب يغرِّد بمفرده، ويغني على ليلاه، ويكتب للجماهير والوطن والأرض...."
لنترك ما تبقى من المقدمة الطويلة، والجميلة التي كتبها الگاطع عن شاعرنا حمود حسين كعيد، لنكشف جانبا من حياته النضالية، وتاريخه الوطني المضيء بالمواقف المشرفة، تلك الحياة، والمواقف التي نهل من نبعها "سلسبيل" شعره الصافي.
ولعل موقفه الشخصي الشجاع الذي كتبت عنه الصحف العراقية كثيراً، والمتعلق بصموده بمعية الزعيم عبد الكريم قاسم يوم الثامن من شباط أمرٌ يستحق الوقوف عنده، لكي نستدل من خلاله على قصائده الوطنية الرائعة، وتحديداً، عندما كان شاعرنا جندياً في فصيل حماية الزعيم عبد الكريم قاسم، إذ بقي هذا الجندي يقاتل مع زعيمه، ولم يتركه لحظة واحدة، رغم مقتل آمره العقيد عبد الكريم الجدة، ورغم إنسحاب الكثير من أفراد الحماية لم يتوقف عن القتال حتى لحظة إعتقاله من قبل إنقلابي شباط، وقصة ما حصل له بعدها قصة مريرة، إذ عانى ماعاناه بعد ذلك الموقف، ومرَّ على الكثير من المعتقلات، والسجون، وتلك المعاناة كانت سبباً من أسباب نصاعته الشعرية والوطنية، فظل محافظاً على هذه الأمانة الفخمة، ولم يخنها يوماً قط، لذلك نجد شاعرنا حمود كعيد إنزوى بعيداً عن مركز المشهد الشعري لأكثر من ثلاثين عاماً، ولم يظهر في الصورة إلاَّ بعد زوال النظام الدكتاتوري.
وإحتفاءاًً من "مواويل وشعر" بهذا الشاعر الوطني، فقد كرَّسنا له ولمجموعته الشعرية حلقة خاصة نقدم منها:
قصيدة ندَّه:
آنه إعله دربك ورد وعيونك إلك بابين
باب إعله خيط الشمس.. وباب لضوه النجمين
حلمان بيك أشكثر وأتنطرَّك للحين ..
حلمان أشوفك ولو.. گطرة نده تلالي إعله ورگة تين
مبخوت أضوگك عالبعُد.. وأفطمَّلك الشفتين
بس خايف يبوگك صبح من ضحكة البلعين
وأبقه أدوِّر بالنظر عالباقي منك وين؟
إحسِّبني صُبيَّرة ولك.. جِّس عودي گبل الطين
مو حايل بروحي العطش .. حايل صُفالي إسنين
مُرّني غيمة سفر.. وأحَسِّبها إلك جيَّة حنين
لا يا ولك، هلبّت تحِّن وتلين..
مو راحن واجَّن ورگات البساتين
وآنه ألولي إعله الجرح وأنطرلَّك الوكتين
أتمنَّه يوم وترِّد.. وإنشِّد سوَّه إجناحين
أتمنه أضمَّك يا حلو بين الضلوع وبين
بالگاع ما لك مدى .. طوف بحنايه الصدر، وألعَب على الكترين
يالصاير إجناح الگلب .. وبيدك يظل دم الشرايين
تآخذ وتطي ويَّه النبُض ومورِّد الخدين
ويالصاير أنته .. أنه
وننشاف چنَّه إثنين
ونبضي إعله نبضك يدِّگ ماينجسِّم نصيَّن
ماينجسِّم نصيَّن ..
المزيد في الملف الصوتي
ومنعاً للإلتباس الذي قد يحدث لدى متابعي البرنامج الكرام من تشابه إسم شاعرنا حمود حسين كعيد، مع الشاعر حامد گعيد الجبوري، الذي كنا قد قدمنا له في حلقات سابقة قصائد جميلة عديدة، من بينها قصيدة "هوى الخمسين"، لابد ان نشير هنا الى أن الشاعرين اللذين يتشابهان في أكثر من مكان في أسميهما، ويتقاربان في اللون الشعري، والرؤية الفكرية السياسية، وينتميان الجيل نفسه تقرياً، هما مختلفان أيضاً في أكثر من مكان، وفي أكثر من صفة، لذلك إقتضى التنويه.
ديوان الشاعر حمود حسين كعيد "مرايات ونده"، الذي صدر حديثا، هو أول ديوان شعري يصدره الشاعر، رغم أنه يكتب الشعر منذ نصف قرن تقريباً، و في خزانته حتماً العشرات إن لم نقل المئات من القصائد، التي كان بامكانه نشرها من الناحية الفنية، لكنه لم يستطيع قطعاً نشرها من الناحية السياسية، لا سيما في ظل ذلك النظام، إذ ان نشر مثل هذه القصائد حينذاك، كان سيؤدي بشاعرها الى حبل المشنقة، أو الى الموت في أحدى زنزانات ألامن، وفي الساحة الشعرية أمثلة عديدة نستطيع ذكرها منها اعدام سبعة شعراء شعبيين بسبب قصيدة، أو نص شعري معارض لذلك النظام.
ديوان "مرايات ونده" الذي يضم 31 قصيدة، والذي كتب مقدمته الشاعر كاظم إسماعيل الگاطع، ويقول فيها: "قال الشاعر الكبير سعدي يوسف في الشاعر الكبير مظفر النواب: أضع جبين قصائدي على أعتاب الريل وحمد. فماذا عساني أن أقول عن صديق مسيرتي حمود حسين گعيد. فأنا لا أضع جبين قصائدي فقط، بل أضع كل ما كتبت في الميزان، لتتساوى الكفتان، لأنني إحترفت كتابة الشعر، بينما بقي حمود هاوياً في الفترة الخاكية للقصائد والمهرجانات، التي تقام في الزمن البائد، والتي تعتبر من أشد الفترات ظلماً وقساوة، لكنه بقي خارج السرب يغرِّد بمفرده، ويغني على ليلاه، ويكتب للجماهير والوطن والأرض...."
لنترك ما تبقى من المقدمة الطويلة، والجميلة التي كتبها الگاطع عن شاعرنا حمود حسين كعيد، لنكشف جانبا من حياته النضالية، وتاريخه الوطني المضيء بالمواقف المشرفة، تلك الحياة، والمواقف التي نهل من نبعها "سلسبيل" شعره الصافي.
ولعل موقفه الشخصي الشجاع الذي كتبت عنه الصحف العراقية كثيراً، والمتعلق بصموده بمعية الزعيم عبد الكريم قاسم يوم الثامن من شباط أمرٌ يستحق الوقوف عنده، لكي نستدل من خلاله على قصائده الوطنية الرائعة، وتحديداً، عندما كان شاعرنا جندياً في فصيل حماية الزعيم عبد الكريم قاسم، إذ بقي هذا الجندي يقاتل مع زعيمه، ولم يتركه لحظة واحدة، رغم مقتل آمره العقيد عبد الكريم الجدة، ورغم إنسحاب الكثير من أفراد الحماية لم يتوقف عن القتال حتى لحظة إعتقاله من قبل إنقلابي شباط، وقصة ما حصل له بعدها قصة مريرة، إذ عانى ماعاناه بعد ذلك الموقف، ومرَّ على الكثير من المعتقلات، والسجون، وتلك المعاناة كانت سبباً من أسباب نصاعته الشعرية والوطنية، فظل محافظاً على هذه الأمانة الفخمة، ولم يخنها يوماً قط، لذلك نجد شاعرنا حمود كعيد إنزوى بعيداً عن مركز المشهد الشعري لأكثر من ثلاثين عاماً، ولم يظهر في الصورة إلاَّ بعد زوال النظام الدكتاتوري.
وإحتفاءاًً من "مواويل وشعر" بهذا الشاعر الوطني، فقد كرَّسنا له ولمجموعته الشعرية حلقة خاصة نقدم منها:
قصيدة ندَّه:
آنه إعله دربك ورد وعيونك إلك بابين
باب إعله خيط الشمس.. وباب لضوه النجمين
حلمان بيك أشكثر وأتنطرَّك للحين ..
حلمان أشوفك ولو.. گطرة نده تلالي إعله ورگة تين
مبخوت أضوگك عالبعُد.. وأفطمَّلك الشفتين
بس خايف يبوگك صبح من ضحكة البلعين
وأبقه أدوِّر بالنظر عالباقي منك وين؟
إحسِّبني صُبيَّرة ولك.. جِّس عودي گبل الطين
مو حايل بروحي العطش .. حايل صُفالي إسنين
مُرّني غيمة سفر.. وأحَسِّبها إلك جيَّة حنين
لا يا ولك، هلبّت تحِّن وتلين..
مو راحن واجَّن ورگات البساتين
وآنه ألولي إعله الجرح وأنطرلَّك الوكتين
أتمنَّه يوم وترِّد.. وإنشِّد سوَّه إجناحين
أتمنه أضمَّك يا حلو بين الضلوع وبين
بالگاع ما لك مدى .. طوف بحنايه الصدر، وألعَب على الكترين
يالصاير إجناح الگلب .. وبيدك يظل دم الشرايين
تآخذ وتطي ويَّه النبُض ومورِّد الخدين
ويالصاير أنته .. أنه
وننشاف چنَّه إثنين
ونبضي إعله نبضك يدِّگ ماينجسِّم نصيَّن
ماينجسِّم نصيَّن ..
المزيد في الملف الصوتي