لعل محبو كرة القدم ومشجعوها يتذكرون مباراة نهائي شباب آسيا عام 1977، بين منتخبي شباب العراق وشباب إيران في ملعب آريامهر في طهران، ذلك الملعب الكبير الذي غصَّ بأكثر من مائة ألف متفرج إيراني جاؤوا لتشجيع فريقهم الوطني، يتقدمهم إبن شاه إيران آنذاك.
ويقيناً ان تلك المباراة، لم تكن مثل أية مباراة رياضية أخرى، إذ كانت حدثاً رياضياً، ووطنياً، وتاريخياً بارزاً في حياة الشعب العراقي.
ففوز شبابنا في تلك المباراة، وحصوله على كأس آسيا للشباب، أمر لم يكن هيناً قطعاً، كما ان ذلك الفوز منح الكرة العراقية دفعة معنوية عالية.
واليوم إذ نتذكر تلك المباراة، فإننا نتذكر معها واحداً من نجوم تلك البطولة، وفارساً من فرسانها الذهبيين، إنه سلام علي حارس مرمى منتخب الشباب العراقي وصمام أمانه.
ولعل الغياب الطويل لهذا الحارس العملاق عن المشهد الرياضي بعد تلك البطولة بسنة أو سنتين تقريباً، وهو لم يزل في ريعان الشباب أعطى أهمية إستثنائية لهذا اللقاء.
"موبعدين" راح يبحث عن هذا الحارس الذهبي فاكتشف انه يقيم في السويد منذ ربع قرن تقريباً. فأستضافه البرنامج في حلقة هذا الأسبوع ليتحدث عن سبب غيابه الطويل عن المشهد الرياضي، وعن تفاصيل مهمة لم يرد ذكرها من قبل وجرت في مباراة نهائي شباب آسيا عام 1977، كما يحدثنا عن المناخ الرياضي والسياسي المتداخل حينذاك، فضلاً عن تسليط الضواء على بدايته الكروية، ونشاطاته الحالية.
يقول سلام: كانت أصوات الجمهور الإيراني الذي حضر المباراة النهائية في ملعب آريامهر تضرب بقوة في رؤوسنا وآذاننا، فتخلع قلوبنا خلعاً، لاسيما وأننا لم نعتد على مثل هذه الأجواء من قبل، فبعضنا جاء من الملاعب الشعبية مباشرة، أو من فرق الناشئين، وبعضنا لم تتح له الفرصة لخوض مثل تلك المباراة الكبيرة من قبل، وكم كان الأمر مخيفاً لنا، حين علمنا، ونحن في غرفة تبديل الملابس، أي قبل خروجنا الى الساحة بلحظات، أن أكثر من مائة ألف متفرج قد حضروا منذ الصباح، وإن إبن الشاه شخصياً حاضر في الملعب، وأن تلفزيون ينقل المباراة على الهواء ليشاهده العراق والعالم كله.
وفي ظل هذا الجو "المرعب" مرَّ علينا الأستاذ مؤيد البدري، الذي حضر ليعلق على المباراة، فوجدني أسرَّح شعري فذهل وقال: "شدتسوي....سلام؟ فاجبته "مثل ما دتشوف استاذ...أسرِّح شعري، لكي يظهر حلواً ومرتباً أمام الناس. فضحك البدري وهز يده ومضى، والحقيقة إني أردت بهذه التسريحة أن أكسر حاجز الخوف والرعب في نفسي، وفي نفوس زملائي اللاعبين أيضاً، إذ من المؤكد أن اللاعب الذي يسرِّح شعره قبل هذه المباراة المصيرية بلحظات هو قوي القلب، وصلب المعنويات، وواثق من قدراته، وقدرات فريقه، أضف الى ذلك أني أردت فعلاً لشعري الطويل أن يبدو جميلاً ومرتباً خاصة وإن المباراة كانت منقولة تلفزيونياً، وأن ملايين الناس سيروني.
ويكمل سلام حديثه عن المباراة بالقول: لا أريد أن أتحدث عن سير المباراة، فالجمهور شاهدها عبر شاشات التلفزيون، لكني أود فقط أن أوجز تأثير هذه النتيجة على الجمهور الإيراني، وخصوصاً على إبن الشاه، الذي رفض، وهو راعي المباراة، أن يقلد المنتخب العراقي الميداليات الذهبية، بل ورمي الكيس الذي فيه الميداليات الذهبية على كابتن الفريق العراقي أياد محمد علي، وخرج غاضباً منزعجاً من الملعب.
والملاحظة الأخرى التي وردتنا في اليوم الثاني، والتي لم يقلها أحد، هي أن الصدمة العنيفة قد سببت مشكلة صحية كبيرة لإبن الشاه، إذ سقط فاقدا الوعي بعد المباراة بساعات قليلة، ونقل بطائرة خاصة الى سويسرا لتلقي العلاج.
أما عن بداياته الكروية فيقول سلام علي: لقد بدأت حياتي الرياضية في الساحات الشعبية لمنطقة الزعفرانية، حيث كنا نعيش وقد أكتشف أخي الكبير جبار موهبتي في حراسة المرمى، وهو لاعب درجة أولى، فلعبت لفريق الزيوت النباتية، ونادي العمال، ونادي الأمانة، ومنتخب الناشئين، ثم منتخب الشباب الذي فزت معه ببطولة آسيا للشباب.
ويستذكر بحب وتقدير اواسط السبعينيات الفريق العزيز على نفسه: فريق النجوم الشعبي في منطقة الزعفرانية، الذي كان يتبارى مع فريق الدراويش وكانت المباريات بين هذين الفريقين مثار إهتمام الجمهور في الزعفرانية، لأن كل منهما كان يمثل بشكل او آخر اتجاها سياسيا معروفا.
وفي مفصل آخر من اللقاء يكمل سلام علي حديثه ويقول: غادرت العراق وأنا في الثانية والعشرين مكرهاً لا بطل، بعد أن إزدادت ضغوط السلطة عليَّ وعلى أفراد عائلتي خاصة وإن عائلتي كانت معروفة بتعاطفها الفكري مع أحد الأحزاب السياسية، كما اني لن أنسى الموقف الذي كان، برأيي، سبباً رئيسياً وراء مغادرتي العراق، وتركي الملاعب، وتحديداً يوم حضر الى ملعب الشعب كريم الملا وزير الشباب في ذلك الوقت، لرعاية مباراة منتخب الشباب ونادي "تسه أيسكا" السوفيتي، وعندما وصل الوزير لمصافحتي ضمن بقية اللاعبين، سأل الوزير الكابتن أياد محمد علي بصوت عال قائلاً: "ها أياد هذا سلام ما صار بعثي؟". فأجابه أياد بابتسامه "لا أستاذ" فرد الوزير "إذاً فلتكن هذه المباراة آخر مباراة له في الملاعب العراقية". وفعلاً فقد كانت هذه المباراة آخر مباراة لي، إذ غادرت بعدها الى باريس، وتعاقدت مع احد أندية الدرجة الثانية الفرنسية، وبقيت هناك ستة أشهر، لكني قررت أكمال دراستي الجامعية، فتركت فرنسا الى الاردن ودرست خمسة أعوام في جامعة اليرموك الأردنية، وبعدها مباشرة، ودون العودة الى العراق، غادرت الى السويد حيث أقيم منذ ربع قرن تقريباً.
وتابع سلام : من المؤلم، أني لم أزر بلدي العراق، إلاَّ في مؤتمر الكفاءات الرياضية الذي جرى في بغداد خلال العام الماضي، بعد أن تلقيت مع عدد كبير من نجوم اللعبة القدامى دعوة من وزارة الشباب والرياضة لحضور هذا المؤتمر، الذي كان عرساً رياضياً ووطنياً حقيقياً لن أنساه مهما حييت.
وقبل أن يختتم سلام علي حديثه لـ"موبعيدين" أشار الى أمور حياتية وخصوصية عديدة، منها علاقته بأولاده الأربعة، وحبه للشعر، والغناء، وخاصة أغاني الفنان الكبير كاظم الساهر، كما تحدث عن فرق الناشئة الكروية الأربعة التي إستضافتها الجمعية العراقية السويدية التي هو أحد أعضائها، والتي منحت فرصة الإستضافة خلال عامين متتاليين لفرق محتاجة فعلاً، وتم إستضافة ثلاثة فرق من مدينة الصدر، وفريق رابع من بغداد، والنية تتجه لدعوة فرق آخرى، ليس في مجال كرة القدم فحسب، بل وفي ألعاب آخرى أيضاً.
ويقيناً ان تلك المباراة، لم تكن مثل أية مباراة رياضية أخرى، إذ كانت حدثاً رياضياً، ووطنياً، وتاريخياً بارزاً في حياة الشعب العراقي.
ففوز شبابنا في تلك المباراة، وحصوله على كأس آسيا للشباب، أمر لم يكن هيناً قطعاً، كما ان ذلك الفوز منح الكرة العراقية دفعة معنوية عالية.
واليوم إذ نتذكر تلك المباراة، فإننا نتذكر معها واحداً من نجوم تلك البطولة، وفارساً من فرسانها الذهبيين، إنه سلام علي حارس مرمى منتخب الشباب العراقي وصمام أمانه.
ولعل الغياب الطويل لهذا الحارس العملاق عن المشهد الرياضي بعد تلك البطولة بسنة أو سنتين تقريباً، وهو لم يزل في ريعان الشباب أعطى أهمية إستثنائية لهذا اللقاء.
"موبعدين" راح يبحث عن هذا الحارس الذهبي فاكتشف انه يقيم في السويد منذ ربع قرن تقريباً. فأستضافه البرنامج في حلقة هذا الأسبوع ليتحدث عن سبب غيابه الطويل عن المشهد الرياضي، وعن تفاصيل مهمة لم يرد ذكرها من قبل وجرت في مباراة نهائي شباب آسيا عام 1977، كما يحدثنا عن المناخ الرياضي والسياسي المتداخل حينذاك، فضلاً عن تسليط الضواء على بدايته الكروية، ونشاطاته الحالية.
يقول سلام: كانت أصوات الجمهور الإيراني الذي حضر المباراة النهائية في ملعب آريامهر تضرب بقوة في رؤوسنا وآذاننا، فتخلع قلوبنا خلعاً، لاسيما وأننا لم نعتد على مثل هذه الأجواء من قبل، فبعضنا جاء من الملاعب الشعبية مباشرة، أو من فرق الناشئين، وبعضنا لم تتح له الفرصة لخوض مثل تلك المباراة الكبيرة من قبل، وكم كان الأمر مخيفاً لنا، حين علمنا، ونحن في غرفة تبديل الملابس، أي قبل خروجنا الى الساحة بلحظات، أن أكثر من مائة ألف متفرج قد حضروا منذ الصباح، وإن إبن الشاه شخصياً حاضر في الملعب، وأن تلفزيون ينقل المباراة على الهواء ليشاهده العراق والعالم كله.
وفي ظل هذا الجو "المرعب" مرَّ علينا الأستاذ مؤيد البدري، الذي حضر ليعلق على المباراة، فوجدني أسرَّح شعري فذهل وقال: "شدتسوي....سلام؟ فاجبته "مثل ما دتشوف استاذ...أسرِّح شعري، لكي يظهر حلواً ومرتباً أمام الناس. فضحك البدري وهز يده ومضى، والحقيقة إني أردت بهذه التسريحة أن أكسر حاجز الخوف والرعب في نفسي، وفي نفوس زملائي اللاعبين أيضاً، إذ من المؤكد أن اللاعب الذي يسرِّح شعره قبل هذه المباراة المصيرية بلحظات هو قوي القلب، وصلب المعنويات، وواثق من قدراته، وقدرات فريقه، أضف الى ذلك أني أردت فعلاً لشعري الطويل أن يبدو جميلاً ومرتباً خاصة وإن المباراة كانت منقولة تلفزيونياً، وأن ملايين الناس سيروني.
ويكمل سلام حديثه عن المباراة بالقول: لا أريد أن أتحدث عن سير المباراة، فالجمهور شاهدها عبر شاشات التلفزيون، لكني أود فقط أن أوجز تأثير هذه النتيجة على الجمهور الإيراني، وخصوصاً على إبن الشاه، الذي رفض، وهو راعي المباراة، أن يقلد المنتخب العراقي الميداليات الذهبية، بل ورمي الكيس الذي فيه الميداليات الذهبية على كابتن الفريق العراقي أياد محمد علي، وخرج غاضباً منزعجاً من الملعب.
والملاحظة الأخرى التي وردتنا في اليوم الثاني، والتي لم يقلها أحد، هي أن الصدمة العنيفة قد سببت مشكلة صحية كبيرة لإبن الشاه، إذ سقط فاقدا الوعي بعد المباراة بساعات قليلة، ونقل بطائرة خاصة الى سويسرا لتلقي العلاج.
أما عن بداياته الكروية فيقول سلام علي: لقد بدأت حياتي الرياضية في الساحات الشعبية لمنطقة الزعفرانية، حيث كنا نعيش وقد أكتشف أخي الكبير جبار موهبتي في حراسة المرمى، وهو لاعب درجة أولى، فلعبت لفريق الزيوت النباتية، ونادي العمال، ونادي الأمانة، ومنتخب الناشئين، ثم منتخب الشباب الذي فزت معه ببطولة آسيا للشباب.
ويستذكر بحب وتقدير اواسط السبعينيات الفريق العزيز على نفسه: فريق النجوم الشعبي في منطقة الزعفرانية، الذي كان يتبارى مع فريق الدراويش وكانت المباريات بين هذين الفريقين مثار إهتمام الجمهور في الزعفرانية، لأن كل منهما كان يمثل بشكل او آخر اتجاها سياسيا معروفا.
وفي مفصل آخر من اللقاء يكمل سلام علي حديثه ويقول: غادرت العراق وأنا في الثانية والعشرين مكرهاً لا بطل، بعد أن إزدادت ضغوط السلطة عليَّ وعلى أفراد عائلتي خاصة وإن عائلتي كانت معروفة بتعاطفها الفكري مع أحد الأحزاب السياسية، كما اني لن أنسى الموقف الذي كان، برأيي، سبباً رئيسياً وراء مغادرتي العراق، وتركي الملاعب، وتحديداً يوم حضر الى ملعب الشعب كريم الملا وزير الشباب في ذلك الوقت، لرعاية مباراة منتخب الشباب ونادي "تسه أيسكا" السوفيتي، وعندما وصل الوزير لمصافحتي ضمن بقية اللاعبين، سأل الوزير الكابتن أياد محمد علي بصوت عال قائلاً: "ها أياد هذا سلام ما صار بعثي؟". فأجابه أياد بابتسامه "لا أستاذ" فرد الوزير "إذاً فلتكن هذه المباراة آخر مباراة له في الملاعب العراقية". وفعلاً فقد كانت هذه المباراة آخر مباراة لي، إذ غادرت بعدها الى باريس، وتعاقدت مع احد أندية الدرجة الثانية الفرنسية، وبقيت هناك ستة أشهر، لكني قررت أكمال دراستي الجامعية، فتركت فرنسا الى الاردن ودرست خمسة أعوام في جامعة اليرموك الأردنية، وبعدها مباشرة، ودون العودة الى العراق، غادرت الى السويد حيث أقيم منذ ربع قرن تقريباً.
وتابع سلام : من المؤلم، أني لم أزر بلدي العراق، إلاَّ في مؤتمر الكفاءات الرياضية الذي جرى في بغداد خلال العام الماضي، بعد أن تلقيت مع عدد كبير من نجوم اللعبة القدامى دعوة من وزارة الشباب والرياضة لحضور هذا المؤتمر، الذي كان عرساً رياضياً ووطنياً حقيقياً لن أنساه مهما حييت.
وقبل أن يختتم سلام علي حديثه لـ"موبعيدين" أشار الى أمور حياتية وخصوصية عديدة، منها علاقته بأولاده الأربعة، وحبه للشعر، والغناء، وخاصة أغاني الفنان الكبير كاظم الساهر، كما تحدث عن فرق الناشئة الكروية الأربعة التي إستضافتها الجمعية العراقية السويدية التي هو أحد أعضائها، والتي منحت فرصة الإستضافة خلال عامين متتاليين لفرق محتاجة فعلاً، وتم إستضافة ثلاثة فرق من مدينة الصدر، وفريق رابع من بغداد، والنية تتجه لدعوة فرق آخرى، ليس في مجال كرة القدم فحسب، بل وفي ألعاب آخرى أيضاً.