روابط للدخول

خبر عاجل

حامد گعيد الجبوري..و"مراسيل الگلب" العاشق


حامد گعيد الجبوري
حامد گعيد الجبوري
لو تتبعنا مسيرة القصيدة الشعبية العراقية، ومررنا على تراث الأدب الشعبي بإبوذياته، وزهيرياته، وعتاباته، وموشحاته، ودارمياته، فسنجد الكثير من الشعراء الشعبيين العراقيين الذين بنوا قصيدة كاملة،أو موالاً سباعياً،أو حتى أبوذية، على بيت شعر فصيح كان قد أطلقه شاعر جاهلي قبل ألفي عام، أو أبدعه شاعر حديث وهو يقيم في باريس، أو لندن أو ربما يسكن في كوخ صغير في الشامية، أو ببيت طيني في معرَّة المعرَّي؟.

وكثيراً ماأبدع هؤلاء الشعراء في محاكاة، ومناجاة الفكرة الأصلية، فنجحوا بتفوق في الوصول الى الغرض الأساسي الذي قصده الشاعر الأول، فكم من قصيدة شعبية جميلة تولدَّت من خلال بيت شعر فصيح، وكم من فكرة صغيرة أستفاد منها الشاعر الشعبي، فصاغها بقالب جديد لا يقل جمالية وروعة عن قالب القصيدة الأصلية. واليوم إذ يمضي شاعرنا المبدع حامد گعيد الجبوري في ذات الطريق لكن بإتجاه مغاير، بحيث يحاكي الشاعر بشار بن برد من خلال بيته الشهير:

أذني لبعض الحي عاشقة....والأذن تعشق قبل العين أحيانا

وينجح في مناجاته، لكنه لا يتطابق معه في الرؤية. فشاعرنا الشعبي يبغي إشراك الحواس كلها في متع الحياة الجميلة، وإستثمار جمال الكون.

فتعالوا لنطَّلع على قصيدة "مراسيل الگلب" ولنرَ ما قاله الجبوري في رده على الشاعر الكبير بشار بن برد:

آنه مو بشار ويناغي الحبيب
وإنطه مفتاح الكلب بيد الإذان
عاشك وكلبي مراسيله تجيب
أعيوني وإذني وأيدي وإشفافي ولسان
***
إعضاي كلها أمفتحه وتمتلك عين
ع الجمال أمن الفجر تصحه وتطوف
أهناك ريم أتوجده وتندله زين
أتعينه وبالليل تُكنصله وتحوف
الروح تخفك تركض وتاخذني وين
الكلب أعمه وروحي بعيوني تشوف
حاير وولهان أكصد يا طبيب
ويا طبيب أبوصفته ينطي الضمان
حتى لو حنظل ومن ثغرك أطيب
ومن لُماك الحنظل العلتي أمان
***
آني أفتيلك حُكم أشرب الراح
وأغتصب قبلات من ثغر البدور
ودير كاسات الهنه الوجه الصباح
وخمرتك كاسرها من ماي الثغور
وأطفي كل الشمع وأخدود الملاح
تضوي وسراج الضوه أبنور النحور
وبالك أتصحي الفجر للعندليب
والبلابل تصحه وتعوف المكان
إكسر أخماريتك وزيد اللهيب
ومو حرام الخمره من ريج الحسان
***
تغبش الفراشه تتخير ورود
ورده بيضه وحمره تتطاير طرب
أتشم رحيق أبلهفه وتبوس الخدود
هذا خد ريان ذاك الخد عجب
تسكر وتتمايل أبمسج النهود
لا عسل يرويها لا بنت العنب
آنه فراشه تحوم أرضع حليب
ومن ثغور الورد أستلهم معان
والغصن من تهجره الورده يشيب
ويا غصن يقبل يهجره الأقحوان
***
أتشوفني شايب وأفعالي شباب
الروح خضره أتأكد أبكول وعمل
واليريد الورد يصبر للعذاب
والورد يندل مجامينه النحل
ما تهاب النحله لا شوكه وعذاب
المهم يرجع وبشليله العسل
لا تلوم أتأنب وتحسبها عيب
أيصير ضوك العسل فشله أبهل الزمان
أنت قانع وآنه راضي أبهل النصيب
والعمر لليحسبه لحظه وثوان
***
من أنام أبحضن محبوبي طفل
والطفل دللول من يغفه وينام
أيهزني شوكه وبمعانيه أنكتل
الروح ما تصبر وتنهضلَه قيام
ميت آنه ومن يواصلني عدل
المُـثله بالعشاك يحبيب حرام
هذا دستورك وإيمانك غريب
إلك يهوه وتذبحه أبوكت الأذان
راح آمِن واتبع عشك الصليب
أيقدسون المحب لا سيف وطعان
***
إذن طرشه أنطي للرايد يلوم
أبعقلي راضي والعقل ينعد نبي
آنه مو بيدي الكلب يهوه ويحوم
ومن أريد أمتنع يسبيني سبي
ردت أنصحه عاند وخاصم النوم
أيكول ديني الوصل والحب مذهبي
أحبسته جوه الضلع زاد أمن النحيب
والنحيب أيفرح أفلان وفلان
والشماته علكم وهو اللبيب
وبالدليل أقنعني وبحجته البيان
***
الله واعدنه أبخمر شبه الزلال
وحور عين أتباهي كل نور البدر
أهنا حرام الخمره و هناكه حلال
هي خمره والسكُر نفس السُكر
ربي خالقها وأتركها محال
ومن أعوف الغزل شيفيد الشعر
لو يخليلي ألف مية رقيب
أنه أنطيك العهد وأرهن رهان
أكسب آنه واليراهني يخيب
بالخمر والحور متروسه الجنان
***
وبعد هذه القصيدة الجميلة عن قلب الشاعر حامد الجبوري ومراسيله، يمكن لنا أن نجد أيضاً في حلقة هذا الاسبوع من "مواويل وشعر" عدداً غير قليل من الإبوذيات القديمة والجديدة.

المزيد في الملف الصوتي
XS
SM
MD
LG