روابط للدخول

خبر عاجل

أزمة تشكيل الحكومة في ظل استياء شعبي وعنف متجدد


المالكي وعلاوي في آخر لقاء ببغداد
المالكي وعلاوي في آخر لقاء ببغداد
واجَهَت عمليةُ تشكيل الحكومة ذات المخاض العسير عثرةً أخرى مع قرارِ وقف المباحثات بين كتلتين رئيسيتين في البرلمان الذي انتَخبَه العراقيون يوم السابع من آذار.
كتلةُ (العراقية) استنَدت في قرارِها تعليق الاجتماعات مع (دولة القانون) إلى تصريحاتِ زعيم هذه القائمة رئيس الوزراء نوري المالكي التي وصَف فيها الكتلةَ التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي بأنها "قائمة سنّية."
ولم يكد يمضي يوم على هذا الإعلان الذي زادَ من تعثّر ولادة الحكومة المرتقبة حتى استغلّ الإرهابُ الفراغَ السياسي في البلاد ليضرب المدنيين الأبرياء. وفي حصيلة لضحايا العنف المتجدد، أعلنت وزارة الصحة أن عدد القتلى في تفجير انتحاري عند مركز تجنيد في وسط بغداد الثلاثاء ارتفع إلى 47 قتيلا كما أصيب 77 شخصاً. وأضاف وكيل وزارة الصحة خميس السعد في تصريحاتٍ بُثت قبل الظهر أنه من غير المتوقع أن يرتفع عدد القتلى.
جرحى في المستشفى

كما نقلت رويترز عن مصدر في الجيش طلب عدم نشر اسمه أن انتحارييْن ربما يكونا نفّذا الهجوم الذي يحمل بصمات تنظيم القاعدة والجماعات المحلية المنتمية له.
من جهته، قال المواطن صالح عزيز وهو أحد المجنّدين الذين أصيبوا جراء الانفجار الذي وقع بالقرب من مقر وزارة الدفاع القديمة في منطقة باب المعظم "..كنا واقفين في الميدان عندما انفجرت العبوة فجأة ..الشباب كلهم ماتوا ..أما أنا فقد سهّل الله..."
العنفُ تجدد في الأيام الأولى من رمضان مثلما توقّع محللون وقادة عسكريون أشاروا في تصريحاتٍ أخيرة إلى ما كان يُلاحَظُ تقليدياً في السنوات السابقة من زيادةٍ للهجمات خلال الفترة التي تسبق الشهر الفضيل أو في جزئه الأول.
وقبل ساعاتٍ من العنف المتجدد، كانت معظم التقارير الميدانية الواردة من العراق تركّّز على تفاصيل أحدث تطورات المشهد السياسي المتمثلة في وقف مباحثات (العراقية) مع (دولة القانون).
كتلةُ (العراقية) ذكرت أنها تطالب المالكي بالاعتذار للعراقيين "الذين صوّتوا للمشروع الوطني وليس للمشروع الطائفي."

وفي تعليقه على هذا الموضوع، قال النائب عبد الهادي الحساني العضو في (ائتلاف دولة القانون) لإذاعة العراق الحر الثلاثاء "..إن ما يرُاد هو تشكيل حكومة شراكة وطنية...وأن قائمة العراقية لم يُساء إليها بل يُنظر إليها باحترام كمكوّن مهم يشترك في العملية السياسية وهذا ما قاله رئيس الوزراء، ونحن الذين نطالبها بالاعتذار لأنها وصفت قائمتها الوحيدة بالوطنية..."

من جهتها، ردّت الناطق الرسمي باسم (العراقية) ميسون الدملوجي قائلةً "نحن لا نقول إن الوطنية محصورة علينا بالتأكيد ولكننا أقنعنا الكتل السكانية المختلفة من نينوى شمالاً وحتى البصرة جنوباً أقنعناها بالمشروع الوطني للعراقية وحصلنا على مقاعد في مختلف محافظات العراق..."

عمليةُ تشكيل الحكومة شهدت تطوراً آخر مع الدعوى القضائية التي رفَعتها مجموعة من منظمات المجتمع المدني ضد الرئيس المؤقت لمجلس النواب بهدف إنهاء الجمود السياسي.
الدعوى التي قدّمتها 11 منظمة إلى المحكمة الاتحادية العليا اتهمت رئيس السن لمجلس النواب فؤاد معصوم بتهمة "الخرق المتكرر والمتعمد للدستور ابتداء من رفع جلسة البرلمان الافتتاحية مما تسبب في عدم انتخاب الرئاسات السيادية الثلاث وتقويض العملية السياسية التي ينبغي أن تستند إلى مبدأ التداول السلمي للسلطة".
يذكر أن الجلسة البرلمانية الأولى عُقدت في حزيران الماضي لفترة عشرين دقيقة فقط. ومنذ ذلك الحين أُبقيت "مفتوحة" بسبب إخفاق الكتل البرلمانية في التوصل إلى اتفاق على المناصب السيادية.

وفي عرضها لفحوى الدعوى القضائية، وصَفت وكالة فرانس برس للأنباء خطوة المنظمات بأنها "أحدث علامات الاستياء الشعبي المتزايد من النخبة السياسية في البلد المضطرب حيث الخدمات الأساسية والبنية التحتية لا تزال ضعيفة ومتهالكة".
من جهته، أقرّ معصوم بأن ترك الجلسة مفتوحة مخالف للدستور. ونُقل عنه القول إن "من حق المنظمات والمواطنين، رفع دعوى ضد اي شخص أو هيئة في العراق وهذا حق طبيعي يكفله الدستور."

وفي تحليله القانوني للدعوى، قال المحامي حسن شعبان الناشط في حقوق الإنسان لإذاعة العراق الحر "إن الموضوع به جانب سياسي أكثر مما هو قانوني لأسباب متعددة أبرزها أن رئيس السن المؤقت لمجلس النواب هو بهذه الصفة لكونه أكبر الأعضاء سنّاً وبالتالي لم يمتلك كل الأساس القانوني لرئيس المجلس الأصيل..وانحصرت مهمته في الحضور ورئاسة الجلسة لحين انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه..ومن هذه الزاوية فإن صفة الخصومة هنا غير متوفرة فيه ما يبرر رفع دعوى قضائية ضده..."

وفيما حرّكت مجموعة من منظمات المجتمع المدني قضيةَ تأخّر تشكيل الحكومة أمام القضاء تحدث مواطنون ومسؤولون محليون لإذاعة العراق الحر أيضاً عن أثر هذا التأخّر على الحياة اليومية.
مراسل إذاعة العراق الحر في محافظة صلاح الدين حسام الخطاب أجرى لقاءات مع عيّنة من أهالي قضاء الدجيل عبّروا فيها عن قلقٍ واستياءٍ شديديْن من النقص المستمر في خدماتٍ أساسية كالكهرباء وطالبوا أعضاء مجلس النواب الجديد والكيانات السياسية بالإسراع في اختيار الرئاسات الثلاث وتشكيل الحكومة.

أما قائمقام قضاء الدجيل محمد حسن محمود فقد أوضح مدى التأثير السلبي لتأخّر تشكيل الحكومة على "اتخاذ القرارات المركزية والمحلية في المحافظات والدوائر وكذلك على صعيد الخدمات." فيما أشار حميد سلوم أحمد رئيس المجلس البلدي لقضاء الدجيل إلى "نفاد صبر المواطن العراقي بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على إدلائه بصوته دون نتيجة تُذكر أو تحسّن ملحوظ في الوضعين الأمني والخدمي ناهيك عن تفشي البطالة."

وفي موازاة الضغوط الشعبية المعبّرة عن الاستياء من نقص الخدمات الأساسية، تحدث محللون سياسيون لإذاعة العراق الحر عن ضغوطٍ أخرى، إقليمية ودولية، تدعو للإسراع بتشكيل حكومة عراقية جديدة من أجل تعزيز الأمن والاستقرار.

مراسلة إذاعة العراق الحر في بغداد ليلى أحمد استطلعَت آراء أكاديميين ومعلّقين. وتحدث أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور عزيز جبر شيال عن الجهود الأميركية المكثّفة التي اعتبَرها "أمراً طبيعياً لأن الولايات المتحدة تجد نفسها ملزمة بالحفاظ على صورتها في المنطقة وسعيها لإنجاح مهمتها في أفغانستان."

من جهته، ذكر أستاذ الصحافة في كلية الإعلام بجامعة بغداد الدكتور هاشم حسن أن السياسيين العراقيين "يتعرضون لضغوط خارجية شتى سواء من إيران أو تركيا أو الدول العربية، والأهم من ذلك الولايات المتحدة التي تعد نفسها راعية للعملية السياسية في العراق".

وفي تعليقه على هذا الموضوع تحديداً، أشار الصحفي حسن كامل إلى الجهود الدبلوماسية المكثّفة التي بذلها مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان خلال سلسلة المحادثات الأخيرة التي أجراها في بغداد وأربيل مع مسؤولين وزعماء عراقيين.

مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي الذي يتضمن مقابلات مع مواطنين وسياسيين ومسؤولين ومحللين وخبراء، وساهم في إعداده مراسلا إذاعة العراق الحر في تكريت حسام الخطاب، وفي بغداد ليلى أحمد.
  • 16x9 Image

    ناظم ياسين

    الاسم الإذاعي للإعلامي نبيل زكي أحمد. خريج الجامعة الأميركية في بيروت ( BA علوم سياسية) وجامعة بنسلفانيا (MA و ABD علاقات دولية). عمل أكاديمياً ومترجماً ومحرراً ومستشاراً إعلامياً، وهو مذيع صحافي في إذاعة أوروبا الحرة منذ 1998.
XS
SM
MD
LG