لا يأتي ذكر سعيد قزاز ، آخر وزير داخلية في العهد الملكي ، عهد ايام الخير، حتى يتذكر القوم كلماته الأخيرة في محكمة الشعب ، او كما تعرف بمحكمة فاضل المهداوي قبل ان يصدر حكم الإعدام في حقه. وقف منتصبا امام اعضاء المحكمة و قال انا اعرف انكم ستصدرون حكم الأعدام علي، و لكنني عندما سأصعد المشنقة سأرى تحت قدمي اناسا لا يستحقون الحياة. خلدت هذه الكلمات في اذهان المثقفين العراقيين و اصبحت نصا من النصوص الخالدة في سجل الأدب السياسي العربي المعاصر. حتى قيل ان كامل الجادرجي زعيم حزب الوطن الديمقراطي قال يوما ان بطل 14 تموز الحقيقي لم يكن عبد الكريم قاسم ، ولا عبد السلام عارف و لا اي احد من الضباط . البطل الحقيقي كان سعيد قزاز ، قائل هذه الكلمة الشهيرة ، عندما سأصعد المشنقة سأرى تحت قدمي اناسا لا يستحقون الحياة . آه و ما اصدق ما قال.
لقد دفع بأعدامه ثمن اخلاصه و صرامته في التمسك بالقانون و حماية صرح النظام الذي أأتمنه و عهد اليه بصيانة وحدة البلاد و استقرارها و مضيها في التجديد و البناء و الأعمار بشعار " العراق في انتقال." لم يتخاذل في اداء واجبه ولا في تحدي المحكمة الخرقاء التي شكلت لمحاكمة من اخلصوا في اداء واجبهم و تمسكوا بنزاهة الوظيفة. سمع بأن زوجته ، السيدة زكية، كانت تحاول الالتقاء بعبد الكريم قاسم ، الزعيم الأوحد، لتسترحم منه في العفو عنه واستبدال حكم الاعدام بالسجن . ما ان سمع بمحاولتها حتى استدعاها و حذرها من ان تذل نفسها و تذل زوجها بالتوسل و التخضع للحكومة. لم يتركها تخرج من سجنه حتى جعلها تقسم بالله العظيم الا تفعل ذلك و لا تذهب و تتوسل للعفو عنه.
على كل قوته و شجاعته ، فأنه كان رجلا متواضعا جدا. كان من الوزراء القلائل ، و ربما الوزير الوحيد الذي جعل مكتبه مفتوحا للجمهور ، يدخله كل من شاء و يعرض عليه شكواه او مشكلته. و ينظر في امرها.
و لكنني سمعت من صديقي رجل الأعمال العراقي محمد سعيد خفاف الذي كان يعرف سعيد قزاز معرفة شخصية انه كان من اكثر المسؤولين تواضعا. اعتاد على زيارة مسقط رأسه مدينة السليمانية . و كلما زارها عرج على ديوخانة التاجر الحاج ابراهيم ، والد صديقي ابو كاوة. كان يأتي مع عمه عندما كان موظفا صغيرا و يجلس عند الباب ، بعيدا عن صدر المجلس. و لكنه عندما استلم منصبه الجديد ، وزيرا للداخلية في وزارة نوري السعيد ، و دخل الى الديوخانة ، اسرع الحاج ابراهيم الى اخلاء المقعد المجاور له في صدر المجلس احتراما له كوزير في الحكومة . و اشار عليه ان يتقدم و يجلس على التخت بجانبه. و لكن معالي الوزيررفض ان يتقدم على الآخرين. و قال انا و الكاكا عمي كنا نزورك دائما و كلما اجي للسليمانية. و نقعد دائما بصف الباب. يعني لأنه آني صرت وزير لازم اغير مكاني و اتصدر على العالمين؟ لا كاكا لا. انا و عمي راح نستمر انه كلما نزورك نقعد بعيد بصف الباب.
احترم الحاج ابراهيم رغبته و بقي سعيد قزاز يجلس بجانب باب الديوخانة كلما جاء لزيارته. لم ينقص شي من احترامه و شخصيته ، بل جرى العكس. ازداد احتراما بين الناس كما ازداد عندي بعد ان استمعت لهذه الحكاية من صديقي ابو كاوة ، محمد سعيد خفاف .
عندما كنت في بغداد بعد انقلاب 14 تموز، كلمني المستر وارنر ، احد المهندسين البريطانيين الموكلين ببناء المسرح الوطني العراقي عندئذ فقال لقد قتلتم هذا الرجل نوري السعيد. و لكن اسمع مني. سيأتي يوم يندم العراقيون فيه على ما فعلوا و يقيمون تمثالا له في اكبر ميادين بغداد. اود ان اقول نفس الشيء بالنسبة لسعد قزاز. سيأتي يوم يقيم الكرد له تمثالا في وسط مدينة السليمانية، كبطل من ابطال كردستان، يعتز به كل عراقي ، كرديا كان او عربيا.
ألمزيد في الملف الصوتي
لقد دفع بأعدامه ثمن اخلاصه و صرامته في التمسك بالقانون و حماية صرح النظام الذي أأتمنه و عهد اليه بصيانة وحدة البلاد و استقرارها و مضيها في التجديد و البناء و الأعمار بشعار " العراق في انتقال." لم يتخاذل في اداء واجبه ولا في تحدي المحكمة الخرقاء التي شكلت لمحاكمة من اخلصوا في اداء واجبهم و تمسكوا بنزاهة الوظيفة. سمع بأن زوجته ، السيدة زكية، كانت تحاول الالتقاء بعبد الكريم قاسم ، الزعيم الأوحد، لتسترحم منه في العفو عنه واستبدال حكم الاعدام بالسجن . ما ان سمع بمحاولتها حتى استدعاها و حذرها من ان تذل نفسها و تذل زوجها بالتوسل و التخضع للحكومة. لم يتركها تخرج من سجنه حتى جعلها تقسم بالله العظيم الا تفعل ذلك و لا تذهب و تتوسل للعفو عنه.
على كل قوته و شجاعته ، فأنه كان رجلا متواضعا جدا. كان من الوزراء القلائل ، و ربما الوزير الوحيد الذي جعل مكتبه مفتوحا للجمهور ، يدخله كل من شاء و يعرض عليه شكواه او مشكلته. و ينظر في امرها.
و لكنني سمعت من صديقي رجل الأعمال العراقي محمد سعيد خفاف الذي كان يعرف سعيد قزاز معرفة شخصية انه كان من اكثر المسؤولين تواضعا. اعتاد على زيارة مسقط رأسه مدينة السليمانية . و كلما زارها عرج على ديوخانة التاجر الحاج ابراهيم ، والد صديقي ابو كاوة. كان يأتي مع عمه عندما كان موظفا صغيرا و يجلس عند الباب ، بعيدا عن صدر المجلس. و لكنه عندما استلم منصبه الجديد ، وزيرا للداخلية في وزارة نوري السعيد ، و دخل الى الديوخانة ، اسرع الحاج ابراهيم الى اخلاء المقعد المجاور له في صدر المجلس احتراما له كوزير في الحكومة . و اشار عليه ان يتقدم و يجلس على التخت بجانبه. و لكن معالي الوزيررفض ان يتقدم على الآخرين. و قال انا و الكاكا عمي كنا نزورك دائما و كلما اجي للسليمانية. و نقعد دائما بصف الباب. يعني لأنه آني صرت وزير لازم اغير مكاني و اتصدر على العالمين؟ لا كاكا لا. انا و عمي راح نستمر انه كلما نزورك نقعد بعيد بصف الباب.
احترم الحاج ابراهيم رغبته و بقي سعيد قزاز يجلس بجانب باب الديوخانة كلما جاء لزيارته. لم ينقص شي من احترامه و شخصيته ، بل جرى العكس. ازداد احتراما بين الناس كما ازداد عندي بعد ان استمعت لهذه الحكاية من صديقي ابو كاوة ، محمد سعيد خفاف .
عندما كنت في بغداد بعد انقلاب 14 تموز، كلمني المستر وارنر ، احد المهندسين البريطانيين الموكلين ببناء المسرح الوطني العراقي عندئذ فقال لقد قتلتم هذا الرجل نوري السعيد. و لكن اسمع مني. سيأتي يوم يندم العراقيون فيه على ما فعلوا و يقيمون تمثالا له في اكبر ميادين بغداد. اود ان اقول نفس الشيء بالنسبة لسعد قزاز. سيأتي يوم يقيم الكرد له تمثالا في وسط مدينة السليمانية، كبطل من ابطال كردستان، يعتز به كل عراقي ، كرديا كان او عربيا.
ألمزيد في الملف الصوتي