يشن حزب العمال الكردستاني التركي المعروف باسم بي كي كي هجمات داخل المدن التركية بينما تنشر تركيا قوات على طول الحدود مع العراق مما يشير إلى احتمال توغل قريب داخل أراضي شمال العراق.
ولكن ما هو موقف حكومتي بغداد وإقليم كردستان من هذه التطورات؟
آخر توغل تركي حدث في شباط من عام 2008 وقال رئيس المؤسسة العسكرية التركية إلكر باسبوغ يوم الاثنين الماضي الثاني والعشرين من حزيران إنه لا يستبعد توغلا بريا جديدا لملاحقة الانفصاليين الأكراد.
هذا وأشارت الأنباء إلى قيام تركيا بنشر قوات خاصة وقوات مشاة مدرعة في مواقع جبلية على الحدود.
في هذه الأثناء يواصل الانفصاليون شن هجماتهم داخل المدن ونوه رئيس وزراء تركيا رجب طيب اوردغان في العشرين من حزيران إلى احتمال شن عمليات عسكرية ضد الانفصاليين إذ قال: " سيجفّون داخل مستنقعاتهم وسيغرقون في دمائهم. لم ولن نخضع للترهيب على الإطلاق. لم نتخل عن الأمل على الإطلاق ولن نفعل. لم نستسلم لموجة العنف على الإطلاق ولن نفعل في المستقبل ".
المثير في الأمر هو أن الطائرات التركية طالما قصفت مواقع حزب بي كي كي في شمال العراق دون أن يؤدي ذلك إلى إثارة ردود فعل قوية لا من جانب بغداد ولا حتى من جانب حكومة إقليم كردستان.
والآن مع احتمال توغل تركي جديد في أراضي الإقليم يشير بعض المحللين إلى ما وصفوه باتفاقات سرية بين الأطراف المعنية ضد حزب بي كي كي، شريطة ألا تتوغل تركيا ابعد مما يجب.
في الوقت نفسه تدعو التحركات العسكرية الإيرانية الأخيرة ضد متمردي حزب بيجاك، تدعو إلى الاعتقاد بأن هناك اتفاقا بين قادة بغداد وأربيل مع قادة طهران بشأن التعامل مع الانفصاليين.
أما الانطباع النهائي فهو أن قادة بغداد والإقليم يغضون النظر كما يبدو عن شؤون السيادة ما دامت دول الجوار تقوم بما يلزم إزاء خصم مشترك، وهذا هو ما نفهمه من حديث خبير الشؤون التركية في مجموعة الأزمات الدولية هاغ بوب لإذاعة العراق الحر، إذ قال: " يعود هذا إلى زمن بعيد، إلى ثمانينات القرن الماضي، في فترة حكم نظام صدام حسين. كان هناك نوعا مشابها من التفاهم والاتفاقات بطريقة تسمح لتركيا بمعالجة مشاكل التمرد من خلال مهاجمة قواعد الانفصاليين الأكراد في شمال العراق. وتاريخيا، كانت تركيا تتعاون أحيانا مع إيران وأحيانا تتهمها بمساعدتهم. أما الآن فيبدو أن هناك تعاونا مع إيران ".
هذا ويرفض المسؤولون في بغداد وفي الإقليم التعليق على وجود مثل هذه الاتفاقات مع تركيا أو إيران.
وكان رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني قد زار تركيا في الثاني من حزيران لمناقشة ما وصفته المصادر بأنه "قضايا أمنية" والتقى في أنقرة برئيس الوزراء رجب طيب اوردغان وبالرئيس عبد الله غل إضافة إلى وزير الخارجية احمد داوود اوغلو.
خبير الشؤون التركية بوب أوضح أن الأمر يتعلق هنا باتفاقات سرية أكثر منها معلنة وأوضح: "عادة ما يكون أي اتفاق بشأن قضايا تتعلق بالمقاتلين الأكراد سريا وعادة ما يتم بين أجهزة المخابرات والمؤسسات العسكرية في الدول المعنية. في فترة ما كان هناك تعاون سوري إيراني تركي معلن في هذا الشأن غير أن هذا الطابع العلني لم يلاحظ على مدى السنوات السابقة لذا أعتقد أن الأمور تتم بشكل سري بين القوات المسلحة ووكالات المخابرات في الدول المعنية ".
بوب أوضح أيضا أن مثل هذه الاتفاقات السرية تكون عادة محكومة بفترة زمنية معينة: " هذه تحالفات تأتي ثم تمضي. غير أن الشئ الوحيد الثابت في طريقة تعامل الدول الإقليمية مع القضية الكردية هو أنها كلها تميل إلى تفضيل القمع. مرت فترات قامت فيها دولة بدعم متمردين أكراد ضد دولة أخرى غير أنني اعتقد أن الوضع ليس كذلك الآن ".
يشار إلى أن حزب بي كي كي تأسس في نهاية سبعينات القرن الماضي كمنظمة انفصالية تقاتل من اجل استقلال جنوب شرق تركيا وأودى الصراع بحياة أكثر من 40 ألف شخص اغلبهم من الأكراد.
يشار أيضا إلى أن الأمم المتحدة والولايات المتحدة وحلف شمالي الأطلسي – النيتو والاتحاد الأوربي يعتبرون حزب بي كي كي منظمة إرهابية وهو ما يسمح، على صعيد القانون الدولي، بأن تعقد الدول اتفاقات بينها تتيح لأجهزة الشرطة والجيش في دولة معينة بملاحقة مجرمين هاربين أو مقاتلين أو إرهابيين في دولة أخرى.
المزيد من التفاصيل في الملف الصوتي المرفق.