استعادت شوارع الاعظمية وازقتها، مظاهر الاحتفال والفرح بذكرى المولد النبوي، الذي كانت تشتهر به على مدى عقود، قبل ان تنحسر تلك المظاهر بعد 2003. ويأخذ الاحتفال بالمولد النبوي في هذه المنطقة اشكالا مختلفة. فمن رفع لافتات الاحتفال، وتزيين الشوارع بالمصابيح الملونة، الى توزيع الحلوى والطعام على جموع الوافدين للاعظمية، والسهر حتى ساعات الفجر الاولى على اصوات المدائح النبوية والاهازيج الشعبية التي يرددها الرجال والنساء والاطفال في طقس مميز، وبحضور طاغ ٍ للشموع وأغصان ألآس والزهور.
ويتحول جسر الأئمة الرابط بين الشقيقتين الاعظمية والكاظمية عبر دجلة الخير الى درب يعج بآلاف الزائرين والمحتفلين فوق النهر ، ويستعيد بعض الاعظميين ما تعلموه في طفولتهم من تغن ٍ بمدينتهم وتوأمتها الكاظمية فيقول الشاعر
الاعظمية علم ٌ وتقوى تحت تربتها
متى نـراه ُعلى الآفـاق ِ مزدانا
والكاظمية عبرَ الجسـر شامخة
موسى بن جعفر بالأنوار يلـقانا
كسر المحتفلون في الاعظمية بالمولد النبوي، هذا العام، حاجز الخوف من عمليات استهداف التجمعات البشرية، كما حصل اثناء زيارات ومناسبات عدة خلال السنوات الاخيرة. واستعاد البغداديون تجمعهم في الاعظمية بهذه المناسبة، مرتدين اجمل أزيائهم، ومشاركين بعضهم البعض مظاهر الفرح والاحتفال.
ويرجع باحثون تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي الى اواخر العهد العباسي، عندما بدأ المسلمون الاحتفال بهذه المناسبة على نطاق واسع في عدد من المدن العراقية. وتمتاز الاعظمية بكثافة الاحتفالات عند مسجد الامام أبي حنيفة النعمان وحوله. وتشير بعض المصادر الى ان اهل بغداد اعتادوا منذ قرون على التجمع في الاعظمية ليلة المولد النبوي الشريف ويومه. وقد اوقف محسنون الكرود والاراضي الزراعية، منها اوقاف خليل باشا في الصليخ، لانفاق وارداتها على الاحتفالات وعلى اعداد الطعام للزوار والمحتفلين بالمولد النبوي الشريف، في جامع الامام الاعظم.
وكان المشرفون على تلك الاحتفالات يعدون الطعام في مبنى [كلية الامام الاعظم] لينقل بعد ذلك في اربعة قدور كبار [صفريات]، لتسلم الى مخاتير المحلات الاربع في الاعظمية، ليوزعوها على بيوت اهل المحلة. كما ان بعض الزوار من مناطق بغداد الاخرى كانوا ياخذون شيئا من الطعام الى بيوتهم.
في عام 1872 نشرت جريدة [الزوراء] البغدادية خبراً عن احتفالات المولد النبوي بما نصه: [بناءً على العادة المستحسنة الجارية من قراءة المولد النبوي الشريف في جامع رئيس مذاهب أهل السنة والجماعة لحضرة الامام الاعظم، والهمام الاقدم، في كل شهر ربيع الاول من كل سنة، فكذلك نهار امس وهو يوم الاثنين، دعيت كافة مأموري الملكية والعسكرية، وتعطلت الدوائر في اليوم المذكور. وقد قرىء المولد الشريف بكمال الادب والاحترام. فتنورت قلوب الناس مجتمعة، وانجلت مرآيا ابصارها. وبعد القراءة اجريت الضيافة المكملة من دائرة الاوقاف على المعتاد].
وفي عهد الاحتلال الانكليزي نشرت جريدة [العرب] وصفاً للاحتفال قالت فيه: [ما كادت تبزغ شمس الاثنين 12 ربيع الاول حتى هرع الناس لمشاهدة الاحتفال الذي يقام في الاعظمية. اعاد الله هذا اليوم ويزيد في تبجيل اسم سيدنا محمد (ص) على الامة الاسلامية].
اما في العهد الملكي فصارت الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف تأخذ نمطاً آخر، بتنظيم الاحتفال، وتوجيه الدعوات الى كبار المسؤولين في الدولة، ورجال الصحافة، ووجهاء المجتمع، مع إعداد منهاج خطابي، وتلاوة المناقب النبوية الشريفة باصوات كبار قراء المقام،والموشحات الدينية.
وفي العهد الجمهوري، وفي ستينات القرن العشرين، بلغت الاحتفالات أوج انتظامها، ما دعا الحكومة، منذ ذلك الحين، الى احتضان الاحتفال، ونقل وقائع ليلة المولد عبر التلفزيون والاذاعة.
ويذكر الاعظميون كيف كانت تُستقبل الوفود من المحافظات والمدن العراقية الأخرى، إذ كانت تقام مآدب كبيرة في مساجد الاعظمية، التي تبقى مفتوحة حتى الصباح، لاستقبال الزوار والمحتفلين، وتقام حلقات الاذكار، والامداح النبوية، في جامع الامام الاعظم وبقية المساجد.
وجرت العادة على أن يتم في يوم المولد النبوي الشريف عرض بضع شعرات تنسب للرسول الكريم (صلعم) محفوظة منذ ايام العثمانيين، بحسب المعنيين، في خزانة مسجد ابي حنيفة النعمان، وهي لا تعرض إلاّ في يوم المولد، وليلة القدر، وفي ذكرى الاسراء والمعراج.
ومنذ عام 2003 والاعظمية تحتفل بذكرى المولد النبوي بشكل محدود، وليس كسائر السنين السابقة، وذلك بسبب تدهور الوضع الأمني، وتعرض عدد من احياء الاعظمية لاعمال عنف وارهاب، لكنها في هذا العام استعادت طقسها الاحتفالي بيوم المولد النبوي الشريف. وحرص المحتفلون ومن جميع انحاء بغداد على ان يزيلوا اثار العنف والدم، التي كادت ان تغير وجه المدينة الأصيل.
في حلقة هذا الاسبوع من [حوارات] نقلّب صفحات من أجواء الاحتفال بيوم المولد النبوي، وذكرياته، مع السيد قتيبة عماش، احد أبناء الاعظمية.
المزيد في الملف الصوتي
ويتحول جسر الأئمة الرابط بين الشقيقتين الاعظمية والكاظمية عبر دجلة الخير الى درب يعج بآلاف الزائرين والمحتفلين فوق النهر ، ويستعيد بعض الاعظميين ما تعلموه في طفولتهم من تغن ٍ بمدينتهم وتوأمتها الكاظمية فيقول الشاعر
الاعظمية علم ٌ وتقوى تحت تربتها
متى نـراه ُعلى الآفـاق ِ مزدانا
والكاظمية عبرَ الجسـر شامخة
موسى بن جعفر بالأنوار يلـقانا
كسر المحتفلون في الاعظمية بالمولد النبوي، هذا العام، حاجز الخوف من عمليات استهداف التجمعات البشرية، كما حصل اثناء زيارات ومناسبات عدة خلال السنوات الاخيرة. واستعاد البغداديون تجمعهم في الاعظمية بهذه المناسبة، مرتدين اجمل أزيائهم، ومشاركين بعضهم البعض مظاهر الفرح والاحتفال.
ويرجع باحثون تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي الى اواخر العهد العباسي، عندما بدأ المسلمون الاحتفال بهذه المناسبة على نطاق واسع في عدد من المدن العراقية. وتمتاز الاعظمية بكثافة الاحتفالات عند مسجد الامام أبي حنيفة النعمان وحوله. وتشير بعض المصادر الى ان اهل بغداد اعتادوا منذ قرون على التجمع في الاعظمية ليلة المولد النبوي الشريف ويومه. وقد اوقف محسنون الكرود والاراضي الزراعية، منها اوقاف خليل باشا في الصليخ، لانفاق وارداتها على الاحتفالات وعلى اعداد الطعام للزوار والمحتفلين بالمولد النبوي الشريف، في جامع الامام الاعظم.
وكان المشرفون على تلك الاحتفالات يعدون الطعام في مبنى [كلية الامام الاعظم] لينقل بعد ذلك في اربعة قدور كبار [صفريات]، لتسلم الى مخاتير المحلات الاربع في الاعظمية، ليوزعوها على بيوت اهل المحلة. كما ان بعض الزوار من مناطق بغداد الاخرى كانوا ياخذون شيئا من الطعام الى بيوتهم.
في عام 1872 نشرت جريدة [الزوراء] البغدادية خبراً عن احتفالات المولد النبوي بما نصه: [بناءً على العادة المستحسنة الجارية من قراءة المولد النبوي الشريف في جامع رئيس مذاهب أهل السنة والجماعة لحضرة الامام الاعظم، والهمام الاقدم، في كل شهر ربيع الاول من كل سنة، فكذلك نهار امس وهو يوم الاثنين، دعيت كافة مأموري الملكية والعسكرية، وتعطلت الدوائر في اليوم المذكور. وقد قرىء المولد الشريف بكمال الادب والاحترام. فتنورت قلوب الناس مجتمعة، وانجلت مرآيا ابصارها. وبعد القراءة اجريت الضيافة المكملة من دائرة الاوقاف على المعتاد].
وفي عهد الاحتلال الانكليزي نشرت جريدة [العرب] وصفاً للاحتفال قالت فيه: [ما كادت تبزغ شمس الاثنين 12 ربيع الاول حتى هرع الناس لمشاهدة الاحتفال الذي يقام في الاعظمية. اعاد الله هذا اليوم ويزيد في تبجيل اسم سيدنا محمد (ص) على الامة الاسلامية].
اما في العهد الملكي فصارت الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف تأخذ نمطاً آخر، بتنظيم الاحتفال، وتوجيه الدعوات الى كبار المسؤولين في الدولة، ورجال الصحافة، ووجهاء المجتمع، مع إعداد منهاج خطابي، وتلاوة المناقب النبوية الشريفة باصوات كبار قراء المقام،والموشحات الدينية.
وفي العهد الجمهوري، وفي ستينات القرن العشرين، بلغت الاحتفالات أوج انتظامها، ما دعا الحكومة، منذ ذلك الحين، الى احتضان الاحتفال، ونقل وقائع ليلة المولد عبر التلفزيون والاذاعة.
ويذكر الاعظميون كيف كانت تُستقبل الوفود من المحافظات والمدن العراقية الأخرى، إذ كانت تقام مآدب كبيرة في مساجد الاعظمية، التي تبقى مفتوحة حتى الصباح، لاستقبال الزوار والمحتفلين، وتقام حلقات الاذكار، والامداح النبوية، في جامع الامام الاعظم وبقية المساجد.
وجرت العادة على أن يتم في يوم المولد النبوي الشريف عرض بضع شعرات تنسب للرسول الكريم (صلعم) محفوظة منذ ايام العثمانيين، بحسب المعنيين، في خزانة مسجد ابي حنيفة النعمان، وهي لا تعرض إلاّ في يوم المولد، وليلة القدر، وفي ذكرى الاسراء والمعراج.
ومنذ عام 2003 والاعظمية تحتفل بذكرى المولد النبوي بشكل محدود، وليس كسائر السنين السابقة، وذلك بسبب تدهور الوضع الأمني، وتعرض عدد من احياء الاعظمية لاعمال عنف وارهاب، لكنها في هذا العام استعادت طقسها الاحتفالي بيوم المولد النبوي الشريف. وحرص المحتفلون ومن جميع انحاء بغداد على ان يزيلوا اثار العنف والدم، التي كادت ان تغير وجه المدينة الأصيل.
في حلقة هذا الاسبوع من [حوارات] نقلّب صفحات من أجواء الاحتفال بيوم المولد النبوي، وذكرياته، مع السيد قتيبة عماش، احد أبناء الاعظمية.
المزيد في الملف الصوتي