لا يمكن الحديث عن سيرة المؤرخين العرب والعراقيين من أصحاب المناهج العلمية التحليلية دون الوقوف
عند اسم العلامة المؤرخ جواد علي صاحب كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، وهو يعد مع باقي مؤلفاته من أهم المراجع عربيا وعالميا في تناولها الشامل والموسوعي الدقيق لحقب مهمة في التاريخ.
وأشار المؤرخ سالم الالوسي انه جواد علي أرسى دعائم المنهج التحليلي في البحث التاريخي واثر على الأجيال التي أعقبته فقد كان مربيا فاضلا وأستاذا لأجيال من الباحثين والمؤرخين.
من جهته قال الباحث والمؤرخ رفعت عبد الرزاق ان جواد علي تميز عن غيره بتنقيبه عن الوثائق النادرة وتجرده من العواطف والعمل وفق المنهج التحليلي المقارب إلى منهجية المستشرقين الألمان.
ومما يذكر عن المؤرخ جواد علي انه في مرحلة الابتدائية الف كتابا بعنوان التاريخ العام أثار فيه استغراب الأهل والمعلمين آنذاك، ومن مواقفه النادرة والطريفة ايضا مناقشته الجريئة للزعيم الألماني هتلر في احدى المؤتمرات عندما كان مراسلا لصحف عراقية.
يصفه الباحثون بانه مؤرخ بعقل علمي فهو يشكك في أمور يعتبرها المؤرخون مقدسة معتمدا على الوثيقة والتعليل المنطقي والفقه الاستدلالي.
وطالب حضور الأمسية من باحثين ومختصين ومهتمين بأهمية إعادة طبع أعمال جواد علي وجمع ارثه الكتابي من مخطوطات وكتب فقدت او طبعت بشكل رديء.
وفي جلسة الاستذكار أعلنت مؤسسة المدى عن البدء بمشروع موسع لإعادة طبع كل أعماله بالاتفاق مع تلاميذه وبعض أفراد أسرته.
يشار إلى ان المؤرخ جواد علي ولد في العام 1907 وتوفي ببغداد عام 1987 وهو احد المؤسسين للمجمع العلمي العراقي، وفي ثلاثينيات القرن الماضي أرسلته الحكومة للدراسة في جامعة هامبورغ بالمانيا وحصل على الدكتورة بامتياز ليعمل بعد ذلك استاذا في الجامعات والمعاهد العراقية. ومن اهم مؤلفاته اصنام العرب وموارد تاريخ الطبري ومعجم ألفاظ المسانيد وتاريخ الصلاة في الإسلام مع العشرات من المؤلفات.
وقضى جواد علي السنوات الاخيرة من حياته معتكفا للبحث والكتابة والتنقيب عن الوثائق النادرة، بعد ان استأجر شقة صغيرة في شارع الرشيد مختليا بنفسه ومبتعدا عن الحياة العامة، بعد بحوثه المثيرة للجدل، ويعتبر العلامة جواد علي من الشخصيات البحثية عالميا كما وصفه المؤرخ العالمي توينبي.