بدا الصائغ يرسم طريقه الخاص ويكتشف قصيدته التي ما زال يلاحقها بعد ان نشر العديد من مجاميع منذ ثلاثة عقود ـ عدنان الصائغ واحد من اهم شعراء الحرب الذين أنجبهم جيل الثمانينات الشعري في العراق، عاش الحرب مثل إقرانه بكل تفاصيلها ولأنه يكره الحرب جداً قدر حبه للعصافير فقد كانت الحرب متشبثة به ربما لحاجة ماسة إلى من يكتب تأريخها السري غير ذلك التأريخ العلني الذي يدونه مزورو الحرب اي البحث عن الحياة وسط سخام الموت والدماروفي محطات الغربة المتتالية.
نقاد يرون شعر عدنان الصائغ مدهشا، بسيطا وعميقا وذا حس أنساني جارح. تحسب له مواظبته على الكتابة والنشر والحضور في منتديات شعرية عراقية ودولية تعطيه امتياز الحضور والانتشار ، ومؤخرا شارك الشاعر الصائغ ببعضٍ من قصائده في ليلة ثقافة عراقية تشيكية مميزة احتضنتها العاصمة براغ.
في الجزء الأول من الحوار استضيف الصائغ والشعر والمحبة العراقية، أهلا بكم.
العراق
العراقُ الذي يبتعدْ
كلما اتسعتْ في المنافي خطاهْ
والعراقُ الذي يتئدْ
كلما انفتحتْ نصفُ نافذةٍ..
قلتُ: آهْ
والعراقُ الذي يرتعدْ
كلما مرَّ ظلٌّ
تخيلّتُ فوّهةً تترصدني،
أو متاهْ
والعراقُ الذي نفتقدْ
نصفُ تاريخه أغانٍٍ وكحلٌ..
ونصفٌ طغاهْ
آياتٌ
نسختْ
آياتْ
وتريدُ لرأسِكَ أن يبقى
جلموداً
لا يتغيرُ والسنواتْ
* * *
يا هذا الفانْ
ولتنظرْ
كيف تحاورََ ربُّكَ والشيطانْ
أكثيرٌ أن تتعلمَ
كيف تحاورُ انسانْ
* * *
لا ناقوسَ
ولا مئذنةً
يا عبدُ -
لماذا
لا تسمع
ربَكَ
في
الناي
* * *
ربي
واحدْ
لا كاثوليكياً
لا بروستانتياً
لا سنياً
لا شيعياً
مَنْ جزّأهُ
مَنْ أوّلهُ
مَنْ قوّلهُ
من صنّفهُ
وفقَ مذاهبهِ،
ومطالبه
ودساتره
وعساكره
فهو الجاحدْ
ربي واحد
* * *
خلفاءٌ أربعةٌ
تركوا التاريخ
وراءَهمُ
مفتوحَ الفمْ
وبقينا، للآن، ننشّفُ عنهم
بقعَ الدمْ
عجبي..
كيف لنصٍّ
أن يُشغلَ بامرأةٍ تحملُ أحطاباً
ويغضَّ الطرفَ
لمَنْ سيؤولُ
الحكمْ
الى سيدة البنفسج
(1)
تجيئين مسكونةً بالهواجسِ
تفترشين حدائقَ قلبي
وتمضين للنهرِ…
قبلَ مجيءِ الصبياتِ
تغتسلين بماءِ حنيني
وأمضي أنا…
أمشّطُ غاباتِ شَعرِكِ
أركضُ خلفَ الفراشاتِ..
.. والحلمِ
ثم أعودُ وحيداً
أجوبُ الشوارعَ
أبحثُ تحتَ رذاذِ القصيدةِ
.. والمطرِ الحلوِ
عن شفتيكِ..!
وأشربُ نخبَ ضياعي اللذيذ
لماذا يطاردني الحزنُ
– حين أكونُ وحيداً –
بكلِّ الشوارعِ..
كلِّ الحدائقِ
والمكتباتِ…
وخلفَ زجاجِ المقاهي…
فأبحثُ عنكِ
وأسألُ كلَّ صبياتِ حارتنا
وأسألُ كلَّ العصافيرِ في غابةِ الوجدِ…
أسألُ حتى…
إذا أنتصفَ الليلُ.. يا حلوتي…
وأقفرتِ الطرقاتُ من الناسِ
وانطفأتْ في البيوتِ، المصابيحُ..
والهمساتُ
وعدتُ إلى غرفتي.. متعباً
خائبَ الخطوِ..
منطفئاً بالرياحْ
سوف تقحمُ نافذتي!
وتنامُ – كما الحلم –
بين القصيدةِ، والجفنِ
… حتى الصباحْ
من سيرة تأبط منفى
كيف لي
أن أتخلّصَ من مخاوفي
رباه
وعيوني مسمرةٌ إلى بساطيلِ الشرطةِ
لا إلى السماءِ
وبطاقتي الشخصية معي
وأنا في سريرِ النومِ
خشيةَ أنْ يوقفني مخبرٌ في الأحلام
خطوطُ يدي امحت من التشبّثِ بالريحِ والأسلاك
ومن العاداتِ السرّيةِ
مع نساء لا أعرفهن
التقطتهنَّ بسنّارةِ أحلامي من الشارع
وهذه الشروخ، التي ترينها ليستْ سطوراً
بل آثار المساطر التي انهالتْ على كفي
وهذه الندوب، عضات أصابعي
من الندم والغضب والارتجاف
فلا تبحثي عن طالعي في راحتي
- ياسيدتي العرافة -
ما دمتُ مرهوناً بهذا الشرقِ
فمستقبلي في راحات الحكام
(20/3/1990 كورنيش النيل- القاهرة)
نقاد يرون شعر عدنان الصائغ مدهشا، بسيطا وعميقا وذا حس أنساني جارح. تحسب له مواظبته على الكتابة والنشر والحضور في منتديات شعرية عراقية ودولية تعطيه امتياز الحضور والانتشار ، ومؤخرا شارك الشاعر الصائغ ببعضٍ من قصائده في ليلة ثقافة عراقية تشيكية مميزة احتضنتها العاصمة براغ.
في الجزء الأول من الحوار استضيف الصائغ والشعر والمحبة العراقية، أهلا بكم.
العراق
العراقُ الذي يبتعدْ
كلما اتسعتْ في المنافي خطاهْ
والعراقُ الذي يتئدْ
كلما انفتحتْ نصفُ نافذةٍ..
قلتُ: آهْ
والعراقُ الذي يرتعدْ
كلما مرَّ ظلٌّ
تخيلّتُ فوّهةً تترصدني،
أو متاهْ
والعراقُ الذي نفتقدْ
نصفُ تاريخه أغانٍٍ وكحلٌ..
ونصفٌ طغاهْ
آياتٌ
نسختْ
آياتْ
وتريدُ لرأسِكَ أن يبقى
جلموداً
لا يتغيرُ والسنواتْ
* * *
يا هذا الفانْ
ولتنظرْ
كيف تحاورََ ربُّكَ والشيطانْ
أكثيرٌ أن تتعلمَ
كيف تحاورُ انسانْ
* * *
لا ناقوسَ
ولا مئذنةً
يا عبدُ -
لماذا
لا تسمع
ربَكَ
في
الناي
* * *
ربي
واحدْ
لا كاثوليكياً
لا بروستانتياً
لا سنياً
لا شيعياً
مَنْ جزّأهُ
مَنْ أوّلهُ
مَنْ قوّلهُ
من صنّفهُ
وفقَ مذاهبهِ،
ومطالبه
ودساتره
وعساكره
فهو الجاحدْ
ربي واحد
* * *
خلفاءٌ أربعةٌ
تركوا التاريخ
وراءَهمُ
مفتوحَ الفمْ
وبقينا، للآن، ننشّفُ عنهم
بقعَ الدمْ
عجبي..
كيف لنصٍّ
أن يُشغلَ بامرأةٍ تحملُ أحطاباً
ويغضَّ الطرفَ
لمَنْ سيؤولُ
الحكمْ
الى سيدة البنفسج
(1)
تجيئين مسكونةً بالهواجسِ
تفترشين حدائقَ قلبي
وتمضين للنهرِ…
قبلَ مجيءِ الصبياتِ
تغتسلين بماءِ حنيني
وأمضي أنا…
أمشّطُ غاباتِ شَعرِكِ
أركضُ خلفَ الفراشاتِ..
.. والحلمِ
ثم أعودُ وحيداً
أجوبُ الشوارعَ
أبحثُ تحتَ رذاذِ القصيدةِ
.. والمطرِ الحلوِ
عن شفتيكِ..!
وأشربُ نخبَ ضياعي اللذيذ
لماذا يطاردني الحزنُ
– حين أكونُ وحيداً –
بكلِّ الشوارعِ..
كلِّ الحدائقِ
والمكتباتِ…
وخلفَ زجاجِ المقاهي…
فأبحثُ عنكِ
وأسألُ كلَّ صبياتِ حارتنا
وأسألُ كلَّ العصافيرِ في غابةِ الوجدِ…
أسألُ حتى…
إذا أنتصفَ الليلُ.. يا حلوتي…
وأقفرتِ الطرقاتُ من الناسِ
وانطفأتْ في البيوتِ، المصابيحُ..
والهمساتُ
وعدتُ إلى غرفتي.. متعباً
خائبَ الخطوِ..
منطفئاً بالرياحْ
سوف تقحمُ نافذتي!
وتنامُ – كما الحلم –
بين القصيدةِ، والجفنِ
… حتى الصباحْ
من سيرة تأبط منفى
كيف لي
أن أتخلّصَ من مخاوفي
رباه
وعيوني مسمرةٌ إلى بساطيلِ الشرطةِ
لا إلى السماءِ
وبطاقتي الشخصية معي
وأنا في سريرِ النومِ
خشيةَ أنْ يوقفني مخبرٌ في الأحلام
خطوطُ يدي امحت من التشبّثِ بالريحِ والأسلاك
ومن العاداتِ السرّيةِ
مع نساء لا أعرفهن
التقطتهنَّ بسنّارةِ أحلامي من الشارع
وهذه الشروخ، التي ترينها ليستْ سطوراً
بل آثار المساطر التي انهالتْ على كفي
وهذه الندوب، عضات أصابعي
من الندم والغضب والارتجاف
فلا تبحثي عن طالعي في راحتي
- ياسيدتي العرافة -
ما دمتُ مرهوناً بهذا الشرقِ
فمستقبلي في راحات الحكام
(20/3/1990 كورنيش النيل- القاهرة)