تُثير التطورات المتعلقة بملف إيران النووي مقارناتٍ في الإعلام الغربي مع حالة العراق قبل حرب 2003 التي نشبت بسبب الأدلة المتراكمة آنذاك عن أسلحة صدام للدمار الشامل.
وفي هذا السياق، تتساءل صحيفة (فايننشيال تايمز) اللندنية الثلاثاء عما إذا كان الكشف عن المنشأة النووية الإيرانية الثانية والتهديدات بفرضِ عقوباتٍ جديدة على طهران وغيرهما من أسباب التوتر التي سبقت محادثات جنيف الأخيرة بين إيران والقوى الدولية تذكّر بالأجواء التي سبقت توجيه الضربات العسكرية للعراق في آذار 2003. وعلى الرغم من التقدم الدبلوماسي الذي أُحرز الأسبوع الماضي على نحوٍ أبعَد احتمالات اللجوء إلى الخيار العسكري وخفّف من لهجة التصعيد المتبادَل بين جميع الأطراف إلا أن محللين غربيين وجدوا أوجُه تشابُه بين الحالتين.
وفي المقال المنشور تحت عنوان "ذكريات العراق تعود في الخلاف النووي الإيراني" بقلم رولا خلف، تقول (فايننشيال تايمز) إن هذه الذكريات سوف تتكرر في المرحلة المقبلة التي سيتعين على الأزمة الإيرانية أن تقطع خلالها شوطاً طويلا قبل الوصول إلى حلٍ يتجاوز الاتفاق المحدود الذي تحقق في جنيف الأسبوع الماضي.
وتضيف الصحيفة أن المشهد الذي سبَق حرب العراق في عام 2003 قد يتكرر في لعبة القط والفأر بين طهران ومفتشي الأمم المتحدة مع استمرار الخلافات في شأن شروط التفتيش التي ينبغي أن تخضع لها بعض المنشآت الإيرانية. وفي الأثناء، لن يتراجعَ الحديث عن فرض عقوبات اقتصادية مدمّرة على إيران أو تزولَ التهديدات بتوجيه ضربات عسكرية إسرائيلية. وعلى الرغم من الصعوبة التي يجدها عدة خبراء في التكهّن بما ستؤول إليه الأمور إلا "أن أطراف المواجهة والبيئة الدولية مختلفون فضلا عن أن الدروس المستنبطة من العراق مؤلمة على نحوٍ لا يمكن للغرب أن ينساها"، بحسب تعبير الصحيفة.
أحد هؤلاء الخبراء، وهو جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن، قال إن نهاية الأزمة الإيرانية ستكون مختلفة عن الحالة العراقية وذلك "لأن الجيش الأميركي ليست له نيّة في تكرار تجربة العراق مرة أخرى على الإطلاق"، بحسب تعبيره.
أما جون تشبمان مدير المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن فقد اعتَبر أنه بفضل تجربة العراق اكتسَبت الولايات المتحدة مهارةً أكبر في ردّ الفعل على لعبة إيران الدبلوماسية الأكثر تعقيداً. وفي توضيح هذا الرأي، يقول إن واشنطن استخدمت بذكاء المعلومات الاستخبارية التي جُمعت حول منشأة التخصيب الثانية قرب قُم لإحداث ضجة ووضع إيران في موقفٍ دفاعي وذلك مباشرةً قبل محادثات جنيف. وفي المقابل، يرى الخبير البريطاني أن قيادة النظام الإيراني هي أكثر حنكةً من صدام حسين الذي، كما علمنا بعد الحرب، تعمّد إبقاءَ الغموض بشأن أسلحته التدميرية الشاملة معتقِداً أن ذلك سوف يردع الغزو، بحسب تعبير تشبمان.
من جهته، قال محلل الشؤون الدولية عادل درويش في ردّ على سؤال لإذاعة العراق الحر بشأن المقارنات الجارية بين حالتيْ العراق وإيران إن الخيار العسكري يبدو الآن مرفوضاً من قبل القوى الغربية.
وأوضحَ درويش أن سبب رفض هذا الخيار يعُزى إلى ردّ إيران المحتمل على تعرّضها للهجوم بغلق مضيق هرمز الأمر الذي سيؤدي إلى تعطيل تدفق أربعين في المائة من النفط إلى دول العالم.
وفيما يتعلق بموقف إسرائيل، اعتبر درويش أن الظروف التي دفعت رئيس وزرائها الأسبق مناحيم بيغن إلى قرار قصف المفاعل النووي العراقي في عام 1981 تختلف عن ظروف رئيس حكومتها الحالية بينيامين نتنياهو. ذلك أن بيغن اتخذ قراه عشية الانتخابات الإسرائيلية آنذاك كي يضمن الفوز لولاية ثانية فيما لا يواجه نتنياهو حالياً أي أزمة سياسية داخلية تدفعه إلى "المغامرة" فضلا عن أنه يحبّذ أن تظهر إسرائيل بمظهر "الضحية" دون الاعتداء على إيران، بحسب تعبيره.
مزيد من التفاصيل في الملف الصوتي.