روابط للدخول

خبر عاجل

عشرات الأسر بلا مأوى بعد تجريف منازلها في كربلاء


بعد أن هدأت محركات الجرافات وانفض الناس الذين تجمعوا حولها وهي تهز أركانا واهنة راحت تنهار تلو بعضها، وجد رحيم مير مهدي ذو الأربعين عاما نفسه بلا مأوى.

ويقول رحيم إن "من لا يملك سكنا لا يمكن أن يعد إنسان"،ا ويدعو الحكومة العراقية "لحل مشكلة السكن للأسر التي لا تملك سكنا".
وقضى رحيم سنوات قلقة من عمره إثر اضطراره للتنقل من مكان لآخر بسبب ضغوط أمنية وسياسية، في زمن النظام السابق، قبل أن يستقر به المطاف في حي للبيوت العشوائية أو ما يعرف بحي التجاوز أسماه أصحابه حي الأمل تشبثا منهم بخيط من الأمل في مواجهة ظروف معيشية صعبة.
ويوضح رحيم بالقول إنه كان "يسكن محافظة الديوانية واضطر لتركها هربا من ملاحقة الأجهزة الأمنية لنظام صدام بعد أن تخلف عن الالتحاق بالجيش، ثم فضل السكن في منطقة البزول في كربلاء وبعدها في حي الأمل للسكن العشوائي بحثا وراء لقمة العيش".
لم يكن منزل المواطن رحيم وحده الذي التهمته الجرافات بعد أن قررت بلدية كربلاء بناء مركز صحي على الأرض التي شيد عليها المواطنون منازلهم العشوائية، فقد تجاوز عدد المتضررين من هذا الإجراء 80 أسرة كما يقول تيسير توفيق مختار حي الأمل العشوائي، الذي يضيف أن "ما يقرب من 400 شخص من مختلف الأعمار وجدوا أنفسهم بلا مأوى بعد تجريف منازلهم".
بعد تهديم منازل أكثر من ثمانين أسرة سارع الهلال الأحمر لتوزيع الخيام على تلك الأسر. ولكن هل تصلح الخيام سكنا لأطفال ونساء ورجال من مختلف الأعمار في ظل الصيف الحار، وعلى أبواب شتاء يحمل من البرد والعواصف والمطر، وما يفاقم مشكلة هذه الأسر أنها مسحوقة ماديا ولا تملك ما يخفف معاناتها.
ويقول احد العاملين في الهلال الأحمر نمير البصام إن "الأسر التي جرفت منازلها باتت تسكن في الخيام، وهو أمر محزن خصوصا في ظل الصيف وبالتزامن مع شهر رمضان".
مشكلة الأحياء العشوائية ليست جديدة بل هي برزت بعد 2003 وتزايدت، وصار كل من لا يملك سكنا ولا يجد نفسه قادرا ماديا على دفع بدلات الإيجار المرتفعة، يلجأ لتشييد منزل من الطين أو الصفيح في هذه الأحياء.
وشيد بعض هذه الأحياء في الساحات الخدمية بين المناطق، بينما شيد البعض الآخر على أطراف المدينة، ومن وقت لآخر تقوم بلدية كربلاء بإزالة عشرات المنازل من الأحياء العشوائية، التي يقول المسئولون المحليون إنها تشوه المدينة وتعيق خطط البناء والاعمار.
وعلى الرغم مما تسببه قرارات الإزالة العاجلة لمنازل المواطنين الساكنين في الأحياء العشوائية من أضرار مادية ونفسية ومعيشية لهذه الأسر، تقول بلقيس الشريفي رئيسة لجنة المهاجرين والمهجرين في مجلس المحافظة إن لجوء الحكومة المحلية لهذه القرارات يأتي اضطرارا بسبب الحاجة للمساحات التي شيدت فيها هذه الأحياء، وتضيف أن سبب إزالة المنازل في حي الأمل هو بهدف "إخلاء الأرض لتشييد مركز صحي في المنطقة".
أخيرا تعكس مشكلة المنازل العشوائية أزمة سكن يعاني منها العراق منذ سنوات طويلة طفت للسطح بعد 2003. لكن مشكلة الأحياء العشوائية ظلت بدون معالجات تراعي الجوانب الإنسانية في المشكلة، فإزالة البيوت المشيدة بشكل غير قانوني لا ينهي المشكلة بل هو يصنع مشكلة أخرى يدفع ثمنها المواطنون أصحاب هذه المنازل الذين يجدون أنفسهم بلا مأوى.
XS
SM
MD
LG