" العراق فيه جفاف في كل مكان. الحيوانات تحتاج إلى ماء وحشيش ولا تجده.
كانت الناس تعتمد في حياتها على الماء والقصب والآن لا شئ. إذا سمحوا للماء بالوصول يرتفع قليلا ثم ما يلبث أن ينخفض .
كان لدينا خوخ وتين وكل شئ. الآن لا شئ لعدم وجود ماء. الزراعة تغيرت.
المزارعون يعانون. بدأت المزروعات تهلك والتصحر يزداد. هذا يؤدي إلى أمراض والى أضرار بالبيئة والى تدمير مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والى هلاك الحيوانات أيضا. وهذا كله يؤدي إلى هجرة السكان. أكثر من نصف الأراضي التي كانت مزروعة لم تعد تزرع. والنصف الذي يزرع يتعرض إلى الدمار بسبب نقص المياه ".
هؤلاء مواطنون من مناطق مختلفة في جنوب العراق، مزارعون يعتمدون في حياتهم على الماء وعلى نهري دجلة والفرات وكلماتهم تحكي معاناتهم من أزمة المياه الخانقة.
يوجه الجميع أصابع الاتهام إلى الدول المجاورة لاسيما تركيا التي ينبع منها نهرا دجلة والفرات.
غير أن هذا لا يعفي دولا أخرى مثل سوريا وإيران من مسؤولياتها في هذا المجال.
ارض الرافدين تكاد تتحول إلى ارض يباب بسبب سياسة دول الجوار المائية، حسب قول مواطنين ومسؤولين ومراقبين.
كان الماء محورا رئيسيا في المحادثات التي أجراها وزير خارجية تركيا احمد داوود اوغلو في بغداد مع نظيره هوشيار زيباري.
بعد المحادثات تعهدت تركيا بمنح العراق كميات اكبر من مياه نهر الفرات.
مقابل ذلك أعلنت بغداد أنها ستشدد من إجراءاتها وملاحقتها للانفصاليين الأكراد الناشطين على الحدود بين البلدين.
في المؤتمر الصحفي المشترك في بغداد يوم الثلاثاء قال وزير الخارجية هوشيار زيباري:
" بحثنا عددا من القضايا المشتركة وبحثنا مسألة شحة المياه وتلقينا تطمينات بوجود رغبة حقيقية لمعالجة هذه الأزمة ".
زيباري استطرد بالقول إنه بحث مع نظيره التركي القضايا الأمنية لاسيما الحدودية منها ووعد بتنفيذ قرارات اللجنة الثلاثية العراقية الأميركية التركية بشكل جدي:
" بحثنا أيضا التعاون الأمني خاصة وان اللجنة العراقية التركية الأميركية الثلاثية أنهت اجتماعاتها مؤخرا في تركيا والعراق جاد في تنفيذ قرارات هذه اللجنة بشكل جدي ".
في المؤتمر الصحفي نفسه أعلن اوغلو أن بلاده تفي بالتزاماتها المالية إزاء العراق غير أن وزير الموارد المائية عبد اللطيف رشيد رد على هذا التصريح بالقول إن تركيا لم تنفذ وعودها المذكورة وأن العراق لم يتسلم حصته الحقيقية من المياه قائلا إن هذه الحصة تبلغ حاليا نصف الحد الأدنى المتفق عليه.
وزير الموارد المائية عبد اللطيف رشيد في حديث خاص بإذاعة العراق الحر:
" مع الأسف الشديد السنة الحالية، الوعود أو قرارات زيادة كمية المياه في نهر الفرات لم تنفذ بالشكل المطلوب. ونحن طلبنا قبل ستة أشهر زيادة كمية المياه في نهر الفرات. المنسوب في نهري دجلة والفرات اقل من المعدل وهذا يسبب مشاكل عديدة ".
ولكن لماذا يعاني العراق من شحة المياه ولماذا تحرمه دول الجوار من هذا المصدر الحيوي للحياة؟
مراقبون يعتقدون أن وراء ذلك أسبابا سياسية وربما أيضا اقتصادية.
على الصعيد الاقتصادي، يرى مراقبون أن تركيا مثلا ترغب في تصدير منتجاتها الزراعية إلى العراق وترغب في تطوير اقتصادها وترغب في أن يكون لها كلمة في هذا البلد ولذا تعمد إلى استغلال قضية المياه كورقة ضغط اقتصادي.
مراقبون يرون أيضا أن تركيا تستخدم المياه كورقة ضغط سياسية أي بما معناه الأمن مقابل المياه.
الأمن يعني أن يحد العراق من نشاطات حزب العمال الكردستاني التركي في المنطقة الحدودية مقابل فتح صنبور المياه.
هذه الفكرة أيدها المحلل السياسي باسم الشيخ في حديث خاص بإذاعة العراق الحر إذ قال:
" لم يعد خافيا أن تركيا تحاول أن تضغط وان تستخدم ورقة المياه كي تسعى الحكومة العراقية إلى تأمين الحدود الجنوبية لتركيا وبالأخص التعامل مع ملف حزب العمال التركي. تركيا تبحث عن توافقات مع الحكومة العراقية للقضاء على الخطر الذي تعتبره قائما بوجود عناصر حزب العمال على المنطقة الحدودية. لذا تستخدم ورقة المياه مقابل عمل الحكومة العراقية على إنهاء نشاطات حزب العمال على الحدود ".
غير أن وزير الموارد المائية عبد اللطيف رشيد نفى أن تكون هناك أسباب سياسية أو غيرها تقف وراء حرمان العراق من المياه.
الوزير قال إن أسباب نقص المياه وحسب المسؤولين في دول الجوار هي شحة هذه المياه بشكل عام إضافة إلى أسباب فنية تتعلق ببناء سدود وخزانات وما شابه.
الوزير عبد اللطيف رشيد:
" لحد الآن لم يطرحوا أسبابا سياسية. الطرفين الإيراني والتركي يقولون إن هناك شحة في المياه ولكن في نفس الوقت هناك أسباب فنية للشحة ولقطع المياه عن روافد دجلة وتحويلها وبناء الخزانات على نهر الفرات ".
وزير الموارد المائية قال أيضا إن العراق عندما يتحاور مع دول الجوار فإنه يناقش هذه القضية بشكل منفصل عن أي قضية أخرى.
الوزير نفى سعي دول الجوار إلى الربط بين المياه وقضايا أخرى إذ قال:
" لأكن صريحا وواضحا. نحن عندما نبحث قضية المياه فذلك من اجل الحصول على حصة العراق العادلة من مياه دجلة والفرات ونحن لا نربطها بأمور أخرى. لا مع الأمن ولا مع النفط ولا أي أمور أخرى لأننا نعتبر ذلك حقا من حقوق العراق. ولأكن صريحا أيضا، الأتراك أنفسهم لا يربطون قضية المياه مع أي قضية أمنية أو اقتصادية ".
وزير الموارد المائية عبد اللطيف رشيد قال أيضا إن العراق كان يتسلم حصته من المياه في السابق غير أن الوضع سرعان ما تغير بعد حين:
" كانت تأتينا مياه كافية في السابق ولكن السنوات الماضية، أي منذ عشرين سنة تقريبا قلت المياه بسبب بناء سدود وخزانات ".
جمال البطيخ رئيس لجنة المياه والزراعة والأهواز في مجلس النواب دعا من جانبه الحكومة إلى اعتماد موقف حازم إزاء دول الجوار قدر تعلق الأمر بالمياه إذ قال:
" يفترض بالموقف الرسمي العراقي أن يكون حازما في هذا المجال. المطلوب أن نتحرك على المستوى الدولي ".