أدانت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) قيام مسلحي تنظيم (داعش) بإعدام الناشطة الحقوقية سميرة النعيمي في مدينة الموصل، وأكد رئيس البعثة نيكولاي ملادينوف ان "عملية الإعدام العلني للمحامية المعروفة والناشطة في مجال حقوق الإنسان سميرة صالح النعيمي ما هي الا جريمة أخرى من الجرائم البغيضة التي لا تحصى والتي ارتكبها تنظيم (داعش) بحق الشعب العراقي، معرباً عن "مواساته لعائلة النعيمي وللآلاف من ضحايا وحشية (داعش)".
وادان ناشطون جريمة اعدام النعيمي وعدوها سلسلة متواصلة لعمليات قتل تستهدف المواطنين لاسيما النخب والناشطين والصحفيين. وعبرت الناشطة في مجال حقوق الانسان جنان مبارك عن حزنها الشديد لاعدام ناشطة مدنية عرفت بدفاعها عن حقوق الانسان، وهي معروفة في مدينتها الموصل بانشطتها الانسانية. واشارت مبارك الى جرائم مماثلة نفذتها عناصر (داعش) طالت نساء اخريات بينهن اميمة الجبوري التي قتلت اثناء مواجهتها لهجوم للتنظيم. ودعت مبارك منظمات المجتمع المدني الى تنظيم وقفة لادانة الحادث. وانتقدت مبارك وضع حقوق الانسان في العراق الذي تراجع بسبب تدهور الوضع الامني، واشارت الى وجود انتهاكات طالت نساء تضررن كثيرا، لاسيما زوجات الموقوفين في السجون منذ سنوات دون اصدار حكم بشأنهم.
وبين الناشط المدني علي العنبوري ان جريمة اعدام الحقوقية سميرة النعيمي تعد من الجرائم التي اعتادت (داعش) على تنفيذها، وهي تؤكد وحشية عناصرها، مشيرا الى الخدمات الجليلة التي كانت تقدمها النعيمي لاهالي الموصل. واوضح العنبوري ان اهالي المناطق التي تقع تحت سيطرة (داعش) يعانون الامرين بسبب صعوبة وصول القوات الامنية اليهم وعدم قدرة الاهالي على انقاذ انفسهم، او ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
وتعد الناشطة الحقوقية سميرة النعيمي من الشخصيات النسوية الموصلية البارزة، وعرف عنها أنها كانت تترافع في المحاكم الموصلية والعراقية دفاعاً عن المعتقلين السنة، من دون أن تتقاضى أي أجر، كما كانت من أبرز الشخصيات المناوئة للوجود الأميركي في العراق. وامتازت بعدم أخذ اتعاب المحاماة من العائلات الفقيرة، ومن كان لديهم معتقلون لدى الأميركيين قبل خروجهم من العراق في عام 2011، فضلًا عن نشاطها الإنساني ومساعدة المتعففين والأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة.
وتم اعتقال النعيمي، في 17 أيلول لانتقادها على صفحتها على "فيسبوك" ممارسات تنظيم (داعش)، بما في ذلك القصف الهمجي وتدمير المساجد والأضرحة في الموصل، حيث أدينت وتم اعدامها رمياً بالرصاص، وتم منع زوجها وأسرتها من إقامة جنازة لها، وأشاع التنظيم مبرراً إعدامه، بأنها متهمة بـ"الردّة".
الى ذلك بين عضو مفوضية حقوق الانسان فاضل الغراوي ان الجرائم التي تقوم بها (داعش) ضد المدنيين والعسكريين في الموصل يُقصد منها اثارة الرعب والهلع لاسيما في صفو الناشطين والعاملين في مجال حقوق الانسان، بالإضافة الى التاثير على معنويات الجيش العراقي.
ويقف العراقيون مندهشين ازاء الجرائم البشعة التي يقوم بها مسلحو (داعش) في إستهداف المدنيين والاطباء والمحامين والاعلاميين والناشطين في منظمات المجتمع المدني. ويشيرون الى كم الجرائم التي ارتكبت بحق الاقليات العراقية وعمليات القتل والخطف والاغتصاب التي مورست بحقهم. فضلا عن المجازر الجماعية التي ارتكبت بحق الجنود العراقيين، سواء مجزرة سبايكر او الصقلاوية والسجر.
ويؤكد عمييد كلية الاعلام بجامعة بغداد الدكتور هاشم حسن ان ما يحصل للعراقيين منذ اكثر من 10 سنوات رسخ في اذهانهم فشل الدولة العراقية الجديدة، وانعدام الثقة بها وباجهزتها. وبين حسن ان تدهور الوضع الامني وكم المجازر التي ارتكبت ضد الابرياء والجنود انتجت اعدادا كبيرة من الهاربين الى خارج اسوار العراق ومن الذين يصطفون في طوابير للحصول على الجواز من اجل السفر.
ويشير الناشط المدني علي العنبوري الى غياب المساءلة والمحاسبة لمن يقوم بارتكاب الجرائم بحق العراقيين، وايضا المجازر التي قام بها مسلحو (داعش) واودت بحياة المئات من الجنود، محمّلا المسؤولية على الحكومة والقادة العسكريين المسؤولين عن الملف الامني في المناطق التي ترتكب بها الجرائم من قبل العناصر الارهابية. ويؤكد العنبوري ان الجرائم والمجازر الوحشية التي ترتكب ضد المواطنين والجنود تترك اثارا نفسية عميقة كما انها تؤثر في نسيج المجتمع في ظل غياب البرامج التي تتصدى للصدمات النفسية التي تعرض لها المواطن منذ ثمانينيت القرن الماضي ولغاية الان.
وعبر مواطنون عن موقفهم ازاء ما يتعرضون لهم من مخاطر وتهديدات مستمرة من قبل التنظيمات المسلحة التي تصول وتجول على ارضه، وممارستها الجرائم الوحشية ولعل اخرها جريمة اعدام المحامية سميرة النعيمي في الموصل والمجازر ضد الجنود. واكد المواطن عمر سامي ان تلك الجرائم والمجازر لا تؤثر على النسيج الوطني العراقي، حيث يدرك العراقيون المؤامرة ضدهم. فيما بين المواطن فرات ابراهيم ان تلك الجرائم قد احدثت شرخا في النسيج العراقي في ظل تبادل الاتهامات وكل طرف يحمّل الطرف الاخر مسؤولية ما يحصل، ويبدو ان ( داعش) نجحت في إحداث هذا الشرخ.